ما زالت اللعبة في بدايتها زهير ماجد لم يبق من دولة صدام حسين العراقية اي مظهر او حتى تركيبة او معلومة، فبعد خمس سنوات من بدء الاجتياح الاميركي للعراق تكبر نياشين الحرب عند بعض القادة الاميركيين فيما البعض يخرج بهدوء من لعبة دائمة الحذر لكنها لم تسجل حتى الآن نهاية لها وسط الكلام المتطاير احيانا عن امكانية تخفيض القوات الاميركية والتي لا تعني في مطلق الاحوال انهاء الاحتلال بكل تفاصيله. مئات الالاف تظاهروا في الولاياتالمتحدة في ذكرى احتلال العراق وغيرهم في بعض العواصم الاوروبية، اما الشارع العربي فينام على حرير ملغز (اي فيه لغز ) من عدم الاكتراث او التذكر لهذه المناسبة التي تعتبر الافظع في تاريخ الامة .. صحيح ان الاميركي لم يأت كقوة استيطانية كما هو الحال مع فلسطين، الا ان ما حصل من هجرات داخلية وخارجية بات مقنعا انه في حجم مرارة اقامة اسرائيل في المنطقة .. ومن يعلم كيف ستصل الامور في العراق بناء على التحليلات المكثفة التي تستبق حصول ما يمكن حصوله فيه، هل يبقى موحدا ليخرج سليما معافى أم يتشظى إلى كيانات مذهبية واثنية وعرقية ليكون كل جزء فيه فلسطين جديدة. لا نريد للتظاهرات تلك ان تتحدد في يوم واحد هو ذكرى احتلال بلد عزيز على قلوب جميع العرب، بل نريده أن يستمر لأيام واسابيع وشهور وان يشارك العرب فيها كي لا يطمئن اي من المتلبسين ابقاء الجيش الاميركي بقاء الرغبة الشعبية الاميركية في ما آلت اليه واقع أمور ابنائهم الذين يقتلون كل يوم ووصل عداد قتلاهم الى ما يفوق الاربعة آلاف فيما عدد الجرحى اكثر من ثلاثين ألفا وبين القتلى من انتحروا لاسباب نفسية بعدما اذاقهم الشعب العراقي الويل، وكانوا قد حسبوا كما زينت لهم الادارة الاميركية ان العراقيين سيرمون عليهم الورود تعبيرا عن خلاصهم من صدام حسين. بعد خمس سنوات ما زال المكان العراقي في مكانه لكن روح الزمان العراقي قد ولت وهي تبدو اليوم في كامل بحثها عن وجه جديد يرفع عنها غمامة الماضي والحاضر معا. اذ ليس امام العراقي بعد سنوات الاحتلال سوى التفكر بالرحلة الطويلة لمشروع الدولة العراقية ولكيفية ملاءمتها مع وجود احتلال .. كيف تقام دولة في ظل ظروف غير شرعية وهو المؤتمنة على حياة شعب يريد ان يطمئن الى قداسة استقلاله وحريته وعالمه القائم على عدم التبعية. اما الاميركي الذي كلفته حربه في العراق بلايين البلايين من الدولارات فهو لن يبخل بالمزيد منها اذا كان ما يحققه من نفط ذلك البلد الكثير، اضافة الى الابعاد السياسية المتوخاة من بقائه في بلاد الرافدين كتلاعب بالقدر العراقي وملامسة لمحيطه واقتراب مدروس من مشاريع اسرائيل في المنطقة عموما بل مشاركة تبدو مصيرية بين هذا وذاك. خمس سنوات من العذاب العراقي ذاق فيه العراقيون كل انواع الاضطهاد والاحساس بأنهم يعيشون في لا دولة حيث لا أمان ولا اطمئنان على مستقبلهم ومستقبل اولادهم. فإذا اكثر من ثلاثة ملايين هم في المنافى واذا القتلى تجاوزوا المليون واما المستقبل فعلى كف عفريت وهو غارق في المجهول الذي يظل مجولا كلما سعى العراقيون لترميم احلامهم في اقامة وطن يصعب قيامته في ظل احتلال. لا يستطيع الاميركي الاحتفال بمرور السنوات الخمس على بدء حربه في العراق ، كما لا يستطيع العراقيون الا التأمل في هذه الذكرى سوى اضاءة شموع الغفران مما يحصل في بلدهم ومما يخطط لهم. العراق اسير تلك السنوات العجاف، لكن جرس الانذار ما زال معلقا في سمائه ان اللعبة ما زالت في بدايتها. عن صحيفة الوطن العمانية 17/3/2008