القضاء في خدمة العسكر: وقف عمومية المحامين "يعمق أزمة استقلالية العدالة في مصر    السياحة: عودة جميع حجاج البر بسلام إلى أرض الوطن في ختام موسم الحج    القائد الأسبق للحرس الثوري: عقابنا لإسرائيل لم يكتمل بعد.. وأطلقنا 400 صاروخ اخترقت دفاعاتها الجوية    علاء عبد العال مدربا جديدا لغزل المحلة    «بطريقة مجنونة»... بالميراس يدعو جماهيره لاحتفال غريب بعد الفوز على الأهلي    إحالة 3 متهمين للمفتي في قضية ثأر بالبحيرة    مينا مسعود ل منى الشاذلي: شخصيتى بفيلم "فى عز الضهر" مليئة بالتفاصيل وتشبهنى    وزير الرى: طرح عقود تكريك نهاية ترعة السويس أول يوليو    صمود مصر رغم التحديات    كارثة تعليمية| رسوب جماعي في مدرسة يثير صدمة.. وخبير يطالب بتحقيق شامل    رئيس "النواب اللبناني": الانسحاب الإسرائيلي فورًا ووقف الخروقات المدخل الأساس للاستقرار    التشكيل الرسمي لمواجهة إنتر ميامي ضد بورتو في كأس العالم للأندية    رئيس الوزراء الصربي: وجودنا في جامعة القاهرة فرصة لتبادل الرؤى والأفكار -(صور)    أمين «البحوث الإسلامية» يتابع سير امتحانات الثانويَّة الأزهريَّة بالمنيا    الدقهلية تناقش اللائحة الجديدة لمركز تدريب الحاسب الآلي    إصابة 7 بينهم 3 فتيات في انقلاب سيارة على الإقليمي بالمنوفية (صور)    تعرف على قيمة الأجرة الجديدة بعد الزيادة المرتقبة بقانون الإيجار القديم    استنوا زوزو.. طرح البوستر الفردي ل غادة عبدالرازق في «أحمد وأحمد»    اللواء نصر سالم: إيران احتوت ضربات إسرائيل وأعادت توازنها وتبادر ضربة بضربة الآن    بعد مطالبات بالترحيل.. مدحت العدل يدعم هند صبري: «شبراوية جدعة»    باحث: 36 سببًا لمرض ألزهايمر    تعيق فقدان الوزن- 6 أخطاء تجنبها عند المشي    غرفة القاهرة تستعد لتوسيع نطاق خدماتها المميكنة لمنتسبيها    مصر تفوز على البحرين وتتأهل للدور الرئيسي ببطولة العالم للشباب لكرة اليد    أفريقية النواب تبحث سبل زيادة الصادرات المصرية إلى القارة    ليفركوزن يفاوض ليفربول لضم مدافعه    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    مدبولي يبحث موقف توفير الاحتياجات المالية ل «الشراء الموحد» لتوفير الأدوية والمستلزمات (تفاصيل)    تبادل أسرى بين أوكرانيا وروسيا بموجب اتفاقات إسطنبول    قرارات عاجلة من محافظ أسيوط بشأن حريق مخزن الزيوت المستعملة    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب تجارة العملة    ملك أحمد زاهر تطمئن الجمهور على حالتها الصحية: "بقيت أحسن"    شيخ الأزهر: الأزهر يولي طلاب باكستان عناية خاصة لنشر المنهج الوسطي    رئيسا روسيا والصين: لا حل عسكرياً لبرنامج إيران النووي    قبل مواجهة بالميراس.. تعرف على انتصارات الأهلي بالمونديال    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    إسرائيل تقر باستمرار قدرة إيران على إطلاق الصواريخ    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    انطلاق تصوير فيلم "إذما" بطولة أحمد داود وسلمى أبو ضيف (صور)    هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط 7 قضايا مخدرات وتنفيذ 818 حكمًا قضائيًا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    مسابقة لتعيين أكثر من 4 آلاف معلم مساعد مادة الدراسات الاجتماعية    محافظ أسيوط يفتتح وحدة طب الأسرة بمدينة ناصر بتكلفة 5 ملايين جنيه – صور    محمد الشناوي: نحلم بالفوز أمام بالميراس وتصدي ميسي لحظة فارقة.. والظروف الآن في صالحنا    وكيل قطاع المعاهد الأزهرية يتفقد لجان امتحانات الشهادة الثانوية بقنا ويشيد بالتنظيم    إعلام إسرائيلي: الحرب مع إيران ستكلف 100 مليار شيكل تقريبًا    عاجل- مدبولي يتفقد أول مصنع في مصر والشرق الأوسط لإنتاج أجهزة السونار والرنين المغناطيسي بمدينة 6 أكتوبر    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    بسبب ركنة سيارة.. حبس شخصين بتهمة التعدي على آخر في النزهة    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أتوكأ على التجربة
نشر في الشعب يوم 10 - 02 - 2007

كان جورج برنارد شو قال يوماً: مَن يستطيع يعمل. مَن لا يستطيع يعلم. وربما زِدتُ اليوم انّ مَن لا يستطيع أن يعلم يعمل جنرالاً أميركياً.

الجنرال ديفيد بيتروس، القائد الأعلى الأميركي الجديد في العراق، وصل إلى منصبه لأنه أيّد زيادة القوّات الأميركيّة كما قرّرت الإدارة، في حين عارض الزيادة كل قائد آخر داخل العراق وخارجه. وهو جمع حوله فوراً فريقاً من حَمَلة الدكتوراه المدنيين لمساعدته على «النجاح» كما يريد جورج بوش.

ما كان «الدكاترة» وحدهم يثيرون قلقي، غير أنّ الفكرة الأخرى التي طلع بها الجنرال بيتروس هي الاستعانة بقوّات أو وحدات حماية المنشآت، وهي في الواقع ميليشيات.

هنا أيضاً كل مسؤول أميركي آخر، وكل مسؤول عراقي بمن في هؤلاء رئيس الوزراء نوري المالكي، حذّر من خطر هذه القوّات، فأقل تهمة وُجِّهت إلى أفرادها هي الفساد، أما التُهم الأخرى فمن نوع أنها مخترقة وأنها خطر على الاستقرار، وانّ بعض أفرادها متّهم بتنفيذ اغتيالات طائفيّة.

لو كان بيتروس الجنرال البروسي كارل فون كلاوزفيتز لما نجح في مهمّته. فالولايات المتحدة خسرت الحرب في العراق وقضي الأمر، وما نشهد الآن هو ثمن كبرياء جورج بوش وجهله، وإصرار عصابة الحرب على تدمير ما بقي من العراق وجرّ المنطقة إلى حرب طائفيّة أهوالها توراتية من نوع الفيضان أو الوباء.

الجانب العسكري يمثّل جزءاً واحداً من الفشل العام، فالموازنة الأميركيّة للسنة المقبلة التي أعلنتها إدارة بوش بلغت 2.9 ترليون دولار، وضمّت رقماً خرافياً للدفاع هو 63 بليون دولار، إي ما يزيد كثيراً على مجموع موازنات وزارات الدفاع الأخرى في العالم أجمع (السنة الماضية وبّخت واشنطن بكين لأن موازنة الدفاع الصينية بلغت 40 بليون دولار).

قبل أن أدخل في بعض التفاصيل التي تهمّنا، أسجّل أنّ الحرب الباردة انتهت، ولا يوجد سوى قطب عالمي واحد وحيد هو الولايات المتحدة، ولم يبق هناك سباق تسلّح مع أي بلد، فالحرب الوحيدة المعلنة هي الحرب على الإرهاب التي تخوضها الولايات المتحدة ضدّ عصابات إرهابية فعلاً سلاحها رشاشات خفيفة ومتفجّرات. هل يمكن أن يصدّق أحد أنّ مواجهة عصابات الإرهاب تحتاج إلى ما يزيد على موازنات الدفاع العالميّة الأخرى مجتمعة؟ أو أن الأمر أنّ عصابة الحرب تخطّط لحروب جديدة ولا تزال تسعى إلى امبراطورية استعمارية جديدة على رغم النكسة في العراق؟

الحرب على العصابات الإرهابية هي حرب أفكار واستخبارات، وهذه حتماً لا تحتاج إلى 661 بليون دولار تُنفَق على بناء أنظمة سلاح جديدة لا عدوّ يمكن أن تُستخدَم ضدَه.

أكمل بالأرقام التي تهمّني والقارئ، فقد كانت إدارة بوش حصلت على تمويل إضافي من الكونغرس للحربين في العراق وأفغانستان بلغ 70 بليون دولار. وهي في سبيل طلب 93 بليوناً أخرى، فيكون الإنفاق على الحربين منذ 2003 قد بلغ 661 بليون دولار، وهو رقم يزيد على ما أنفقت الولايات المتحدة في كل حرب سابقة مثل كوريا أو فيتنام. وربما زدت هنا أنّ الحرب المستمرّة في العراق هي أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها.

نعلم أنّ الرئيس بوش قرّر زيادة القوّات الأميركيّة 21 ألفاً، كأن مثل هذه الزيادة ستحلّ المشكلة. إلا أنه أرفقها بعشرة بلايين دولار تُنفَق على إيجاد وظائف ومشاريع إعادة تعمير ترافق الاستراتيجيّة الجديدة.

هل سينشر الجنود الإضافيون الأمن في بغداد؟ أقول لا وأرجو أن أكون مخطئاً. هل سيستفيد العراقيون من البلايين العشرة؟ أقول لا مرة أخرى وأتوكأ على التجربة، فالولايات المتحدة أنفقت منذ 2003 على إعادة التعمير في العراق 108 بلايين دولار، ومع ذلك فالكهرباء وإنتاج النفط أقلّ منها قبل 2003 عندما كان صدّام حسين محاصَراً، وهناك نقص هائل في المحروقات. وثمّة تقارير رسميّة أميركية كثيرة، آخرها تقرير صدر في مطلع الشهر عن المفتش العام الخاص لإعادة التعمير في العراق يسجّل حالات كثيرة من الهدر والسرقة. وكانت تقارير سابقة أشارت إلى ضياع 8.8 بليون دولار من الأموال العراقية سلّمتها الأمم المتحدة إلى سلطات الاحتلال، واختفت أيام بول بريمر، رئيس سلطة الاحتلال الذي تريد الآن لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي في الكونغرس استجوابه.

خلاصة كل ما سبق أنّ العسكر الأميركيين لن يغيّروا نتيجة معركة حُسمت، وأنّ البلايين الإضافية لإعادة التعمير ستذهب إلى حيث ذهبت البلايين السابقة، فأقارن بين قدرة صدّام حسين بعد خسارة عسكرية مذلّة هائلة على إعادة تشغيل محطة كهرباء الدورة خلال أشهر وتحت الحصار، وبين عجز القوة العظمى الوحيدة في العالم عن تأمين الكهرباء للعراقيين بعد أربع سنوات من الاحتلال.

لست متشائماً وحدي، فالتقرير الصادر هذا الشهر عمّا يسمّى تقرير الاستخبارات الوطني، أي مجموع جهود 16 جهاز استخبارات، رسم صورة أكثر تشاؤماً لمستقبل الوضع في العراق وقدَّم سيناريوات ترجّح انهياراً نهائياً إذا نفّذ أي منها. وفي حين حذّر التقرير من خطر انسحاب القوّات الأميركية من العراق، فإنه لم يتوقّع لها النجاح لو بقيت.

أدعو أن أكون وجنرالات أميركا وأجهزة استخباراتها ومراكز البحث (غير الإسرائيلية التي سعت إلى الحرب) مخطئين، وأن يكون جورج بوش والجنرال بيتروس وحدهما مصيبين، فالموضوع هو العراق وشعبه. ثم أدعو إلى محاكمة المجرمين جميعاً عندما تفشل الاستراتيجيّة الجديدة.
عن الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.