وزير التعليم العالي يكرم الجامعات الفائزة بمسابقة أفضل جامعة صديقة للبيئة    وزير التعليم العالى يكرم الجامعات الفائزة بمسابقة أفضل جامعة صديقة للبيئة    مجلس الوزراء يستعرض بالإنفوجراف أبرز أنشطة الدكتور مصطفى مدبولى هذا الأسبوع    نائب رئيس مجلس الشيوخ الإسباني: مصر أصبحت مركزاً لصناعة السلام    انتكاسة جديدة لرودري، مانشستر سيتي يتعرض لصدمة قوية    النيابة تندب المعمل الجنائي وتفحص كاميرات حريق لوكيشن تصوير باستوديو مصر    القبض على عاطل تحرش بفتاة داخل عقار فى بورسعيد (فيديو)    لوكيشن مسلسل "الكينج"، الاستماع لأقوال شهود العيان في حريق استوديو مصر بالمريوطية    مشاجرة على ميراث بالشرقية.. والداخلية تكشف التفاصيل بعد انتشار الفيديو    منح الباحثة إيمان تركي درجة الماجستير عن صورة أطفال المجتمعات الجديدة المقدمة بالحملات الإعلامية    شقيقة هبة الزياد: اختى لم تكن حامل وقت وفاتها وفقدت جنينها من 3 سنوات    مراسل القاهرة الإخبارية: عائلات سورية غادرت بلدة بيت جن بعد هجمات إسرائيل    جامعة حلوان تطلق المرحلة الثانية من الجلسات التعريفية بالمنح التدريبية المجانية لطلابها    الوزير يبحث في لندن دعم التعاون مع 7 شركات بريطانية واتحاد وكلاء السفن في مجالي الصناعة والنقل    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    بدء اجتماع المكتب الموسع لمنتدى الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط    الأرصاد: طقس الغد معتدل على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة الكبرى 26 درجة    مصرع راعية أغنام غرقا أثناء محاولتها إنقاذ ابنتها في البحيرة    تلبية لدعوة الشرع.. مئات آلاف السوريين في الساحات لرفض التقسيم ودعم الوحدة    مفوضة أوروبية تلتقي المصابين الفلسطينيين في مستشفي العريش العام    وزارة العمل تُعلن عن 1450 فرصة عمل بمشروع محطة الضبعة للطاقة النووية    هيئة«الرعاية الصحية» تعقد لقاءات لبحث تعزيز السياحة العلاجية والاستثمارات الصحية    بعثة بيراميدز تساند المصري أمام زيسكو يونايتد    ما حكم إخراج الزكاة بناء على التقويم الميلادى وبيان كيفية ذلك؟ دار الإفتاء تجيب    يورجن كلوب المنقذ .. ماذا حقق الساحر الألماني مع ليفربول ؟    لاعب كايزر تشيفز ل في الجول: تعلمنا من مباراة المصري.. وسنبذل قصارى جهدنا للفوز على الزمالك    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    بمشاركة 23 فنانًا مصريا.. افتتاح معرض "لوحة في كل بيت" بأتيليه جدة الأحد    إزالة 1650 تعديًا على أملاك الدولة في البحيرة    بيلاي: صرخة العدالة تتصاعد.. والعدالة الرقمية تبرز مع اتساع فجوة عدم المساواة    تجهيزات خاصة وأجواء فاخرة لحفل زفاف الفنانة أروى جودة    ارتفاع سعر الجمبري واستقرار لباقي أنواع الأسماك في أسواق دمياط    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    لتغيبهما عن العمل.. إحالة طبيبين للشؤون القانونية بقنا    عاطف الشيتاني: مبادرة فحص المقبلين على الزواج ضرورة لحماية الأجيال القادمة    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا إلى 84 شخصًا    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    الصحة: فحص نحو 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأردني تطورات الأوضاع في غزة    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    البترول توقع خطاب نوايا مع ثاني أكبر جامعة تعدين في العالم لإعداد الكوادر    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 28- 11- 2025 والقنوات الناقلة    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى المنيا    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    بيونج يانج: تدريبات سول وواشنطن العسكرية تستهدف ردع كوريا الشمالية    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والعنصرية
نشر في محيط يوم 27 - 02 - 2008


الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والعنصرية
حافظ أبو سعدة
تفجرت أزمة الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية المسيئة للرسول‏(‏ ص‏)‏ مرة أخري‏,‏ وهذه ليست المرة الاولي‏,‏ ففي نهاية شهر سبتمبر‏2005‏ نشرت صحيفة يولانذر بوسطن‏,‏ وهي من أوسع الصحف اليومية انتشارا في الدنمارك‏12‏ رسما كاريكاتيريا للنبي محمد عليه الصلاة والسلام‏,‏ وقد أثيرت آنذاك موجة واسعة من الاحتجاج في العالم الإسلامي‏.‏
في واقع الأمر إن الاعتراض علي الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية ليس لأنها تسيء الي دين من الأديان‏,‏ أو إنها تزدري رمزا مقدسا للدين الإسلامي‏,‏ وإنما الاعتراض بالأساس علي مضمونها‏.‏ وفي ضوء ذلك‏,‏ نتساءل‏:‏ هل أننا أمام حالة من حالات حرية الرأي والتعبير‏,‏ أما أننا أمام حالة من الممارسة العنصرية ونشر الكراهية المحرمة دوليا ؟‏.‏ في الواقع ان الفيصل هنا هو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تحمي حرية الرأي والتعبير وتجرم الممارسات العنصرية وجرائم الكراهية في الوقت نفسه‏.‏ ويمكن بيان ذلك علي هذا النحو‏:‏
ديباجة ميثاق الأمم المتحدة نصت علي ان الهدف من هذا الميثاق هو تطبيق التسامح بين الشعوب لتحقيق وحدتها‏.‏ وأكدت المادة‏3(1)‏ من الميثاق هذا المعني‏,‏ إذ بينت أن من الأهداف الرئيسية لإنشاء منظمة الأمم المتحدة تشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الاساسية للجميع من غير تمييز ضد العرق او الجنس او اللغة او الدين‏.‏ وغني عن القول إن نبذ دين الإسلام وربطه بالإرهاب في شكل رسوم كاريكاتيرية امر لا يحمل احتراما لأتباع هذا الدين‏.‏
كما نص إعلان مباديء القانون الدولي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم‏2625(1970)‏ علي أنه ينبغي علي الدول ان تتعاون فيما بينها لتعزيز الاحترام الدولي ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع ولإزالة التعصب الديني‏.‏ ومن الواضح ان التعرض للأنبياء الذين يمثلون رموز الأديان أمر لا يعين علي إزالة التعصب الديني‏,‏ بل غالبا ما يكون سببا في زيادته‏!.‏
وتبع هذا القرار إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص إلغاء جميع اشكال عنصرية الأديان والمعتقدات بموجب القرار رقم‏55/36(1981),‏ والذي يقضي في المادة‏3‏ بأن إهانة واحتقار الأديان يعتبر خرقا لميثاق الأمم المتحدة‏,‏ إذ هو يعتبر عائقا امام تحقيق العلاقات الأخوية السلمية بين الدول الأعضاء‏,‏ كما بينت المادة‏4‏ من الإعلان السابق انه يجب علي جميع الدول ان تأخذ الخطوات الكفيلة بمنع وإزالة التعصب المبني علي أسس دينية او عقائدية‏.‏ وبالتالي فإن المسئولية القانونية الدولية للدولة تلزمها باتخاذ إجراءات معينة ضد الإهانات التي تلحق بالأديان‏.‏
وبالإضافة إلي ما سبق‏,‏ نجد أن الرسوم الدنماركية تمثل انتهاكا للاتفاقية الدولية للقضاء علي التمييز العنصري‏,‏ والتي نصت علي إلزام الحكومات بأن تحظر تهديد الأشخاص‏,‏ أو التهكم عليهم‏,‏ أو إهانتهم بسبب الجنس او الاصل العرقي‏,‏ بل تلزم الحكومات ايضا بمنع الدعاية المحرضة علي الكراهية الدينية‏,‏ والتي بدورها تثير التمييز‏,‏ والعنصرية والعنف‏.‏
بل تضمن القانون الجنائي الدنماركي مواد عدة ضد العنصرية‏,‏ إذ نصت المادة‏140‏ منه علي ان كل شخص يسخر او يستهزيء علنا بأي من العقائد الدينية أو الشعائر التعبدية الخاصة بأي جماعة دينية موجودة بصورة قانونية داخل البلد‏,‏ يعرض نفسه للسجن مدة لا تزيد علي اربعة اشهر‏.‏ في حين نصت المادة‏266‏ مكرر علي أن أي شخص يقوم بصورة علنية او بهدف النشر علي نطاق واسع‏,‏ بالتصريح او بالإدلاء بمعلومات من شأنها ان تكون مصدر تهديد لجماعة من الأفراد‏,‏ أو تجعلهم مثار تهكم او احتقار‏,‏ وذلك بسبب الجنس او اللون‏,‏ أو الاصل القومي أو العرقي‏,‏ فإنه بذلك يعرض نفسه للغرامة أو السجن مدة غير محددة‏,‏ شرط ألا تزيد علي عامين‏.‏
بل جاءت المواثيق الدولية لتؤكد ان مكافحة العنصرية يتماشي مع حرية التعبير‏,‏ ففي إحدي توصيات لجنة الأمم المتحدة للقضاء علي التمييز العنصري الصادرة في مارس‏1993,‏ جاء في التوصية رقم‏15:‏ حظر انتشار الأفكار القائمة علي مبدأ التفوق العرقي أو الكراهية العرقية يتماشي مع حرية التعبير‏,‏ وتقتضي ممارسة حرية التعبير وجود واجبات ومسئوليات بما فيها الالتزام بعدم نشر افكار عرقية‏.‏
بل في الوقت نفسه تم تقييد حرية التعبير حول الأديان‏,‏ إذ نصت المادة‏18‏ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي وجوب احترام ومراعاة الأديان‏,‏ والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي نص في المادة‏18(3)‏ علي وجوب أن تكون حرية التعبير حول الأديان مقيدة بضوابط الأخلاق العامة‏.‏ وجاء تأكيد لهذا المعني الأخير في المادة‏9(2)‏ من الميثاق الاوروبي لحقوق الانسان‏,‏ إذ نص علي أن حرية التعبير عن الأديان يجب ان تكون مقيدة بضوابط القانون التي تحقق المصالح العامة لحماية الحياة والأخلاق والحقوق والحريات ولحماية حقوق الآخرين‏.‏ وفي ضوء ما سبق‏,‏ نطرح تساؤلا مفاده‏:‏ أين يجب رسم الخط الفاصل بين حماية حرية التعبير‏,‏ ومنع التحريض علي الكراهية الدينية والعرقية ؟‏.‏
بالاجابة عن هذا التساؤل‏,‏ نجد انه ينبغي علي الدول ان تلتزم بتعزيز عدم التمييز ومنع وقوع الجرائم العنصرية‏,‏ ولكنها تستطيع الوفاء بهذا الالتزام دون الحد من حرية التعبير‏,‏ إذ ينبغي عدم وضع اي قيد علي حرية التعبير‏,‏ إلا إذا توافر القصد الواضح للتحريض علي الكراهية العنصرية او الدينية‏,‏ لا حيث يكون القصد التعبير عن الرأي مهما يكن مر المذاق‏,‏ فحرية التعبير عنصر اساسي من عناصر الحق في اختلاف الآراء‏,‏ فإذا غاب الاختلاف تعرض الحق في حرية التعبير للخطر‏,‏ وإذا غاب الاختلاف اختنقت الحرية‏.‏
ونخلص مما سبق‏,‏ بنتيجة مفادها ان الرسوم الدنماركية لا تندرج بأي شكل من الاشكال تحت بند حرية الرأي والتعبير‏,‏ بل تعد أحد اشكال الممارسات العنصرية في أفج صورها ضد العرب والمسلمين‏,‏ مما يجعلنا مطالبين بإعادة فتح الملف الخاص بحوار الحضارات أو تعايش الحضارات وليس صدام الحضارات‏,‏ لكون هذه الرسوم جاءت خالية من اي قيمة فنية‏,‏ ماعدا ترسيخ الصورة النمطية المتوارثة عن المسلمين‏,‏ وهي وصمهم بالارهاب‏,‏ لذا يجب ان نسعي الي تغيير الصورة النمطية لكل طرف‏,‏ علي أساس من الاحترام المتبادل‏,‏ ونبذ كل صور العنصرية والكراهية ضد العرب والمسلمين‏.‏
عن صحيفة الاهرام المصرية
27/2/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.