فرحة النصر حسن شكري فلفل وسط شواهد الانكسار الكثيرة في وطننا الكبير، في زمن يسقط فيه الفرسان، تطلُّ علينا فرحة مضيئة، تشعلها سمرة أبناء النيل، وجدعنة أولاد البلد، العائدين بفوز رياضي كبير، يدخل الفرحة ليس على أرض الكنانة وحسب، بل على جميع أرجاء وطننا العربي. يسألني أخ كريم: { لماذا هذه المظاهر الكبيرة للفرح، بفوز فريق كرة القدم المصري بكأس افريقية؟ ولا احتاج لفلسفة أو تحليل .. فالمواطن العربي سواء كان في مصر أو في موريتانيا، أو أي من أرجاء الوطن العربي، مشتاق للفرحة، وتواق للنصر، ومستعد لأن يخلع قبعته وينحني لمن يدخل على قلبه فرحة النصر، سواء كان ذلك في مجال الرياضة أم في أي من المجالات الأخرى. نحن يا سيدي شربنا الهزيمة حتى الكيعان، ونتجرعها كل يوم، وصارت هذه الهزيمة تتسلل إلى أرواحنا وعقولنا وتشكيلنا النفسي والمعنوي .. أفراح العرب قليلة يا صديقي، ونحن غنينا لها، ونغني دائما لكل انتصار زغردت له حاضرة عربية أو دولة عربية، لكن هذه الأفراح والزغاريد صارت شحيحة فكأنما الانكسار طغى على الانتصار، وزاد من هذا الطغيان صراع ديوك المزابل، الباحثين عن السلطة والنفوذ، ولو على حسابات روابط الدم والمصلحة العليا. في غمرة هذا الانكسار، وفي زمن يسقط فيه الفرسان، يجيئنا فريق متناسق يضم تشكيلة وطنية من أبناء مصر من أناسها العاديين البسطاء، وبإدارة وطنية، ليحملوا لنا النصر في ميدان شريف من ميادين التنافس، فتنطلق المشاعر على سجيتها معبرة عن الفرحة الحبيسة والتوق إلى التغني بالبطولة. قلت للأخ الكريم .. تابعت مباريات الفريق المصري، وروحه القتالية، وهدف النصر الذي استمات في صنعه محمد زيدان، وطربت لروح الفريق، وتمنيت على الله سبحانه وتعالى أن يشكل قادتنا وزعماؤنا العرب فريقا متجانسا يلعب السياسة بأسلوب إدارة حسن شحاتة لفريقه القومي .. ساعتها سوف تسمع زغاريد الفرحة حتى في جزر القمر.. ومش كتير على قلبي يفرح. هنري شيرمان «العدالة» الأميركية أصبحت أضحوكة العالم قرار المدعين العامين العسكريين في الولاياتالمتحدة بالسعي إلى ايقاع عقوبة الاعدام بستة من السجناء المقيمين في معسكر غوانتانامو بشبهة ارتباطهم بهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي شنتها «القاعدة» في نيويورك وواشنطن، يبدو المحاولة الاخيرة للقفز فوق القوانين الاميركية من اجل تحقيق العدالة عبر محاكم عسكرية. هذه المحاولة لن يكتب لها النجاح بل ستمنى بالفشل وسيلحق العار بمثل هذه الممارسات غير العادية. يجدر بإدارة بوش التخلي عن الاساليب الملتوية والعمل خلافًا لذلك على محاكمة المتهمين عبر العملية القضائية الاميركية العادية اي ارسالهم للوقوف امام المحاكم الفيدرالية. ان محاولات ادارة بوش المتواصلة لاقامة نظام قضائي بديل، ووضع المشتبة بضلوعهم في الارهاب بعيدا عن تناول حكم القانون ليست ممارسة غير اخلاقية فحسب بل تمثل أيضًا فشلا قانونيا واستغلال القانون لتحقيق اهداف سياسية. مضت اكثر من خمس سنوات على بدء حرب بوش المسماة بالحرب على الارهاب، ولم يقدم اي من المشتبه في تورطهم في هجمات الحادي عشر من سبتمبر إلى العدالة نتيجة لرغبة البعض في التلاعب بالنظام القضائي وفق رؤيتهم الخاصة، والقاء المشتبه بهم في مناطق تقع خارج الحدود الاميركية وتحديدا في معتقل غوانتانامو. اللجان العسكرية الاصلية التي يواجهها البنتاغون لم تنجح إلا في محاكمة عدد قليل من المشتبه بهم منهم مواطن استرالي أعيد إلى استراليا، والسائق الخاص باسامة بن لادن وهو حكم رفضته المحكمة العليا في 2006، وعلى العكس، فإن الشخص الوحيد الذي أدين لعلاقته بهجمات سبتمبر كان زكريا الموسوي الذي حوكم امام احدى المحاكم الاميركية العادية. ليس هناك شك في ان سجناء من نوعية خالد شيخ محمد يمثلون قيمة استخبارية عالية، وقد سبق له ان تباهى بأنه كان العقل المدبر لهجمات سبتمبر، وانه اقدم على قطع رأس الصحفي دانيال بيرل كما ذكر مراسل صحيفة وول ستريت جورنال، مثل هؤلاء يجب ان يواجهوا العدالة. وإذا أدين فيجب ان ينالوا العقاب الذي يتناسب مع الجرائم التي ارتكبوها لكن القضية ضد خالد شيخ وبعض رفاقه شوهت من خلال التلاعب والمراوغة عبر استخدام العملية القانونية واستخدام التعذيب مثل الايهام بالغرق. لقد استخدمت الإدارة الاميركية الحالية وسائل ملتوية من اجل تحقيق العدالة بمفهومها هي وليس بالمفاهيم المتعارف عليها المعمول بها في المجتمعات الليبرالية من هذه الممارسات اقامة مراكز اعتقال خارج الارض الاميركية مثل غوانتانامو، والاخذ بسياسة «التليين» وخطف المشتبه بهم وممارسة التعذيب ضدهم مباشرة أو عبر ارسالهم إلى دول يعرف عنها استخدامها للتعذيب من اجل انتزاع المعلومات على اعتبار ان الغاية تبرر الوسيلة. لقد تخلت ادارة بوش عن حكم القانون من اجل مواجهة الجامعات الاسلامية الجهادية وكأن القوانين العادية غير قادرة على التعامل مع هذه النوعية من الجرائم وبالتالي لابد من اختراع وسائل جديدة تضعنا في خانة واحدة من مع يمتهنون القوانين ويتجاهلونها. من المخجل من خلال السكوت عن المحاكم العسكرية وما يمكن ان تسببه من اضرار للقوانين الاميركية ولسمعة اميركا في العالم. ان تصرفات وممارسات إدارة بوش لا تخدم المصالح الاميركية بل تصب في النهاية لصالح الدعاية القوية التي يشنها الجهاديون. كان من المفترض ان يغلق معتقل غوانتانامو منذ وقت طويل ولكن للأسف هذا الأمر لم يتحقق، وسيتوجب على الإدارة الجديدة القادمة ان تتعامل بسرعة مع هذا الملف الشائك، وان ترسل السجناء الذين يوجد ادلة قوية ضدهم ليحاكموا امام المحاكم العادية الاميركية، فهي بالتأكيد قادرة على التعامل مع مثل هذه القضايا، بدل اختراع محاكم جديدة تجعل من العدالة الاميركية أضحوكة امام العالم. عن صحيفة الوطن القطرية 16/2/2008