وزير التموين يبحث مع سفير الإمارات سبل تعزيز التعاون المشترك    تفاصيل لقاء وزير الخارجية مع مساعد سكرتير عام الأمم المتحدة    ستارمر يوجه نصيحة إلى BBC بعد أزمة تحريف خطاب ترامب.. ماذا قال؟    رسميا، مانشيني مديرا فنيا للسد القطري    ياسر إدريس يشكر وزير الرياضة لتأكيده دور اللجنة الأولمبية فى صناعة الإنجازات    مصرع شخص سقط من الطابق 14 بالقليوبية    محمد صبحي يشكر الرئيس: قدمت لوطني الانتماء فمنحني الاحتواء    مصطفى كامل ينفي إقامة نقابة الموسيقيين عزاءً لإسماعيل الليثي    آية الله فاروق، أول مصرية زميلًا للجمعية الأمريكية للفسيولوجيا الإكلينيكية للجهاز العصبي    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    الجريدة الرسمية تنشر تصديق الرئيس السيسي على قانون الإجراءات الجنائية    قرار من رئيس الوزراء بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    الخارجية السودانية ترحب بتصريحات روبيو: رسالة للدول التي تساعد الدعم السريع    القسام تستأنف البحث عن جثث جنود الاحتلال    3 زلازل تضرب ولاية باليكسير غرب تركيا    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يبحثان تعزيز التعاون مع بنك المعرفة المصري لدعم الأئمة والدعاة    الزناتي يفتتح عيادات طبية جديدة للمعلمين ويشهد تكريم 10 مديري مدارس بشمال القاهرة    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    تحديد موعد قرعة دور ال 32 من كأس مصر    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    لا جازيتا: أرسنال ينافس تشيلسي وريال مدريد على نجم يوفنتوس    إحالة 49 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق بمركزي الزقازيق والإبراهيمية    موعد امتحانات نصف العام الدراسي 2025-2026 (موعد إجازة نصف العام 2025-2026)    السجن المشدد ل4 متهمين بسرقة سوبر ماركت بالإكراه فى قنا    محافظ الشرقية يلتقي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية لتعزيز سبل التعاون المشترك    «الكوسة ب10».. أسعار الخضار اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 في أسواق المنيا    محافظ الغربية: كل شكوى تصلنا نتعامل معها فورا.. ومتفاعلون مع مطالب المواطنين    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشيد بجهود محافظ أسيوط في تطوير مسار العائلة المقدسة    نانسي سلام: الاستدامة والتصدير طريق صناعة الملابس الجاهزة للمنافسة عالميا    ساعية البريد: حين تحمل النساء هم تغيير العالم    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    الدوسري خلال «خطبة الاستسقاء»: ما حُبس القطر من السماء إلا بسبب تقصير الناس في فعل الطاعات والعبادات    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    الغنام: إنشاء المخيم ال17 لإيواء الأسر الفلسطينية ضمن الجهود المصرية لدعم غزة    «مبروك لحبيبتي الغالية».. فيفي عبده تهنئ مي عز الدين بزواجها    حسين فهمي يشارك في حلقة نقاشية عن "الترميم الرقمي" بمهرجان القاهرة السينمائي    متحدث الأوقاف: مبادرة صحح مفاهيمك دعوة لإحياء المودة والرحمة داخل الأسرة والمجتمع    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    اتحاد شركات التأمين: يثمن إتاحة الاستثمار المباشر في الذهب والمعادن النفيسة    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    الداخلية تكشف الحقيقة الكاملة لفيديو "البلطجي وسرقة الكاميرات" في الدقهلية.. القصة بدأت بخلاف على الميراث!    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    خبير لوائح يكشف سر لجوء اتحاد الكرة للجنة المسابقات لإصدار عقوبات السوبر    زوج يقتل زوجته بعد شهرين من الزواج بكفر الشيخ    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    انتهاء الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة    المرشحون يستعدون لجولة الإعادة ب«حملات الحشد»    وزارة الصحة: تطوير التدريب الطبي المستمر ورفع كفاءة مقدمي الخدمة الصحية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إسرائيل تضغط لرفع الحظر الألماني على صادرات الأسلحة    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    المهن التمثيلية تصدر بيانا شديد اللهجة بشأن الفنان محمد صبحي    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش اللبناني في حومة الصراعات
نشر في محيط يوم 09 - 02 - 2008


الجيش اللبناني في حومة الصراعات
د. عصام سليمان
إن الصراعات المحتدمة في لبنان تضع الجيش في موقع حرج، فالرهان عليه كبير في ضبط الأمن والحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية، والظروف التي يعمل في إطارها صعبة جداً، وتتطلب الكثير من الحكمة والدراية والحنكة والمرونة، دون التخلي عن الصلابة والقوة التي تعطي الجيش مبرر وجوده.
وإذا كان من الناحية النظرية من السهل التوفيق بين هذه الأمور، فمن الناحية العملية تزداد صعوبة التوفيق بينها كلما ازداد الوضع تعقيداً على أرض الواقع، والأزمة اللبنانية تذهب في اتجاه المزيد من التعقيد، بسبب تضارب الاستراتيجيات والمخططات والحسابات، وتداخل العوامل الداخلية بالعوامل الخارجية، ورجحان كفة الخارج على الداخل.
لقد تمكن الجيش على امتداد السنوات الثلاث المنصرمة من الحفاظ على وحدته، التي ازدادت رسوخاً على الرغم من الانقسامات الحادة التي تزداد عمقاً، وتعصف بالبلاد مهددة وجودها. ولعل ذلك يعود إلى وعي الجيش، قيادة وضباطاً وأفراداً، وادراكهم العميق بأنهم الحصن الأخير للوحدة الوطنية، وخشبة الخلاص.
كما تمكن الجيش من ضبط الأمن من دون ان يؤدي ذلك إلى صدام مع أي فريق سياسي، فبقي على مسافة متساوية مع كل الأطراف السياسية المتصارعة، ولم ينجر للوقوف إلى جانب فريق في مواجهة الفريق الآخر، على الرغم من بعض المحاولات التي هدفت إلى تحقيق ذلك. كما أنه بقي متشبثاً بعقيدته العسكرية، التي لم تتأثر مطلقاً بالصراعات المحتدمة، وبالحملات المتبادلة، وبالضغط الدولي على لبنان، فأكد قائده مراراً أن العدو هو “إسرائيل"، والبنادق يجب أن تتوجه دائماً نحوها، ولا يجوز أن تتوجه إلى الداخل، وأكد التلاحم بين الجيش والمقاومة، هذا التلاحم الذي برز في أجلى مظاهره في التصدي ل"إسرائيل" في الحرب التي تشنها على لبنان في يوليو/تموز من العام ،2006 حيث امتزجت دماء شهداء الجيش بدماء شهداء المقاومة على أرض المعركة.
من ناحية أخرى، لم تنجر قيادة الجيش إلى اتخاذ موقف عدائي من سوريا، فبقيت محافظة على توازنها في التعامل مع القيادة السورية، في اطار ما تطلبه مصلحة لبنان العليا، بعيداً عن التجاذبات السياسية بين فريق متعاطف مع القيادة السورية وفريق معادٍ لها، كما أن الجيش تصدى للإرهاب، الذي هدد أمن واستقرار لبنان ووحدته، وقدم الكثير من التضحيات ومن الشهداء، وانتصر في المواجهة، التي خرج الجيش منها قوياً وأصلب عوداً، وقد بينت المعارك انه يتمتع بكفاءات قتالية عالية، ومستوى حضاري عالٍ جداً، فقد خاض المعارك مع إرهابيين متحصنين بالمدنيين في مخيم نهر البارد، فقضى عليهم مع أدنى حد من الخسائر في صفوف المدنيين، في حين أن غيره من الجيوش يقتل عشرات المدنيين من أجل القضاء على إرهابي واحد، وهكذا نرى أن الجيش اللبناني التزم باتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة إلى أبعد حدود.
لقد قام الجيش بدوره الوطني على أكمل وجه في ظل وضع سياسي متأزم، ومؤسسات دستورية مشلولة، وأطراف سياسية ذهبت بعيداً في صراعاتها، ولم تحفظ خط الرجعة، وأصبح كل منها فاقد الثقة بالآخر، يناصبه العداء ويكيل له الشتائم، ويتهمه بالعمالة ما أدى إلى التوجه إلى قائد الجيش، العماد ميشال سليمان، وطرحه كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، على أمل أن يؤدي ذلك إلى اخراج البلاد والأطراف المتصارعة في الأزمة التي غرقت بها. ويشكل حلاً لمأزق المؤسسات الدستورية، ويجنّب البلاد مزيداً من التدهور في أوضاعها السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية.
غير أن قبول الأطراف بالعماد سليمان مرشحاً توافقياً والاعلان عن ذلك، لم يؤد إلى حل المشكلة كونها مرتبطة بالصراع بين الأكثرية والمعارضة على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ونسب توزيع الحصص في داخلها. وقد جاءت المبادرة العربية لتؤكد انتخاب العماد سليمان كمرشح توافقي تجمع عليه الأطراف، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ووضع قانون انتخابي جديد. وقد اصطدمت هذه المبادرة بعراقيل، ناتجة عن البند الثاني منها في حكومة الوحدة الوطنية. أما البند الأول أي انتخاب العماد ميشال سليمان، فقد اعتبر ان لا مشكلة بشأنه.
إن هذا المسار الذي سلكه الجيش، وبخاصة في السنوات الثلاث المنصرمة، التي شهدت سلسلة من الأحداث الأشد خطورة على لبنان، اعترضه الحادث الأليم الذي وقع في الشياح نهار الأحد، الذي عرف ب"الأحد الأسود"، وذهب ضحيته عدد من الشبان الذين نزلوا للتظاهر وقطع الطريق احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي بشكل متواصل. وقد تم ضبط الوضع سريعاً من قبل القيادات السياسية، وتحديداً حزب الله وحركة أمل، وقيادة الجيش.
هذا الحادث المؤلم، الذي كان ينبغي ألا يحدث، والذي حاول البعض استغلاله للنيل من ترشيح قائد الجيش، كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، والبعض الآخر لجر الجيش للوقوف إلى جانبه في مواجهة الفريق الآخر، هذا الحادث كان لا بد من كشف أسبابه وخلفياته، وتحديد المسؤوليات، ومعاقبة من تثبت ادانته، فلا يجوز التلاعب بالوضع الأمني، ولا يجوز التهاون بأي عمل من شأنه تقويض مصداقية الجيش، الذي هو محط ثقة اللبنانيين وآمالهم.
فالمسلك الذي سلكته قيادة الجيش، بشجاعة وسرعة وحزم وجدية ومسؤولية عالية، غير مبالية بالتجاذبات السياسية، وبالتشويش على العماد سليمان كمرشح توافقي، جاء في الاتجاه الصحيح. فالتحقيقات امتازت بالجدية والتصميم على الوصول إلى نتائج واضحة وحاسمة، وهذا ما لم يعتده لبنان، وقد يحدث للمرة الأولى، وقائد الجيش لم يتأثر باعتماده كمرشح توافقي، فأبقى قضية الترشح خارج اطار ما يتطلبه الحفاظ على وحدة الجيش ومصداقيته وفاعليته ودوره.
فهو أولاً وآخراً قائد للجيش، ولم يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، إنما جرى ترشيحه والتوافق عليه كونه قائداً ناجحاً، وتبقى الحاجة إليه ماسة بقدر ما يتكرس هذا النجاح من دون أن يلجأ إلى مراضاة هذا أو ذاك من السياسيين.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
9/2/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.