أنذرته حكومة 1927 بإغلاق جريدته فتنة صاحب "الوطن" المسيحية !
* محمود خليل
محمود خليل بعد نشر مقالى: "تحذير إلى فضيلة شيخ الأزهر ووزير التعليم.. لا لتطوير المناهج على الطريقة الأمريكية" اتهمنى البعض خاصة من "الأخوة" المسيحيين بإننى أثير الفتنة الوطنية .
وان المسيحيين أناس طيبون ومسالمون وإنهم لايثيرون الفتنة وإنهم أصحاب دين المحبة!!
بالطبع انا لا أحب الجدل ولا أحب الخوض فى مناقشة سفسطائية حتى أن القائمين على "محيط" حينما طلبوا ردى على ما أثاره المسيحيون على مقالاتى السابقة, رفضت لأن جميع الردود لم ترق إلى مستوى المناقشة الموضوعية.
أى مناقشة الحادث من الجانب الدينى أو التاريخى أو العقلى, فقد جاءت تلك الردود عبارة عن شتائم وسباب وسخرية ورفض تام للمناقشة حتى أن بعض الأخوة المسلمين الذين علقوا على المقالات بشكل موضوعى لم يرد المسيحيون عليهم بنفس المنطق.
بل تحللوا من أصل الموضوع وأدخلوهم فى موضوعات ومناقشات فرعية بعيدة تماما عن أصل المقال وصلب الموضوع الذى يدور حوله.
لقد حاول الأخوة المسيحيون اتخاذ منبر "محيط" مجالا للتنصير والتبشير بالمسيحية, وإقناع المسلمين بصحة "ربوبية" يسوع, وأن مريم العذراء هى "أم الإله" وما يسمى بمسألة التجسد والتثليث, حتى إننى مسحت عقلى تماما وقرأت ما كتبوه كأننى هابط على الأرض من الفضاء وأحاول أن اختار دينا لى.
فقرأت ما كتبه "المنصرون" من ردود فإذا بى انفجر ضاحكا ساخرا مقهقا عاليا - حتى ظننى من حولى أن أصابتنى "لوثة" - من هذا التفكير الذى لا يقنع طفلا مازال بعد فى مرحلة "الكى جى وان", خاصة مسألة الثلاثة فى واحد تلك.
نقول مرة أخرى أن المسلمين لا يثيرون الفتنة ولم يكن بينهم يوما من الأيام داعيا إلى الفتنة الوطنية او الطائفية , ولكن بعض المسيحيين هم الذين ينبشون عن تلك الفتنة بأبرة.
وحتى ندخل فى الموضوع مباشرة وبدون مقدمات نؤكد للجميع مسلمين ومسيحيين أن حقد بعض المسيحيين على المسلمين قديم الأزل فهم يحاولون ومنذ أمد بعيد نشر الفتنة الوطنية فى مصر بكافة الأشكال ولذلك فما يفعله البابا شنودة ومؤيدوه حاليا ما هو إلا حلقة من حلقات ذلك الحقد الذى لا يستطيعون العيش بدونه.
وبه يشعرون إنهم ما زالوا على قيد الحياة, وبتلك المشاكل التى يثيرونها كل فترة يريدون لفت أنظار الآخرين خاصة الخارج الغربي المسيحي إليهم والتأكيد على أنهم أحياء تماما مثل الطفل الذى يبكى ويصرخ و"يرفس" لتنبيه من حوله إنه موجود ولا يجب أن ينشغلوا عنه!! فيعطونه لعبة أو "بزازة" فيصمت!!.
وهذا مثال واحد فقط لطريقة تفكير بعض إخواننا المسيحيين وأسلوبهم فى نشر الفتنة ولدى عشرات بل مئات الأمثلة لمن يريد ومنها - كما قال صاحب أحد الردود على المقال - "المعلم يعقوب" المسيحى الذى كان اليد اليمنى لنابليون وبعض المتطرفين من المسيحيين أيام الحملة الفرنسية والتى كان يبطش بها بالمصريين المسلمين.
وهناك أيضا بطرس غالى الكبير, وهناك شنودة, وهناك زكريا بطرس, وهناك من يسمي نفسه الاب يوتا, وغيرهم كثير, يمكننا أن نعددهم فى عشرات من الصفحات, وهناك أيضا العشرات من الفضائيات والمواقع المسيحية التى تبث سمومها تجاه الله سبحانه وتعالى, ودينه الإسلام, وكتابه القرآن الكريم, ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين.
وهناك أيضا مواعظ الأحد, ومدارس "الأحد" فى الكنائس, وهناك المجلات المسيحية ومنها جريدة "الكتيبة الطيبية" ورئيس تحريرها منقريوس الذي كتب فيها ان المسلمين في مصر "غزاة ".
فمن منا الذى يبث الفتنة؟.. المسلمون أم بعض المتطرفين من الاخوة المسيحيين؟, فهل يريد هؤلاء أن نفتح تلك الصفحات؟.. على أية حال نحن على استعداد.
......
عزمت الحكومة المصرية فى بداية القرن الماضى طبع بعض الكتب العربية فإذا بالمسيحى العنصرى صاحب جريدة "الوطن " المسيحية يشن حملة على الحكومة يتهمها بتبذير المال العام فيما لا ينفع مشيرا إلى أن طبع تلك الكتب العربية لا يفيد أحدا لإنها عبارة عن " استفراغ " البطون!!.
تصدى الكتاب المسلمون فى الصحف والمجلات الصادرة آنذاك لهذا المهووس المسيحى وحذرته الحكومة بإغلاق جريدته إن أصر على إثارة الفتنة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.
لقد ردت الحكومة وقتها رغم إنها كانت تحكم تحت الاحتلال البريطانى بما يجب ولم يستطع المسيحى العنصرى صاحب الوطن أن يفتح فمه وهو ما يعد درسا للحكومة الحالية التى تركت الحبل على الغارب لبعض المسيحيين المتطرفين يعيثون فى البلاد فسادا وتآمرا وفتنة واستيلاء على أراضى الدولة وانتهاكا للقانون والدستور واستقواء بالخارج فهل يقرأ أحد من أركان النظام هذا المقال ليعرف كيف يفكر المسيحيون وكيف يتعامل معهم؟
......
من بين من رد عل هذ المسيحى كانت مجلة "المنار" بالمجلد الصادرة فى (ذو الحجة 1328 يناير 1911) (13) الجزء (12) ونحن نعيد نشر هذا الرد حتى يتأكد المسيحيون قبل المسلمين أن المسيحيين ومنذ القدم هم الذين يثيرون المشاكل والاضطرابات بشتى الطرق والوسائل ويدخلون أنفسهم فيما لا يعنيهم وللتأكيد أيضا على إنه ما أشبه الليلة بالبارحة وأن ما يجري اليوم هو امتداد لما كان يحدث بالأمس .
...
لقد فرح المسيحيون فى ذلك الوقت بما نشرته جريدة "الوطن" وأيدوها تماما مثلما يفعل بعض المسيحيين اليوم - أحفاد صاحب جريدة "الوطن" الصليبية العنصرية -, وما فعلته الحكومة فى ذلك الوقت وجرائد ذلك الزمان يعد درسا أيضا ليس فقط لهذا النفر من متطرفي المسيحيين اليوم بل أيضا ل "اللوبى" الكنسى المسيحى الشنودى العنصرى المنتشر بين صحفيى وإعلاميى ومسئولى هذه الأيام.
لقد ثبت بالتطبيق وعبر سنوات التاريخ أن الشدة فقط هى التى يمكنها أن تسكن وتسكت هذا النفر المتطرف من الأخوة المسيحيين وتمنع فتنتهم فهل تفعل الحكومة الحالية ما فعلته من سبقتها فى الحكم والتى كانت تحت ضغط الاحتلال ولكنها أعلت مصلحة مصر فوق كل اعتبار وأسكتت مثيرى الفتنة دون اعتبار للإنجليز ووضعت الإسلام فوق كل اعتبار وهذا هو نص ما نشرته المنار:
.........
مشروع إحياء الآداب العربية تقاومه جريدة قبطية
عزمت الحكومة المصرية على طبع بعض الآثار العربية من المصنفات النافعة النادرة بالمال الخاص بدار الكتب المصرية (الكتابخانة الخديوية)، وكان لديها في الميزانية ألف جنيه؛ لتنشيط الآداب العربية، فقررت إضافته إلى المحبوس على دار الكتب والاستعانة به على طبع تلك الآثار.
عَزْم شَرِيفٌ على عمل صالح يحمده كل أديب عربي، ولا ينتقده عاقل أعجمي؛ لأن هذه الحكومة عربية والأمة الذي تحكمها عربية، وهي حكومة غنية تعد الألف الجنيه قليلة منها على مثل هذا العمل التي تنفق حكومات أوربة وشعوبها في سبيله ألوفًا كثيرة من الجنيهات.
حتى صارت دور الكتب في بلادهم كباريس و لندن وليدن وبرلين أغنى من دار الكتب المصرية بمصنفات سلفنا العرب من المصريين وغيرهم، وصاروا يطبعون من نفائسها ما نضطر إلى ابتياعه منهم بل صرنا نرسل أولادنا ليتعلموا الآداب العربية في أوربا وهذا عار علينا عظيم.
لم تكن العناية ببذل المال على جمع الكتب العربية ونشرها قاصرًا على الحكومات ورجال العلم من الأوروبيين، بل رأينا بعض الجمعيات الدينية النصرانية تفعل ذلك كجمعية اليسوعيين، فقد رأينا مكتبتها في بيروت جامعة لنفائس الكتب العربية التي يعز نظيرها في مكتبتنا المصرية، وقد طبعت لنا كثيرًا من هذه النفائس.
لا ريب في أن العمل الذي شرعت فيه الحكومة المصرية العربية جليل، ولا ريب في أن المال الذي خصصته له في هذه العام من ميزانيتها قليل ، فهي تتفق أكثر منه في ضيافة أحد ضيوف الأمير يومًا واحدًا.
وتتفق أكثر منه في مساعدة التمثيل الإفرنجي الذي يرى جمهور الأمة أن إثمه أكبر من نفعه، وتتفق أكثر منه في البحث عن أسماك النيل والوقوف على أنواعها، وهو عمل قلما يوجد مصري ينتفع به، وإنما يُعَدُّ مثله من كماليات فروع العلوم في أوربا ، وأين نحن من مبادئ أصول هذا الفرع الآن.
على هذا كله حمد العقلاء والأدباء مشروع الحكومة الجديد، وهم يرجون منها المزيد، ولم يكن يخطر في البال أن يلقى هذا المشروع اعتراضًا، ولا أن يصادف امتعاضًا، حتى سمعنا نعاب صاحب جريدة الوطن القبطية يدعو بالويل والثبور، وينعي على الحكومة المصرية عملها، ويندب الشعب المصري .
مدعيًا أن الحكومة تريد بهذا العمل إفساد آدابه ومنعه من العلوم والمعارف والآداب الصحيحة التي ترقيه وتجعله من الشعوب العزيزة الراقية، وزجه في ظلمات (الخرافات والسفاهات والسخافات والجهالات العربية) وزعم الكاتب أنه لا يوجد في الكتب العربية غير تلك المضار التي استفرغ كل ما في جوفه، وجعله وصفًا لها وكل إناء ينضح بما فيه.
رأيت في بعض الجرائد بعض عبارات جريدة الوطن البذيئة في هذه المسألة وأطلعني بعض الناس على عدد منها، رأيت الكاتب فيه لم يكتف بتحقير جميع العرب، والقدح في كل ما كتبوا وصنفوا، حتى صرح بذم دينهم في ضمن ذلك.
فقال في سياقه البذيء: (وهل أصبح كل ما في مصر آداب العرب وتاريخ العرب وحضارة العرب ودين العرب وكتب العرب وخرافات العرب وغلاطات العرب، وحرم علينا أن نلم بالمفيد، وأن ينفق مالنا فيما يرقي الآداب والمعيشة، ويرفعنا من هذا الحضيض القذر إلى مقام الذين تطهروا من سخفافات الأجداد).. إلخ .
يعني الكاتب بدين العرب دين الإسلام، وهو يريد أن يمحى الإسلام ولغته وآدابهما في مصر وتحل محلها القبطية، وهذا هو السبب الذي جعل مشروع طبع الكتب العربية ينقض عليه انقضاض الصاعقة.
كما قال في مقالة يوم السبت 8 ذي الحجة، التي نقلنا هذه الجملة منها آنفًا، وهي أهون ما كتب وأقله بذاءة، وما هو بالمصاب الكبير في نفسه الذي يصعق له الناس، فيصرعون فيقومون كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس لا يدرون ماذا يقولون.
صاحب الوطن جاهل بلغة العرب وآداب العرب وحضارة العرب، وتاريخ العرب ودين العرب لا يعرف من ذلك ما يجيز له الحكم في نفعها وضررها, لكن الجهل وحده لا يستطيع أن يهبط بصاحبه إلى الدرك الأسفل الذي وقع فيه صاحب الوطن ومن عاونه على تلك الكتابة.
وإنما ذلك الغلو في التعصب الديني وبغضه لمسلمي وطنه جعله يصعق من كل شيء يستفيدون منه في دينهم، وإن كان نافعًا للبلاد المصرية.
لو كانت علته هي الجهل وحده لأمكن مداواتها في هذه المسألة بإعلامه أن اللغة العربية ليست خاصة بالمسلمين، وإنما هي مشتركة بينهم وبين غيرهم في نفس جزيرة العرب لا في مصر وحدها، وقد كانت لغة لليهود والنصارى فيها قبل ظهور الإسلام، وقد صارت بعده اللغة الطبيعية لجميع العراقيين والسوريين والمصريين وسائر القسم الشمالي من أفريقية.
وأنه ليس في استطاعة صاحب جريدة الوطن وصاحب جريدة مصر القبطيتين، ومن على رأيهما من المتعصبين نسخها واستبدال القبطية بها، وإذا كان الأمر كذلك وكان من البديهيات أن ارتقاء أمة بدون ارتقاء لغتها وآداب لغتها من المحال، وكان يجب ارتقاء المصريين عامة في العلوم والفنون والمدنية كما يدعي، فالواجب عليه أن يشكر للحكومة عملها في خدمة آداب لغتها ولغة أمتها لا أن يصعق عند علمه بذلك.
لو كانت علته هي الجهل وحده ؛ لأمكن مداواتها بإعلامه بما قال منصفو علماء الإفرنج في بيان فضل لغة العرب وآدابهم وحضارتهم كغوستاف لوبون صاحب كتاب " مدنية العرب "، و سديو صاحب تاريخ العرب، و درابر وغيرهم، وقد سئل أحد علماء الإنكليز إذا أراد البشر أن يوحدوا لغتهم، فأي اللغات تختار أن تكون لغة جميع البشر؟ قال اللغة العربية.
وقد قال لي مرة مستر: (متشل أنس) الإنكليزي الذي كان وكيلا لنظارة المالية: ما أظن أنه يوجد في العربية شعر أرق كالشعر الإنكليزي، فقلت: وأنا أظن العكس ولا عبرة برأي ولا برأيك في ذلك.
فيجب أن نرجع إلى بالعارف باللغتين، صاحب الذوق في الشعرين، ثم لقيت مستر (بلنت) الكاتب الشاعر الإنكليزي المشهور، والذي نظم المعلقات السبع العربية بالإنكليزية، فذكرت له ذلك فقال: قل ل (متشل أنس): إن العرب كانوا ينطقون بالحكمة في شعرهم عندما كان الإنكليز مثل الوحوش يطوفون في الغابة عراة الأجسام.
لو كانت علته هي الجهل وحده لأمكن مداواتها بإعلامه أن الأمم الحية تبحث عن الكتب القديمة في لغتها وكذا في لغة غيرها؛ لأجل الوقوف على سير العلوم والفنون والآداب فيها توسعًا في التاريخ وتحقيقًا لمسائله، ولا سيما إذا كانت كتب تلك اللغات من حلقات سلسلة المدنية والحضارة كاللغة العربية التي هي الحلقة الموصلة بين المدنية الأوربية الحاضرة، والمدنيات القديمة بإجماع العارفين.
لو كانت علته هي الجهل وحده لأمكن مداواتها بإعلامه بما في الكتب العربية من الآداب والفضائل ولو بالإجمال، وبوجه حاجة الأمة التي تسير في طريق الارتقاء من معرفة تاريخ لغتها وآثار سلفها فيه.
وبأن تكونها من شعوب كثيرة لها سلف آخرون في النسب والدين أو المدنية، لا ينافي حاجتها إلى إحياء آثار سلفها في اللغة؛ لأن رابطة اللغة هي التي تربط هذه الشعوب بعضهم ببعض، وتجعل ارتقاءهم بها وحياتهم العامة بحياتها.
لو كانت علته هي الجهل وحده لأمكن مداواتها بإعلامه أن البشر متشابهون في الصفات والأعراض البشرية، وأن ذلك خيره وشره يظهر في لغاتهم، فإذا كانت عين التعصب أرته في بعض الكتب العربية طعنًا من مسلم في دين النصارى فيعلم أن في الكتب العربية القديمة والحديثة طعنًا من النصارى في الإسلام مثل ذلك أو أشد.
إذا كان قد عمي عما يكتبه هو وغيره من قومه في هذا العصر من الطعن في الإسلام، وحسبه منه العبارة التي نقلناها آنفًا التي جعل فيها دين العرب وآدابهم من الأقذار التي قاءها في جريدته، ويوجد في كتب الإفرنج من الطعن في الدين الإسلامي والمسلمين ما هو أشد من ذلك وأقبح، وكله بهتان لم يخطر على بال أحد من أجهل جهلاء المسلمين بالإسلام.
وإذا كان قد رأى أو سمع أن في بعض الكتب العربية مجونًا؛ فليسأل المطلعين على اللغات الأوربية، يخبروه أن في بعضها من فنون المجون ما لم يكن يخطر على بال أحد من العرب، ولا يجري على لسانه ولا على قلمه، وهل أنتنت الدنيا إلا بفواحش بغايا أوربة، وبقيت لغاتهم منزهة عن التعبير عن ذلك.
لو كانت علته هي الجهل وحده لأمكن مداواتها بإعلامه أن طبع الحكومة لبعض الكتب العربية؛ لا تقصد أن تستغني به عما تستفيده من الإفرنج مما لا بد لنا منه من الفنون الصناعية والزراعية والاقتصادية، ولا أن تبطل به نظام التعليم في المدارس، فتعلم تلاميذها الجغرافيا القديمة بدلاً من الجغرافية الحديثة مثلاً، بل لا نظن أن هذا مما يخفى عليه.
لو كانت علته هي الجهل وحده لأمكن مداواتها بإطلاعه على نظام التعليم في مدارس الحكومة التي يدعي أنها تريد قتل الأمة بجهالات العرب، وإخباره بأن نظارة المعارف قد أنشأت قلمًا جديدًا لترجمة الكتب المفيدة، فهي إذا التفتت إلى ترقية لغتها بإحياء تاريخها الماضي لفتة واحدة.
فقد نظرت إلى ترقيتها بإدخال العلوم الأوربية فيها قبل ذلك ، ولك مدارسها شاهدة على ذلك، وإنما قلم الترجمة الجديد حسنة من حسنات الناظر الجديد أحمد حشمت باشا.
ليست علة صاحب جريدة الوطن هي الجهل فنداويها بما ذكرنا، وما لم نذكر من العلم الصحيح، فإن الجهل وحده لا يستطيع إلى أن يهبط به إلى هذه الدركة من الخذلان، وإنما علته هي الغلو في التعصب القبطي وكراهة كل شيء ينفع الإسلام والمسلمين وإن نفع غيرهم ولم يضرهم.
وقد بلغني وأنا في الآستانة أن التعصب قد لج به وبزميله صاحب جريدة مصر في هذا العام، حتى أنكر ذلك عليهما قومهما، وهذه العلة لا علاج لها ولا دواء ولكن يمكن تخفيف أعراضها بحكمة الحكومة وعدلها أو بإظهار جمهور القبط السخط عليها إن كانوا يفعلون.
نشرنا هذه المقالة في المؤيد، ثم إن الحكومة أنذرت صاحب جريدة الوطن بهذا الذنب وكان قد أُنْذِر من قبل، فإذا أتى بعد هذا بأي ذنب يعاقب عليه القانون تقفل جريدته.
وأما القبط فقد ظهر من جمهور كبير منهم أنهم راضون من وقاحة جريدة الوطن وتهجمها؛ ولذلك ساعدتها جريدتهم الثانية (مصر) على ذلك، وأيدتهما جريدة (الأخبار) أيضًا.
والظاهر أن القوم يريدون بهذا التهجم الذي لا يعقل له سبب إحداث فتنة بين المسلمين والقبط، يظنون أن ذلك يكون سبب البطشة الكبرى من إنكلترا، فلا تبقى للمسلمين في هذه الحكومة باقية.
انتهى ما نشرته المنار.
....
ألم أقل لكم أن الحقد والعنصرية لدي البعض من أتباع المسيحية قديمة, وإنه يجب على الجميع مسلمين قبل المسيحيين, وحكاما ومسئولين قبل مواطنين وغير مسئولين, أن يقرأوا التاريخ ليعرفوا أين يضعون أرجلهم قبل أن يقدموا على الدخول فى معترك أو يتخذوا قرارا أو موقفا تجاه حادث معين أو قضية ما؟..
هل يمكن أن يفسر لي أحد من إخواننا في الوطن من المسيحيين أسباب هذا الذى كتبه المسيحى العنصرى ؟؟ واذا لم يكن ما نشره دعوة وحضا على الفتنة الوطنية والطائفية فماذا يكون؟!.. دعوة محبة وتدعيما للوحدة الوطنية ام إثارة وإشعال لفتيل الفتنة ؟!..