2008.. لبنان سيظل ساحة مشرعة أمام صراعات الآخرين أنور عقل ضو ودع اللبنانيون سنة 2007 غير آسفين عليها، فيما كانت عيونهم شاخصة لملاقاة السنة الجديدة بقليل من الأمل، علهم يتمكنون من تخطي الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وانتخاب رئيس للجمهورية يملأ الفراغ في قصر بعبدا. ومع الأمل القليل كان ثمة قلق أكبر، فالعام 2008 أطل حاملاً ملفات العام السابق العالقة بين مطرقة الخلافات الداخلية وسندان التجاذبات الإقليمية والدولية، لا سيما وأن أفق المعالجات المحلية للأزمة المتعددة الأبعاد ضاق إلي أقصي الحدود، بعد تعثر المبادرة الفرنسية، وعدم ظهور ملامح ايجابية يمكن ترجمتها علي أرض الواقع من خلال القمة المصرية - الفرنسية في القاهرة، وإن كانت الأنظار متجهة الآن صوب الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي لجهة سعيه لإعادة إطلاق دينامية مصرية - سعودية، يمكن أن يكون لها تأثيرها علي مسار اللقاء الوزاري العربي حول لبنان المزمع عقده الأحد المقبل. وثمة من يشكك في أن التحرك العربي يمكن أن يحقق ما عجز عنه الاوروبيون، وفي طليعتهم الفرنسيون، وأن يقود الي مخرج من النفق الذي ما زال يتمدد ويتخذ عناوين إضافية كان آخرها الفراغ الرئاسي. في هذا السياق، ليس ثمة ما يبشر بالكثير حتي الآن، ذلك أن بعض القراءات السياسية وضعت هذه الصحوة العربية المفاجئة في إطار ضخ جرعات جديدة من الضغط علي سوريا لحملها علي صرف نفوذها لدي حلفائها في لبنان من أجل التراجع عن مطالبهم وتسهيل انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، الامر الذي ينم عن جهل أو تجاهل لحقيقة قائمة وهي أن دمشق لا تملك بالفعل أي نفوذ حقيقي علي أحد أبرز قادة المعارضة وهو العماد ميشال عون، الذي أنهي السنة الماضية باشتباك غير مسبوق مع بكركي ومع مسيحيي الأكثرية، لا سيما مع الرئيس أمين الجميل والدكتور سمير جعجع الذي رد بعنف علي عون بوصفه "الناطق السوري الشاطر جداً". "حزب الله" يخاطب الأكثرية بأسلوب غير مألوف ويخيرها بين الاذعان بحكومة الوحدة الوطنية او السقوط في الهاوية. رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط يؤكد بأن الموالاة لن تقبل بإعطاء المعارضة الثلث الضامن الا علي جثثنا، وإذا أراد الأمين العام "لحزب الله" السيد حسن نصر الله الحصول علي الثلث فليأخذه بالقوة. أوساط الأكثرية المرحبة بتحرك الجامعة العربية تعتبر ان المعارضة كشفت نفسها بنفسها من خلال التزامها بالأجندة السورية، بعيداً عما تسميه مطالب داخلية. دمشق ترد علي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بتأكيد استمرار الاتصالات مع مستشاره الدبلوماسي كلود غيان، وتكشف أنه أجري اتصالين هاتفيين مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم بشأن الانتخابات الرئاسية في لبنان. رئيس تيار "التوحيد اللبناني" الوزير الأسبق وئام وهاب رأي اليوم أن رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط "لم يدرك بعد أن "14 آذار أصبحت جثة هامدة"، مشيراً إلي أنها "غير قادرة علي الحكم والهيمنة"، واعتبر أن "هناك أمر عمليات عربيا - أمريكياً ينفذه جنبلاط"، منبهاً إياه من أن "المسألة لم تعد تتعلق بثلث ضامن وإنما بالتفاهم علي كل شيء". وتكر سبحة المواقف المتشنجة مع بداية السنة الجديدة لتؤشر بأنها لن تكون بأفضل من سابقتها، خصوصاً إذا حالت المناكفات المستمرة دون انتخاب رئيس جديد للبلاد. لذلك، يعلق اللبنانيون آمالهم علي المبادرة العربية، بدعوة مجلس وزراء الخارجية العرب للاجتماع في القاهرة، بعد انكفاء المبادرة الفرنسية وتعطل الحوار اللبناني، الأمر الذي بات ينذر بتطورات دراماتيكية في الشارع، وثمة كوة يمكن فتحها في جدار الأزمة من الخاصرة العربية واحتواء أي تداعيات تعيد الأمور الي الوراء. لكن من المؤكد حتي الآن أن لبنان سيظل ساحة مشرعة أمام صراعات الآخرين. عن صحيفة الراية القطرية 2/1/2008