نتفاءل بنتائج الاجتماعات الأردنية السورية جهاد المومني نتائج محمودة انتهت اليها اجتماعات اللجنة العليا الأردنية السورية المشتركة ،فحسب الاخبار وقّع الجانبان على اثنتي عشرة اتفاقية مهمة بعضها يدخل في صميم المصالح الوطنية العليا للدولتين، وما يلفت الإنتباه فعلا حرص واضح برز من خلال تصريحات صادقة صدرت عن الرئيسين العطري والذهبي على الوصول بالعلاقات الاردنية السورية إلى حيث يجب ان تكون عليه من أخوة وحسن جوار ومصالح مشتركة سيادية واقتصادية وأمنية وغيرها. والمهم الآن ليس فقط تنفيذ الاتفاقيات التي وقعت وسجلت رقما قياسيا من حيث عددها بل العمل المشترك الصادق للمحافظة على ما تم انجازه حتى الآن برعاية مباشرة من القيادتين الأردنية والسورية ،فمن المؤكد ان الزيارة المهمة التي قام بها جلالة الملك عبد الله الثاني إلى سوريا الشهر الماضي لم تقتصر فقط على بحث الشأن السياسي العربي وتحضيرات لقاء انابوليس للسلام. بل تعدت ذلك لتبحث في شؤوننا الثنائية كما تؤكد على ذلك النتائج السريعة والمرضية لاجتماعات اللجنة العليا الأردنية السورية،فمن الواضح ان جلالة الملك عبد الله واخوه سيادة الرئيس بشار الاسد قد خصصا جزءاً مهما من الزيارة لبحث همومنا المشتركة وعلى رأس هذه الهموم إزالة العقبات التي اعترضت تحسين العلاقات الاردنية السورية وتطويرها . ومن هذه العقبات جزئيات من الواضح ان الرئيسين الذهبي والعطري قد قطعا اكثر من نصف المسافة على طريق تذليلها ومنها قضية ترسيم الحدود والمياه وقضية السجناء الأردنيين كملف من بين عشرات الملفات الامنية التي لا بد من التوصل إلى تفاهمات نهائية بصددها حتى لا تظل العقبة امام تحرير العلاقات بين بلدينا من رشوحات الماضي ومن الربط غير العادل بين كل ما هو سوري اردني بالسياسات الدولية والشرق أوسطية المعقدة. وهذا الخيار تجبرنا عليه انحيازاتنا القومية لقضايا الأمة وتبادل القلق على مصائر الأشقاء العرب وخاصة في كل من فلسطين والعراق، أما الحقيقة التي لا تقبل التأويل فهي ان ما بيننا وبين الأشقاء في سوريا كشعبين وبلدين وقيادتين شابتين أكثر بكثير من السياسة وما تسببه من تعطيل لعجلة التنمية الإقتصادية وللمصالح الأخرى في ظل أزمات تحيط بنا من كل جانب فتستنفد طاقاتنا وتستحوذ على تفكيرنا، وقد يكون من الإنصاف للعلاقات الاخوية بين سوريا والاردن - أو كما وصفها الرئيس العطري ( عميقة الجذور) - أن نستغل ما بيننا من قواسم مشتركة - وهي كثيرة - ومن محطات تقارب تخدم مصالح الشعبين وتسهم في ترسيخ مبدأ التعاون العربي المشترك في إطاره الممكن في هذه المرحلة لتكون سوريا والاردن نموذجا عربيا يحتذى. نتفق مع سوريا على ان لا حل سياسيا لازمات المنطقة بدون اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعودة الجولان المحتل وجميع الاراضي العربية المحتلة لاصحابها ،ونتفق مع سوريا على ان أمن العراق واستقراره وحريته وازدهاره مصلحة قومية عربية يجب ان تتحقق ، ونتفق مع دمشق على الكثير ولا نختلف إلا على القليل الذي يمكن تجاوزه من اجل المصالح العليا للبلدين الشقيقين ،ومما لا شك فيه ان الاتفاقيات التي وقعت وطبيعة اللقاءات التي جرت ومستوى الوفد السوري الذي زار الأردن والعبارات والتصريحات الودية التي سمعناها من الرئيسين الذهبي والعطري تجعلنا نتفاءل للمرة الاولى بأن عقبات حقيقية قد ازيلت عن طريق العلاقات الاردنية السورية التي يجب ان تكون ممتازة في كل الاحوال ما دمنا نواجه معا نفس التحديات الامنية والإقتصادية والسياسية والثقافية وحتى الرياضية...! عن صحيفة الرأي الاردنية 1/1/2008