باراك أوباما ليس جورج بوش جهاد الخازن باراك أوباما عيّن رام، أو رحم، إيمانويل كبيراً لموظفي البيت الأبيض. «أول دخولو، شمعة عاطولو»، كما نقول في لبنان. عضو الكونغرس إيمانويل كان مستشاراً للرئيس بيل كلينتون، وتركه ليعمل مدير بنك، ثم عاد الى السياسة وأصبح عضواً في مجلس النواب، وهو الآن الرابع رتبة بين الديموقراطيين فيه. كل هذا أقل أهمية للقارئ العربي من بقية سجل أول موظف كبير يختاره الرئيس أوباما، لأن إيمانويل يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية، وقد خدم في الجيش الإسرائيلي خلال حرب الخليج الأولى، وأبوه طبيب إسرائيلي اسمه بنيامين انتقل الى أميركا بعد أن كان عضواً في عصابة ارغون الإرهابية، وولد ابنه رحم في شيكاغو. الصحف الإسرائيلية كتبت غزلاً في الانتخابات الأميركية وفوز أوباما، وتحدثت عن «شبه ثورة»، وعن ترقب ما فعل أوباما وما سيفعل، واعتبرته «الأمل»، وقالت إن أميركا عادت كما يعرفها الناس. والزعماء الإسرائيليون تسابقوا في تهنئة الرئيس الجديد، وقال إيهود أولمرت إن العلاقة الخاصة والتحالف الاستراتيجي باقيان، وقالت تسيبي ليفني ان انتخاب أوباما وسام شرف على صدر الديموقراطية الأميركية، في حين أرسل بنيامين نتانياهو وإيهود باراك برقيتين تستحقان بعض التعليق. لفتني في برقية نتانياهو الى أوباما السطران الأخيران ففيهما يقول: «أنا واثق من أننا سنعمل معاً لتحقيق السلام والأمن والرخاء في المنطقة». أنا واثق أن نتانياهو سيحقق الحرب أو الإرهاب وسينشر الخراب في المنطقة لو استطاع، فسجله في التطرف معروف، ولكن أهم من ذلك ان زعيم ليكود يرسل برقية شخصية الى الرئيس المنتخب، وأفترض أن يتحدث باسمه لا باسم إسرائيل طالما أنه في المعارضة، ثم يقرر أنه سيفوز في انتخابات الكنيست المقبلة، ويحكم ويشارك أوباما السيطرة على مصير الشرق الأوسط. أهم مما سبق التحريض على إيران، فنتانياهو يذكّر أوباما باجتماعاتهما السابقة ويقول إنه واثق من أن حكومة يرأسها ستقيم علاقات ودّ وتعاون مع إدارة أوباما، ويشير الى تأييد السناتور تشديد العقوبات على إيران، ويقول ان خطر حصول إيران على أسلحة نووية «يهددنا جميعاً». لا أعرف كيف تهدد إيران نووية أميركا، وأرى أنها لا تهدد إسرائيل نفسها، غير أن نتانياهو لا يذكر أسلحة إسرائيل النووية وخطرها على المنطقة كلها. وإيران هدف برقية التهنئة الأخرى من إيهود باراك الى الرئيس الجديد، فهذا السياسي الفاشل الذي ضيع فرصاً للسلام وهو رئيس وزراء إسرائيل يكرر نفاق نتانياهو قبل أن يكمل قائلاً إن الشرق الأوسط «الجبهة الأمامية للصراع على امدادات الطاقة العالمية، وأيضاً الجبهة الأمامية للصراع ضد محور راديكالي تقوده إيران يطمح للحصول على أسلحة نووية ورعاية عناصر جهادية وإرهابية...». ماذا نفهم من هذا الكلام؟ هل يريد إيهود باراك حلفاً أميركياً - إسرائيلياً يضمن إمدادات النفط أو يسيطر عليها؟ وكيف يتحدث عن أسلحة نووية غير موجودة في إيران، ويتجاهل ترسانة نووية إسرائيلية موجودة وأكيدة؟ إسرائيل أم الإرهاب وأبوه، فهي دولة نازية تحتل وتقتل النساء والأطفال، وهي منبع الإرهابيين، من بنيامين إيمانويل وسائر عصابة أرغون الى بنيامين نتانياهو الذي كتب مرة مفاخراً بأنه كان بين الجنود الإسرائيليين، وأو الإرهابيين الذين هاجموا مطار بيروت قرب نهاية 1968 ودمروا طائرات مدنية على الأرض في عمل إرهابي خالص، الى إيهود باراك الذي شارك في قتل ثلاثة زعماء فلسطينيين، أحدهم شاعر لا علاقة له بالسلاح، وزوجة آخر ومضيفة إيطالية مسكينة ومدنيين كثيرين آخرين. كان ذلك في بيروت في ليل 9 و10 نيسان (ابريل) 1973، وكنت شاهداً على الجريمة مع الأخت مهى الجيوسي، زوجة كمال عدوان التي رأت مع طفليها الأب يقتل في غرفة نوم العائلة، وأيضاً على قتل الشاعر كمال ناصر، والمضيفة، ومحمد يوسف النجار وزوجته. وكان بوناتان نتانياهو، أخو بنيامين، بين الإرهابيين المهاجمين. الإرهابيون الإسرائيليون الذين حرضوا إدارة بوش على إيران، وفشلوا لأن الإدارة سقطت في شرّ أعمالها، يحرضون الآن باراك أوباما قبل أن يدخل البيت الأبيض، وفي حين أن تعيين رحم إيمانويل كبيراً لموظفي البيت الأبيض قد يطمئنهم الى وجود إسرائيلي قرب الرئيس الجديد، فإن الصحف الإسرائيلية كتبت صراحة عن أن القادة الإسرائيليين، في مجالسهم الخاصة، أبدوا قلقاً من رغبة أوباما تغليب الديبلوماسية على الحرب في التعامل مع إيران وغيرها. باراك أوباما ليس جورج بوش ولن يقع أسير عصابة حرب أو لوبي ليكودي، ويكفينا منه ان يعمل لخدمة بلاده فمصالحها غير مصالح إسرائيل، بل هي نقيضها في الشرق الأوسط. عن صحيفة الحياة 8/11/2008