سعر مواد البناء في تعاملات مساء اليوم الجمعة 6 يوتيو 2025    البنك المركزي وضرورة تطوير منظومة إدارة الاحتياطي النقدي    الكرملين: خلافات ترامب مع ماسك لن تؤثر على الدور الأمريكي في تسوية الأزمة الأوكرانية    رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني: مقترح ويتكوف منحاز بشكل فاضح ضد حماس    مصطحبين كأس مصر.. مجلس الزمالك فى زيارة حسين لبيب    ضيوف الرحمن يرمون جمرة العقبة الكبرى بانسيابية بعد اكتمال تفويجهم إلى منى    مصرع طفل سقط من علو في أكتوبر    في ليلة العيد.. "المشروع X" يتربع على المركز الأول في شباك التذاكر    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    كريم عبدالعزيز وأحمد عز في مواجهة سلمان خان    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    انتشار مكثف للفرق الطبية فى ساحات وميادين الأقصر للتأمين الصحى للمواطنين    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    بتقديم التهنئة والورود.. الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بعيد الأضحى المبارك    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    "الطفطف" ينشر البهجة بين زوار الحديقة الدولية فى أول أيام العيد    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    إيطاليا تلتقي النرويج في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم 2026    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    ليس كل الدهن خطر.. 4 فوائد مذهلة للحوم الدهنية في العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    اليابان تطالب بإعادة النظر في الرسوم الجمركية خلال محادثات مع وزير التجارة الأمريكي    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور مصر بين الشريعة والاتفاقات الدولية
نشر في محيط يوم 29 - 11 - 2007


دستور مصر بين الشريعة والاتفاقات الدولية
كاتب مصري
لست فقيها دستوريا، ومازلت حديثا للغاية على مجلس الشورى المصري، وما تعلمته في حقل الدستور لا يزيد كثيرا عما تعلمته في مقاعد الدراسة الجامعية، وتعليقات متفرقة استمعت لها بشغف دائما من الأساتذة د. كمال أبو المجد، ود. يحيى الجمل، وقراءات متعددة للدستور المصري، وقبل وبعد كل شيء بعض من المنطق وفهم طبائع الأشياء.
هذا القدر من المعرفة تعرض لاختبار دستوري مهم في أولى جلسات مجلس الشورى حينما طلبت الحكومة من المجلس رفع التحفظ المصري على الفقرة الثانية من المادة التاسعة من الاتفاقية الدولية لمكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة والموقعة في كوبنهاغن عام 1980، وكان هذا التحفظ واقعا على فقرة تنص على مساواة المرأة بالرجل فيما يخص منح الأبناء من زوج أجنبي الجنسية الوطنية، وكان طبيعيا أن تتحفظ مصر على هذا النص لأنها حتى وقت قريب لم توافق على منح المرأة هذا الحق، ولكن مادام أن مصر قد أصدرت القانون بالفعل فإنه كان طبيعيا رفع التحفظ.
وإلى هنا تبدو القضية منطقية، ولكنها كانت بداية لاختبارات دستورية متعددة. ولمن لا يعلم فإن مجلس الشورى تعرض عليه للموافقة أو إبداء الرأي جميع الاتفاقيات الدولية التي توقعها مصر، والتعديلات التي ترد عليها، وهي كثيرة للغاية، ويجرى عليها كلها نقاشات وحوارات مثيرة.
وفي كل مرة فإن طلب الحكومة لا يعرض هكذا، وإنما تحول القضية برمتها إلى اللجنة المختصة التي تضع تقريرا يخص الموضوع يعرض على المجلس. ومع عرض هذا التقرير تعرض الحكومة من جانبها، ومن خلال موظفين رفيعي المستوى من وكلاء الوزارات المعنية، ما تراه دوافع وضرورات عرض الطلب على المجلس.
هذه المرة وضعت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية عددا من الأسباب لطلب اللجنة الموافقة على رفع التحفظ عن الفقرة الثانية من المادة التاسعة، وكان بينها أن المادة 40 من الدستور تنص على المساواة الكاملة بين المواطنين بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين إلى آخر ما هو معروف من مطلق المساواة بين المواطنين. هنا خطر لي، كما خطر لعدد آخر من الأعضاء، أن هذه المادة - 40 من الدستور- كانت موجودة بالدستور منذ عام 1980، ومن ثم فإن التحفظ من الأصل يكون قد تضمن مخالفة دستورية صريحة.
ولما كانت مصر لم تتحفظ على هذه المادة وحدها، وإنما تحفظت على ثلاث مواد أخرى فقد بدا منطقيا أن تراجع مصر نفسها على ضوء المادة المذكورة، وترفع التحفظات التي وضعتها على المواد الثلاث الأخرى خصوصا أن المادة الأولى المعدلة من الدستور قد ذكرت صراحة قاعدة «المواطنة» باعتبارها أساس الدولة المصرية.
هذا الاختبار الأول والخاص بمدى التطابق ما بين موقف مصري من اتفاقية دولية سرعان ما قاد إلى اختبار آخر بدا منطقيا عندما دفعت الحكومة بأن تحفظات مصر الأخرى قامت على إبداء التأكيد على ألا تخالف مواد الاتفاقية «الشريعة الإسلامية»، والتي هي « المصدر الرئيسي للتشريع» وفقا للمادة الثانية من الدستور.
ومصدر الاختبار هنا هو إلى أي حد يستطيع أن يختار بين مواد الدستور، وهل يمكن في واقعة أن يستند إلى المادة 40، وفي واقعة أخرى تخص نفس الموضوع إلى المادة الثانية.
الأصل في الموضوع أنه لا ينبغي أن يكون هناك إطلاقا تناقض بين مواد الدستور المختلفة، بل إنها جميعها تقع في نسق فلسفي وأخلاقي وسياسي واحد. وفي كتابات كثير من المفكرين المتحمسين للمادة الثانية من الدستور فإنهم يصرون على أن الشريعة الإسلامية تقوم على المساواة والمواطنة، ومن ثم فإنه لا خلاف ولا تناقض. ولكن لو كان ذلك فلماذا يستحيل إذن رفع التحفظات المصرية المشار لها مرة واحدة، ليس فقط في هذه الاتفاقية، وإنما في كل الاتفاقيات التي وقعتها مصر ووافقت عليها.
ولكن القضية تبدو أكثر تعقيدا من كل ما سبق، وهو ما يعد اختبارا دستوريا آخر، فالشريعة الإسلامية لا تتحمل فقط تفسيرات ووجوها متعددة، ولكنها قابلة للتطور. وفي وقت من الأوقات كان المشرع المصري رافضا تماما لمنح المرأة حق الطلاق، أو ما عرف «بالخلع»، وعندما أصبح الأمر ملائما إذا بالفقهاء يخرجون علينا بما منحته الشريعة من الأصل للمرأة، ولكن الجماعة الدينية منعته عنها لأن لها رأيا في التعامل مع المرأة والمجتمع.
وخلال الفترة القصيرة الماضية جرى الخلاف الشديد بين الفقهاء عما إذا كان الشباب المصري الذي حاول الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا وغرق أمام شواطئها شهيدا أو لا. وفي الأحوال العادية فإن اختلاف العلماء رحمة، ولكن القضية في مجلس الشورى ليس أن يختلف العلماء أو يتفقون، ولكن أن يكون فيما يقولون فائدة لعملية التشريع الذي يخص المجتمع كله.
وفي الحقيقة فإنني لا أريد فتح موضوع التعديلات الدستورية مرة أخرى، فقد انتهينا توا من تعديل 34 مادة من الدستور، وعلينا في المؤسسات التشريعية والقضائية استيعاب ما جرى بمعناه القانوني والسياسي.
وسوف يكون على مجلسي الشعب والشوري، والمؤسسات القضائية المختلفة خصوصا المحكمة الدستورية أن تفك ألغازا وعقدا كثيرة، ولكن ما أطلبه هنا، وهو ليس كثيرا، أن علينا أن نبقي المسألة كلها في الأذهان، ولا نكف عن التفكير فيها، إننا نحتاج إما إلى تفسير دستوري يشرح العلاقة بين مواد الدستور المختلفة، أو إننا نحتاج لعملية تفكير هادئة في دستور جديد متناسق الأجزاء والمواد والفلسفة والمفاهيم.
مثل هذا الاختبار الدستوري الأخير سوف يلاحقنا من خلال معضلات الدستور الحالي الذي قام على مزاوجة بين الدين والدولة المدنية كان ممكنا استمرارها طوال العقود الماضية بسبب القدرة الثاقبة على «المواءمة» بين ضرورات مختلفة على حد تعبير السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى. ولكن مثل هذه المزاوجة والمواءمة تصير صعبة مع تعقد الحياة الحديثة، وترابط العالم وتشابكه في اتفاقيات ومعاهدات لا يمكن تجاهلها أو الفرار منها، وذلك كله سوف يظل ملحا في فقرة يطلب رفع التحفظ عنها، أو معلقا في شكل أسئلة تحتاج إلى إجابة.
عن صحيفة الوطن القطرية
29/11/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.