الغاز يربط روسيا وأوروبا بقوة د.هاني شادي زار رئيس الحكومة الإيطالية رومانو برودي موسكو بشكل خاطف في الثاني والعشرين من الشهر الجاري حيث بحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العديد من القضايا، ولكنه ركز بشكل أساسي على التعاون في مجال الطاقة. وتمخضت مباحثات بوتين وبرودي في الكرملين عن توقيع اتفاقية بين شركة "غاز بروم" الروسية وشركة النفط والغاز الإيطالية " Eni " تقضي بإنشاء شركة مشتركة تشرف على تنفيذ واستثمار مشروع "السيل الجنوبي" والذي بموجبه سيجري مد أنبوب غاز بطاقة 30 مليار متر مكعب في السنة وبكلفة تزيد على 10 مليارات دولار ليربط شاطئ البحر الأسود الروسي بإيطاليا. وكان المسؤولون في شركتي "Eni" و"غاز بروم" أعلنوا في روما في شهر يونيو من العام الجاري عن البدء في مشروع "السيل الجنوبي". وستقوم الشركة الروسية الإيطالية المشتركة المقرر تشكيلها بتنفيذ هذا المشروع، وقد يعهد إليها في المستقبل الإشراف على تشغيله. وتبلغ حصة كل من "Eni" و"غاز بروم" في المؤسسة المشتركة 50 بالمائة لكل منهما حاليا ، ولكن يمكن لشركات من بلدان أخرى أن تشارك أيضا في المشروع لاحقا. ومن المفترض أن يمر أنبوب " السيل الجنوبي " من شواطئ روسيا عبر قاع البحر الأسود إلى سواحل بلغاريا. ومن هناك قد يمر الأنبوب عبر مسارين برا: الأول من خلال اليونان وألبانيا ومن ثم عبر قاع بحر الأدرياتيك حتى جنوب إيطاليا، والثاني من خلال البلقان إلى شمال إيطاليا وجنوبألمانيا. ويرى خبراء روس أن مشروع " السيل الجنوبي " يشبه إلى حد كبير مشروع "السيل الشمالي" وهو أنبوب الغاز الذي سيمتد عبر قاع بحر البلطيق ويربط روسيابألمانيا. ويعتقد بعض المراقبين الروس بأن مشروع "السيل الجنوبي" لا يعد "غاز بروم" بمكاسب مالية كبيرة حيث يمكن زيادة واردات الغاز الروسي إلى البلقان وإيطاليا وبلدان أوروبا الغربية الأخرى بطريقة أرخص عن طريق مواصلة مد وتوسيع الخطوط الموجودة حاليا. ولكن المشاكل التي تواجهها "غاز بروم" بصورة دورية في مجال توريد الغاز إلى الاتحاد الأوروبي عبر الأنابيب الممتدة في أراضي أوكرانيا وبيلوروسيا ترغم الشركة الروسية على البحث عن طرق إضافية أخرى. وهذا يعني أن السيل الجنوبي والسيل الشمالي سيقللان بشكل واضح في المستقبل من اعتماد روسيا على روسياالبيضاء وأوكرانيا في ما يتعلق بتوريد الغاز الروسي إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. ويرى الروس أن شركة "Eni" الإيطالية ستربح كثيرا من المشاركة في مشروع "السيل الجنوبي" لأن الإيطاليين سيحصلون في أغلب الظن على حصة الأسد من عقود مد الأنبوب. كما ستزداد فرص هذه الشركة في المشاركة في مشروع مشترك آخر مع "غاز بروم" يتعلق ببناء مصنع لتسييل الغاز على ساحل بحر البلطيق الروسي. إنجاز مشروعي السيل الجنوبي والسيل الشمالي خلال السنوات القليلة القادمة سيعني تبعية أكبر من قبل دول الاتحاد الأوروبي لإمدادات الغاز الروسي، وهذا في حد ذات سيعني فوائد سياسية ومالية لروسيا في علاقاته مع الأوروبيين . عن صحيفة الوطن العمانية 26/11/2007