عرفات الغائب الحاضر أنور صالح الخطيب حتي بعد موته لايزال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الحاضر الغائب في المشهد السياسي الفلسطيني وأكاد أقول أن أبو عمار رغم مرور ثلاث سنوات علي رحيله الغامض أيضا لازال صاحب القرار الأول ليس بالمعني التنفيذي بل بمعني انه وضع سقفا لما يمكن أن يقبله الشعب الفلسطيني في أية مفاوضات مع حكومة الاحتلال، سقف لن يجرؤ أحد علي التنازل عنه إلا إذا قرر أن يوقع شهادة وفاته أو نهايته السياسية في اليوم التالي. غموض حياة الزعيم المثير للجدل وتقلباتها ما بين هبوط وصعود ونهايته الدرامية ستظل تذكر الشعب الفلسطيني أن زعيمه الرمز يستحق أن تكتب حقيقة وفاته وبالأدق اغتياله فلا معني لأية احتفالات تكريمية أو إنشاء مقام لضريحه أو تخصيص جائزة باسمه ما دامت حقيقة وملابسات رحيله لازالت غامضة ولا يجرؤ أحد أو لا يريد أن يجرؤ أحد علي الاعتراف بها. قبل ثلاث سنوات حبس العالم أنفاسه وهو يراقب موت الزعيم ويبحث عن حقيقة موته لكن كان هناك أيضا من رقص علي جنازته وظن انه بموته سيطوي ملف القضية الفلسطينية إلي الأبد لكن هذا الرهان كان خاسرا وسيظل. فشل لجنة التحقيق التي شكلتها السلطة الفلسطينية للبحث عن حقائق اغتيال الرئيس عرفات هذه اللجنة التي لم يعد احد يسمع بها والتي ربما لم تجتمع أيضا لن يغلق ملف رحيل عرفات الغامض بل سيكون الفشل دافعا أيضا للاستمرار في طرح الأسئلة والبحث عن الحقيقية التي يعرفها اصغر طفل فلسطيني، إن عرفات قد مات مسموما وهي الحقيقية التي لا تملك السلطة الفلسطينية قرار إعلانها لغز رحيل عرفات سيبقي مثل جبل الثلج يكبر يوما بعد يوم بانتظار أن تحدث اللحظة التي لابد من حدوثها فينهار الجبل وتتكشف ملابسات رحيله والمتورطين والمتواطئين والمستفيدين. لو لم يكن للرئيس الراحل عرفات سوي موقفين يذكر بهما لكفاه ذلك عند الشعب الفلسطيني الأول أن عرفات رفض التنازل عن الثوابت الفلسطينية المعروفة والمتمثلة بعودة القدس واللاجئين ورحيل الاحتلال عن كامل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967 ودفع حياته ثمناً لهذا الموقف والثاني انه بفضل ما مثله عرفات حافظ علي وهج القضية الفلسطينية وأبقاها حية عقودا طويلة فمن خلال نضاله تعرف العالم علي اعدل قضية عرفتها البشرية لم تجد الإنصاف. عرفات لم يكن بدون أخطاء بالتأكيد لكن ايجابياته أكبر من أخطائه وسيظل صوته الملعلع شهيدا شهيدا شهيدا " حين جري حصاره وراقب العالم اجمع محاولات "إسرائيل" قتله في بث حي ومباشر نشيد الإلهام ليكمل الشعب الفلسطيني مسيرته حتي يرفع طفل من أطفال فلسطين أو زهرة من زهراتها علمها فوق مآذن القدس وكنائس القدس وهي أنشودة الرئيس الخالدة التي رافقته حتي لحظاته الأخيرة. عن صحيفة الراية القطرية 11/11/2007