ضبط شخصين لتوزيع دعاية انتخابية غير قانونية بمحيط لجان البحيرة    وزير الاستثمار يبحث مع نائبة وزير التجارة الإندونيسي سبل تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين    مدبولي: معرض إيدكس نجح في جذب عدد كبير من الدول والشركات العالمية    حقيقة استبعاد محمد شريف من معسكر منتخب مصر في قطر    الطب الشرعي يُثبت اعتداء عامل على 4 أطفال داخل مدرسة دولية بالإسكندرية    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    الاحتلال يكثف اعتداءاته في نوفمبر.. أكثر من 2100 انتهاك و19 محاولة لإقامة بؤر استيطانية جديدة    سكرتير عام المنوفية يشهد افتتاح معرض «ابتكار مستدام»    رومانو: برشلونة سيجدد تعاقد جارسيا لمدة 5 مواسم    كأس العرب - مؤتمر مدرب فلسطين: خسارة تونس من سوريا لا تعكس مستوى نسور قرطاج    رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بالزراعة: لا توجد دواجن مريضة في الأسواق.. واتهامات السردة إشاعات    دراما الأعلى للإعلام: نرفض أكاذيب قوائم الممنوعات.. وإجراءات قانونية ضد مروجي الأخبار غير الصحيحة    المفوضية الأوروبية تتقدم باقتراح بشأن قرض لتمويل تعويضات لكييف    صحة الإسماعيلية تجري الكشف على 916 مواطنًا في قافل طبية بقرية أم حبيب بالقصاصين    عاجل- الحكومة: 6.3 مليون مواطن استفادوا من خدمات هيئة الرعاية الصحية خلال 6 أشهر    الداخلية تضبط 3 أشخاص يوزعون أموال بمحيط لجان بأخميم    6 قرارات جديدة للحكومة.. تعرف عليها    زينة: "ماشوفتش رجالة في حياتي وبقرف منهم"    "القاهرة الإخبارية": إسرائيل ترسل وفدا سياسيا إلى لبنان لأول مرة وسط ضغوط أمريكية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    الداخلية تضبط طالبًا طمس لوحات سيارته فى البحيرة    محافظ الجيزة يتفقد أعمال تطوير حديقتي الحيوان والأورمان (صور)    فحص أكثر من 6.1 مليون طالب للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس الابتدائية    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    في عيد الكاريكاتير المصري الخامس.. معرض دولي يحتفي بالمتحف المصري الكبير    7 ديسمبر.. الإدارية العليا تنظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    الصليب والهلال الأحمر الدولي: فيضانات جنوب شرق آسيا كارثة إنسانية تتطلب دعما عاجلا    محافظة الجيزة ترفع 500 حالة إشغال خلال حملة بشارع عثمان محرم.. صور    عاجل- رئيس الوزراء يهنئ منتخب مصر للكاراتيه على الإنجاز العالمي التاريخي    مدرب تونس: طوينا صفحة الخسارة أمام سوريا وجاهزون لفلسطين    مراسل إكسترا نيوز: 18 مرشحا يعودون للمنافسة فى الفيوم بعد قرار الإلغاء    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    ضبط سيدتين بحوزتهما كروت دعاية انتخابية بمحيط لجنة في دمنهور قبل توزيعها على الناخبين    بداية شهر رجب 1447 هجريًا... الحسابات الفلكية تكشف موعد ظهور الهلال    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    مصر تنضم رسمياً لمجموعة أصدقاء «عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي»    مصر السلام.. إيديكس 2025.. رسائل القوة بقلم    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    تفاصيل جريمة غسل أموال بقيمة 30 مليون جنيه    على رأسها رونالدو.. صراع مشتعل على جائزة مميزة ب جلوب سوكر    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطط إجهاد الثورة: إذا نجا البرادعى .. هل يتم اغتيال البسطويسى وصباحى؟ / بلال فضل
نشر في محيط يوم 17 - 04 - 2011


خطط إجهاد الثورة:
إذا نجا البرادعى .. هل يتم اغتيال البسطويسى وصباحى؟



* بلال فضل

أجب عن السؤال الآتى:
بلال فضل

لماذا صمت المئات من أمناء الشرطة سنين طويلة على القهر والتمييز فى رواتبهم وإهدار حقوقهم المشروعة، ثم قرروا أن يصرخوا الآن فى مواجهة وزير جديد لم يكمل ثلاثة أسابيع فى منصبه ؟.

ومع ذلك فقد بدأ يعيد جهاز الشرطة إلى خدمة الشعب فعلا لا شعارا، ويصالح الشرطة على ملايين المصريين، ويخطو خطوات مهمة من أجل محو ميراث سنين طويلة من القهر والفساد والظلم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الإجابة: الخطط الإجهادية.

صدقنى، كنت أتمنى مثلك بالضبط، أن يكون كل ما نشرته أمس عن (الخطط الإجهادية) وقوائم الاغتيالات مجرد تخرصات اجتهادية أو حتى سيناريوهات كابوسية نبعت من عقول أجهدها التشاؤم، رغم أنها وردتنى من مصادر أثق بها كما أثق فى أن مستقبل مصر سيكون أفضل ألف مرة بإذن الله.

لكن لعلك الآن متأكد أن كل ما نشرته كان حقيقيا للأسف الشديد، بدليل التطورات المؤسفة التى أدت إلى احتراق طوابق من مقر وزارة الداخلية بلاظوغلى، وكلها جرت عقب ساعات من تسليم مقالى للنشر.

أعلم أنك متشوق إلى استكمال ما ذكرته أمس عن قوائم الاغتيالات التى تستهدف عددا من الشخصيات العامة على رأسها الدكتور محمد البرادعى، لذلك سأرجئ الحديث عن ملابسات حريق وزارة الداخلية الذى يحاول البعض إلصاقه بأمناء الشرطة المتظاهرين وهو ما ستقرره تحقيقات النيابة.

لكن لأن الشىء بالشىء يُذكر، ولكى أقضى على كل تصورات لديك بأننى أبالغ معتمدا على ثقتك المفترضة فىّ، دعنى أحيلك ابتداءً إلى التغطية التى قامت بها زميلتنا منى سلمان فى قناة (الجزيرة مباشر) لحريق الداخلية عصر الثلاثاء.

حيث أجرت مكالمة تليفونية مع المقدم محمد عبدالرحمن عضو حركة (ضباط ولكن شرفاء) التى أصبحت حديث المصريين فى الفترة الماضية بسبب التصريحات الجريئة لبعض ضباطها ومطالبتهم بإحداث إصلاح جذرى فى الوزارة وهيكلة عملها بالكامل.

أتمنى أن يسارع سيادة النائب العام إلى طلب شهادة المقدم محمد عبدالرحمن فى محضر رسمى بعد أن قالها أمام الملايين فى مكالمته، لكى يعرف الرأى العام هل تم حريق «الداخلية» بفعل فاعل للتغطية على ملفات بعض الفاسدين من ضباط أمن الدولة والمباحث الجنائية؟.

ومن الذى استغل أمناء الشرطة وقام بتسخينهم لكى يخرجوا بهذا الشكل غير المسبوق الذى قام بتحويل مطالب مشروعة إلى وقود يشعل نار العداء للشرطة بأكملها فى الشارع المنكوب بغياب الشرطة أصلا؟،

لقد كشف المقدم عبدالرحمن فى حديثه عن وجود مصادر أمنية أبلغت زملاءه بأن هناك قائمة اغتيالات يتم الإعداد لها لعدة أسماء، ذكر من بينها الدكتور البرادعى والدكتور علاء الأسوانى والمناضل جورج إسحاق وآخرون لم يذكرهم.

بل قال إنه وزملاءه أبلغوا الأسوانى بذلك طالبا منه أن يغير طريقة تحركاته لكى لا يتم استهدافه، وأنهم حاولوا الوصول إلى جورج إسحاق لتحذيره ولم ينجحوا فى ذلك!.

واتضح أنه لم يكن يقول ذلك الكلام لأول مرة، بل قاله من قبل خلال لقاء تليفزيونى على الهواء فى نفس القناة، وتعرض لمحاولة اغتيال بعد خروجه من استديو البرنامج، وبعد نجاته أرسل تلغرافا إلى النائب العام يطلب فيه حمايته ولم يتم الرد عليه.

أعلم أن سيادة النائب العام لديه الكثير مما يشغله وكان الله فى عونه، لكننى أتمنى أن يتم التفاعل سريعا من خلال مساعدى النائب العام مع أقوال خطيرة كهذه انتشرت كالنار فى الهشيم على شبكة الإنترنت منذ إذاعتها على الهواء.

أعود بعد هذا إلى وثيقة (الخطط الإجهادية) التى وقعت فى أيدى أجهزة سيادية منذ أيام، لأؤكد أن المصدر المطلع قال لى إن هناك فقرة كاملة خصصت فيها للدكتور البرادعى، صحيح أنها لم تتحدث عن تصفيته جسديا، لكنها تحدثت بالتفصيل عن مواصلة تصفيته معنويا.

واللافت أنها تطلب فعل ذلك بالتزامن مع عشرات التحركات على جميع الأصعدة لإحداث حالة من الإجهاد للثورة تؤدى إلى إجهاضها.

أى أن الوثيقة ترى أن تصفية البرادعى شعبيا للقضاء على فرصه فى التأثير على الناس، أمر لا يقل أهمية عن نشر البلبلة وتوسيع دائرة الاحتجاجات الفئوية لإفشال مهمة حكومة عصام شرف وإثارة الفتنة الطائفية وإحداث الوقيعة بين الجيش والثورة.

واللافت أن واضعى الخطط لم يجدوا مداخل جديدة للتعامل مع البرادعى، فاكتفوا بالتركيز على المداخل القديمة مثل حكاية الاستمرار فى نشر دور البرادعى المزعوم فى تدمير العراق وفكرة عمالته لأمريكا.

فهم يعلمون أن رجل الشارع العادى ليس لديه من الوقت أو الدأب ما يجعله يدخل على شبكة الإنترنت ليعرف الدور الحقيقى للبرادعى وكيف أنه أصر على عدم وجود أسلحة نووية فى العراق ووقف فى وجه أمريكا طويلا التى كانت تحلم بنيل شرعية من وكالة الطاقة الذرية لضرب العراق.

يعلم واضعو الوثيقة أيضا أن رجل الشارع لن يفكر فى البحث على الإنترنت عن حيثيات نيل البرادعى لجائزة نوبل للسلام التى نالها لوقوفه ضد أمريكا وليس لأنها هى التى منحتها له، كما طلبت الوثيقة مواصلة التركيز على ذلك.

فضلا عن طلبها مواصلة الاتهامات المكررة بأنه يريد إلغاء المادة الثانية من الدستور وأنه كافر وملحد، وما إلى ذلك من الاتهامات التى نسفها البرادعى من خلال المنبر الوحيد الذى أتيح له أن يظهر فيه، وهو برنامج «آخر كلام» مع المذيع اللامع يسرى فودة.

وهو ما حاول أذناب النظام تحويله إلى مأخذ عليه، لأنه ظهر فى قناة نجيب ساويرس، رابطين بين ذلك وبين الاتهامات السابقة، مع أن كل المرشحين الرئاسيين تقريبا ظهروا فى نفس البرنامج، ولم يقل أحد منهم شيئا يختلف كثيرا عما قاله البرادعى من أفكار للفترة المقبلة.

عندما سألت المصدر المطلع حول ما إذا كانت هناك أسماء سياسية أخرى طلبت الوثيقة التركيز على محاربتها فى الفترة المقبلة، أجابنى بالنفى، ولم أستغرب ذلك ليس لأن البرادعى هو الشريف الوحيد الذى يُخشى جانبه بين المرشحين الرئاسيين.

على العكس ها نحن نشهد للمرة الأولى وفرة فى المرشحين الرئاسيين المحترمين، بعد سنوات من الترويج لأكذوبة «مافيش غيره» التى كانت تشكل أكبر إهانة فى تاريخ المصريين، تواطأ أهل النخبة السياسية على قبولها راضين صاغرين بل ساهموا فى ترويجها بين البسطاء حتى صارت حقيقة لا تقبل الشك لدى كثيرين منهم.

وهى الأكذوبة التى تم نسفها عندما ظهر الدكتور البرادعى على الساحة السياسية ليتوج كفاح سنوات من نضال الناشطين السياسيين والمثقفين والأحرار الذين تجمعوا حوله فى مشهد تاريخى بعد أن أعلن عن عودته إلى مصر لكى يقدم نفسه بديلاً سياسياً عن النظام القائم.

ذلك التجمع الذى كان بمثابة شرارة تفجير بركان الغضب الذى اختمر عبر سنوات طويلة، ليهتز عرش مبارك وتتحول أحلام ابنه فى الرئاسة إلى كوابيس، وتبدأ محاولات شرسة لتمزيق تلك الصورة المشرقة على أيدى ضباط أمن الدولة، ثم تنجح التناقضات الداخلية التى ابتليت بها المعارضة المصرية طيلة عمرها فى إفساد تلك الصورة قليلا.

ثم تبدأ حملة شرسة تستخدم أحقر وأوطى الأساليب فى تشويه الرجل عبر جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والمشمومة، وبعد أن نجح الرجل فى الظهور فى أكثر من برنامج تليفزيونى ليكتسب بحديثه منطقا لدى الكثير من البسطاء صدرت على الفور فرمانات منعه من الظهور الإعلامى.

بل تم السعى لإغلاق صحيفة «الدستور» الأصلية التى كانت منبرا أمينا لنقل أفكاره وتم ذلك بمساعدة من رئيس حزب الوفد السيد البدوى، لم يتم حسابها عليها حتى الآن.

فى تلك الفترة التى سطع فيها نجم البرادعى، وعندما وجه البعض وأنا منهم انتقادات لفكرة المخلص التى بدأت تروج بين الناس، والتى يمكن أن تخلق لنا مستبدا جديدا، كان الرجل واضحا فى محاربته لتلك الفكرة بإعلانه دائما أنه لا يستطيع عمل شىء لوحده من غير حشد شعبى.

لتظهر فكرة التوكيلات الشعبية لدعم مطالب الجمعية الوطنية للتغيير التى بدأت على يد شاب سكندرى غير مُسيّس اسمه صفوان محمد ثم اجتاحت مصر كلها وأرعبت النظام، ليبدأ بعدها التركيز على فكرة بُعد البرادعى عن حياة المصريين.

لكن الشباب المؤيدين له بدأوا يحولون تلك التهمة إلى ميزة تجعله قادرا على صنع خيال جديد تحتاجه مصر التى قتل مبارك قدرتها على الخيال، لينتقل العزف الأمنى إلى نغمة سفر الرجل المتكرر للخارج.

وهى ملاحظة أشارك الكثيرين فيها، لكننى اعتبرت أنها مرحلة انتهت مع عودته السريعة للمشاركة فى مظاهرات جمعة الغضب التى فجرت الثورة الشعبية الكاسحة فى مصر بعد أن بدأت فى يوم الخامس والعشرين من يناير بدعوة من ثلاثة كيانات على الإنترنت، أغلب رموزها قريبون من البرادعى بشكل أو بآخر.

يكفى أن من بينها الحملة الشعبية لدعم البرادعى، ثم بعد تفجُّر الثورة استجاب الرجل لكل النصائح التى وجهت له بألا ينزل كثيرا إلى التحرير خوفا على حياته.

ولعله استمع من على البعد لنصائح آخرين رأوا أن ظهوره اليومى فى التحرير سيكون عبئا على الثورة فى ظل حملات الحرب الإعلامية الشرسة التى جعلت من مصلحة الثوار أن يظهر البرادعى بوصفه طيفا من أطياف الثورة، وليس أبا راعيا لها.

ورغم أن الساحة السياسية بعد خلع مبارك وبدء سباق الانتخابات الرئاسية نظريا بدأت تشهد ظهور منافسين أقوياء للبرادعى على منصب الرئاسة مثل الأستاذ عمرو موسى والمستشار هشام البسطويسى والأستاذ حمدين صباحى، بالإضافة إلى منافسين أصحاب تجارب سياسية أمثال الدكتور أيمن نور والأستاذ طلعت السادات والدكتور عبدالله الأشعل.

وكل منهم يستطيع أن ينافس البرادعى بقوة، بل إن تحالفات بعضهم يمكن أن تقلل من فرص نجاحه خاصة مع استمرار الحرب الإعلامية ضده فى كل المواقع.

ومع ذلك فإن واضعى ومنفذى الخطط الإجهادية لم يكتفوا بجعل ذلك يحدث بفعل تفاعلات الواقع، بل شغلتهم فكرة الانتقام من الرجل، لكى لا يتم ترك أى شىء للصدفة كما حدث من قبل، أو ربما لأن تصفية دور البرادعى تشكل انتقاما من الثورة التى كان أحد قادتها.

وتؤدى لإحباط مؤيديه من مفجرى الثورة لتكتمل صورة المسخرة السياسية التى يُراد لها أن تجعل من ثوار يناير أول ثوار فى التاريخ بدلت ثورتهم وطنهم لكنها لم تبدل مواقعهم فى صفوف المعارضة.

من هذا كله تستطيع أن تفهم ما حدث للبرادعى فى المقطم على أيدى من يُجمع شهود العيان الذين رصدوا تحركاتهم على أنهم كانوا يؤدون دورا محددا سلفا، ويشهد الكثيرون من سكان المقطم أنهم غرباء عن المنطقة.

لينتقل الدور بعدها إلى اللاعبين فى الصحف الحكومية وبرامج التوك شو، فتأتى على سبيل المثال لا الحصر زوجة رئيس تحرير صحيفة حكومية صفراء ينفق عليها المواطن من ضرائبه لكى تكتب أن البرادعى وابنته ذهبا لكى يقدما رشاوى للناخبين فقذفهما الناس بالحجارة.

بينما تردد صحيفة كانت عريقة كلاما يدعو للخجل عن محاولة البرادعى تخطى الطابور، وتتحدث صحيفة أخرى عن أن المواطنين (بالألف واللام) هم الذين رشقوا البرادعى بالحجارة، وما إلى ذلك من ترّهات كشفها الملايين عندما شاهدوا الصور والفيديوهات التى وثّقت الاعتداءات.

كل ذلك يحدث فى الصحف الحكومية بينما يكتفى أستاذنا الدكتور يحيى الجمل بالخروج من مكلمة إلى مكلمة ناسياً الآمال التى علقناها عليه فى ملفى الصحافة والحوار الوطنى، ومكتفيا بإشعال الحرائق كلما فتح فمه ليتكلم.

للعلم فقط سألت أحد المسؤولين العسكريين قبل أيام عن ملف التغييرات فى الصحافة والإعلام فقال لى إن الأمر فيه متروك للدكتور يحيى بالكامل.

وعندما قلت له: لكن الناس تحملكم مسؤولية البطء فى حل هذا الملف المهم، عاد ليكرر أن المجلس يثق فى الدكتور يحيى، وأن رئيس الوزراء بارك هذه الثقة وترك للدكتور يحيى مسؤولية التصرف فى هذا الملف، وهو ما يجعلنا نسأل بصراحة مع محبتنا للدكتور الجمل: هل بات سيادته عبئا على الثورة وآن له أن يستريح ويُريح؟!

هل أقول لك كل هذا الكلام لأننى معنىّ بوصول الدكتور البرادعى إلى مقعد الرئاسة؟، لا والله، فلعلك تذكر أننى كتبت يوم الثلاثاء الماضى قائلا إن كل المرشحين الرئاسيين بمن فيهم البرادعى أثبتوا أن لديهم أزمة حقيقية مع الشارع بعد نتائج الاستفتاء.

وأنهم إذا لم يبدأوا بعمل تحالفات سريعة سيخسرون جميعا، كما تعلم كنت قد طرحت فى الأسبوع الماضى فكرة عمل تحالف بين البرادعى والبسطويسى ليكون أحدهما رئيسا والآخر نائبا، وقد أوصلت الاقتراح إلى مقربين من البسطويسى الذين رفضوا الفكرة تماما قبل أن يعلن هو بنفسه رفضها إعلاميا.

فأبلغتهم تخوفاتى مجددا من عدم وجود أرضية جماهيرية كاسحة للبسطويسى الذى أحبه وأقدره، على الأقل كما أرى، واقترحت عليهم أن يحدث ذلك التحالف بين البسطويسى وحمدين صباحى بدلا من أن ينزل كل منهما بمفرده.

قلت ذلك وأنا من مؤيدى البرادعى وسأظل أؤيده طالما لم يقرر الانسحاب، فالانحياز لهذا الرجل فى رأيى انحياز لقيمته ودوره وإمكانياته وليس لشخصه.

على أى حال أسعدنى معرفة أن صباحى والبسطويسى سيعقدان اجتماعا سويا خلال أيام لبحث الفكرة، وأنا أناشد كل من يحبون الرجلين أن يباركا هذا التحالف وأن يقدّر الجميع خطورة الفترة الراهنة وحساسيتها، وأن يتذكروا أنها لن تكون آخر انتخابات فى تاريخ المصريين.

كما أتمنى على الدكتور البرادعى الذى لم أتشرف بلقائه من قبل أن يغير من خطابه الإعلامى سريعا وأن يفكر فى التحالف مع شخصية تحظى بقبول جماهيرى واسع، اعتبرنى مخرفا لكننى أتمنى أن يكون مثلا الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الذى يشكل وجها مقبولا للتيار الإسلامى.

ليس لأنه تعرض لاضطهاد طويل داخل جماعة الإخوان، بل لأنه رجل يقر بمدنية الدولة بمفهومها الإسلامى ويؤمن بعدم إدخال الدين فى الصراعات الانتخابية الرخيصة.

على أى حال، الأهم من هذه التخريفة الانتخابية أن يأخذ الدكتور البرادعى مأخذ الجد كل الأخطار التى يمكن أن تتعرض لها حياته، وأعتقد أنه يجب أن يطالب النائب العام بفتح تحقيق رسمى حول كل ما أثير حول استهداف حياته من العقيد عمر عفيفى والمقدم محمد عبدالرحمن.

وأن يطلب رسميا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة تشكيل قوة حماية رسمية محترفة له من أكفأ ضباط وزارة الداخلية، ولو أننى سمعت أن اللواء هشام أبوغيدة آخر رئيس لجهاز أمن الدولة المنحل قد تولى منصب رئيس إدارة الحراسات الخاصة.

وربما سيكون من مفارقات القدر أن يوكل إليه مستقبلا مهمة حماية البرادعى الذى كان موكلا إليه مهمة محاصرته من قبل، ولعل ذلك يجعله الأنسب لتحقيق هذه المهمة إذا لم تعتبر ذلك تخريفة جديدة من تخاريفى.

المهم ألا تؤخذ مأخذ التخريف دعوتى للجميع أن يطلبوا من الجيش وبشكل رسمى حماية كل مرشحى الرئاسة المعارضين للنظام السابق والذين يشكل نجاحهم خطرا عليه، أعتقد أن قوى نظام مبارك لا تستهدف البرادعى لشخصه بل لمعارضته لمبارك.

ولذلك لن تكون سعيدة أيضا إذا شعرت بأن هشام البسطويسى وحمدين صباحى مثلا يمكن أن يصلا إلى كرسى الحكم، ليفتحا ملفات مبارك كاملة، ولكى ينهيا إلى الأبد فكرة تحالف السلطة ورأس المال لحكم مصر، ولذلك يمكن أن يكونا هما أيضا هدفا للتصفية سواء نزلا الانتخابات فرادى أو معا.

وكذلك الحال مع كل وجه ستفرزه الأيام القادمة وتثبت وجود شعبية كاسحة له فى الشارع سواء كان ذلك فى الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية.

ومن المهم التأكيد على أن حماية جميع هذه الشخصيات ليست ترفا ولا رفاهية، بل هى ضرورة يجب أن تتحملها الأجهزة الأمنية السيادية التى تتمتع بثقة الناس، بإشراف كامل من القوات المسلحة.

لكى لا نشاهد كوابيس قوائم الاغتيالات التى شهدتها دول أخرى، وقد تحولت إلى واقع مفزع يدخل البلاد فى دوامة خطيرة والعياذ بالله، حمى الله مصر من كل سوء، وألهم شعبها وثوارها التوفيق والحكمة.

هذا ولاتزال لدىّ فى هذا الملف أوراق شائكة كثيرة، لا أدرى هل سيكون الوقت مناسبا لطرحها فى الأيام المقبلة، أتمنى ذلك إذا عشنا وكان لنا نشر.

* كاتب بصحفي مصري
[email protected]
جريدة "المصري اليوم"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.