أنا أفكر إذن أنا موجود ... أنا اقرأ إذن أنا أفكر ... أنا أفكر إذن أنا انهض وأبني وأُشيد ... من المشاكل التي نعانيها في مجتمعنا العربية هي " الفقر في القراءة" والثقافة السطحية والمعتمدة على مواقع الانترنت والأخبار السماعية من الآخرين والشائعات، والعجيب في ذلك أننا أمة اقرأ ولا نقرأ .
للقراءة أهمية كبرى في حياة الشعوب و المجتمعات قاطبة وعلى مدار تاريخ عصورها لعبت القراءة دورا هاما في نهضة ومجد الشعوب، فنَهضة وتطور أي مُجتمع لا تقوم على أكتاف الأميين والجهلاء ، بل تقوم على أكتاف المُفكرين والمُثقفين والعُلماء ..
كَما تَعلب القراءة دوراً هاماً في حياة الفرد لما لها من أَهمية عُظمى في إذكاء روح المَعرفة والثقافة الفكرية الرشيدة لدى الفرد، كما أن القراءة أرقى عمل إيجابي بلا شك لأنها أول وأهم المراحل التي ينفض بها الإنسان غبار الجهل عن رأسه ليحل محله نور المعرفة وضياؤها فكل خطوة يخطوها القارئ تصبح فيما بعد سلماً إرشادياً يُساعده على وضوح الرؤية ودقة الحكم ، ويظل نضج الإنسان العقلي يَتنامى بصورة مُطردة ليُصبح بعد ذلك محكماً حساساً وصادقاً لكل محاولة تَضليلية وكل مُحاولة غَزو خارجية أو داخلية.
* إن المفكرين هم الذين يَأخذون على عاتقهم نهضة الأمة وتحريرها من الأهواء والشعوذات والهرطقات والأخطاء العظام، وشروط النهضة تكمن في تحرر الأمة من أي تَسلط على إرادتها وسعيها للتنمية الشاملة والوصول بالمواطن العربي لأرقى درجات التطور والرفاهية الحياتية ..
* والمجتمعات الغربية أبدت مؤخرا مخاوف كبيرة من انحطاط مستوى التعليم فقد اعترفت إحدى الدوريات الصادرة في الغرب في مقال حول انحطاط المستوى التعليمي في الغرب أن المدارس العليا تخرج جهلة وأشباه متعلمين ! شباب لا يستطيعون قراءة صحيفة أو كتابة رسالة مفهومة إلا بصعوبة بالغة ، ومثل هذا الأمور يترك تأثيرا على حياة الغرب ، وكل يوم تبرز استغاثات ونداءات لإنقاذ الفكري الغربي المتهاوي ..
* لقد تمكنت دولة الكيان الصهيوني المسخ من استيعاب ضعف السكان الأصليين من المهاجرين ، وحولت مساحات من الصحراء إلى أرضٍ زراعية منتجة ، وأنجزت إنجازات هامة في مجالات الصناعة والزراعة، ويحق لها أن تفتخر بأعلى نسبة من المثقفين القادرين على القراءة والكتابة ؛ وبنسبة عالية من الكتب المنشورة تضاهي أعلى النسب في العالم .
* كما انه لابد أن لا يكون هذا القارئ إمعة بل يمتلك العقلية الفكرية الناقدة التي يستطيع من خلالها تحليل ما يقرؤونه حتى يستطيعوا تجنب الغث من الفكر وتجنب الكذب والمجون في الفكر، فالكثير من المفكرين والقراء يشكلون ضرراً كبيرا على مجتمعاتهم لأنهم يصبحون مجرد أبواق مضخمة لهجمات شرسة مضادة دون وعى منهم أو إدراك ، وإنما بسبب اندفاعهم الأهوج ، وافتقادهم التكوين المعرفي الأصيل والضروري للتعامل مع ا لأشياء ، وهذا خطأ وقع فيه الكثير من المثقفين والكتاب والمسؤولين الذين لا يمتلكون الأسس الصحيحة للقراءة وتكون قراءته دون فائدة، كما أن خطر هؤلاء يزداد على فكر الأمة وتاريخها المفترى عليه عندما يؤثرون بالأجيال الجديدة فيجرفون معهم الشباب إلى متاهات بعيدة تعمل على تدمير عقليتهم الفكرية وتحقق أهداف الاستعمار وتكمل مخططاته ..
إن نتطلع إلى ازدياد القراءة وحب المعرفة لدى الشعوب وهذا يتطلب تبني خطط واستراتجيات من قبل حكومتنا العربية، بهدف إعادة البعث في الشباب والأجيال الناشئة ودفعهم إلى القراءة والمعرفة وارتياد المكتبات وإنقاذهم من مهاوي الردى ومن الفضائيات الماجنة ومواقع الإنترنت الإباحية ..
هذه دعوة عاجلة أوجهها لكل أب ولكل أم أن تزرع في نفوس الأبناء حب القراءة والمعرفة والإقبال على المكتبات والمراكز الثقافية، كما أوجه دعوة إلى وزارات الثقافة العربية النائمة أن تصحو من غلفتها العميقة ...