سعر الذهب اليوم السبت 5 يوليو2025 فى الكويت    وزارة التموين تمد منافذ المجمعات الاستهلاكية بمنتجات اللحوم الطازجة والمجمدة    وزير الري يتابع دراسات التعاون المصري الهولندي لتحسين إدارة المياه    الفصائل الفلسطينية تكشف تفاصيل تدمير دبابات إسرائيلية وقتل جنودها فى غزة    ماريسكا يهنئ لاعبي تشيلسي بالتأهل لنصف النهائي ويوجه رسالة إلى مادويكي    14 شهيدا فلسطينيا جراء قصف الاحتلال رفح وخان يونس والشجاعية بقطاع غزة    الرئيس السيسي يجدد التأكيد على موقف مصر الداعم للمؤسسات الوطنية الليبية    فلومينينسى ينهى رحلة الهلال التاريخية فى كأس العالم للأندية.. ثنائى "الزعيم" يفتح النار على التحكيم.. إنزاجي: كنا نستحق نتيجة أفضل ولن ألوم اللاعبين.. وعملاق البرازيل يواصل تفوقه ضد فرق آسيا ويصعد لنصف النهائي    انطلاق منافسات الرجال بنهائي سلسلة كأس العالم للخماسي الحديث 2025    فلومينينسي يحرم الهلال من 21 مليون دولار    السيطرة على حريق داخل مصنع غزل ونسيج بالعاشر من رمضان    نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. الإعلان خلال أيام بعد انتهاء تجميع الدرجات    العظمى على القاهرة فى الظل 36 درجة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة    أميرة مختار: ذكرى وفاة رجاء الجداوى يوم لنجاحها ووصولها لقلوب الناس    كاريكاتير اليوم السابع يحتفى بانطلاق مهرجان العلمين الجديدة    الجار قبل الدار    الصحة: مشاركة 10 كوادر طبية من الوزارة في برامج تدريبية بالصين    اكتشف 10 فوائد مذهلة لطبق العاشوراء: صحة ولذة في طبق واحد    الصحة: زراعة 12 صماما رئويا بالقسطرة التداخلية العلاجية مجانا بمعهد القلب    أبرزها الفساد.. وزيرة التنمية المحلية تؤكد حل 98.5% من الشكاوى الواردة إلى مبادرة صوتك مسموع    البابا تواضروس يكشف عن لقاء "مخيف" مع مرسي وسر تصريحاته "الخطيرة" في 2013    هل حضر الزعيم عادل إمام حفل زفاف حفيده؟ (صورة)    غدا.. حفل ختام الدورة 47 من المهرجان الختامي لفرق الأقاليم على مسرح السامر    «كارثة في تكساس الأمريكية».. 24 قتيلاً ومئات المفقودين في فيضانات غير مسبوقة (صور)    رئيس الوزراء يتوجه إلى البرازيل للمشاركة في النسخة ال17 لقمة مجموعة «بريكس»    البلطي ب80 جنيهًا.. أسعار السمك والمأكولات البحرية في أسواق الإسكندرية اليوم 5 يوليو 2025    بينهم 10 أطفال.. إصابة 15 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي بالمنيا    انخفاض الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    حلمي طولان: شيكابالا من أيقونات الزمالك على مدار التاريخ    الصين: الحرب لن تحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني    مسيرات روسية تقصف مناطق مختلفة بأوكرانيا    في هذا الموعد.. نجوى كريم تحيي حفلًا غنائيًا في عمان    عبدالله السعيد يهنئ أبنة بهذه المناسبة (صور)    تفاصيل تعديلات قانون أعضاء المهن الطبية قبل مناقشته بالنواب.. إدراج أخصائي تكنولوجيا العلوم الصحية.. وضم خريجي هذه الكليات    أمين الفتوى: يوم عاشوراء نفحة ربانية.. وصيامه يكفر ذنوب عام كامل    علاء مبارك يعلق علي دعوة إثيوبيا لمصر بحضور حفل افتتاح سد النهضة    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما بخلية التجمع الإرهابية    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    فكهاني يذبح زوجته لشكه في سلوكها بالطالبية    جثة فتاة دون رأس داخل جوال تثير الزعر بأبو النمرس    لويس إنريكي: لا نفكر في الانتقام من بايرن ميونيخ بكأس العالم للأندية    وائل القباني: جون إدوارد يتبع سياسة خاطئة في الزمالك.. وهو سبب رحيلي    رمزي وحلمي وملك وجو.. نجوم الكوميديا الرقمية    بعد مكاسب تتجاوز 60 دولار.. ننشر اسعار الذهب في بداية اليوم السبت 5 يوليو    تشيلسي يتقدم على بالميراس بهدف بالمر في شوط أول مثير بمونديال الأندية    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    الفئات المعفاة من المصروفات الدراسية 2026.. التفاصيل الكاملة للطلاب المستحقين والشروط المطلوبة    «إيه كمية التطبيل ده!».. رسائل نارية من أحمد حسن بسبب مدحت شلبي    حزب العدل يصدر بيانا بشأن مشاركته بانتخابات مجلس الشيوخ    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    في زيارة رسمية.. البابا ثيودوروس بمدينة كاستوريا باليونان    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    محافظ المنيا: "القومي للمرأة يعزز مكانة المرأة في التنمية ويخدم آلاف المستفيدات بمبادرات نوعية"    البطريرك ساكو يستقبل النائب الفرنسي Aurelien Pradié    «الحيطة المايلة» في الجسم.. خبير تغذية يكشف خطأ نرتكبه يوميًا يرهق الكبد    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورك الجسد التونسي المحترق / فؤاد وجاني
نشر في محيط يوم 14 - 01 - 2011

بورك الجسد التونسي المحترق


* فؤاد وجاني

قال الحكيم سقراط ومافتئ يقول: لاشيء قبل العدل. والعدلُ عندنا اسم من أسماء الله الحسنى. وقد حرم الله الظلم على نفسه وجعل العدل أساس الملك والرعاية.

ولنا في الفاروق عمر بن الخطاب مقياس عدل نحكم به على الحاكم، ألا وهو القائل: "لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة، لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة"، ألا وهو الخليفة الخاطب في الناس وعليه رداء فيه اثنتا عشرة رقعة.

ولنا في منهج الإمام علي بن أبي طالب نبراس الثورة على الظلم: "عجبت لمن لا يجد قوت عياله أن لا يشهر سيفه أمام الناس".

ولنا في ثورة الحسين وهج ساطع ينير ظلام الحكم الظالم: " لا بَيعةَ لِيَزيد، شارب الخُمور، وقاتِل النَّفس المحرَّمة"، وفصلٌ فاصلٌ يخيِّرُنا من يحكم ومن لايحكم فينا، فإمَّا الحكم بما شرع الله وإلا استقر الذُّلُّ فينا: "هَيْهَات مِنَّا الذِّلَّة، يَأبى اللهُ لَنا ذَلكَ وَرَسولُهُ والمؤمنون".

ذاك زمان السؤدد قد ولى في أمة قد خلت، العدل أو السيف في حديه، لاثالث لهما. لايُؤَلَّه فيه إنسان سيداً كانَ أم مسوداً. الناس فيه يفِرون من مناصب السيادة إلى أركان العبادة خشية السؤال يوم الحساب.

وإني لأعجب من أناس يفاخرون بثورة الخبز الفرنسية، ونحن أمة لاتحيا بالخبز وحده. فمتى جاعت الشعوب لجوعِها ثأرتْ، وعلى الخوف تمردتْ، وكأنما القمحَ والشعيرَ دون الله عبدتْ.

ومتى توَفّر لها ذلكم، العيشَ المريءَ المريعَ استمرأتْ، والعدلَ الواجبَ المستقيم تناستْ. ولطالما نجحت ثورات خُبْزٍ، فظالماً آخرَ على سُدَّةِ عرش الحكم نصَّبتْ، وجوراً أشَدَّ من سالفِ الجور على رقاب الناس سَلَّطتْ.

وَرُبَّ جسد احترق في تونس الخضراء، في زمن أصمَّ الناس فيه آذانهم عن الصياح، وأخرسوا لسانهم عن شهادة الحق، وأجبنوا قلوبهم عن درب الشجاعة، وإني لطالما عذرت الحجاج وبن علي ومن نحا نحوهما وهم كثير منذ وُلْد آدم الأُوَّلِ إلى الأُخر لِما رأيته في الناس عن اتباع الحق من تقاعس.

تلكم اليوم أجراس الحرية في تونس الحقة ترن مدويةً بالنهوض من هوان الاستراحة، تلكم طبول الحرب تُقرع في تونس الكرامة على ذلة الاستكانة ، تلكم قضية الإنسان الأولى والأخرى عليها نفسُه جُبلت وعليها تموت وبها تحيا دون المهانة.

وقد تنجح ثورة تونس فتتحرر، وقد تخفق فيصمد بن علي والقائمون معه، وقد تأتي بظالم آخر قد غرف من مستنقعات الجور فيستبد بالبلاد والعباد.

والميزان في ذلكم اتخاذ العدل شريعة واعتبار القسط منهاجا، فليست هنالك حرية مطلقة، أو ثورة من أجل الثورة، أو إسقاط نظام من أجل شخص أو شريحة ما، أو تغيير حكم من أجل استفراد طبقة بالحكم.

لقد أحرق تونسي جسمه ليختزل كل المعاني في شعلة، وكأنه يقول لنا إن الأرواح التي لا تتمتع بالحرية لاتستحق سوى النار، نسأل الله أنها كانت بردا وسلاما عليه، وذلك أبلغ مما خطته كل الأنامل وعقلته عقول كل الفلاسفة في شأن الحرية.

وقد حاول الداهية بن علي سحب البساط من تحت أقدام الثورة واعدا الثوار برغد المستقبل ووفرة الشغل تخديرا لصحوة الضمائر أحيانا، واصفا إياهم بالإرهابيين والعصابات الملثمة والمشاغبين وبالمأجورين المناوئين للتقدم أحيانا.

ملصقا تهمة الثورة بكيد أطراف خارجية أخرى، مستنجدا بالقذافي وبرجال الأعمال أخيرا، مستهلا قبل هذه النعوت وتلك خطابه ب"ايها المواطنون، أيتها المواطنات"، كالتائه بين خضم ماحدث ومايحدث.

لقد كشف خطابه المتخبط الأخير عن أيامه المعدودة على عرش تونس، وعن محاولات يائسة تريد لمَّ كيْل قد طفح، كمن يلقي خطابا وسط الطوفان بدل الفرار بجلده.

هذه تونس تمطر غيثا من شباب ورجال، تنثر وردا من شابات ونساء، هذه تونس تثبت أن الأرض خضراء خصبة رغم سنوات التجفيف والإعدام للناس والتراث والأخلاق والدين.

احصد يابن علي مازرعته أياديكم المستبدة ضد من حسبتموه شعبا مقصوص الجناح.

إنها لعنة سجناء الرأي الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، إنه أذان المآذن الذي منعتموه يخترق آذانكم، إنها الشُّعُر والأفخاذ التي عريتموها تلاحقكم لتعريكم.

إنها هوية أحفاد طارق بن زياد التي طمستموها جاءت لتحاسبكم، إنها قناديل العقول التي أخمدتموها تلتهب نارا لتحرقكم، إنها سياط التعذيب التي جلدتم بها خيرة الناس تئن لضربكم.

إنها مقدمة ابن خلدون تُسطَّر لتؤرخ خوارَكم، هاهم قد أتوا من كل حدب وصوب حبا في العدل وأهله، من سيدي بوزيد إلى المزيد، يرثون المظلوم ويبغضون الجور وذويه.

لن ينفعكم تجنيد الإعلام المرئي والمسموع الكاذب، ولن يفرق رصاص جندكم صفَّ الثوار المرصوص، ولن يخيف جلادوكم جِلْدَهم الجلَدَ، ولن يغررهم زيف وعودكم بالغد المشرق الخادع.

لقد جاءكم أمر الله وليس لأمر الله من راد سواه، فهؤلاء قوم يفضلون الموت واقفين بدل العيش لأمثالكم راكعين، واليوم معركة وغدا المستقبل لهم.

وقد تذري الرياح بركة رماد الجسد المحترق شرقا، وقد تذروه غربا، فاحذر الظلم يامن بات جالسا على مقاعدَ قد صنعت لأهل العدل.



*كاتب تونسي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.