لا نستطيع ان نقف كمثقفين أمام اي عملية إرهابية موقف المشاهدين سواء في العراق أو مصر او اي دولة عربية او حتي الولاياتالمتحدة او أفغانستان او اي دولة في العالم او تقع علي الكرة الأرضية ، بل ندينها بشدة ونستنكرها مع الاحداث المماثلة.
مثل أحداث كنيسة سيدة النجاة في العراق والتي حدثت في نوفمبر 2010 و التفجيرات التي تحدث بصورة شبه يومية في العراق ، وأفغانستان وباكستان وهي الدول التي للقوات الامريكية وجود فيها كقوات احتلال تمارس الارهاب يوميا ضد المدنيين .
إن أحداث كنيسة القديسين في جمهورية مصر العربية الذي تزامن مع انتهاء 2010 ليس للمسلمين اي دخل به بل إن المسلمين أول من يدينون تلك الأحداث .
فالأقباط هم شركاء الوطن مهما اختلفنا معهم في العقيدة والاتجاهات الدينية ، وفي مصنف البخاري ان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قال: ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً ).
فالإرهاب بعيد كل البعد عن الفهم الصحيح للإسلام وفي مصر كل المصريين لهم حقوق يطالبون بها سواء كانوا مسلمين ومسيحيين وهناك فعلا تقصير من الحكومة وتهاون سياسي.
لكن حله لا يأتي بالعنف علي الإطلاق بل يأتي الحل بإصدار قوانين يتم احترامها وتنفيذها من منطلق مبدأ المواطنة الذي يؤكد علي أن الكل سواء أمام القانون.
ولن أؤيد نظرية ان المسلمين يقومون بالنفاق امام المسيحيين او ان المسيحيين يقومون بالنفاق امام المسلمين من اجل رسم صورة إعلامية تعبر عن مدي المواطنة والتعايش بينهما.
انها فعلا صورة صحيحة للتعايش القائم بيننا وصديقي جون من اعز أصدقائي كمصري وإنسان في المقام الأول واختلف معه في العقيدة ويختلف معي في عقيدته .
لكننا نتشارك في العمل وفي الدراسة وفي وسائل المواصلات وفي حياتنا اليومية دون اي صدام لكن الجاهلين هم من يسعون الي إشعال فتن بيننا يوميا او من يستفيدون من وراء تلك الفتن .
اجل ان العديد من اعداء مصر والعالم العربي يفرحون كل الفرح عندما يرون النار مشتعلة في صفوف المواطنين العرب المسلمين والمسيحيين ، ففي العراق تري الشركات الأمنية الأمريكية تقتل وتسرق وتنهب والولاياتالمتحدة تمكنت من تدمير الحياة العراقية بالكامل وتسرق النفط العراقي دون اي رادع .
وفضائح شركة بلاك ووتر خير دليل علي ما يحدث في مخططات الولاياتالمتحدة بالتالي تدخل العديد من العناصر الفاسدة مثل عناصر الموساد او عناصر الحرس الثوري او غيرها من العناصر لتقوم بتجنيد عملاء لها او تنفيذ العمليات بأنفسهم ويرتدون ملابس المسلمين لإلصاق تلك الجرائم بهم فتجدهم يطلقون اللحي ويرتدون والجلابيب القصيرة
وفجأة تبدأ العمليات الإرهابية في التنفيذ وتهرع وسائل الإعلام لتكون العناوين الرئيسية فيها ( جماعات إسلامية وراء المذابح ضد المسيحيين في الشرق الأوسط) .
ومن هنا يترسخ لدي ذهن المشاهد ان المسلمين يقومون بالأعمال الإرهابية طبقا لما جاء به دينهم لكنها بالطبع مؤامرة لها أطراف خططت ودبرت تدبيرا.
وحتى يكون الحديث أكثر منطقية فالسيارات المتفجرة والملغومة تحتاج الي تكاليف باهظة وتخطيط امني علي مستوي عال من اجل تنفيذها في وقت معين وزمان معين لتعطي رسائل سياسية معينة .
فمن دبر السيارة المفخخة في كنيسة الإسكندرية ينبغي أن تكون وراءه منظومة لها باع في العمليات التفجيرية ولها أهداف سياسية وهي اختراق الأمن المصري وبث الفتن بها لتتحول مثل العراق .
وهنا مرتع خصب للجهات الخارجية التي كانت تحتل مصر فيما سبق ولا تتمني لها الخير علي الإطلاق وغيرها من الجهات التي لها أجندات إيديولوجية شكك فيها الكثير من العلماء ، ويسعون إلي جعل مصر مخترقة من الناحية الأمنية حتي يتثني لهم تدريجيا تنفيذ مخططهم .
فمع اقتراب موعد الاستفتاء علي تقسيم السودان الشقيق في التاسع من يناير 2011 وارتماء الحركة الشعبية لتحرير السودان في أحضان الغرب وإسرائيل ، اخذ العدو الأول لمصر" إسرائيل " يهتم اهتماما كاملا بتلك المنطقة التي تعتبر حدا استراتيجيا للأمن القومي المصري.
فقامت ببث الفتن داخل دول حوض النيل بالكامل حتي نتج عنها اتفاقية عنتيبي ، وبدأت تقوم بمصادقة اثيوبيا لضرب علاقاتها الطيبة بمصر بينها وبين تلك الدول وهذا هو الخط الاول من المخطط .
اما الجزء الثاني من المخطط فهو إثارة الفتن الداخلية وتمويل كل من ليس له عقل ليقوم بالعديد من العمليات التفجيرية والإرهابية وإلصاقها من خلال بعض وسائل الإعلام المأجورة للإسلام والمسلمين .
فمثلا ما تسمي ( بدولة العراق الإسلامية ) ان كان فعلا تنظيما يدعو الي الإسلام فعليه مقاومة المحتل الاجنبي الذي يحتل دولته العراق ولا يهدد مسيحيي مصر .
ودعونا ننظر - حسب الرواية الإعلامية لحادثة الإسكندرية - ان من قاموا بها يهدفون إلي دفع المسيحيين المصريين لصب غضبهم ضد اي مسلم او مسجد يلتقوا به وبالتالي تنشأ الفتنة الطائفية المرجوة من الجهات الخارجية لكي تجد امريكا المبرر لتصدر هي وحلفائها من الناتو بيانات تدين مستوي حريات المسيحيين في مصر.
وتدريجيا تترسخ الصورة الذهنية للعالم ان مصر تقوم بظلم الأقباط والتضييق عليهم لفتح باب التدخل الأمريكي في مصر بحجة حماية الأقباط وتكرار سيناريو غزو العراق وافغانستان لخدمة المصالح الصهيوأمريكية .
وبالطبع الاقباط ليسوا مضطهدين كما يزعم اقباط المهجر الذين باعوا انفسهم لامريكا واسرائيل ويستعجلون الاحتلال الامريكي لمصر، والدليل هو أن المصريين كلهم مسلمين ومسيحيين يعانون من انتهاك حقوقهم من جانب الحزب الحاكم لكنهم قادرون علي معالجة هذا الامر بعيدا عن التدخلات الخارجية .
فما دام هناك قضاة وقوي سياسية وشعبية تسعي الي تحويل مصر الي دولة سيادة القانون لا يمكن ان نتوقع بأن الأمور ستسوء ، ومع تعمد تكرار تلك الأعمال الإرهابية واستهداف المسيحيين يكتمل المخطط علي يد المحافظين الجدد بزعامة ( جورج بوش الابن ).
ليطالبوا بتحرير مصر من ايدي الظالمين لتكون حربا صليبية جديدة ليتكرر سيناريو العراق وأفغانستان في مصر والهدف واضح جدا هو الهيمنة علي مصر وتفتيتها هي وباقي دول المنطقة لصالح المشروع الصهيوامريكي .
اجل من الممكن ان تحدث خلافات وتناقضات في وجهات النظر بين الأسرة الواحدة فهذا معتاد جدا لكن لا ترقي الي الارهاب والقتل وذبح الأبرياء .
لذا علي الحكومة المصرية الاهتمام بجميع كنائس مصر وتشديد الحماية الامنية عليها من اجل الحفاظ عليها من ايدي ومخططات العابثين ، وعلينا كمجتمع مراعاة الله فنحن كلنا في مركب واحد.
والقنابل الخارجية اذا ضربت مصر لن تفرق بين مسيحي او مسلم كما حدث ابان فترة الاحتلال الانجليزي وابان فترة العدوان الثلاثي علي مصر وإبان فترة احتلال سيناء .
وفي الختام ادعوا الشباب المسلم والمسيحي في مصر ان يكونوا يدا واحدة ضد كل من يسعي الي تدمير وحدتنا وان نعالج مشاكلنا الداخلية بأيدينا ولا نبالغ في إشعال الفتنة التي يسعي الغرب الي زيادتها اشتعالا من اجل مكاسب سياسية ولا تنسوا ان مصرنا الحبيبة مستهدفة .