جامعة القاهرة: استكمال صرف جميع مكافآت النشر الدولي في مختلف التخصصات العلمية    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    الزراعة: تمويل مشروع «البتلو» تجاوز 10 مليارات جنيه    استرداد قطع أثرية.. أبرز جهود وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    فتح باب التسجيل في هاكاثون NeuroNexus للذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء    إعدام 2 طن مواد غذائية غير صالحة وتحرير 161 محضراً في حملات تفتيشية بالشرقية    وزير الري يتابع حالة منظومة الصرف الزراعي وأعمال وأنشطة هيئة الصرف    اليوم.. حلفاء كييف يناقشون خطة ترامب لاتفاق سلام في أوكرانيا    الجيش اللبناني ينفي خرق قواته الجوية للأجواء السورية    صراع من أجل البقاء.. مأساة الفاشر بين الحصار والمجاعة والموت عطشًا    باريس سان جيرمان يبدأ مشواره في الدوري الفرنسي أمام نانت «مصطفى محمد»    برينتفورد يعلن التعاقد مع دانجو واتارا    منتخب الناشئين يواجه أيسلندا في بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    محافظ أسيوط يوجه بتقديم الرعاية والدعم لمصابي حادث انقلاب أتوبيس على الصحراوي    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    قصة إنسانية لا تنسى.. عمرو محمود ياسين ينعي «تيمور» بمشهد وفاته لإنقاذ ابنه    روسيا تؤيد مرشح مصر في منصب المدير العام الجديد لليونسكو (تفاصيل)    «الصحة»: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 49.3 مليون خدمة طبية مجانية    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة النيابة الإدارية | صور    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للثانوية العامة والكليات المتاحة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    شبكة بريطانية : محمد صلاح لاعب استثنائي وتألقه مع ليفربول فاق كل التوقعات    «صحة الحيوان» ينظم برنامجا تدريبيا لطلاب «الطب البيطري» في جامعة الملك سلمان    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    وفاة ابن شقيق أروى جودة بعد أيام من إصابته في حادث دراجة نارية    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    بوليفيا تجري انتخابات عامة والتضخم يتصدر المشهد السياسي    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    مصر تحصد ذهبية تتابع المختلط في بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 سنة    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان مادة اللغة الثانية دور ثان.. فيديو    «أمن المنافذ»: ضبط قضيتي تهريب بضائع وتنفيذ 250 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    بحضور شقيقه.. أحمد سعد يتألق بحفله الثاني في مهرجان "ليالي مراسي"    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    "لا يصلح".. نجم الأهلي السابق يكشف خطأ الزمالك في استخدام ناصر ماهر    فتنة إسرائيلية    إصلاح الإعلام    الزمالك يعود للتدريبات الاثنين استعدادًا لمواجهة مودرن سبورت    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    "زيزر صنع فارق وتريزيجيه لم يقدم المنتظر"..نجم الزمالك السابق يعلق على أداء الأهلي ضد فاركو    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    عمرو حسن: وسائل منع الحمل متوفرة فى الوحدات الصحية مجانا وآمنة وفعالة    خطأ أمريكي هدد سلامة ترامب وبوتين خلال لقائهما.. ماذا حدث؟    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عفوا المجانين ليسوا فى نعيم / م. عبد المعطي زكي
نشر في محيط يوم 28 - 12 - 2010


عفوا المجانين ليسوا فى نعيم


* م .عبد المعطي زكي
المهندس عبد المعطي زكي

محاولة إزالة مستشفى الأمراض النفسية فى العباسية وتحويلها إلى منطقة استثمارية ونقل المرضى المساكين إلى مبنى جديد بمدينة بدر عمل إجرامى يتنافى مع أبسط مواثيق حقوق الإنسان ونبدأ القصة من البداية :

1 كعادة حكوماتنا غير الرشيدة فإنها تبدأ أعمالها الإجرامية بإطلاق بالونات اختبار لقياس رد الفعل وعلى أساسها تتوقف أو تستمر فى جريمتها الجديدة .

والجريمة هذه المرة هى فى حق فئة من الفئات الضعيفة وهى التى يشعر جميع المصريين بالتعاطف معها وهى فئة المرضى النفسيين والقصص التى نسمعها عن هذه الفئة المسكينة، وما أكثرها, تجعل البسمة تختفى من على الشفاه، وتصيب الإنسان بشجون وهموم لا يفيق منها بسهولة .

فكثير منهم فقراء ومنهم كثيرون تركهم ذووهم وهم يقيمون فى المستشفى من سنين طويلة حتى يحين الأجل والموت فى حقهم راحة كبيرة فرارا من ظلم الأهل ومعاناة الغربة ومرارة الوحشة والنسيان .

2 أكد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أن إرهاصات بيع المستشفى بدأت بإزالة الحكومة لأسرة المستشفى وتحويل جزء من مساحته لحديقة العروبة ومحاولة إقامة جراج حاليا على مساحة أخرى .

والأمر المثير للإعجاب أن نظم مئات من العاملين بالمستشفى بمشاركة المرضى النفسيين وذويهم وقفة احتجاجية صباح الأحد أمام مبنى العيادات الخارجية بالمستشفى للتنديد بمحاولة وزارة الصحة نقل المستشفى إلى مدينة بدر والتى تبعد عن القاهرة حوالى 30 كم مع عدم وجودها على خطوط مواصلات جيدة كما الحال مع مستشفى العباسية.

3 أعلن الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية العالمية للطب النفسى أن الأطباء النفسيين سيتصدون بكل قوة وحزم للأمر وقال عكاشة إذا لزم الأمر نقل المستشفى للإستفادة بمساحته فالأولى نقل معهد القلب بإمبابة وليس مستشفى العباسية.

والدكتور عكاشة هو صاحب التعليق الشهير عن تزايد المصابين بالاكتئاب بين المصريين وليس هذا بغريب فى عهد هذا النظام الجائر الذى يستحق عن جدارة لقب الحزن الوطنى.

4 هذا الإجراء الجائر أتوقع أن يفجر غضب كثير من المصريين والذين فاض بهم الكيل بما يرتكبه هذا النظام الجائر من مظالم حتى لم تنجُ من ظلمه تلك الفئة الضعيفة والتى اجتمع على الكثير منهم محنة الفقر والمرض ومفارقة الأهل والأحباب فلا حول ولا قوة إلا بالله.

تلك الفئة التى نحى بسببها المولى عزوجل عن الكثير منهم أمانة التكليف رحمة بهم فجاء هذا القرار غير المسئول غير الرحيم ليضيف عذابات جديدة إليهم وليحمل أهاليهم مشاقا جديدة تضاف إلى معاناتهم عند كل زيارة لهم.

والمعروف أن المبتلين من المرضى النفسيين يدخلهم المولى عزوجل جنته دون حساب رحمة بهم لسقوط أمانة التكليف عنهم فقارن ياأخى بين رحمة الخالق عزوجل وغلظة وقسوة المخلوق.

5 ولا أعرف لماذا ذكرتنى هذه الواقعة الحزينة بفناننا الراحل إسماعيل ياسين والذى كان ظهوره أمام الناس حتى دون أن يتكلم يطلق الضحكات ويبعث السرور فى النفوس وللراحل فيلم شهير اسمه المجانين فى نعيم عن رجل طيب ظلم وأدخل مستشفى المرضى النفسيين ظلما ( كانت تسمى فيما مضى مستشفى المجانين ).

وتمكن الرجل بعد معاناة من التأقلم مع وضعه الجديد حتى أنه أحب هؤلاء المرضى الذين يعيشون خارج عالمنا الواقعى وأدرك كم هم طيبون ومسالمون كالأطفال حتى إنه لم يعد يرغب فى الخروج ومن هنا كان اسم الفيلم (المجانين فى نعيم ) .

ولكن المؤلم أن هؤلاء المساكين فى العهد المشئوم للحزن الوطنى زادت معاناتهم فالنظام يريد أن يبيع الأرض أو يستثمرها أو بمعنى أدق يسرقها وينهب عائد البيع كما حدث فى كثير من المشاريع التى بيعت بتراب الفلوس نظير عمولات مشبوهة .

دون أى اعتبار لمصلحة الوطن أو المواطن وأخشى أن أصحو يوما وأفاجأ مع غيرى من المصريين الغلابة أن ارحلوا عن البلد فقد اكتمل البيع ولم يعد للمصريين مكان فى مصرهم فلا حول ولا قوة إلا بالله.

6 المؤلم فى الأمر أن الموقع الجديد المتطرف بعيد ومعزول بينما الموقع الحالى قريب وعلى خطوط مواصلات لا تنقطع أفلا يدرك أهل الحكم الذين خلت قلوبهم من الرحمة وصدأت نفوسهم من القسوة ورانت ذنوبهم على قلوبهم حتى أعمت بصائرهم فلم يعودوا يشعرون بمعاناة هؤلاء المساكين .

وكيف يشعرون وهم قد نسوا تماما الأحياء وهؤلاء فى نظرهم أموات لا يجوز أن تحتجز من أجلهم تلك المنطقة الغالية التى تساوى المليارات.

نعم تساوى ولكن إلى جيوبهم التى امتلأت بالمال الحرام الذى نهبوه من عرق الغلابة ومعاناتهم فليأخذوا الأرض وليقيموا المشاريع وليزداد هؤلاء المساكين عزلة وبعدا فهم فى نظرهم أموات.

فهل أدركت ياعزيزى القارئ لماذا عنونت هذا المقال بهذا العنوان ( عفوا ليس المجانين فى نعيم ) مع أعتذار لإخواننا المبتلين فهم أفضل عند الله من كثير منا.

ويكفى أن المولى عزوجل أسقط عن الكثير منهم أمانة التكليف رحمة بهم ويوم القيامة يدخلون الجنة فى أبهى صورة دون معاناة أو محاباة فسيكونون فى ضيافة الكريم الذى لا يظلم عنده أحد عندئذ تذوب عذابات الدنيا ويحمدون من عظم الأجر ما ابتلوا به فى الحياة الدنيا.

7 لا أجد ختاما لهذا المقال إلا أن أذكر الرئيس مبارك بوصفه رئيس كل المصريين كما يقول هو دائما وهو الرجل الذى سيسأله الله عزوجل عن معاناة كل المصريين فلعل كلماتى الحزينة تصل إليه فيوقف هؤلاء الزبانية عن أذى المصريين الذين فاض بهم الكيل حتى اختفت البسمة من الوجوه وانتشر الاكتئاب وضاع الولاء للوطن الجريح.

أقولها وأنا صادق لا أخشى إلا الله إحم شعبك ياسيادة الرئيس وتفقد حاله بنفسك لأن الله سيحاسبك أنت فكن لكل المصريين الأب والأخ والصديق والعائل وأقولها ثانية انقذ سفينة الوطن ياسيادة الرئيس فقد أوشكت على الغرق وأدعو الله عزوجل أن يحميك من بطانة السوء ويعينك على تحمل مسئوليتك وأنت الرجل الشيخ الذى جاوز الثمانين.

والرسول عليه الصلاة والسلام يقول ( إن من إجلال الله إكرام ذى الشيبة المسلم ) وأنا لذلك لا أسمح لنفسى أن أتجاوز فى حقك مع إنى أختلف معك ولكن حقك على كرئيس لهذه الدولة المسلمة مصر أن أخاطبك بكل التوقير والاحترام وأقدم لك النصيحة وهى التى أملكها .

وأدعو الله أن يحميك من بطانة السوء فتعود فتحس بمعاناة أهلك وشعبك فتحق الحق وتنشر العدل وتحقق الكفاية لشعبك الذى أعيا الغالبية منه الفقر والمرض إلى الحد الذى جعل الكثيرين منه يتمنون الرحيل عن هذه الدنيا .

ولقد سمعت بأذنى عجوزا فى برنامج عمرو الليثى ( واحد من الناس ) تسكن فى إحدى المناطق العشوائية تقول عندما سألها عما تريد أتعرف ياسيادة الرئيس ماذا قالت قالت ( عايزة أموت) ولما سألها فى لوعة لماذا ياأمى قالت: (عايزة أرتاح وأريح اللى حوالىّ) فكيف تتصور ياسيادة الرئيس حياة إنسان يطلب الموت؟

سيادة الرئيس إن نخبة الحكم حولت حياة الناس فى مصر إلى جحيم فهل حان الوقت لوقف هذه المعاناة وبداية عهد جديد فيه تراضٍ بين الحاكم والمحكوم أظن أن مصر تستحق منك ذلك وأكثر من ذلك.

والله من وراء القصد وهو الهادى لسواء السبيل.




*كاتب ومفكر مصري
جريدة الوفد
27/12/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.