كيف نقرأ أفكار ليفني وباراك ونتنياهو....؟ د. صالح لافي المعايطة عاشت دولة إسرائيل لأكثر من 50 عاماً على أن هناك حزبين رئيسيين يرسمان السياسة الخارجية والداخلية فيها، هما حزب العمل وحزب الليكود، ولكن في نهاية عام 2005 ظهر حزب جديد بزعامة شارون اسمه حزب ''كاديما'' الذي قاده شارون لمدة 45 يوماً، بعدها سقط في غيبوبة حتى يومنا هذا، وتولى أولمرت قيادة الحزب من ذلك الوقت ولغاية 2008، والآن تقوده ليفني والمكلفة بتشكيل حكومة جديدة والتي تحاول أن تبقي الإئتلاف كما هو خوفاً من إنتخابات مبكرة. سأحاول تسليط الأضواء على أفكار وخرائط التسوية من خلال زعماء الأحزاب الثلاثة ليفني رئيسة حزب كاديما ''يمين الوسط''، باراك رئيس حزب العمال، ونتنياهو رئيس حزب الليكود ''اليمين المتطرف''. وكل من الثلاثة يسعى ويطمح بأن يشكل الحكومة القادمة او يكون فاعلاً في الإئتلاف الحاكم مع تركيز نتنياهو على إجراء انتخابات نيابية مبكرة ويسعى لخلط الأوراق على الساحة السياسية. أعود إلى الوراء بعض الشئ حول ما صرح به الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي غور ايلاند لصحيفة هآرتس الإسرائيلية في أواخر شهر حزيران 2006، وكشف عن خطة بديلة لخطة الإنسحاب الأحادي الجانب من الضفة الغربية والتي يُطلق عليها إسرائيلياً ''خطة التجميع''، حيث عارض الجنرال غور الإنسحاب الأحادي الجانب من الضفة الغربية. والخطة البديلة تعتمد على تبادل الأراضي بين كل من مصر وإسرائيل والأردن بغية ضم أراض إلى السلطة الفلسطينية لإقامة دولة مستقرة على حد تعبيره، حيث تتضمن الخطة إضافة 600 كم2 إلى قطاع غزة من شمال سيناء، ومن الممكن بناء ميناء جوي ومطار دولي في تلك المنطقة، وإعطاء إسرائيل 600 كم2 من مساحة الضفة الغربية لتأمين حدود آمنة لها، كما تنص الخطة على نقل مساحة 100 كم2 من الأردن إلى الفلسطينيين لتكون المساحة التي تقع تحت سيطرة الفلسطينيين 105% من المساحة التي يطالبون بها. هذا الكلام يعيد إلى الأذهان عبثية العملية السلمية وإطالة الوقت من أجل قتل مشروع الدولة الفلسطينية، حيث ترفض الدولة اليهودية أن يكون إلى جانبها دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال لأن اليهود لا يزالون يعملون بمقولة هيرتزل الذي قال يوماً: ''إننا سننشئ دولة تدمر كل شئ ليس يهودياً''، وكذلك مقولة بن غوريون في بداية الخمسينات حين قال: ''يوجد للمواطنين العرب حقوق في البلاد وليس على البلاد، وهذا يعني بكل وضوح أن الحقوق القومية على الدولة هي حقوق يهودية وأن صاحب السيادة يمنح الحقوق لمن ليس صاحب سيادة، وهذا يعني أن مفهوم المساواة غير ممكن لأن مفهوم الحقوق معطوب أصلاً''. أما ما طرحه أولمرت على الفلسطينيين مؤخراً قبل رحيله فهو في خارطته وأفكاره الجديدة يستثني منطقة القدس الكبرى بإعتبارها من أراضي دولة إسرائيل والتي تمتد من تخوم مدينة رام الله إلى تخوم منطقة بيت لحم، وهذا ما يرفضه الفلسطينيون جملة وتفصيلاً. كما يقترح أولمرت أن يتم ضم الكتل الإستيطانية إلى إسرائيل وأن يتم توسعتها أفقياً لتحقيق التواصل مع كل كتلة إستيطانية. أما بالنسبة لحل مشكلة ترابط وتواصل أراضي الدولة الفلسطينية فيجب البحث في بناء سلسلة من الجسور والأنفاق. أما اليوم ونحن أمام ليفني وباراك ونتنياهو نطرح السؤال التالي هل القيادة الإسرائيلية أصبحت اكثر جاهزية للتعاطي مع القضايا والحقوق الفلسطينية والعربية في الجولان ولبنان، أم لا زالت القواسم المشتركة والإملاءات، وهل نقرأ اليوم أفكار وخرائط أولمرت وليفني أو موفاز وباراك ونتنياهو بصورة مختلفة عن قراءتنا لهيرتزل وبن غوريون وبيغن ورابين وشامير....؟ وهل هناك قراءات مختلفة للأحزاب الإسرائيلية الرئيسية لمستقبل إسرائيل...؟ أعتقد أن هناك إجماعا لدى الساسة والقادة وأصحاب الفكر والنخب التي خططت لإسرائيل لغاية 2020 و2040 و2060 على ما يلي:. لا تنازل عن القدس ولا عودة للاجئين، وتكريس السيطرة الإستراتيجية الإسرائيلية على كامل المنطقة الواقعة بين البحر والنهر. إرساء وفرض المحددات الجغرافية والسياسية لإتفاق إنتقالي طويل الأمد حمله شارون منذ سنوات طويلة وستواصله من بعده ليفني وباراك ونتنياهو. محاصرة الشعب الفلسطيني في فلسطين وفصلهم خارجياً بإنتزاعهم من جسمهم العربي وفصلهم داخلياً من خلال الجدران العازلة والأنفاق وتقطيع أوصال الضفة بواسطة الكتل الإستيطانية. ان إسرائيل هي إسرائيل منذ قيامها حتى الآن، لأن الأيديولوجيا والأهداف واضحة ولم تتغير، وإنما الأدوات والوسائل متغيرة حتى ولو بعد ما قال أولمرت: ''أن إسرائيل الكبرى لن تتحقق فهذا ممكن، لكن إسرائيل الكبرى قد تتحقق اقتصادياً وانفتاحاً على العالم من خلال استغلال ضعف وتفكك العالم العربي واستغلال بؤر الصراع في دول الجوار الجغرافي للعالم العربي والاستفادة من عامل الوقت في إدارة المفاوضات وإدارة الأزمات''. عن صحيفة الرأي الاردنية 30/9/2008