إسرائيل.. والتلاعب بثوابت قضية القدس د. أحمد يوسف القرعي تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي في الأسابيع الأخيرة القيام باستكمال عملية تهويد حدود وفضاء القدس التي تريدها قبل انعقاد اجتماع السلام الدولي في نوفمبر المقبل, وذلك في محاولة لفرض أمر واقع اسرائيلي علي مائدة المفاوضات حول ملف القدس الذي أغلقه شارون منذ ست سنوات عجاف, أي منذ توليه الحكم في فبراير2001 وحتي إصابته بالغيبوبة في يناير2006. وحاول أولمرت أن يمضي علي درب شارون بشأن القدس الموحدة كعاصمة لاسرائيل لكن هشاشة حكومته الائتلافية من ناحية والمتغيرات التي طرأت علي المنطقة بصفة عامة من ناحية أخري جعلت أولمرت ينصاع إلي المطلب الأمريكي بإقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية بعاصمة مقدسية مشتركة. ومن هنا وكسبا للوقت يسارع أولمرت حاليا بتحصين وعسكرة خريطة الاستيطان اليهودي في القدسالشرقية قبل انعقاد اجتماع نوفمبر المقبل مشيرا أمام الكنيست إلي أنه قد يتنازل عن السيادة الاسرائيلية علي أحياء في القدسالشرقية قائلا: هل من الضروري ضم مخيم شحفاط والسواحرة والولجة وبلدات. آخري للقول أنها ايضا اجزاء من القدس مع الاعتراف بأن طرح هذه التساؤلات مشروع؟ وبينما يدلي أولمرت بتصريحه الاستفزازي هذا كانت قواته تصادر الأراضي في القدسالشرقية في منطقة( إي1) الواقعة بين القدس ومستوطنة معالية أودميم بهدف بناء احياء استيطانية في القدس وتحقيق تواصل استيطاني اسرائيل في المنطقة بينما يمنع هذا مستقبلا إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي حيث استهدفت اسرائيل أساسا استكمال بناء الجدار العنصري العازل باحتوائه الأراضي التي صادرتها, بهدف الضغط علي المقدسيين العرب للنزوح من وسط المدينة واللجوء الي رام الله كمركز لحياتهم. وهكذا يحقق أولمرت مخططه بتفريغ وسط القدس خارج الجدار من السكان العرب لفرض أمر واقع جديد يمليه الهاجس الأمني الاسرائيلي وهو الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبيرة القريبة من القدس وهي معالية أودميم وغوش عتصيون وآرائيل في عمق الضفة الغربية وذلك بإعادة تجميع المستوطنات المتناثرة في الضفة وانطواء المستوطنين ضمن الكتل الاستيطانية الثلاث الكبري وتتحقق بذلك أغلبية سكانية يهودية داخل القدس لأول مرة في تاريخ المدينة المقدسة منذ آلاف السنين بينما هناك أقلية سكانية مقدسية عربية معزولة داخل جزء صغير من مدينتها التاريخية. وحتي يتحقق هذا المخطط الاستيطاني تواصل اسرائيل التحرش بأبناء المدينة المقدسة من خلال سحب الهويات وتهجير المقدسيين وانتهاج سياسة عنصرية مبرمجة ويشير أحد التقارير الفلسطينية الصادرة في يوليو الماضي إلي أن نسبة المقدسيين الذين تم سحب هوياتهم تجاوزت500% مقارنة مع عام2006 ومقارنة مع اعداد الهويات التي سحبت عام2005 ويؤكد التقرير أن سحب الهويات من المواطنين المقدسيين جاء لأسباب مفتعلة أوجدتها سلطات الاحتلال لتهجير المقدسيين واستكمال تهويد القدس. وتمثل مثل تلك السياسات الاسرائيلية أعلي مراحل التطهير العرقي المنبوذ دوليا. ويحاول أولمرت بهذا المخطط أن يسبق الأحداث ويحقق مافشلت فيه محادثات كامب ديفيد 2 عام2000 حيث يسعي أولمرت إلي توسيع الاحياء ذات الغالبية اليهودية لمواجهة السباق الديموغرافي بين العرب والاسرائيليين ويواكب هذا سعي حكومة أولمرت حاليا إلي نقل جميع الوزارات والمكاتب الحكومية الي المدينةالمحتلة خلال8 سنوات( أي حتي عام2014) ماعدا وزارة الدفاع التي ستبقي في مقرها الحالي في تل أبيب. الي جانب محكمة مركزية في المدينة وانشاء كلية خاصة تعني بربط الشباب اليهودي بالمدينة. وفي هذا السياق تسرع حكومة اسرائيل في اقامة مقار للوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية وتتحمل تكاليف استيطان آلاف الموظفين. هكذا تواصل اسرائيل اتخاذ خطوات سريعة ومتلاحقة تحقق من خلالها عملية ترسيم حدود جديدة بين القدسالغربية( الكبري) علي حساب أراضي القدسالشرقية متجاوزة الخط الاخضر المتعارف عليه دوليا وفقا لحدود1967. وتخطيء اسرائيل كثيرا لو اعتقدت أن مثل تلك الخطوات الاستيطانية التي اتخذتها سوف ينصاع اليها المفاوض الفلسطيني في اجتماع نوفمبر المقبل. ولعل هذا يجعل أولمرت يتهرب من الالتزام بصياغة الوثيقة المشتركة مع ابومازن مدعيا أن هذا ليس شرطا لانعقاد المؤتمر بينما تعلق كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية آمالا كبيرة علي صياغة هذه الوثيقة التي يعطيها الفلسطينيون أهمية متزايدة ويعلنون أنهم لن يحضروا اجتماع نوفمبر دون وجود وثيقة مسبقة تغطي جميع المسائل العالقة وفي مقدمتها حدود الدولة الفلسطينية وبدء الانسحاب الاسرائيلي من الضفة وقضية القدس واللاجئين. عن صحيفة الاهرام المصرية 18/10/2007