لن أتعرض كما قد يعتقد البعض بإيحاء من العنوان لفيلم ناصر 56 الذي قام ببطولته الفنان الراحل أحمد زكي باقتدار وقدم فيه للأجيال التي لم تعش في زمن عبد الناصر صورة زمنية تقريبية محدودة لكنها منصفة في ظل هجمة متواصلة شرسة وحاقدة يلتقي فيها وللمفارقة المخجلة صهيونيون واستعماريون واقطاعيون وانتهازيون واخوانيون وملكيون...الخ ..الخ.. أكتب أنا العبد الفقير ..الفخور بناصريته فخره بفلسطينيته وعروبته..شاء من شاء وأبى من أبى وفي رحاب ذكرى ثورة يوليو التي مر عليها الآن 56 عاما وقد رشقت في طفولتها وصباها بالورود والقصائد والأغنيات ثم رجمت وترجم في كهولتها وفي شخص زعيمها من البعض الموتور بالحجارة والافتراءات والتشويهات كخطيئة..!!
نعم إن ثورة يوليو كانت لمن يدرس ما لها وما عليها في محيطها التاريخي وبموضوعية الباحث .. مذهلة في التوقيت ،عظيمة في أهدافها.. منجزاتها .. أخطائها وخطاياها..شأنها شأن أي ثورة في العصر الحديث يدءا بالثورة الفرنسية ومرورا بالثورة البلشفية والتركية والعراقية ثم الخمينية وانتهاء بثورات الألفية الثالثة الموجهة بالريموت الأمريكي البولندية منها والرومانية و...و......!!
ويجب ألا ننسى أن ما جابهته ثورة "والله زمان يا سلاحي " من عداء منذ البداية لم تجابهه أية ثورة على مر التاريخ خاصة وان العداوات الكثيرة التقت على ضرورة القضاء عليها بالمؤامرات والخيانات والافتراءات فكان الملكيون والإقطاعيون ليذهبوا بذهاب الملك فالبريطانيون الذين انسحبوا رغما باتفاقية الجلاء ثم الاخوانيون الذين تورطوا في حادث المنشية بعد أن فقدوا الأمل في ركوب الثورة بتنحية محمد نجيب فالاسرائيليون الذين صفعوا الثورة ردا على رفضها عرضهم الاستسلامي بالغارة على غزة فالعدوان الثلاثي المندحر ردا على تأميم القناة..!!
لم تتوقف المؤامرات لحظة حتى لالتقاط الانفاس عند شبان عسكر لديهم من الحماسات والطموحات والاندفاعات والتناقضات ما يجعلهم بالقطع في محيط معادي عرضة للصراعات الجانبية وارتكاب الأخطاء والخطايا وأفدحها هزيمة حزيران..!!
ليس دفاعا عن عبد الناصر وثورة يوليو.. بعد 56 عاما فالثورة وحدها تدافع عن نفسها ببدايتها البيضاء مقارنة بثورات وانقلابات دموية.. فرنسبة وبلشفية وعراقية وإيرانية ورومانية.. وأخيرا فلسطينية..!! لقد قالوا فيها وفي عبد الناصر أكثر مما قال مالك في الخمر فمرة اتهموها بأنها انقلاب أمريكي في زي مصري ومرة نعتوا قائدها "رجل الفالوجة "..!!
بخدمة الصهيونية ومرة ثالثة اتهموها واتهموه بالشيوعية.. وهم الذين اثبت التاريخ أنهم إنما يبيعون دينهم ودنياهم لمن يدفع أكثر في سبيل تحقيق أحلام اليقظة التي لا تزال تراودهم..!! بل تجرأوا على الحقيقة الى درجة الوقاحة وادعوا أنهم قادة الثورة الحقيقيون مما أضحك الأطفال على نكتة فاقت كل ما أبدعه اسماعيل ياسين في مستشفى المجانين..!!
لقد أنجزت ثورة عبد الناصر على مدار أقل من عشرين عاما أهدافا قد تبدو للبعض الحاقد قابلة للسفسطة والتشكيك لكنها كالعود في عين الحقود فقد طردت المستعمر والملكية الظالمة وقضت على الإقطاع ببرنامج الإصلاح الزراعي ..!! وأرست مجانية التعليم وقواعد تصنيع الحديد الصلب وساندت الثوراث العربية واخصها الجزائرية واليمنية والفلسطينية مما كلف مصر عداءا ملكيا ..صهيونيا غربيا.. مريرا وسافرا..!!
لقد بنت الثورة السد العالي والله بعلم وحده كيف سيكون حال هبة النيل لولا هذا الانجاز العظيم الذي تحدى فيه عبد الناصر إرادة أمريكا بقبول سلام مفضوح مقابل قرض مطروح..!! في الوقت الذي كانت فيه الملوك المتأسلمة وأتباعها تمجد البيت الأبيض بل وتحرضه..!!
لا يمكن مطلقا لمن لفظت الثورة يداياتهم الانتهازية وكشفت أطماعهم ومخططاتهم يوما أن يركبوا بنهاياتهم المهترئة اللحظة ويكتبوا تاريخا مزيفا ينطلي على الأجيال القادمة باعتقاد أن الذاكرة لا تتسع إلا لضجيجهم ..!!
لقد ساءني الى درجة التقزز ذلك المذيع المخبر في قناه الجزيرة وهو بحقق بشكل وقح ومستفز مع المرحوم حسين الشافعي "عضو محكمة الثورة " قبيل وفاته في برنامجه الشهير..!! نعم.. لقد أعدمت محكمة الثورة بحق أو بغير حق عددا من زعامات الإخوان المتهمة بالتآمر على قلب النظام وفي هذا يختلف المختلفون..!!
ولكن ألا ينظر كل أعداء ثورة عبد الناصر إلى سحنهم وهيآتهم التي تشبهت بملامح بن يوسف الثقفي والى أياديهم الملطخة بدم الاغتيالات والذبح وبدون محاكمة..!! وليقارنوا ما شاءوا المقارنة تجاربهم المريضة بتجربة زعيم أحبته الملايين حبها لكرامتها وأوطانها وعروبتها ..!!
لينظروا إلى 500 جنيه تركها عيد الناصر لأسرته..بعد حكم دام عقدين مع فتافيت الجبنة البيضاء وحبات الزيتون بقيت من غذائه..!! في حين أن جيوبهم وأرصدتهم تكتنز بالملايين المباركة من غسيل أموال التهليب والتهريب..!! أقترح على أولئك أن يوفروا صغارهم وتفاهاتهم وينتظروا 56 عاما أخرى ليروا كيف يكون حكم محكمة التاريخ النافذ على أفعالهم ومن ثم يتقيأون ما في أجوافهم المظلمة ..!!