يظل سبتمبر شهرا فريدا في التاريخ العربي ، ففيه حاولت المقاومة الفلسطينية أن تمارس _ برعونة _ عملية تهديد الأردن ودار قتال بشع ، كان من نتيجته دحر المقاومة الفلسطينية من بيت عربي إلي شتات آخر ، ولفظت فيه العروبة آخر أنفاس الرجل الذي حمل رايات الحلم العربي جمال عبد الناصر . ومهما قيل عن جمال عبد الناصر فأرقي ما قيل فيه ماودعه به رجلا كان خصما له في يوم من الأيام ثم جمعتهما السياسة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الكرامة العربية وأعني به جلالة الراحل الكريم فيصل بن عبد العزيز آل سعود ، هذا الذي نقل عنه أستاذنا أحمد بهاء الدين جملة ظلت أثيرة في قلبي ز رحم الله جمال عبد الناصر فقد أعطي الأمة العربية فكرة عن إمكانياتها ز. وسبتمبر يرتبط في الذهن المصري بأول قرارات ثورة يوليو وهو تحديد الملكية الزراعية ، تلك العملية التي بنت رصيدا من المتعلمين الذين حررتهم ثورة يوليو من عبودية آبائهم لكبار الإقطاعيين الزراعيين . وكان ذلك هو أول قرارات خلخلة الثروة في المجتمع المصري ، تبعه من بعد ذلك قرار تأميم قناة السويس لبناء السد العالي . وسبتمبر يرتبط أيضا في الذاكرة العربية بأن أنور السادات بطل الحرب المنتصر في 1973 عاني من حصار غريب وهو عدم إستيعاب المثقفين المصريين لفكرته عن ضرورة إستلام الأرض كاملة من خلال كامب دافيد ، ولأنه لم يشرح نفسه وقع فريسة لتقارير أمن شاءت أن توقظ فيه تلك النزعة الفرعونية التي صارت لعنة تصيب كل حاكم مصري ، فاعتقل ألف وخمسمائة مثقف يمثلون عقل الأمة وجوهر مستقبلها ، فخرج له الماضي المتحجر من جحور الجماعات المسلحة لتغتاله في يوم إنتصاره أي في السادس من أكتوبر من عام 1981 . وطبعا لا يمكن إغفال عنصر التآمر الذي أوضحه كاتبنا الفذ فتحي غانم في روايته التي أوضح فيها كيفية التآمر علي العالم العربي بأكمله عبر منظمات لا تملك العقل السياسي الراقي ، وهي منظمات التيار الذي التمس لنفسه نصوصا من تفسيرات دينية أوقعتنا في شر أعمالنا وهو دخول المجتمعات العربية المسلمة في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل وهي حرب طرد السوفييت من أفغانستان والتي خرج من عبائتها كل التطرف المسلح الذي حدد الدول العربية بأكملها . ويظل سبتمبر له طعم البحث عن الأمل رغم ما وهبنا من قبل من دموع وابتسامات.