مجلس النواب الأميركي يدين إبادة الأرمن على يد الأتراك وليد السمور اخيرا وبعد طول انتظار أرمني أدان مجلس النواب الأمني في مشروع شبه جماعي الابادة الجماعية التي ارتكبها الاتراك بحق الارمن خلال الحرب العالمية الاولى واعطت الولاياتالمتحدة باسم برلمانها الصوت اخيرا والذي يدين الفعلة التركية وما سببته من مآس ومعاناة للشعب الأرمني الذي انتشر في كل بقاع الارض وصولا الى الولاياتالمتحدة الاميركية. لكن ادارة الرئيس جورج بوش حذرت من اي محاولة في الكونغرس لاعتماد نص يعترف بتلك الابادة زمان الدولة العثمانية باعتبار الادانة سنكشف عن حقيقة دفينة في العلاقات المتوترة اصلا والخلافات الكبيرة بين تركيا والولاياتالمتحدة الاميركية. الرئيس الاميركي جورج بوش اعترف بأن اعتماد هذا النص الذي سينظر فيه الكونغرس خلال النهار قد «يلحق ضررا كبيرا» بالعلاقات مع تركيا، الحليف البارز في حلف شمال الاطلسي وفي الحرب العالمية ضد الارهاب. واضاف بوش «اننا نأسف جميعا لمعاناة الشعب الارمني»، موضحا ان هذا النص ليس الجواب المناسب لعمليات القتل الجماعية التي شهدها التاريخ والمصادقة عليه ستلحق ضررا كبيرا بعلاقاتنا مع حليف رئيسي لنا في الحلف الاطلسي وحربنا على الارهاب». كما ان اثنين من ابرز وزرائه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس كانا اكثر وضوحا حول هذا الموضوع الذي يعتبر حساسا جدا بالنسبة للحكومة التركية. في الحيثيات يتبين ان الكونغرس لو اعتمد قرار العقاب بحق تركيا فان العمليات في العراق قد تتضرر بشدة من جراء الردود الدبلوماسية التركية المحتملة وهو ما اكده وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس من خلال تخوفه بأن تركيا سوف ترد على حزب العمال الكردستاني وستغزو تركيا شمال العراق بحجة تأديب مقاتلي الحزب الذين ينفذون العمليات داخل العمق التركي وهو ما سيؤدي الى اعادة البلبلة بين الطرفين ويعيد العلاقات الدبلوماسية الى الشد والجذب ويعيد عملية السلام في الشرق الاوسط الى نقطة الصفر. من جانبها اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان اعتماد النص سيزعزع في شكل كبير جهود بلادها في الشرق الاوسط وفي العراق وافغانستان لأن تركيا وهي حليف استراتيجي مهم تؤدي دورا اساسيا في دعم الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة في تلك المناطق الحيوية. وكانت تركيا قد حذرت من تمرير النص ومن ان هذا الاجراء سيضطرها الى منع الولاياتالمتحدة من استخدام قاعدة عسكرية كبيرة في جنوب تركيا «سانجرليك» وقطع الطريق على امدادات الجيش الاميركي في العراق باعتبار ان اكثر من سبعين بالمائة من قدرات الجيش الاميركي في العراق تمر عبر الجنوب التركي اضافة الى ان القادة العسكريين الاميركيين يعتقدون بوضوح ان الوصول الى مدرجات هبوط الطائرات والطرقات في تركيا سيكونون في خطر في حال تمرير مشروع القانون هذا وفي حال كان رد فعل الاتراك شديدا كما هو متوقع بحيث ستبحث لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مشروع قرار يعتبر مقتل مئات آلاف الارمن في مطلع القرن العشرين في ظل الامبراطورية العثمانية على انه ابادة لكن الواقع شيء والخيال شيء آخر فالجالية الارمنية في الولاياتالمتحدة كبيرة جدا بحيث باتت بثقلها تفوق اللوبي اليهودي واصبح القرار الارمني دخل مجلس النواب الاميركي وفي مجلس الشيوخ مسموعا ويثير الانتباه هو ما عبر عنه بصراحة حينما وضع ملامحه البرلماني آدم شيف الذي تضم دائرته الانتخابية في كاليفورنيا اكبر جالية ارمنية في البلاد يبدو وكأنه نال دعم غالبية اعضاء مجلس النواب بحيث يقول ان لدى الولاياتالمتحدة دافعا تاريخيا واخلاقيا للاعتراف بالابادة الارمنية التي اودت بحياة مليون ونصف المليون شخص. الجالية الارمنية في لبنان والعالم العربي واوروبا والولاياتالمتحدة تلعب دورا كبيرا ومهما في استيضاح الحقيقة وقد اثارت قناة الجزيرة الفضائية في العام الماضي القضية عبر الملأ وهو ما كاد يتسبب بفتور في العلاقات بين المحطة الفضائية والدولة التركية. الأرمن في الولاياتالمتحدة وهم اكثر من خمسة ملايين مواطن بنفس عدد القتلى الذين راحوا ضحية الفوضى التي عمت الدولة العثمانية آنذاك في السنوات الاخيرة من حياتها ولهذا فقد ألبوا النواب الاميركيين على تركيا التي رفضت فتح اراضيها واجوائها للحملة الاميركية على العراق وهو ما تسبب بوقوع المئات من القتلى في صفوف الجيش الاميركي اضافة لاعاقة سير الحملة التي ادت للاطاحة بنظام البعث في العراق والتي انتهت باستسلام الجيش العراقي وحله فيما بعد وسقوط عدي وقصي صدام حسين في معركة شمال بغداد واستسلام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين واقتياده الى محكمة عراقية نفذت به حكم الاعدام صبيحة يوم عيد الفطر السعيد في السنة الماضية زد على ذلك ان تركيا باتت محورا أساسيا في العلاقات العربية مع اسرائيل. ولطالما ادانت الهجمات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين وكان آخرها ادانة الحرب الاسرائيلية المسعورة على لبنان وما خلفته تلك الحرب من دمار هائل في البنية التحتية اللبنانية من تدمير للجسور والطرق والمطار والموانئ البحرية اضافة للاعتداء على المواطنين في الجنوب اللبناني وبعلبك والضاحية الجنوبية. أسرار أرمنية وتركية قد تفتح الابواب على مصاريعها في جولة جديدة من الخلافات بين البلدين، فهل تنصاع الادارة الاميركية لارادة النواب في الكونغرس وتدين تركيا العثمانية ام انها ستقاوم المشروع الأرمني لمصالح واعتبارات اميركية لها حساسيتها ويمنع الاقتراب منها وملامستها في الوقت الحالي. عن صحيفة الوطن القطرية 16/10/2007