مدينة ألمانية تنتفض ضد العنصريين الأوروبيين سمير عواد أصبحت موضة في أوروبا الغربية بدأت تنتشر أيضا في أوروبا الشرقية، أن تقوم أحزاب ومنظمات وجماعات يمينية متطرفة بالتركيز في الحملات الانتخابية علي رفع شعارات معادية للأجانب عامة والإسلام والمسلمين خاصة. بحجة حرية التعبير عن الرأي يريد عنصريون أوروبيون إعلان حملة مناهضة للإسلام والمسلمين هي أقرب إلي عقد تحالف للعنصريين في أوروبا والقيام بنشر شعارات الترهيب من الإسلام والمسلمين لهدف كسب ود الناخبين. مرة واحدة كل عام تكون المدينة القديمة لضاحية (هويماركت)في مدينة كولون ساحة لاحتفالات شعبية بالكرنفال الذي يصادف يوم 11-11 ويبدأ في تمام الساعة 11 قبل الظهر ويستمر عدة أيام. وتجتذب المدينة الواقعة علي نهر الراين والمعروفة بظرف أهلها وطيبة قلوبهم آلاف السياح من أوروبا والعالم لحضور أيام الكرنفال. في الأسبوع القادم وتحديدا يوم السبت المصادف 20 سبتمبر 2008سوف يتم إعلان حالة الطوارئ في المكان وسيعج بعناصر الشرطة الذين سيأتون من جميع بقاع ولاية شمال الراين وستفاليا. لن يسمع الناس أغنيات وموسيقي الكرنفال وإنما شعارات تنم عن تطرف وعداء للإسلام. إذ في هذا اليوم ستكون الأماكن التاريخية في مدينة كولون مسرحا لسياسيين متطرفين أوروبيين. في إطار مؤتمر مناهض للإسلام سيعقدونه في المدينة سوف يشارك فيه مئات من كوادر الأحزاب والتنظيمات المتطرفة في أوروبا إضافة إلي مشاركة مئات من المؤيدين الذين سينظمون مسيرة ويقيمون مهرجانا خطابيا. في المقابل سوف ينظم معارضو المتطرفين اليمينيين مظاهرة مضادة يقدر عدد الذين سيشاركون بها بأربعين ألف شخص. وتستعد الشرطة الألمانية منذ الآن لمواجهة ما وصفته بأكبر مهمة منذ انعقاد قمة مجموعة دول الثماني في عام 1999 في كولون. واختيار المتطرفين الأوروبيين لهذا المكان لم يكن وليد صدفة. قبل أسبوعين تقريبا وافقت بلدية مدينة كولون بكل شفافية وتفهم وبتأييد كبير بناء مسجد كبير بعد جدل مكثف حول الإسلام والإندماج لم يحصل في مدينة ألمانية وبشكل يوضح الصعوبات التي تواجه السياسيين في مواجهة مخاوف الناس من دعاية أسلمة البلاد. منذ الإعلان عن خطط البناء وتصميم الجامع الكبير الذي ستعلوه منارة طولها 55 مترا، وجدت جماعة تسمي نفسها(من أجل كولون) الموضوع حافزا لها لتفرض نفسها بين الناس وتحصل علي شعبية وأصوات الناخبين. تشكلت الجماعة بداية كاتحاد يحتج علي بناء المسجد وكان يقوده ماركوس بايزيشت الذي كان ينتمي إلي الحزب الجمهوري اليميني المتطرف. وتمكنت سياسات الاحتجاج في فوز ممثلين عنه في انتخابات دار البلدية. تري هذه الجماعة نفسها بديلا للحزب القومي الألماني الذي بدوره يري نفسه خليفة للحزب النازي، وحركة تجمع شعبية للمتطرفين الألمان. وقد ركزت جماعة (من أجل كولون)منذ البداية علي مناهضة الإسلام في ألمانيا وتزعم أنه تعمل من أجل منع أسلمة المجتمع الألماني وقامت بتوجيه دعوات إلي قادة أحزاب وتنظيمات راديكالية في أوروبا لعقد أول مؤتمر أوروبي لهم في كولون. في مقدمة القادة الأوروبيين المتطرفين الذين وافقوا علي حضور المؤتمر جان ماري لوبان زعيم حزب الجبهة الوطنية في فرنسا الذي قال مرة(إنني لا أؤمن بتساوي الأجناس)، وكذلك هاينز كريستيان شتراخي رئيس الحزب الحر في النمسا ومرشح الحزب لمنصب المستشار، والذي عقد سابقا علاقات مع شباب الفايكينج ومن أهدافه السياسية أن ينجح في تبني الدستور النمساوي منع بناء مساجد في النمسا. كذلك سيأتي ماريو بورغيزيو من حزب ليجا الشمال الإيطالي المتطرف وفيليب ديوينتر من حزب فلامز بيلانغ المتطرف في بلجيكا الذي حاز في الانتخابات الأخيرة علي نسبة 12 بالمئة. إن الهدف المعلن لجميع هذه الأحزاب والتنظيمات الأوروبية المتطرفة تشكيل جبهة ضد انتشار الإسلام في أوروبا.وأعلنت جماعة(من أجل كولون) أنها ستعقد اجتماعا علي هامش المؤتمر الأوروبي مع الضيوف لمناقشة سبل التعاون والتنسيق بين الزمرات العنصرية الأوروبية في المستقبل. في المقابل سوف تنظم مسيرة مضادة تشارك فيها روابط إسلامية ومنظمات شعبية من كولون مع فرق موسيقية كولونية معروفة وطلبة مدارس وبرلمانيون وإعلاميون وممثلون عن الكنائس والبرلمان الألماني الاتحادي بحيث من المعتقد أن عدد المشاركين في المسيرة المناهضة للعنصريين الأوروبيين سيكون أكبر بكثير من عدد المشاركين في المسيرة العنصرية. وهكذا فإن مدينة كولون سوف تنتفض ضد العنصريين الأوروبيين بعد أن أثبتت أنها مدينة التعايش السلمي بين الديانات عندما أيدت بلديتها بقرار الغالبية بناء جامع كبير للمسلمين وأنها ترفض أن تكون منبرا لشعاراتهم المسمومة التي تسمح حرية التعبير عن الرأي للأسف الشديد برواجها. عن صحيفة الراية القطرية 14/9/2008