مخططات تهويد المدينة المقدسة! د. محمد ناجي عمايره تثير ممارسات سلطات الاحتلال الاسرائيلي في المسجد الاقصى المبارك والمدينة المقدسة الكثير من الاسئلة او التساؤلات حول ازدواجية المعايير التي يقيس بها الغرب عموما والولايات المتحدة والدول الاوروبية خصوصا، في تعاملها مع قضايا العرب والمسلمين. فقوات الاحتلال تمنع بالقوة - كل يوم جمعة - عشرات الالاف ان لم نقل المئات، من المصلين من اداء فريضة الجمعة في المسجد الاقصى، متذرعة باسباب ودعاوى أمنية لا تصمد امام التمحيص والتدقيق والتأمل، ومع ذلك فقد وصل عدد المصلين في الاقصى الى مئة الف شخص! والحجة الدائمة ان هؤلاء يمكن ان يثيروا القلاقل والاضطرابات الامنية في القدس الامر الذي تحسب له قوات الاحتلال وسلطاته الف حساب! ولهذا فهم يمنعون كل من هم دون الخمسين من الصلاة، وبذلك يحولون بين المسلم وبين اداء الصلاة في شهر رمضان في موقع هو من أعظم المساجد في العقيدة الاسلامية تلك المساجد التي لا تشدّ الرحال الا لها وهي المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الاقصى، ومنع الصلاة لهذا العدد الكبير من الناس (رجالا ونساء) نوع من التمييز الذي ترفضه الشرائع وميثاق حقوق الانسان، ونفترض ان يدينه المجتمع الدولي الذي لا نراه يحرك ساكنا. وهنا يثور السؤال: ماذا لو منع اليهود - مثلا ؟ من اداء صلاتهم، امام حائط البراق الذي يسمونه حائط المبكى؟! لو كان امر المسجد الاقصى بيد المسلمين؟! وماذا لو مُنع اليهود من الصلاة في احد معابدهم في المغرب او اليمن او سورية او أية دولة عربية او اسلامية بحجة الامن والاستقرار؟! لا شك ان الدنيا ستقوم ولن تقعد ابدا! والاسباب والمسوغات معروفة وأولها حرية الدين والمعتقد! ناهيك بالحرية الشخصية.. الخ! ان هذه الممارسات تأتي في اطار المحاولات الرامية لتهويد المدينة المقدسة والحد من وجود المسلمين فيها، وهي ممارسات مستمرة منذ وطئت اقدام اليهود والصهاينة ارض فلسطين، ولم تتوقف حتى الان. وآخر هذه المخططات ما كشفت عنه مصادر فلسطينية من قرار لوزارة الداخلية الاسرائيلية يقضي باجراء احصاء للسكان الفلسطينيين في مدينة القدس ويهدف الى ترحيل ما يزيد عن (120) مئة وعشرين الف فلسطيني من المدينة المقدسة واحلال مستوطنين صهاينة محلهم، في محاولة لحرمان ابناء القدس من العرب والمسلمين (الفلسطينيين) من الاقامة فيها، تحت ذرائع شتى!، وهو سعي الى فرض واقع جديد في المدينة المقدسة لتكون ذات طابع يهودي كامل مما يؤثر في مفاوضات الحل النهائي، ومستقبل الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وفي هذا الاطار يأتي الاعلان عن استيلاء السلطات الاسرائيلية وجموع المستوطنين الصهاينة على المزيد من الاراضي في القدس والضفة الغربيةالمحتلة وضمها الى المناطق الامنية حول المستوطنات اليهودية الى الشرق من الجدار العازل الذي تقيمه اسرائيل حول كيانها، مما يمنع الفلسطينيين من الوصول الى حقولهم، ويساهم في تهويد المزيد من اراضيهم، وتقليص رقعة الدولة المنشودة. ان التساؤلات التي نثيرها هنا لا تتصل بعدالة المجتمع الدولي او تطبيق القوانين الدولية، فهذه مسألة تجاوزتها الايام، ولكنها تتصل بالدور العربي في مقاومة مثل هذه الممارسات الاسرائيلية، وفي مواجهة حركة التهويد والاستيطان المستمرة، وهو دور لا نجد له اثرا يذكر، على الرغم من ان المسألة تعد ابدا فلسطينية ؟ اسرائيلية، اذ يتصل الامر بالحرم القدسي الشريف والمدينة المقدسة التي لا يستطيع احد ان يتنازل عن شيء منها، بوصفها وقفا اسلاميا، وهذا يحتم على الجميع اخذ زمام المبادرة في الدفاع عنها، وحمايتها، لانها مقدسات اسلامية تخص العرب والمسلمين جميعا. عن صحيفة الرأي الاردنية 14/9/2008