«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعا عن سوريا.. قبل فوات الأوان!
نشر في محيط يوم 30 - 09 - 2007


دفاعا عن سوريا.. قبل فوات الأوان!
عبد المالك سالمان
منذ أن شنت اسرائيل الغارة الجوية المباغتة والغامضة على موقع في أقصى العمق السوري تبين فيما بعد انه مركز أبحاث زراعية بمحافظة الرقة الواقعة شمال شرقي سوريا قرب الحدود مع تركيا والعراق في السادس من سبتمبر 2007، يمكن القول إن أجواء الحرب قد عادت بقوة لتخيم على المنطقة، وقد تراجعت بشدة أي امكانية لاجراء مفاوضات سورية اسرائيلية لتحل محلها الخشية الحقيقية من اندلاع حرب جديدة تشنها اسرائيل على سوريا، وان الغارة الاسرائيلية لم تكن الا تمهيدا ومقدمة لتلك الحرب المتوقعة.
ليس في هذا الحديث عن الحرب أية مبالغة، بل ان التفكير العقلي والمنطقي يفرض الحديث بصوت عال عن هذه الاحتمالية، وضرورة استنفار جميع الطاقات العربية لمواجهة هذا الاحتمال والتصدي له دفاعا عن سوريا ولهزيمة مخططات الهيمنة الصهيونية الأميركية على المنطقة العربية.
فحديث الحرب اصبح متداولا بشدة في الأوساط العسكرية والسياسية الاسرائيلية، وقد كشف ايهود أولمرت رئيس الوزراء الصهيوني في حديثه إلى لجنة الشئون الخارجية والدفاع بالكنيست بعد الغارة الاسرائيلية على سوريا أن القوات الاسرائيلية والسورية على جانبي الحدود ما زالت في حالة تأهب عسكري واستنفار منذ وقوع الغارة وحتى الآن، لأن كلا من الجانبين السوري والاسرائيلي يخشى أن يبادر احدهما بشن هجوم عسكري شامل.
وقد كشفت التقارير العسكرية، مؤخرا، أن حالة الاستنفار العسكري والتوتر قد دفعت بأجهزة الرادار الاسرائيلية الى تخيل ان سربا من الطيور المهاجرة هو بمثابة سرب طيران سوري قادم في حالة هجوم مما دفع القيادة الاسرائيلية الى ارسال طائرات اسرائيلية اعتراضية للتصدي "للهجوم المزعوم" وكانت فضيحة عندما تبين أن الطائرات المهاجمة هي مجرد طيور مهاجرة.
بالاضافة الى هذه الأجواء الحربية السائدة، هناك من المؤشرات والدلائل ما يؤكد خطورة استبعاد شن عدوان اسرائيلي شامل على سوريا في الفترة من خريف هذا العام 2007 وحتى ربيع العام القادم 2008 يمكن أن نشير اليها في النقاط التالية:
أولا: قبل شن اسرائيل للغارة العدوانية على سوريا في السادس من سبتمبر 2007، كتب معلق اسرائيلي بارز هو عكيفار الدار في صحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية يقول: "ان الجيش الاسرائيلي الذي يقوم منذ فترة بعمليات إعادة ترميم لآثار حربه ضد حزب الله في الصيف الماضي بحاجة الى صدمة كبرى لاستعادة ثقته بنفسه، وهذه الصدمة قد تكون الحرب الساحقة ضد سوريا".
ثانيا: إن من أهداف إسرائيل في شن أي حرب جديدة على سوريا، محاولة إجهاض الخطة السورية لإعادة بناء التسليح السوري على أسس حديثة وتحديث القدرات العسكرية السورية خصوصا بعد أن قامت دمشق، مؤخرا، بشراء منظومة دفاع جوي صاروخي حديث وفعّال من روسيا، ويقال أن أحد أهداف الغارة الاسرائيلية كان محاولة اختبار مدى فاعلية هذا النظام الدفاعي الجوي السوري الجديد وقدرته على التصدي للطيران الإسرائيلي.
ثالثا: ان ايهود باراك زعيم حزب العمل والذي تولى منصب وزير الدفاع الاسرائيلي في حكومة أولمرت الحالية، ويضع نصب عينيه العودة مجددا الى رئاسة وزراء اسرائيل في الانتخابات القادمة، يقوم حاليا بتنفيذ استراتيجية عسكرية هدفها استعادة "قوة أو هيبة الردع" للجيش الاسرائيلي التي أصيبت بانتكاسة حقيقية وطعنة نجلاء إزاء عجزها عن سحق قوة " حزب الله" في حرب الصيف الماضي.
ويعتقد باراك الذي ينظر اليه على انه واحد من أكفأ الجنرالات العسكريين في تاريخ اسرائيل، ان مستقبله السياسي مرتبط بتحقيقه انجازا عسكريا يعيد بناء صورته كقائد عسكري قوي ومحنك يستطيع الرأي العام الاسرائيلي أن يثق بقيادته العسكرية والسياسية، ومع الأسف الشديد فإن الميدان المرشح لاستعراض عضلات الجيش الاسرائيلي هو السعي لتحطيم قدرات الجيش السوري.
فإسرائيل لا تريد الدخول مرة أخرى في مواجهة مع حزب الله الذي يتبع اسلوب حرب العصابات مما قد ينتهي الى كارثة للجيش الاسرائيلي اذا تلقى هزيمة جديدة على يد حفنة من المقاتلين التابعين لحزب سياسي، فضلا عن الدخول في حرب استنزاف ليست مضمونة النتائج.
لكن الدخول في حرب نظامية مع الجيش السوري الأقل مستوى من حيث نوعية التسليح العسكري قد يساعد اسرائيل على إعادة ترميم صورتها العسكرية واستعادة (قوة أو هيبة الردع) في المنطقة، كما ان اضعاف سوريا عسكريا وسياسيا قد يؤدي الى اضعاف حزب الله ذاته لانقطاع مصدر الامداد الرئيسي له عبر الأراضي السورية. وبالطبع فإن مثل هذه الحسابات الاسرائيلية لا تستبعد إمكانية دخول حزب الله المعركة، لأن قيادة حزب الله تدرك أن ضرب سوريا سيساعد على محاولة تصفية الحزب لاحقا، وهو هدف اسرائيلي أميركي استراتيجي.
لذلك، فالأرجح أن يدخل حزب الله اللبناني المعركة في حالة دفاع عن النفس ودفاع مشترك معاون مع سوريا. وهذا يقودنا الى سيناريو الكارثة الثلاثي الذي يمكن أن تشهده المنطقة في الفترة من خريف 2007 الى ربيع .2008 وما نقصده بسيناريو الكارثة الثلاثي وربما الرباعي هو الاتجاهات التي تحكم تفكير المحافظين الجدد المهيمنين على صناعة القرار السياسي والاستراتيجي في ادارة بوش، وهو محاولة القضاء على قوى الممانعة والمقاومة لمشروع الهيمنة الصهيوني الأميركي على المنطقة عبر محاولة ضرب وتصفية ما يطلقون عليه (محور المتطرفين) في المنطقة والذي يشمل (ايران وسوريا وحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية).
ويجب هنا أن نتنبه جيدا للخطوة الاسرائيلية المفاجئة بالاعلان عن اعتبار قطاع غزة الذي تسيطر عليه حاليا حركة حماس (كيانا معاديا) لاسرائيل، ومسارعة ادارة بوش الى اعتبار قطاع غزة (كيانا معاديا) لأميركا بعد ساعات فقط من القرار الاسرائيلي. وفي هذا الاطار، هناك خطط وضعها الجنرال باراك لاجتياح شمال قطاع غزة، وإعادة احتلال شريط فيلادلفيا على الحدود المصرية مع قطاع غزة في محاولة لاحكام الحصار على قطاع غزة شمالا وجنوبا فضلا عن التهديد بقطع امدادات الكهرباء والماء عن قطاع غزة. ما نريد ان نشير اليه، هو ان الصحافة الاسرائيلية هذه الأيام مليئة بالتعليقات والتحليلات التي تعزز التوجهات العسكرية لحكومة أولمرت.
ويلفت النظر المواقف المتشددة التي يدلي بها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك حيث أعلن رفضه لأي انسحاب اسرائيلي من الضفة الغربية قبل خمسة اعوام حتى يستكمل الجيش الاسرائيلي بناء منظومة صواريخ دفاعية تستطيع التصدي لأي هجمات صاروخية فلسطينية من غزة أو الضفة مستقبلا، فضلا عن تركيز باراك في العمل على استعادة (هيبة الردع) للجيش الاسرائيلي ومعارضته لأي تسويات تفاوضية مع الجانب الفلسطيني، وهذا ما يشكل نقيض ما سعى اليه باراك نفسه عام 2000 بمحاولة التوصل الى تسويات نهائية مع كل من سوريا والفلسطينيين في نهاية عهد الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون.
وهو الأمر الذي يعطي مؤشرا على أولوية النزعة العسكرية على التوجهات السياسية أو التفاوضية في اسرائيل حاليا. ومما يعزز هذا الاتجاه، أن شعبية كلا من ايهود أولمرت وايهود باراك وزير دفاعه قد ارتفعت بعد أن اعترفت اسرائيل بشن الغارة الجوية ضد سوريا مؤخرا.
وهذا الأمر قد يدفع حكومة أولمرت الى مزيد من النزعة العسكرية حتى تستطيع البقاء في السلطة، وتفادي الآثار السلبية لصدور التقرير النهائي للجنة فينوجراد التي تحقق في اسباب التقصير العسكري والسياسي لحكومة أولمرت في حرب الصيف الماضي ضد (حزب الله)، والذي تحاول حكومة أولمرت تأخير صدوره الى أطول فترة ممكنة ربما حتى تنتهي من شن عدوانها المحتمل ضد سوريا، ليكون هذا العدوان بمثابة الرافعة السياسية وطوق النجاة لها من الانهيار.
رابعا: ان هذا يدعونا الى تسليط الضوء مجددا على سيناريو الكارثة الثلاثي أو الرباعي الذي يمكن ان يشنه التحالف الاسرائيلي الأميركي ضد ما يطلقون عليه محور المتطرفين الذي يضم (سوريا وايران وحزب الله وحركة حماس) حيث يفكر المحافظون الجدد الغارقون في المستنقع العراقي في خوض المعركة الاخيرة لمخطط (الفوضى الخلاقة) في المنطقة، خاصة ان اسقاط النظام السوري البعثي هو هدف معلن للمحافظين الجدد منذ اسقاط نظام صدام حسين البعثي في العراق، فلا يرغب المحافظون الجدد من أجل بناء (الشرق الأوسط الجديد) الخاضع للهيمنة الأميركية الصهيونية في رؤية اي قوى مقاومة أو أيديولوجيات قومية مثل (البعث في سوريا) يمكنها ان تعبئ وتحشد الرأي العام العربي أو تعزز طاقات الصمود.
واذا أضفنا الى ذلك ان تحطيم البرنامج النووي الايراني هو هدف استراتيجي اسرائيلي أميركي مشترك وبات يمثل خطا أحمر معلنا في السياسة الأميركية والاسرائيلية، فضلا عن عدم الارتياح لوجود قوى شعبية مقاومة مثل حزب الله ، فيمكننا أن نقرأ ماذا يمكن أن يقدم عليه المحافظون الجدد كخطوة جنونية أخيرة لتعويض فشلهم في العراق، وعلى أمل أن تكون خطوة لانقاذ مشروع التغيير الكبير الذي خططوا له في المنطقة عبر (الفوضى الخلاقة) وذلك عبر استراتيجية الهروب الى الأمام ، بمزيد من المغامرات العسكرية المجنونة، والتي يمكن ان تشكل عبئا استراتيجيا هائلا على الادارة الديمقراطية الجديدة التي يتوقع ان تصل الى البيت الأبيض في مطلع عام 2009.
بما يشكل نوعا من الانتقام السياسي من الديمقراطيين في اميركا بتوريطهم في مستنقع هائل من الأزمات، وبإرث ثقيل من الورطات العسكرية والسياسية التي يمكن ان يخلفها المحافظون الجدد لهم هؤلاء الذين يعتبرون ان لا أحد يستحق ان يحكم اميركا غيرهم، واذا حكمها الديمقراطيون الذين طالما وجهوا انتقادات لايديولوجية وأفكار المحافظين الجدد فعليهم ان يدفعوا ثمنا سياسيا باهظا.
اننا هنا، لا نتحدث عن نهج يتسم بالعقلانية السياسية، والا لتوقعنا صعوبة اقدام اميركا على شن مغامرات عسكرية جديدة بعد ورطتها في العراق، ولكننا نتحدث عن مجموعة المتعصبين الايديولوجيين من المحافظين الجدد بقيادة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني يعتقدون انهم يقومون بمهام مقدسة لخدمة أميركا واسرائيل بعضهم ينطلق من منظور لاهوتي أيديولوجي وبعضهم من منظور استراتيجي لخدمة المصالح الصهيونية.
ولهذا فإنهم اختطفوا القرار السياسي والاستراتيجي الأميركي منذ عام 2001 تحت قيادة بوش ولن يتركوه الا بمزيد من الكوارث لمن يخلفهم في قيادة أميركا. في ضوء ذلك، لا يستبعد ان نرى سيناريو ضربة مشتركة متزامنة، تقوم فيها اميركا بشن حرب على ايران لتدمير البرنامج النووي الايراني، في حين تتولى اسرائيل شن حرب ضد سوريا شاملة مع امكانية الهجوم على كل من حزب الله وحركة حماس وهو ما اطلقنا عليه سيناريو الكارثة الثلاثي او الرباعي.
فإسرائيل تعتقد ان شن الحرب على سوريا في وقت تتعرض فيه ايران لهجمة عسكرية اميركية، سيمكن اسرائيل من تحطيم القوة العسكرية السورية والقضاء على قوة (حزب الله) او اضعافه الى أبعد مدى ولن تتمكن ايران من تقديم الدعم الاستراتيجي لهما لأنها ستكون منهمكة في مواجهة الهجوم الأميركي، كما ان حركة حماس في ظل الحصار ستصبح في متناول القوة الاسرائيلية، ومن شأن هذه الحرب الشاملة اعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يخدم مصالح التحالف الاسرائيلي الأميركي، أو هكذا يتصورون في كل من أميركا واسرائيل.
من هنا نؤكد خطورة المؤشرات التي اطلقتها الغارة الاسرائيلية الغامضة على سوريا مؤخرا. خامسا: في ضوء هذه المعطيات، كان من المؤلم حقا، ان جاءت ردود الفعل العربية على الغارة الاسرائيلية على سوريا في مطلع سبتمبر 2007، ردودا باهتة ومخجلة وكارثية بالمعنى السياسي، فقد التزمت معظم العواصم العربية الصمت، وكأن هذه الغارة لا تشكل عدوانا صارخا على بلد عربي شقيق.
وفي ذات الوقت، لم تجد سوريا أي مساندة لها عندما قامت بتقديم شكوى الى مجلس الأمن ضد الغارة الاسرائيلية التي تشكل انتهاكا صارخا لسيادة دولة وخرقا فاضحا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ولم يصدر حتى بيان ادانة من مجلس الأمن، حتى ان أميركا مارست ضغطا على مجلس الأمن لاهمال الشكوى السورية.
وفي تقديرنا، ان عدم المساندة العربية للموقف السوري ضد هذا العدوان الاسرائيلي كان فشلا حقيقيا للدبلوماسية العربية ولروح التضامن العربي وعدم تقدير مسئول لجسامة هذا العدوان على مقتضيات الالتزام بمتطلبات حماية الأمن القومي العربي.
ان من المفارقات المؤلمة، ان نسجل هنا ان الصحف والقيادات الاسرائيلية قد عبرت عن سرورها بردود الفعل العربية الباهتة على الغارة الصهيونية على سوريا، وقدم الموقف العربي الهش اشارات سيئة الى اسرائيل، حيث اعتبرت تل ابيب ان ذلك يشكل مؤشرا على عزلة سوريا في الساحة العربية، ورأى بعض المعلقين الاسرائيليين ان ما حدث يكشف ان العرب لن يحركوا ساكنا اذا شنت اسرائيل الحرب ضد سوريا، وهذا أخطر ما في عواقب الموقف العربي الهزيل تجاه الغارة العدوانية.
وكان الأجدر، ان تعلن الدول العربية تهديدها بعدم حضور اجتماع الخريف لبحث عملية السلام الذي دعت اليه ادارة بوش لأنه لا يمكن الذهاب لمؤتمر يبحث في مصير السلام في وقت تتعمد اسرائيل فيه شن عدوان على بلد عربي يشكل ركنا أساسيا من أركان عملية السلام في المنطقة بما يجلب أجواء توتر وعدم استقرار وفقدان للثقة، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث، مما يشكل خللا في الرؤى السياسية العربية، خاصة ان العواصم العربية تعلم جيدا ان ذلك المؤتمر الدولي المزعوم لن يحقق الاختراق المنتظر في عملية السلام، والأرجح انه سيكون مؤتمرا للتغطية على العدوان الأميركي المرجح ضد ايران والاسرائيلي ضد سوريا، خاصة ان هناك محاولات أميركية واضحة لعدم دعوة سوريا إلى حضور المؤتمر. ولنا ان نتأمل كثيرا تصريح وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي طالبت سوريا بنبذ العنف كشرط للمشاركة في اجتماع الخريف.
وقد جاء هذا التصريح بعد أيام فقط من العدوان الاسرائيلي على سوريا عبر الغارة الجوية، فهل هناك عبث واستهتار بالعقول العربية أكثر من هذا؟ فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: من الذي عليه ان ينبذ العنف.. هل هي سوريا المحتلة اراضيها في الجولان وتعرضت لعدوان اسرائيلي جديد عبر الغارة الجوية، أم اسرائيل التي تحتل اراضي العرب وتشن عدوانا جويا ضد سوريا فضلا عن استمرارها في ممارسة جميع اشكال العدوان والعنف ضد الشعب الفلسطيني سواء على المستوى العسكري أم الاقتصادي أم التجويعي؟
وختاما: نقول ان جميع المؤشرات ترجح تزايد احتمالات شن اسرائيل لحرب ضد سوريا خلال الاسابيع أو الشهور القليلة القادمة، وتعكس الذرائع التي قدمت في تبرير الغارة الاسرائيلية مثل الحديث عن محاولة سوريا امتلاك قدرت نووية بالتعاون مع كوريا الشمالية وهو ما ثبت انه أكاذيب مضللة، ان الهدف هو التهويل لتبرير العدوان الاسرائيلي القادم ضد سوريا.
ومن هنا، فإن العرب مطالبون بالتسامي على اي خلافات فيما بينهم بشأن قضايا اخرى، والتضامن الشامل مع سوريا، فنحن لا نريد ان نرى مأساة العراق تتكرر في سوريا خاصة ان العدوان على سوريا كان مبيتا في مخططات المحافظين الجدد ولم يعرقله الا احتدام المقاومة العراقية للاحتلال الأميركي في العراق. وفي تقديرنا ان وقفة تضامن سياسية وشعبية قوية للعرب مع سوريا يمكن ان تجنب سوريا عدوانا غاشما يستهدف ادخالها في دوامة (الفوضى الخلاقة) وتفجير الصراعات الطائفية داخلها على غرار ما حدث في العراق.. فهل يتحرك العرب قبل فوات الأوان للتصدي لهذا العدوان الجديد على أمنهم القومي؟.
عن صحيفة الوطن العمانية
30/9/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.