رئيس الوزراء يتابع مستجدات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وجهود جذب الاستثمارات بمليارات الدولارات وفرص عمل واسعة    أبو الغيط يدين الهجوم على قاعدة لقوات الأمم المتحدة بجنوب كردفان    احتفاء "الإعلاميين" ووزارة الشباب والرياضة تُحتفي بتولّي أشرف صبحي رئاسة اللجنة الدولية للتربية البدنية باليونسكو    مصرع شخصين إثر سقوط سيارة نصف نقل بترعة غرب الإسكندرية    سعر الين الياباني أمام الجنيه في البنوك المصرية    مباحثات مصرية - كويتية لتعزيز التعاون في مجالات البترول والغاز والتعدين    البنك التجارى الدولى يعزز ريادته في دعم رائدات الأعمال بإطلاق برنامج تمكين المرأة في قطاع الأعمال بالتعاون مع EBRD    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    محافظة القليوبية تنتهي من تجهيزات اللجان وترفع درجة الاستعداد    بعد هجوم سيدني الإرهابي، فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية على المنشآت اليهودية    نابولى يسقط أمام أودينيزى ويُهدر فرصة اعتلاء صدارة الدورى الإيطالى    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    رئيس الهيئة العامة للاستثمار يشارك في المنتدى المصري القطري بالقاهرة    المفاوضات تشتعل على ضم حامد حمدان بعد عرض بيراميدز المُغري    الداخلية تعلن نتيجة قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة 2026.. رسائل SMS للمقبولين.. رئيس الأكاديمية: النجاح فى الاختبارات ليس معيار القبول    أجواء شتوية باردة وسحب ممطرة تضرب الوجه البحري وشمال سيناء    الأرصاد تحذر من تكاثر للسحب الممطرة على هذه المناطق    نسمة محجوب تكشف أسرار مشاركتها في فيلم «الست»    معرض جدة للكتاب يستضيف فيلم كورة ضمن فعالياته الثقافية    رئيس الاعتماد والرقابة يبحث مع وفد وزارة الصحة بناميبيا تعزيز التعاون    وكيل صحة سوهاج يلتقى مدير مستشفى جهينة المركزي لمناقشة تطوير الخدمات    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    إحالة المتهم بقتل موظف بالمعاش بالمنصورة لفضيلة المفتى    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    افتتاح المعرض السنوي الخيري للملابس بكلية التربية جامعة بني سويف    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    جريدة مسرحنا تصدر ملف «ملتقى الأراجوز والعرائس» إحياءً للتراث في عددها الجديد    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    حكم زكاة المال على ودائع البنوك وفوائدها.. الإفتاء توضح    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    نادين سلعاوي: نسعى لإسعاد جماهير الأهلي وتحقيق لقب بطولة أفريقيا للسلة    وصلة هزار بين هشام ماجد وأسماء جلال و مصطفى غريب.. اعرف الحكاية    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الحكومة: مشروع لتعديل قانون العقوبات يشدد غرامة جرائم الشائعات    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جورجيا والشرق الأوسط: الحرب الباردة العربية!! / هاني حبيب
نشر في محيط يوم 27 - 08 - 2008


جورجيا والشرق الأوسط: الحرب الباردة العربية!!
هاني حبيب
لولا مغامرة رئيس جورجيا ميخائيل ساكاشفيلي، ربما لم نكن لنسمع ونتعرف على تلك التحولات الجارية على تخوم الاتحاد الروسي، خاصة وان أستونيا الجنوبية، كما الشمالية وأبخازيا، كلمات تدل على مناطق ومقاطعات بالكاد يتعرف عليها المطلع والمتابع الا نادراً، فما بال القارئ الهاوي الذي بات يعرف - إن أراد - الكثير عن تلك المنطقة المهجورة من وسائل الإعلام قبل مغامرة الرئيس الجورجي الاخيرة، نقول الاخيرة.
لأن ساكاشفيلي سبق وأن قام بمغامرات عديدة قبل تلك التي نتحدث عنها، فقد كان قد انقلب على رئيسه ادوارد شيفارنادزة بما بات يعرف بالثورة الوردية العام 2002، وخلفه فعلاً برئاسة جورجيا، قاطعاً تعهدين للناخبين، استعادة الاقليمين المنفصلين اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وضم جورجيا الى حلف شمال الاطلسي، الرئيس الجورجي الذي يحمل الجنسية الاميركية، اضافة الى جنسيته الجورجية، اعاد الى الأذهان والفعل ربما، ما نسبه الرأي العام عن "الحرب الباردة" التي يقول بعض المحللين انها عادت للبروز من جديد بفضل المغامرة التي اقدم عليها ساكاشفيلي، بدعم اميركي، ليس من خلال الرئيس بوش، ولكن من خلال نائبه تشيني، الذي استهدف تحسين فرص المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية ماكين في صراعه مع المرشح الديمقراطي اوباما على خلفية الاشارة الى ان مثل هذه الحرب، الحرب الباردة، لا يمكن التعاطي معها الا من خلال رئيس اميركي صاحب تجربة واسعة في العلاقات الخارجية، وهو الامر الذي يفتقر اليه اوباما، الذي كشف عن ذلك، من خلال اختياره نائباً له، يتميز بقدراته في السياسة الخارجية، لسد النقص الذي لدى الرئيس المحتمل!!
لا نريد ان نتوسع في هذه المقالة بسياقات المسألة الجورجية، رغم ان لدينا الكثير الذي يقال حولها، ويهمنا هنا تناول تداعيات هذه المسألة على قضايا الشرق الاوسط، خاصة ان زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى موسكو، واعلانه وقوف بلاده الى جانب روسيا في صراعها الجديد، قد فتحت المجال لتناول تأثيرات هذا الصراع على المحيط العربي والشرق الاوسط بشكل عام، نظراً لترابط التأييد السوري مع الموقف الروسي، مع الكشف عن تورط اسرائيلي في تخطيط مغامرة ساكاشفيلي وتسليح جيوشه، كل ذلك مع أنباء عن احتمال تزويد روسيا لدمشق بأسلحة حديثة كانت تمتنع منذ وقت طويل عن تزويدها بها، حيث لا يعدو هذا الامر مجرد تجارة وصفقات، بل هو شكل من أشكال الصراع بين الشرق والغرب في اطار الحرب الباردة الثانية.
الموقف السوري، صاحبه انتقاد متواصل من اطراف عديدة، بما فيها اسرائيل، اذ ان هذا الموقف يتعارض مع النوايا المعلنة لدمشق بالتوصل الى سلام شامل مع اسرائيل عبر بوابة الوساطة التركية، اطراف عربية انتقدت دمشق، لأنها فتحت بوابة الانحياز الى معسكر في مواجهة معسكر آخر، علماً ان معظم هذه الاطراف المنتقدة، تنحاز الى معسكر بعينه وهو المعسكر الاميركي، الا ان وضوح الموقف السوري أذهل هؤلاء المنتقدين الذين اشاروا الى ان المنطقة ستبدأ سباقاً للتسلح، كما لو ان ذلك لا يحدث فعلاً، لأسباب لا تتعلق مباشرة بقضايا الشرق الاوسط الا نادراً، خصوصاً اذا لاحظنا التسلح السعودي المرتبط بقضايا الخليج وايران على وجه الخصوص، واعادة تدوير "البترو دولار" ليعود الى الولايات المتحدة من جديد من خلال صفقات الاسلحة المتواصلة بما يوازي تدفق النفط الى الصناعات الاميركية والغربية عموماً.
ولكن لدينا اسباب اخرى، للتمعن بالموقف السوري ازاء القضية الجورجية، تتعلق بمدى حاجة موسكو الى مثل هذا الموقف في الصراع مع الاطلسي!
ذلك اننا نعتقد ان من تحدث عن تعزيز سورية بالسلاح الروسي المتطور كصواريخ اسكندر، لم يأت من الجانب الروسي، بل من السوريين الذين نفوا ما قالوه عن ذلك مؤخراً، موقف سورية ازاء الازمة، لا يجعل منها حليفاً مطلقاً لروسيا، فيد اسرائيل الطويلة في جورجيا كما في غيرها من دول القوقاز لا تعادل كفة الدور السوري، يضاف الى ذلك بعداً آخر لا يقل اهمية، يتعلق بالمؤتمر الدولي الخاص بالشرق الاوسط الذي دعت اليه روسيا لينعقد في موسكو قريباً، هذا يتطلب سياسة روسية، تمكن موسكو من لعب دور الوسيط اذا ارادت لهذا المؤتمر أن يعقد، حتى لو لم ينجح، سبق وأن تحفظت اسرائيل على هذا المؤتمر، ومعها الولايات المتحدة، وبالتالي فإن استرضاءها من قبل موسكو، سيظل هدفاً روسياً حتى تتمكن من انعقاد مثل هذا المؤتمر بموازاة مؤتمر أنابوليس برعاية اميركية قبل حوالي عام.
كانت الاسباب الايديولوجية هي اساس التحالفات التي أقامها الاتحاد السوفياتي لتعزيز نفوذه في مواجهة الغرب ابان الحرب الباردة، اليوم، لم تعد حتى في ظل الحرب الباردة، عناصر ايديولوجية تتحكم في مثل هذه التحالفات، وعوضاً عن الايديولوجيا هناك المصالح الاستراتيجية والاقتصادية بالدرجة الاولى، وبالتالي فإن محاولة روسيا "وخز" الولايات المتحدة والاطلسي من خلال الحليف السوري، لا تعدو كونها وخزاً لا أكثر، وربما هذا ما سيقوله الرئيس الروسي ميدفيديف لرئيس الحكومة الاسرائيلية اولمرت عندما يلتقيان في موسكو بعد اسبوع.
سورية التي لا تحظى مواقفها بدعم عربي رسمي، لن يحول موقفها من استخدام الولايات المتحدة اوراقاً عربية اخرى في مواجهة موقفها في اطار الحرب الباردة الثانية، وربما تلجأ واشنطن الى اعادة فتح ملف الشيشان من جديد، وهذا يتطلب بعداً إسلامياً، ربما يطلب من الرياض ان تتكفل به، مع ملاحظة العلاقات المتردية بين دمشق والرياض في الآونة الاخيرة، ما يجعل الحرب الباردة الثانية، تمتد لتصل الى المنطقة العربية اكثر زخماً وقوة من خلال انحيازات وتحالفات جديدة قديمة، منطقتنا العربية تربة صالحة لاستنساخها.
مع ذلك، فإننا نحاول أن نضع الامور حيث هي، ذلك ان المبالغة في الدور السوري ومواقفه ازاء الازمة الجورجية، تعطي دمشق دوراً اكبر مما هي تستطيع، كما ان اللاعب الروسي يمتلك الادوات الاكثر قدرة على المناكفة من سورية، كما انه يتطلع الى داخله اكثر مما يراقب من حوله، ونقصد هنا وضعه الداخلي الذي يمكن أن يهتز اذا ما انتقلت افغانستان الى جمهورياته الاسلامية، والامر بنظرنا اكثر تعقيداً من ان نجعل من الموقف السوري معياراً لتحولات الحرب الباردة الثانية!!.
عن صحيفة الايام الفلسطينية
27/8/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.