الحرب البارد أحمد ذيبان كلام كثير يتردد حول عودة الحرب الباردة بين واشنطن ومن خلفها الاتحاد الاوروبي وموسكو منفردة،منذ انتفضت روسيا في وجه الاستفزاز الجورجي بمهاجمة اوسيتيا الجنوبية ومجمل القراءات تشير ان حماقة ساكشفيلي لم تكن بعيدة عن التشجيع الاميركي، وقد وصلت تداعيات ازمة القوقاز الي حرب كلامية ومواجهة دبلوماسية ، وخلافات عميقة داخل مجلس الامن ،بل ثمة مؤشرات علي ان موسكو التي اوقفت تعاونها مع حلف شمال الاطلسي ، بدأت التفكير باعادة بناء تحالفات دولية في مناطق استراتيجية وعرض تقديم اسلحة متقدمة ،لبعض حلفائهات كما حدث خلال زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الي موسكو!. وجاء توقيت توقيع اتفاقية نشر جزء من الدرع الصاروخي الامريكية ،علي الاراضي البولندية مع انفجار حرب القوقاز ،ليصب مزيدا من الزيت علي النار ، رغم وجود اتفاق مبدئي بين البلدين قبل ازمة القوقاز،وكان لافتا اعلان الرئيس الاسد استعداد دمشق ،لبحث نشر صواريخ استراتيجية روسية علي الاراضي السورية. هناك حراك جدي يجري علي الساحة الدولية،باتجاه نهاية حقبة القطب الواحد"الولاياتالمتحدة"التي عاثت في الارض فسادا، بسبب سياستها الحمقاء المستندة الي الاكاذيب ،واعتمادها علي غطرسة القوة ،وشهوتها الجارفة لفرض هيمنتها الكاسحة علي الاخرين واذلالهم ،خلال ولايتين بائستين للرئيس بوش الابن ، سجل خلالهما رقما قياسيا،في كسب الكراهية للسياسة الامريكية! . لكن عند الحديث عن عودة الحرب الباردة يجدر الاخذ بعين الاعتبار المعطيات التي كانت قائمة حينذاك،واهمها الصراع الايديولوجي بين المعسكرين الراسمالي بقيادة الولاياتالمتحدة والاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي السابق ،حيث كانت واشنطن وحلفاؤها في حلف الاطلسي يستخدمون النظرية الشيوعية كذريعة للحرب الباردة فيما كانت موسكو ومن خلفها حلف وارسو يرفعون شعار مواجهة الامبريالية والراسمالية المتوحشة،ووسط رياح الحرب الباردة كانت تجري حروب بالوكالة في مناطق عديدة من العالم ،وكانت معظم دول العالم عرضة للاستقطاب والتبعية لاحد المعسكرين،وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي اصبحت العديد من الجمهوريات التي كانت جزءا منه، اما خصوما او اعداء لروسيا ، واشتعلت صراعات وازمات ذات طابع عرقي في مناطق تعتبرها روسيا جزءا من مجالها الحيوي ،وتوسع حلف الاطلسي وضم الاعضاء السابقين في حلف وارسو، واقترب من ابواب موسكو!.ولم يعد بامكان الكرملين السكوت. اليوم ليس لدي روسيا نظرية كونية تسعي لنشرها وترويجها في العالم،بمعني انها غير معنية كثيرا في بسط نفوذ عسكري وسياسي عبر القارات الا في حدود الدفاع عن مصالحها الحيوية كدولة كبري تمتلك ترسانة نووية هائلة ،لكن الامر الواضح ان روسيا بدأت مرحلة جديدة في غير صالح واشنطن،وبعض القراءات تعتقد ان الحرب الباردة اصبحت امرا واقعا، بل ان بعض المراقبين لا يستبعد ان تكون جورجيا شرارة حرب عالمية جديدة ! وقد تكون المواجهة الراهنة بين واشنطنوموسكو مرحلة عض اصابع ومحاولة كل طرف لي ذراع الاخر،لاعادة ترتيب الاوراق وفقا لمصالح البلدين،دون استبعاد الاتفاق علي تسوية ،لكن المسألة مرتبطة بمسار السياسة الامريكية خلال الفترة المقبلة، وفي خضم هذا الحراك الدولي يبقي العرب يتفرجون لا حول لهم ولاقوة!. عن صحيفة الراية القطرية 23/8/2008