العمالة المصرية في ليبيا.. والمعاملة بالمثل هيثم سعد الدين بعد أزمة الاجراءات الاخيرة من فرض قيود جديدة علي دخول المصريين الي ليبيا وحضور السيد محمد سيالة الأمين المساعد للجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي بالجماهيرية الليبية الي القاهرة اوائل الاسبوع الماضي, وعقد اجتماع بالخارجية مع وزيرة التعاون الدولي السيدة فايزة أبو النجا ووزيرة القوي العاملة والهجرة السيدة عائشة عبد الهادي, نفي بعدها السيد سيالة مزاعم بعض وسائل الاعلام علي حد قوله فرض قيود جديدة علي دخول المصريين الي ليبيا. وهنا ينطبق المثل الشعبي عندنا علي هذا النفي والذي يقول اسمع كلامك اصدقك اشوف امورك استعجب لأن هذه التصريحات نفي من الجانب الليبي للحقيقة القائمة وهي أن الجانب الليبي عقد العزم علي تنظيم سوق العمالة الأجنبية الوافدة إلي بلاده, خاصة ان ليبيا كانت في الماضي تتبع سياسة الابواب المفتوحة, وتسمح بوجود هذه العمالة بغير قيد أو شرط مما أدي الي وجود أعداد كبيرة من المصريين والجنسيات الاخري المختلفة. الا ان ليبيا في ظل الظروف الحالية مصرة علي تنظيم هذه العمالة ولا ترغب في تدفق عمالة جديدة بدون تنظيم وبدون عقود عمل مسبقة في الوقت الذي تبذل فيه جهودا لتنظيم الوضع الراهن للعمالة الاجنبية الموجودة علي اراضيها والتي تعتبر العمالة المصرية احد أكبر مكوناتها, واشترطت ليبيا ان يكون العامل الذي يعمل لديها قد وفق اوضاعه بطرق قانونية بمعني انه لابد ان يكون حاصلا علي شهادة صحية تفيد خلوه من مرض الايدز وفيروس( سي) وان يكون حاصلا علي عقد عمل رسمي موثق من الجهات الرسمية ويسجل في الضمان الاجتماعي وفي الضرائب, وبعد ذلك يتم منح العامل اقامة لمدة عقد العمل. في الواقع ان هذه الاجراءات كان من الصعب تقبلها من العمالة المصرية التي تعودت ان تعمل في ليبيا بحرية كاملة وازاء عدم استجابة العمالة المصرية لقرارات التنظيم فقد قررت السلطات الليبية ان يكون الدخول من منفذ السلوم البري مقصورا علي العمال الذين يحملون عقود عمل موثقة من السفارة الليبية في مصر وهو شرط شديد الصعوبة, ويعني في الواقع فرض تأشيرة علي العمال المصريين الراغبين في الدخول الي ليبيا. وتبرر السلطات الليبية هذا بعدد من الامور: * ان هناك تدفقا كبيرا للمصريين الذين يدخلون ليبيا بقصد الهجرة غير الشرعية الي اوروبا, وان اشتراط عقد العمل هو أساسا لقطع الطريق امام هذه الفئة التي لم تستطع الاجراءات الامنية حتي الان ايقافها. * مع تزايد العمالة المصرية فقد اصبحت سوق العمل الليبية قاصرة عن استيعابها مما أدي الي وجود مظاهر سيئة للعمالة المصرية مثل وجود اعداد كبيرة تحت الكباري والميادين العامة الي آخره. * إن هذه الإجراءات من وجهة نظر السلطات الليبية تهدف إلي إلزام العمالة المصرية بتوفيق أوضاعها, وهو ما يحقق في الواقع مصلحتها وضمان حقوقها. اما فيما يتعلق بمدي اتفاق الاجراءات الليبية مع اتفاقية الحريات الاربع. فانه من الواضح من وجهة النظر المصرية وبالتحديد المنطقي انها لاتتفق مع هذه الاتفاقية الا ان السلطات الليبية تقول ان اجراءات التنظيم لاتتعارض مع هذه الاتفاقية, ويستندون في هذا الي ان السيدة وزيرة القوي العاملة والهجرة عائشة عبد الهادي قبلت في مذكرة التفاهم التي وقعتها في اثناء انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين مصر وليبيا في ديسمبر الماضي بطرابلس مع نظيرها المهندس معتوق محمد معتوق تنظيم سوق العمالة الاجنبية في ليبيا وحرص مصر وتضامنها مع الجانب الليبي في ذلك, وان المصري الراغب في دخول ليبيا لابد أن يكون حاصلا علي عقد عمل موثق, وقبلت بمجمل الاجراءات الليبية وان الجانب الليبي بالتالي يطبق ما ورد في مذكرة التفاهم الخاصة بتنظيم العمالة الاجنبية في ليبيا. واذا فرضنا جدلا ان الجانب المصري كان موافقا علي شرط ابرام عقد العمل, وموافقا الآن ايضا علي وجود هذا العقد قبل دخول العامل الي ليبيا, فماذا عن مصير من يفدون الي ليبيا للتجارة او للزيارة او لأي غرض آخر؟؟ ثم ماذا عن الاشخاص الذين كانوا يعملون في ليبيا حتي بدون عقود عمل ثم توجهوا الي مصر في اجازة الصيف ولن يستطيعوا العودة لأخذ مستحقاتهم او متعلقاتهم الشخصية, وهناك آلاف ممن علقوا علي الحدود ولم يستطيعوا الدخول لاخذ حقوقهم ومكافآتهم وانهاء اعمالهم لدي صاحب العمل بشكل يكفل حق كل منهم. وفي الواقع ان هذه الاجراءات سوف تؤدي الي تقليص العمالة المصرية الموجودة في ليبيا, وان اشتراط الحصول علي عقد عمل لعبور الحدود البرية سوف يقلل الي حد كبير جدا تدفق العمالة المصرية إلي ليبيا بالإضافة الي قيام ليبيا بحظر بعض المهن علي المصريين, وايضا انهاء ما كان يتمتع به المصريون من مجانية التعليم في ليبيا, حيث ان المصري مطالب بدفع رسوم كبيرة لابنائه في المدارس الليبية بعكس مايطبق علي الطلاب الليبيين في مصر حيث يتم اعفاؤهم تماما من جميع مصاريف التعليم. ونأمل ومع تقديرنا لاجراءات تنظيم العمالة الاجنبية في ليبيا في ان تكون هذه الاجراءات منطلقة من احترام المباديء الاساسية لاتفاقية الحريات الاربع, وان يتم تطبيقها في اطار تصور استراتيجي للعلاقة المتميزة بين الشعبيين وعدم اعطاء الفرصة لمن يريدون الاساءة الي هذه العلاقة. نريد ان نناقش اتفاقية الحريات الاربع ومدي تطابقها مع ماحدث, وما إذا كان الجانب الليبي يرغب في تغييرها وهذا حقه من عدمه, فالمواطن الليبي الشقيق يمكنه الدخول والعمل والتجارة والشراء والتملك والاقامة في مصر بدون اية عوائق في حين ان المواطن المصري لايمكنه ذلك, نريد ان نري معاملة مميزة ونحن نعلم ان القيادة الليبية تشعر وتبدي حبا لمصر والمصريين للعمالة المصرية في ليبيا تتفق وخصوصية العلاقات بين البلدين وتاريخها وتشابكها في كل المراحل التي مرت, وما ابدته مصر دائما من مساندة لليبيا في سنوات صعبة سابقة علي كل المستويات, فهل يمكن ان نري ذلك يتحقق؟ عن صحيفة الاهرام المصرية 19/9/2007