التمكين الاقتصادي للمرأة والابتكار.. أبرز توصيات مؤتمر التخطيط القومي    البورصة تعلن الخميس المقبل إجازة رسمية بمناسبة ذكرى رأس السنة الهجرية    رئيس «القومي للمرأة» تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    «إعلام القاهرة» يناقش مستقبل الصحافة في العصر الرقمي وتحديات الذكاء الاصطناعي    وزارة الأوقاف تفتتح مركز الثقافة الإسلامية بالمنوفية بحضور المحافظ وقيادات الدعوة    بروتوكول تعاون بين الجامعة البريطانية في مصر و«إندكس الإماراتية» لتنظيم المؤتمرات والمعارض    «مصر للطيران» تطالب عملائها بضرورة مراجعة حجوزاتهم قبل السفر (تفاصيل)    «السياحة» تشارك في اجتماعات الهيئات الفرعية لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ    وسائل إعلام إسرائيلية: حدث أمني «صعب» في قطاع غزة    الهروب إلى النوافير.. درجات الحرارة تقارب ال 100 درجة بواشنطن الأمريكية    شركة طيران العال الإسرائيلية تنظم جسرا جويا لإعادة آلاف الإسرائيليين بعد وقف إطلاق النار مع إيران    وزير الداخلية يبحث مع نظيره الصربي التعاون في مجال مكافحة الجريمة (تفاصيل)    ميرتس مطالبا بتشديد العقوبات على روسيا: بوتين لا يفهم سوى لغة القوة    جدول ترتيب هدافي كأس العالم للأندية 2025.. مركز وسام أبوعلي    رسميًا.. أحمد سامي مديرًا فنيًا لنادي الاتحاد السكندري    هيمنة بلا فاعلية.. الأهلي يدفع ثمن إهدار الفرص أمام بورتو (فيديو وصور)    ضعف لياقة مبابي يؤخر عودته لتشكيلة ريال مدريد    حقيقة اقتراب الزمالك من حسم صفقة الكونغولي جوليس أهواكا (خاص)    تغيير موعد المؤتمر الصحفي للإعلان عن مدرب منتخب اليد الإسباني باسكوال    إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص ونقل على الطريق الصحراوي بالإسكندرية    برقم الجلوس.. موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025 فور اعتمادها رسميًا    تأجيل جلسة محاكمة «توربيني كفر الدوار» لجلسة الغد    سقوط "مستريحة القروض" بالمحلة بعد استيلائها على أكثر من 3 ملايين جنيه    تشييع جثمان الكاتب الصحفي محمد عبد المنعم بحضور نجوم الفن والصحافة (فيديو)    «مطلعينه أراجوز».. أسرة العندليب تهاجم مهرجان موازين بعد حفل الهولوجرام    فيلم شبابي يشاهده 1.4 مليون شخص في السينمات المصرية.. من أبطاله؟    مطالبا بضرورة احترام استقلال الدول وسيادتها على كامل أراضيها.. الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر    الحكومة تعقد أول اجتماعاتها بمقر «العلمين الجديدة» غدا    دمشق تودّع شهداء كنيسة مار إلياس.. صلاة رحيلهم وزيارات للمصابين    "مصر.. متحف مفتوح".. فعالية جديدة لصالون نفرتيتي الثقافي في قصر الأمير طاز    جامعة القاهرة تطلق خريطة أنشطتها الصيفية لدعم إبداعات الطلاب واكتشاف مواهبهم    أمير الكويت يترأس اجتماعا لمجلس الدفاع الأعلى    طب قصر العيني تستقبل وفد سفارة غينيا في إطار دعم برنامج "Kasr Al Ainy French – KAF"    الأمن الاقتصادي: ضبط 1257 قضية ظواهر سلبية.. و1474 سرقة تيار كهربائي    "وحشتينا".. إلهام شاهين أنيقة في أحدث ظهور لها    المفوضية الأوروبية ترحب بالإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    هل القرض حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    الأهلي يقترب من إعلان صفقة جديدة.. الغندور يكشف التفاصيل    حريق هائل في مخزن مواسير بلاستيك بسوهاج    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 153 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات    انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    فرقة بورسعيد تعرض «اليد السوداء» على مسرح السامر بالعجوزة    ضبط 10 آلاف قطعة لوليتا فاسدة ومخازن مخالفة في حملة رقابية ببني سويف    إزالة 10 تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 26 بالشرقية    قبل الإعلان الرسمي.. كيركيز يجتاز الكشف الطبي في ليفربول    وزير الإسكان يتابع موقف منظومة الصرف الصحي بمدن شرق القاهرة    مركز البحوث الطبية والطب التجديدي يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الأهلية    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    قافلة طبية للكشف على نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الخانكة    افتتاح الملتقى الأول للتوظيف والإبداع ب«فنون جميلة المنصورة»    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    وزير النقل يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من السفن العملاقة    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    فانس: قضينا على البرنامج النووي الإيراني ونأمل ألا تعيد طهران تطويره    ثقف نفسك | هل تعرف هذه الأسرار العشر عن إيران؟.. حقائق ستفاجئك    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا أتاتورك الحديثة.. وتركيا أردوغان الأحدث
نشر في محيط يوم 18 - 09 - 2007


تركيا أتاتورك الحديثة.. وتركيا أردوغان الأحدث
فؤاد مطر
مع ان لعبة الأكثرية والمعارضة في تركيا ليست بالحدة التي هي عليها في لبنان، إلاَّ ان إخراج الأزمة التركية من عنق الزجاجة يصلح أمثولة تستحق التأمل فيها من جانب أطراف الأزمة في لبنان.. هذا اذا شاءت هذه الاطراف ان تتأمل او سُمح لها ان تتأمل.
اراد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة التركية مكافأة رفيقه عبد الله غول الذي كان اول رئيس حكومة ل«حزب العدالة والتنمية» الذي يترأسه اردوغان والذي لم تساعد ظروف العضوية في البرلمان على ان يكون هو رئيس الحكومة فاختار عبد الله غول الذي ما لبث ان رد الأمانة إلى صاحبها لمجرد أن اتاحت الظروف المشار اليها الفرصة امام ان يترأس اردوغان الحكومة، التي بات غول فيها راضياً ومن دون اي تبرُّم وزيراً للخارجية.
مع اقتراب نهاية الولاية الرئاسية للرئيس أحمد نجدت سيزر ابلغ اردوغان رفيقه غول بأن يستعد ليكون مرشح «حزب العدالة والتنمية» لرئاسة الجمهورية. ثم اعلن ذلك على الملأ فقامت قيامة العلمانيين والجنرالات بذريعة ان «خير النساء» زوجة غول محجَّبة وان على السيدة الاولى ان تكون حاسرة الرأس.
واحتكمت تركيا الاردوغانية وتركيا العلمانية بكل اطياف المعارضة ومعها جنرالات المؤسسة العسكرية الى الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الأحد 22-7-2007 فكان الفوز من نصيب حزب «العدالة والتنمية» الذي نال 47 في المائة من اصوات الناخبين كما ان النسبة الكبرى من النساء اللواتي فُزْنَ في الانتخابات (31 امرأة من اصل 45) انتُخِبن تحت لائحة الحزب الاردوغاني، وبذلك ستكون رئاسة الحكومة ايضاً للزعيم الاسلامي المقبول اقليمياً ودولياً والمرحَّب به اوروبياً رجب طيب اردوغان الذي زوجته ايضاً محجَّبة.
تراجعت الذرائع العلمانية بعد الفوز المبهر لحزب اردوغان في الانتخابات وهذا زاده اصراراً على ترشيح غول لرئاسة الجمهورية. وعلى وقع تصريحات هجومية من جانب العلمانيين جرى التصويت في البرلمان مرتين دون ان يفوز غول لأنه لم يحصل على غالبية الثلثين. وفي المرة الثالثة حصل الفوز المبين بالأكثرية المطلقة اي ب 276 صوتاً من الاعضاء ال 550 في مجلس النواب مع ملاحظة أن لحزب «العدالة والتنمية» 340 نائباً.
لكن الجنرالات في شخص رئيس الاركان امتعضوا اشد الامتعاض وبدأوا توجيه رسائل ذات دلالات من بينها رفض الجيش دعوة السيدة الاولى الى حضور العرض العسكري، لمناسبة انتصار القوات التركية على القوات اليونانية في 30-8-1922، وذلك بسبب حجابها.
كما ان رئيس الاركان الجنرال يشار بويوكانيت الجالس بين اردوغان وغول في المنصة لم يتحدث اليه مطولا وكان قبل يوم امتنع وعدد من الضباط عن مصافحة الرئيس في مناسبة حفل تسليم شهادات في مستشفى عسكري في انقرة الأمر الذي حمل بعض الصحف على انتقاد هذا التعامل الخشن وغير اللائق من العسكريين مع رئيس البلاد. لكن على الرغم من هذه الخشونة قال اردوغان في كلمته لمناسبة عيد النصر: «ان من الضروري لنا ان نتوحد حول قِيَمْ امتنا ومميزات جمهوريتنا والأهداف المشتركة اكثر من اي وقت مضى وان ننحي خلافاتنا جانباً...».
وذريعة الحجاب ليست كل شيء، بل وليس الحجاب هو الدافع الاساسي الى هذا الاسلوب الذي يصل الى مرتبة الموقف، وإنما الدافع الحقيقي هو الحقد في نفوس الجنرالات لأن اردوغان كزعيم اسلامي معتدل شكلا ولباساً وحديثاً ورؤية واقعية للعلاقة مع المجتمع الدولي، قطع الطريق على هيمنة المؤسسة العسكرية على المؤسسات السياسية وعطَّل في الجنرالات شغفهم في قلب الحكومات واهانة رؤسائها على نحو ما اصاب رؤساء أربع حكومات خلال ستين سنة آخرهم رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب «الرفاه» الذي تغيَّر الى «حزب الفضيلة» بعد حل حزب «الرفاه» نجم الدين اربكان الذي ورثه اردوغان بعد عملية تجميل جذرية للعمل الحزبي الاسلامي وبذلك لم تعد مبررات انقضاض الجنرالات على الرؤساء المدنيين موضع ارتياح الرأي العام لها، لكن الجنرالات يبذلون ما في الوسع لاستعادة القبضة كي لا يصيبهم ما اصاب زملاءهم جنرالات الجيش الجزائري في عهد الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة.
وجنرالات تركيا كما جنرالات الجزائر تنطبق عليهم مع بعض التعديل «خسرنا جولة ولم نخسر الحرب». وإلاَّ فما معنى ان نبتة العنف في الجزائر ظهرت من جديد وفي صيغة التفخيخ هذه المرة؟ وما معنى ان جنرالات تركيا لا يصافحون رئيس البلاد الذي هو القائد الاعلى للقوات المسلحة ولا يحترمون الأصول ودعوة زوجته «خير النساء» لأنها محجَّبة كما ابنتها «كوبرا» ذات العشرين ربيعاً وكما زوجة رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان الذي يحكم البلاد منذ العام 2002 وكما ايضاً معظم نساء «العدالة والتنمية» بمن فيهن عضوات البرلمان.
بعد طول عناد زار رئيس الجنرالات القصر الجمهوري وهنأ رئيس البلاد عبد الله غول الذي فتح ابواب القصر امام الجميع من دون استثناء بمن في ذلك بعض المطربات والنساء المحجَّبات ونواب اكراد الأمر غير المسبوق في دنيا الرئاسة التركية.
اما اردوغان رجل تركيا القوي الثاني بعد الأول مصطفى كمال اتاتورك فإنه، وقد نجح في اول انقلاب مدني سلس على الجنرالات اصحاب الباع الطويل في قلب الحكومات المدنية، كان غارقاً في التحضير للانقلاب الثاني انما على الدستور او فلنقل اعادة صياغة تركيا بحيث تأخذ الاردوغانية مكانها جنباً الى جنب مع الاتاتوركية وبذلك لا تعود المؤسسة العسكرية تتصرف على نحو ما تمارسه منذ نصف قرن لم يذق فيه المدنيون طعم الحكم المستقر.
وبذلك يكون أردوغان استنبط معادلة جديدة جعل من خلالها العالم يرتاح الى تركيا الأحدث على يديه بعد تركيا الحديثة على يديّ مصطفى كمال أتاتورك، ولا يخشى الإسلام بالتطبيق التركي الأردوغاني... وهو ما يحتاجه هذا الدين الذي تتنازع مفاهيمه تيارات وأحزاب طالما أساء بعضها نتيجة سوء التصرف والتخبط في التعاطي مع العالم الخارجي غير المسلم.
عن صحيفة الشرق الاوسط
18/9/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.