عالم يتغير احمد عمرابي ما هو المغزى الحقيقي للأزمة الروسية الغربية بشأن القوقاز؟
بافتعالها الأزمة على نحو فجائي هل أرادت موسكو أن تثبت أن القوة العظمى الأميركية أصابها وهن؟
ما يغري بهذا المنحى في التفكير هو أنه ليس من المعقول أن تعمد قوة دولية عريقة كروسيا إلى ابتداء خطوة عسكرية استفزازية للولايات المتحدة والغرب دون أن تحسب مقدماً حسابات العواقب.
لقد شنت روسيا حملة عسكرية مكشوفة على دولة أوروبية جورجيا مرشحة لعضوية الحلف الأطلسي الغربي، ويحكمها نظام موالٍ تماماً للولايات المتحدة، لتتحول جورجيا بعد ذلك إلى مستعمرة تحت الاحتلال الروسي.
إن المغزى الأعظم لهذا التطور هو أن القيادة السياسية الروسية توصلت أخيراً إلى قناعة بأنه آن الأوان لتحدي القوة الأميركية العظمى دون الخشية من حدوث رد فعل خطير، لقد أرادت موسكو فيما يبدو أن تثبت للعالم أن الولاياتالمتحدة قد دخلت مرحلة عجز.
استناداً إلى هذا الاستخلاص نستطيع أن نقول إنه مع مرور الأيام سوف تتصاعد الأزمة في القوقاز ليتسع نطاقها الجغرافي فتشمل بالتداعي مناطق أخرى في العالم.
على مدى زمني ما من الصعب تحديده سيبقى الصراع الروسي الأميركي محصوراً في مصير جورجيا، لكن مع توالي الأفعال وردود الأفعال سوف يمتد اللهيب إلى منطقة القوقاز بأكملها.. ثم يشمل في مرحلة لاحقة دول آسيا الوسطى.
وإذا استطال غياب الدبلوماسية المكثفة بين موسكو وواشنطن لإخماد اللهيب فإن الصراع قد ينتقل إلى بؤر أخرى جاهزة. وفي هذه الحالة ستعمد روسيا إلى تقديم دعم بأشكال مختلفة إلى دول مصنفة كأعداء من المنظور الأميركي.
وفي منطقة الشرق الأوسط تحديداً فإن موسكو سوف تقوم بتنشيط وتقوية علاقاتها مع إيران وسوريا والسودان.
أكثر من أي وقت مضى سوف تدعم روسيا البرنامج النووي الإيراني ورفع مستوى الإمدادات العسكرية لسوريا وتحديث سلاح «حزب الله» اللبناني، واستثمار المدخل السوري لتحدي النفوذ الأميركي في لبنان.. ثم مساعدة صناعة النفط الوطنية في السودان.
العالم يتغير.. والتمرد على أميركا يتزايد. فبالإضافة إلى روسيا هناك التحدي الاقتصادي لأميركا من القوى الاقتصادية الصاعدة: الصين والهند والبرازيل.
من هذا المنظور نتابع تطورات الوضع في القوقاز. عن صحيفة البيان الامارتية 23/8/2008