العرب والصراع الأميركي الروسي أحمد عمرابي عادت الحرب الباردة.. فهل العرب على استعداد لاستثمارها؟
يجري الآن صدام مسلح بين روسيا وجورجيا داخل الأراضي الجورجية، وإذا أخذنا في الاعتبار أن النظام الحاكم في جورجيا الواقعة على الجوار الروسي بقيادة ميخائيل ساكاشفلي مصنف عالمياً كنظام عميل للولايات المتحدة يسعى إلى إلحاق بلاده بعضوية الحلف الأطلسي الغربي، فإن القتال الدائر يصح أن يعتبر حرباً أميركية روسية. إذن يمكن القول إن عصر الحرب الباردة بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي لم ينته تماماً بتفكك الاتحاد السوفييتي في مطلع عقد التسعينات.
على مدى عقد زمن أو أكثر من ذلك الحين ساد انطباع عالمي إلى درجة القناعة بأن روسيا تحت قيادة الرئيس ميخائيل غورباتشوف وخلفه الرئيس بوريس يلتسين قد تحولت إلى مستعمرة غربية بالمفهوم الاقتصادي بالدرجة الأولى، ولكن خلال العقد التالي ثبت بالتدرج تحت حكم الرئيس فلادمير بوتين بدعم من المؤسسة العسكرية أن روسيا لاتزال تتمتع بقوائم وإمكانيات القوة العظمى.
ورويداً استطاعت روسيا بوتين أن تفرض نفسها على ساحة الصراع الدولي ضد الولاياتالمتحدة. لقد برزت القوة الروسية الجديدة وتحديها للغرب عامة وأميركا خاصة من خلال موقفين: صمودها ضد المشروع الأميركي لنشر الدرع الصاروخي على الجوار الجغرافي في تشيكيا وبولندا.. ورفضها العنيد لاستقلال إقليم كوسوفا عن صربيا.
الآن تبرز جورجيا كبؤرة جديدة أشد خطراً في مسلسل الصراع الأميركي الروسي لأنه في هذه الحالة تحديداً وقع تدخل عسكري روسي مباشر، فقد اقتحمت القوات الروسية أراضي جورجيا من البر والبحر والجو بل واحتلت الإقليم الجنوبي الجورجي المتطلع إلى انفصال من أجل الانضمام إلى روسيا.
هذا عصر جديد لحرب باردة بين القوتين العظميين تتخذ في بعض الحالات طابعاً ساخناً، وليس من العسير إذن التنبؤ بأن دائرة الحرب الباردة مرشحة للتوسع لتشمل بؤراً جديدة من بينها منطقة الشرق الأوسط.. بما يفيد أن روسيا ستكون على استعداد لإقامة تحالف استراتيجي يجمع معها العرب وإيران في جبهة موحدة ضد الثنائي الأميركي الإسرائيلي.
فهل يتجاوب العرب مع هذه الفرصة التاريخية الفريدة؟ عن صحيفة البيان الاماراتية 13/8/2008