بعد ارتفاعها 920 للجنيه.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 25 مايو 2025 محليًا وعالميًا    رئيس قسم الزلازل بالبحوث الفلكية يوضح الفارق بين زلزال 1992 والهزات الأخيرة    «اسم مفاجأة».. بيسيرو: طالبت الزمالك برحيل هذا اللاعب    قطع المياه عن هذه المناطق بالقاهرة لمدة 8 ساعات.. تعرف على التفاصيل    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    الدفاع الروسية تعلن اعتراض 95 مسيرة أوكرانية خلال الساعات الماضية    مسيرات تحلّق قرب القصر الرئاسي في أوكرانيا    استشهاد 5 فلسطينيين فى غارة للاحتلال على دير البلح    «بطلوا تبصولي في القرشين».. عمرو أديب: زميلنا جو روجان بياخد 250 مليون دولار في السنة    تسريب في أحد أنابيب نقل النفط الخام جنوب الزاوية بليبيا.. وجهود متواصلة لإيقافه    الجيش الإيراني يؤكد التزامه بحماية وحدة أراضي البلاد وأمنها    رسميًا بعد قرار المركزي.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي    قرار عاجل من النيابة بشأن "طفل المرور" في واقعة ضرب طالب ب"عصا بيسبول"    السيطرة على حريق التهم "كشك" في حلوان والأمن يحقق في تراخيصه    6 نصائح للحفاظ على سلامة العيون أثناء أداء مناسك الحج    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    ياسمين رضا تترك بصمتها في مهرجان كان بإطلالات عالمية.. صور    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    "إكس" تعود للعمل بعد انقطاعات في الخدمة امتدت لساعات    سعر الأسمنت والحديد بسوق مواد البناء اليوم الأحد 25 مايو 2025    "دفاع الشيوخ": قانون الانتخابات يرسخ مبادئ الجمهورية الجديدة بتمثيل كافة فئات المجتمع    العثور على جثة شاب مقتولاً فى ظروف غامضة بأسوان.. اعرف التفاصيل    "العربية للسياحة" تكشف تفاصيل اختيار العلمين الجديدة عاصمة المصايف العربية    زيلينسكي: المرحلة الثالثة من تبادل أسرى الحرب ستُنفذ الأحد    المخرج الإيراني جعفر بناهي يحصد السعفة الذهبية.. القائمة الكاملة لجوائز مهرجان كان    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    "القومي للمرأة" يهنئ وزيرة البيئة لاختيارها أمينة تنفيذية لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    استعدي لعيد الأضحي.. أفضل طريقة لتنظيف الكنب و فرش الأثاث بدون كيماويات    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    شريف فتحي: 30% زيادة في الأسعار السياحية والطلب على الساحل الشمالي يتجاوز الطاقة الفندقية    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    موجة حر شديدة تضرب القاهرة الكبرى.. انفراجة مرتقبة منتصف الأسبوع    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    رحلة "سفاح المعمورة".. 4 سنوات من جرائم قتل موكليه وزوجته حتى المحاكمة    أول رد من «الداخلية» عن اقتحام الشرطة لمنزل بكفر الشيخ ومزاعم تلفيق قضية لأحد أفراد العائلة    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    "بعد إعلان رحيله".. مودريتش يكشف موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية مع ريال مدريد    بيسيرو: رحيلي عن الزمالك لم يكن لأسباب فنية    بعد غياب 8 مواسم.. موعد أول مباراة لمحمود تريزيجيه مع الأهلي    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    «الرمادي»: كنا بحاجة إلى تحقيق الفوز لاكتساب الثقة بعد فترة من التعثر    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    رمضان عبد المعز: التقوى هي سر السعادة.. وبالصبر والتقوى تُلين الحديد    «أباظة» يكرم رئيس حزب الجبهة الوطنية في ختام مؤتمر الشرقية| فيديو    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    بسبب مضاعفات ما بعد الولادة.. وفاة أول رجل عربي "حامل"- صور    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    محافظ الغربية يتفقد مستشفى طنطا العام الجديد في أول أيام استقبال الطوارئ    وزير الشؤون النيابية بمؤتمر حزب الجبهة الوطنية: نفتح أبوابنا لكل الرؤى    اغتنم فضلها العظيم.. أفضل الأدعية والأعمال في عشر ذي الحجة ويوم عرفة 2025    رئيس «برلمانية التجمع»: وافقنا على قانون الانتخابات لضيق الوقت ولكن نتمسك بالنظام النسبي    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقارنة مغلوطة بين فيتنام والعراق
نشر في محيط يوم 06 - 09 - 2007


مقارنة مغلوطة بين فيتنام والعراق
محمد الخولي
مراقبو المشهد السياسي الأميركي الراهن، سواء في العاصمة الرسمية واشنطن، أو في العاصمة الدولية نيويورك (حيث نكتب هذه السطور) رفعوا الحواجب دهشة واستغرابا عندما سمعوا أحدث تصريحات الرئيس الأميركي بوش التي قارن فيها دور أميركا الراهن في العراق بدور أميركا السابق في فيتنام.

في نيويورك تايمز (عدد 27 أغسطس) يكتب ستيفن لي مايرز تحليلا سياسيا يذهب فيه إلى أن استراتيجية السيد بوش في العراق أصبحت تعاني مما يصفه المحلل الأميركي بأنه «أزمة مصداقية» لدى الرأي العام في الولايات المتحدة، وإن كان يزيد من وطأة هذه الأزمة أن ساكن البيت الأبيض يواجهها بنفس الأسلوب الذي واجه به أزماته السابقة وهو: شن حملة شعواء بغير هوادة لإقناع الناس بأن يروا الأشياء كما يراها السيد بوش شخصيا.

يتطرق الكاتب الأميركي إلى تصريحات الرئيس بوش في منتصف أغسطس الماضي حين قطع إجازته السنوية في منتجع كرافورد بولاية تكساس ليلقى خطابا في جمع من قدامى المحاربين ويعقد فيه المقارنة التي جلبت على الرئاسة الأميركية انتقادات مريرة وصلت إلى حدود الهجوم والرفض من جانب قطاعات شتى من جماهير الأميركيين.

ولا يدري أحد ما الذي دفع خبراء الميديا ودهاقنة العلاقات العامة في البيت الأبيض إلى أن يجروا هذه المقارنة الغريبة على لسان رئيس البلاد؟

لقد ظل وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد يرفض، أو فلنقل يتجاهل، العودة إلى استخدام لفظة «مستنقع» (كواجماير بالانجليزية - بالجيم القاهرية غير المعطشة) لوصف الورطة الأميركية الراهنة في أرض العراق.

ورغم سلبيات السيد رامسفيلد، سواء من حيث توريط بلاده والإدارة الحاكمة التي انتمى إليها - أو من حيث بلايين الدولارات التي أنفقت في عملية «الصدمة والرعب» التي استهدفت العراق .

وما ترتب عليها من تآكل سمعة واشنطن الدولية وخسائر أرواح العسكريين النظاميين التي بدأت تقترب من رقم الأربعة آلاف (ناهيك بخسائر الأرواح والإصابات التي ما برحت تقع بين صفوف المقاتلين غير النظاميين الذين يصدق عليهم وصف «المتعاقد» كناية عن «المرتزقة») رغم هذا كله، فقد كان رامسفيلد يدعي أنه لا يعرف وسط الظروف الأخيرة كلمة «مستنقع»®. بل ولم يسمع بها: لأن الرجل كان يعرف كم ارتبط هذا اللفظ بقضية ومأساة فيتنام وكان المطلوب.

ولعله لا يزال مطلوبا، عدم التعرض لمشاركة أمريكا في حرب فيتنام لا من قريب ولا من بعيد.. باعتبار أن التعرض لها من جديد يستدعي إلى العقل الجمعي الأميركي وإلى الذاكرة القومية والوجدان العام لجماهير الولايات المتحدة ذكريات غاية في السلبية..

ليس أقلها صور حشود الناس من كل الأجيال التي كانت تملأ شوارع المدن الكبرى في أميركا وفي عواصم شتى من العالم تندد بواشنطن خلال الستينات، وتنتصر للمقاومة الوطنية الفيتنامية، وما زالت ذاكرة الأجيال المخضرمة التي عاصرت تلك الحرب تعي بالذات صورتين ماثلتين في الأذهان على مدى السنوات الثلاثين إلى الأربعين الماضية:

أولاهما صورة مواطن انجليزي مسّن نحيف القوام، استرسل شعره الأبيض فوق جبين مغضن تحت السنين.. ورغم ملامح النجابة والوقار التي كانت تلوح من هيئة الرجل فقد طالع العالم صورته وقتها جالسا على رصيف الشارع أو قارعة الطريق في لندن..

ولم يكن هذا العجوز الأشيب سوى واحد من أكبر عقول العصر وهو الفيلسوف البريطاني «برنزاند رسل» الحاصل على جائزة نوبل. ورغم أنه كان أيامها قد نيف على التسعين فقد كان يتقدم المظاهرات الشعبية العارمة التي عارضت حرب أميركا في فيتنام.

الصورة الباقية الثانية هي التي عمدت إلى نشرها معظم الصحف الأميركية المحترمة غداة تصريحات ومقارنات الرئيس بوش الأخيرة..

وهي صورة الهليوكوبتر التي ارتفعت عموديا من فوق سطح السفارة الأميركية في سايجون تحمل آخر من ولّى الأدبار من مسؤولي السفارة ومعهم بعض عملائهم من أهل فيتنام.

وفي غمار موقف كان لا بد وأن يثير شعورا بالمهانة والمرارة لدى جماهير الشعب الأميركي. وكم كان يولد شعورا بالمرارة إلى حد الغضب إزاء من زجوا بمصالح أميركا وسمعتها كقوة عالمية لها مكانتها الدولية في غياهب مستنقعات الأدغال الموحلة في جنوب شرقي آسيا.

ولقد شاء كاتبو خطابات بوش أن يجروا على لسانه القول بأن انسحاب أميركا من فيتنام كان خطأ أفضى إلى مزيد من العنف وإراقة الدم.. وهو أمر يصدق في رأي الرئيس الأميركي على احتمالات تطور الأوضاع في أرض العراق.

ومن الطريف أن كاتبي هذا الخطاب الرئاسي أحالوا أيضا إلى ما عبارات الروائي الانجليزي الشهير جراهام جرين (1904-1991) في روايته بعنوان «الأميركي الهادئ» فجعلوا السيد بوش يردد هذه العبارات التي يصف فيها جرين شخصية الأميركي قائلا: «لم أصادف قط إنسانا يصدر باستمرار عن دوافع أفضل بكثير من المشاكل التي يتسبب هو شخصيا في وقعها».

وهنا يعلن الرئيس بوش منتقدا الروائي الانجليزي ورافضا تصوير الإنسان الأميركي بأنه ساذج بقدر ما إنه خطير في كل حال.. فقد أثارت هذه المقارنات بين العراق وفيتنام عواصف من الانتقادات سواء على صعيد قطاعات شتى من الرأي العام لدرجة أن يكتب واحد من قراء نيويورك تايمز مطالبا رئيسه بأن يتخلى عن موقعه متسائلاً هل كان يريدنا أن نبقى في فيتنام لا نغادرها بعد أن منيت بلادنا بأكثر من 58 قتيلا فضلا عن أعداد لا تحصى من الإصابات والعاهات والإعاقات وهل المطلوب أن نفعل الشيء نفسه في العراق؟

قراء آخرون كتبوا يطالبون بالانسحاب من العراق ويؤكدون أن فيتنام تحسنت أحوالها بعد انسحاب الاحتلال الأميركي.. ومنهم من عارض ما ذهب إليه الرئيس بوش في خطاب آخر محذرا فيه من هولوكوست نووي في الشرق الأوسط.

على مستوى الدوائر الفكرية والأكاديمية أثارت تصريحات الرئيس الأميركي تحليلات وتأملات في مسألة عقد المقارنات بين الأحداث التاريخية، أو كما وصفها البعض عملية التنقيح والمراجعة في تناول أحداث التاريخ بقصد استغلالها لأغراض تكييف وتسويغ سياسات الحاضر وبالأدق ولتبرير ما يشهده الواقع المعايش من أخطاء وسلبيات.

يقول السناتور «ماكس كليلاند» وهو من صفوف الديمقراطيين المعارضين: كل أساليب وحملات العلاقات العامة في الدنيا لن تنجح في تغيير الحقيقة بشأن ما حدث على أرض الواقع في فيتنام.. ولا الحقيقة التي ما زالت تتجسد على أرض الواقع في العراق.

وهذا رأي يكتسب مصداقيته من أن صاحبه كان مقاتلا في الجيش الأميركي فيتنام. على الصعيد الأكاديمي أيضا سارع البروفيسور جيفري ريكورد، أستاذ علم الاستراتيجية في كلية الطيران إلى كتابة «نقض» من 9 نقاط يرفض فيه لجوء الرئيس بوش إلى عقد مثل هذه المقارنات أو المشابهات بين الأحداث التاريخية.

وفي هذا ينقل عنه الملحق «ذي ويك أن ريفيو» الأسبوعي السياسي قوله: من الخطورة بمكان إقحام تلك المشابهات أو المقارنات والتناظرات التاريخية لتفسير أحداث وقرارات في الحاضر.

والأخطر في هذا الخصوص هو أن يتم هذا على أيدي واضعي السياسات الذين ينقصهم الإلمام الكافي بوقائع وتفسير التاريخ من جهة، فيما يملكون بين أيديهم أجندات بمعنى مصالح سياسية محددة يريدون تحقيقها من جهة أخرى. نفس الملحق السياسي الصادر بتاريخ 26/8 يحيل إلى كتاب تصادف أنه تخصص في هذا الموضوع وقد صدر عام 1992 بعنوان «مقارنات الحرب: كوريا.. ميونيخ.. ديان بيان فو وفيتنام»®.

وفي الكتاب يحذر مؤلفه يون هونغ الأستاذ بجامعة أكسفورد من عقد تلك المقارنات موضحا أن ساسة أميركا وقادتها ظلوا في عقد الستينات يدفعون باتجاه تصعيد الدور الأميركي في فيتنام..

ويعمدون إلى استدعاء إدانة سياسة التهدئة أو الترضية التي كانت أوروبا تعامل بها هتلر في عقد الثلاثينات من القرن العشرين وكأنما كانت المسألة هي تصعيد الحرب في آسيا حتى لا نفاجأ بهتلر جديد في جنوب شرقها.. وكانت النتيجة هي 15 سنة من الورطة في تلك الأصقاع الآسيوية بكل ما أفضت إليه من استنزاف على أكثر من صعيد.. ما بين البشر إلى خزانة الدولة إلى سمعة البلاد.

والمعنى في التحليل الأخير هو: أن التاريخ لا يعيد نفسه. وليس للبشر أن يتعاملوا معه إلا من منطق العبرة والفهم وليس منطق المقارنة من أجل التبرير.
عن صحيفة البيان الاماراتية
6/9/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.