سيد امين سؤال يلح علي أذهان الكثيرين في عالمنا العربي ومجرد طرحه يعد معيارا لعمق الفجوة التي أحدثتها نظم الحكم والسياسيون في العلاقات بين الثقافتين المتقاربتين التي يؤمن بها العرب سواء او الفرس.
هل نحن فشلنا في فهم إيران أم هي التي فشلت في فهمنا ؟
فنحن - واقصد بها الشعب العربي وليست نظم حكمه- كنا نعتقد ان إيران جزء مكمل لمنظومتنا العربية وانها ليست بعدو قط انما هي حليف استراتيجي مهم , وتعد امتدادا فكريا بالغ الأهمية لامتنا العربية , وكناتج لهذا الإيمان نري أن القوة العسكرية الإيرانية من الممكن - لو حسنت النوايا - ان تصبح رصيدا مضافا للقوة العربية - ان وجدت - ولذلك فنحن نتمني لها النجاح في اجتياز أزمتها النووية
ولكن ثمة أمر محير لدي نظام الحكم القائم في ايران الذي نتفق معه بشده في نصف اشكالياته ومنها موقفه من الصهيونية والمحرقة المزعومة وبرنامجه النووي ونختلف معه بشدة أيضا في النصف الآخر والمتمثل في سعيه لتصدير الثورة الي جيرانه العرب في الخليج لاسيما العراق التي استعملها كرهينة بالمشاركة مع الاحتلال الأمريكي لإملاء إرادته علينا.
ولكل ذلك تثور تساؤلات لدي الشعوب العربية حول الأسباب التي تدفع ايران للتضحية بكل روابطها العربية مقابل سعيها لالتهام العراق ؟ وكيف ترضي ان تصبح فزاعة الخليج العربي مقابل الرضاء الأمريكي الذي لا يمل ولا يكف عن اختلاق الفزاعات الوهمية لابتزاز هذه الإمارات رغم انه اخذ منها ما ينوء عن حمله اولوا القوة وافترش أرضها طولا وعرضا بقواعده العسكرية.
لماذا دفعت إيران بميليشيات حزب الدعوة الإيرانية المنشأ والجذور والوسيلة والشخوص والغاية والأهداف لكي تعتلي حكم العراق المذبوح أمريكيا وعبر جسر بناه أكثر من مليوني شهيد وخمسة ملايين مشوه وستة ملايين لاجئ من إجمالي شعب لا يتجاوز عدد سكانه ال 25 مليونا؟
ولماذا دفعت أيضا بميليشيات أخري مثل ميليشيات بدر الإجرامية وكتائب حزب الله العراقى التى يتزعمها المجرم كريم ماهود وجيش المهديبعد أن مولتها ودربتها وسلحتها ليمارسوا دور المعارضة الوهمية والتصفية الطائفية لاهل السنة العراقيين رغم ان جميع تلك المليشيات الشيعية تحت المظلة الأمريكية وصاحبة توجه إيراني ويرتكبون الفظائع عنها بالوكالة.
انه وبصدق الشعب العربي لا يكن العداء لإيران ولكنه فقط يطلب منها ان ترفع يدها عن العراق وان تتركه لشعبه ومقاومته الباسلة التي تتصدي بشجاعة للاحتلال الامريكي ليحددا مصيره , وانا اعتقد جازما بأن هذا المطلب لو عرض في استفتاء علي الشعب الايراني لوافق عليه فورا بأغلبية كاسحة .
نعم.. لا توجد اية خلافات عربية ايرانية عدا ما سبق , اما ما اثير من نزاعات في الآونة الأخيرة فكلها مجرد أوراق تستعملها النظم الموالية في معظمها لأمريكا لكي يتمكن اي طرف منهما في تقديم الاخر قربانا علي معبد البيت الأبيض بغية التوريث او غض الطرف رغم ان البيت الأبيض لا يحترم هذا ولا ذاك .
وقبل أن نعاتب نظام الحكم في إيران فمن الإنصاف ان نعاتب ايضا نظم حكمنا العربية التي ناصبت ايران العداء ليس لكونها شريكا اصيلا في مأساة العراق - وذلك لكون تلك النظم متورطة أيضا وبشكل جدي ومخز فيها - ولكن مجاملة للاحتلال هناك من اجل ان ينال هو وليست هي -اي إيران- الجزء الأكبر من الكحكة المعجونة بدماء الابرياء.
قد لا أكون مبالغا لو قلت ان إيران لو قررت باكرا رفع يدها عن العراق وسحبت ميليشياتها الحاكمة منه وكشفت عن اسماء مئات الآلاف من الإيرانيين الذين تجنسوا بالجنسية العراقية بغية الإخلال بالتوازن الديموغرافي العراقي بما فيهم نحو 56 الف عنصر امني ومخابراتي لغفر العرب لها خطاياها وأدانوا حكامهم الذين يساعدون الاحتلال سرا وعلانية ولأسقطوا عنهم أقنعتهم الزائفة بوصفهم شركاء أصليين في الجريمة .
فنحن بحق في حاجة الي ايران القوية من اجل إحداث التوازن في المنطقة مع الكيان الصهيوني وفي ذات الوقت نريدها ان ترفع يدها عن عالمنا العربي لا أن توجه تلك القوة ضدنا 'اي نريدها معنا وليس علينا, وهو الامر الذي نعتب نظم حكمنا في عدم سعيها اليه.
وقبل أن أنهي حديثي لا يمكنني إلا أن انبه الي أن العراق الذي ضحي بالملايين من ابنائه لن يتحرر إلا علي يد مقاومته الباسلة بكل فصائلها سنة وشيعة وأنه ليس قاصرا وليس في حاجة لدعم أي نظم تخلت عنه سواء أكانت عربية أو ايرانية أو عالمية.
فقط نقول لايران : عليك ان تتخلي عن مشروعك الامبراطوري الذي لن يكون الا علي حساب العرب وبلدانهم وان تنسحب من جزر دولة الامارات وتتوقف عن التطلع لاحتلال منابع النفط العراقية كما فعلت عندما استولت علي حقل "الفكة" الحدودي مع العراق ودعم الحوثيون الشيعة الذين يتمردون علي السلطة اليمنية بهدف تفكيك اليمن السعيد .
مع تحياتى
*شاعر وصحفى عربى مصرى صاحب مدونة "البأس العربى" albaas.maktoobblog.com