أسعدنى الحظ بالسفر لأسبانيا لمدة شهر مرافقاً لأحد معارض المجلس الأعلى للآثار وقفت فيها على عدة أسباب عايشتها بنفسى عن سر تفوقها السياحى أولها الخدمات السياحية المتاحة والتى تدفعك لزيارة كل مكان بها وهى وجود مراكز للمعلومات السياحية بالميادين العامة مزودة بخرائط للمواقع السياحية وكيفية الوصول إليها وأسعار الخدمات بها وخرائط لشبكة المترو والأتوبيس وكتيبات صغيرة بكل المواقع للتعريف بالخدمات السياحية المتوفرة .
الحدائق والشوارع بأسبانيا هذه الخدمات تتيح لهم الاستغلال الأمثل للمواقع السياحية ففى المناطق الجبلية تجد شبكة تيليفريك تربطها بعضها البعض مع تيسير صعود هذه الجبال بالسيارات أو على الأقدام وبخصوص المنتجات التى تباع بالمواقع السياحية تكون مناسبة لطبيعة الموقع بحيث تربطك بالمكان عكس ما يحدث عندنا .
ففى كل المواقع تباع نفس المنتجات ففى سيناء مثلاً بدلاً من توفر منتجات خاصة بحياة البادية تجد نفس المعروضات التى تعرض بالأقصر وأسوان من تماثيل وجعران وأوراق البردى برسومات فرعونية .
ويمكن أن يباع هذا فى سيناء فى طريق حورس أو سرابيت الخادم مثلاً وغير مناسب فى سانت كاترين ، دهب ، نويبع ، طابا ، شرم الشيخ وغيرها وكذلك اختفاء مظاهر التلوث السمعى والبصرى بأسبانيا يشعرك بالارتياح فلا يقع بصرك على شئ إلا وأحسست بجماله .
اللوحات الفنية هناك لا تقبع داخل المعارض بل هى فى الشوارع والميادين ومحطات المترو ويرسم الكبار والصغار لوحات فى كل المواقع السياحية وأسبانيا كلها موقع سياحى كبير تستقبلك الزهور التى تصطف فى شرفات العمائر وعلى جانبى الطرقات وكأنهم فى عيد ربيع دائم ويلفت نظر زائرى أسبانيا احترام المعاقين وكبار السن .
فهناك تجهيزات كاملة بالمواصلات العامة لكيفية نزول سيارات المعاقين بسهولة والأماكن الخاصة بهم تترك فارغة إذ لم يتواجد أحد منهم مهما كان الأتوبيس مزدحماً وأرصفة المشاه لا يزاحمهم فيها أحد وبها أماكن لسهولة تجاوزها للمعاقين .
ومن كثرة مشاهدة المعاقين فى كل مكان على الشواطئ والمواقع السياحية تشعر بكم الخدمات المقدمة لهم ليستمتعوا بحياتهم دون معاناة وبخصوص أسعار الوجبات والمشروبات والمواصلات العامة وغيرها فهى معروفة مسبقاً لدرجة أنك يمكن أن تحسب تكلفة رحلتك اليومية كاملة قبل أن تغادر الفندق وكل المواقع بأسبانيا مفتوحة للزيارة مثل النوادى الرياضية .
التيلى فريك بأسبانيا فقد تجولت وصورت فى نادى برشلونة مجاناً والمواقع الحكومية وغيرها والمتاحف بأسبانيا هى معاهد علمية فقد قمت بدراسة تفصيلية لطرق العرض المتحفى بمتحفين شهيرين ببرشلونة متحف تاريخ كتالونيا ومتحف آثار كتالونيا .
ففى متحف تاريخ كتالونيا نجد فى كل فاترينة عرض قصة الأثركاملة من خرائط توضيحية لموقع الكشف الأثرى وصورة للموقع وطريقة الكشف وشاشة عرض داخل الفاترينة تشرح مراحل العمل الأثرى لكشف هذا الأثر كما يوجد رسم توضيحى لكيفية صناعة القطعة المعروضة وكيفية استعمالها وهناك ربط بين الماضى والحاضر.
ففى قاعة عرض أدوات وبذور خاصة بالزراعة تجد مزرعة بها نباتات البذور المعروضة وشرح كيفية طرق الرى عن طريق نموذج للساقية الخشبية التى كانت مستعملة وبالمتحف عدد من أجهزة الكمبيوتر لعرض أى معلومات خاصة بالقطع المعروضة أما متحف آثار كتالونيا الذى يضم آثار ما قبل التاريخ حتى العصور الوسطى نجد نموذج كامل لحياة الإنسان البدائي داخل أحد الكهوف وأدواته وحيواناته .
وفى صالة عرض عظام بشرية نجد نموذج كامل للمقابر المحفورة فى الصخر وطريقة الدفن والأدوات التى كانت توضع معه كما كان هناك الدفن داخل جرار من الفخار تم عمل نموذج لها وبداخلها العظام البشرية وبأحد الفتارين أدوات خاصة بالزينة للنساء خلفها رسم توضيحى لكيفية استخدامها والمتحف مزود بشاشتى عرض كبيرتين لعرض أفلام وثائقية عن أسبانيا وأقطار مختلفة شاهدت منها فيلم عن مصر .
وعند دخول المتحف يوزع على الزائرين مجاناً خريطة كاملة لقاعات العرض مع شرح مختصر للمعروضات مع عدد من الكتيبات السياحية عن الاكتشافات الأثرية والمناطق المستخرجة منها القطع المعروضة وهذا قليل جداً مما سجلته وصورته كدراسة كاملة دفعنى إليها حبى لمصر الذى أحملها فى عقلى وقلبى أينما ذهبت ويمكن أن نستفيد منها للوصول بعدد السياح فى مصر إلى 40 مليون سائح وذلك لتوفر مقومات سياحية بمصر من ثقافية وبحرية ونيلية وبيئية وعلاجية ومؤتمرات تفوق أسبانيا بمراحل لو تم استغلالها الاستغلال الأمثل.
*كاتب من مصر مدير آثار نويبع مسئول الإعلام باتحاد الآثاريين العربي