حرب كلامية.. بنكهة لبنانية!! محمد خرّوب ما يميز الجدل والسجالات المندلعة في لبنان الان بين اقطاب فريقي 8 اذار و14 اذار انها اخذت طابعاً شخصياً وضرباً مقصوداً تحت الحزام، ما يؤشر الى شعور كل فريق ان الوقت آخذ في النفاد (وخصوصاً لجهة الاستحقاق الاخطر بل الحاسم وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية)، ما يستدعي اغتنام كل فرصة متاحة واستخدام كل انواع الاسلحة الكلامية (حتى الآن) وخصوصاً المصطلحات الجديدة والغريبة التي يبرع اللبنانيون (وحدهم في المنطقة ربما) في نحتها وتداولها على نحو يثير الاعجاب والاسى في الوقت عينه. بقدرة هذا الشعب الفريد على التكيف مع ازماته وان كانت ادارة قادته لهذه الازمات غير موفقة بل هي انعكاس او تظهير لمواقف ومصالح اقليمية ودولية، ما يسهم بالتالي في استمرار لعبة الامم الدائرة الآن على لبنان وفي داخله، مستعرة ومتواصلة حتى وان بدأ انها توقفت او تحولت الى هدنة مؤقتة يختار توقيتها اللاعبون الاقليميون والدوليون ويصدع لها امراء الحرب ورجالات السياسة وقادة الاحزاب والتنظيمات التي يصعب على متابع للشأن اللبناني ان يحصيها او يتوفر على عدد ثابت ومعروف لها.. في لبنان تجاوز التراشق الكلامي القاسي أي خطوط حمراء بعد ان استنفد امراء الحرب السابقون كل ما في جعبتهم، وبات التصويب الشخصي المباشر والعلني وباقذع الاوصاف والكلمات ممراً اجبارياً يحرص الخصوم على الولوج اليه، كي يبقوا في الصورة او يستعيدوا الحضور والادوار وربما استدراج العروض وعرض الخدمات على القوى (غير اللبنانية) صاحبة القرار في النهاية وان كانت مواقف هذه القوى ما تزال متباعدة على نحو لا يلوح في الافق ان توافقاً اقليمياً ودولياً يمكن ان ينضج في الاسابيع الاربعة المتبقية على بدء ماراثون الاستحقاق الرئاسي (الجلسة الاولى لمجلس النواب اللبناني يفترض ان تعقد في الخامس والعشرين من ايلول المقبل كما ينص الدستور على ذلك).. رغم الاشارات التي ارسلها السفير الفرنسي جان كلود كوسران المكلف الملف اللبناني، بعد زيارته التي انتهت للتو لبيروت، حيث قال انه لن يكون متشائماً بل سيعمل على اعادة بناء الثقة بين الفرقاء واللبنانيين رغم - والقول لكوسران - ان الهوة تتسع اكثر فأكثر بين المعارضة والموالاة.. القصف الاعنف بدأه وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي واحد ابرز رموز فريق 14 آذار مصوباً قذائفه الكلامية بالطبع الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتحكم دستورياً بمفاتيح المجلس والوحيد صاحب الصلاحية بدعوة مجلس النواب للانعقاد سواء لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية او لمناقشة وتمرير أي مشروع قرار والذي تمسك طوال الأزمة الطويلة الحالية بالقول انه لن يخالف الدستور وهو لن يقبل أي مرسوم صادر عن حكومة فؤاد السنيورة. الا اذا كان موقعاً من رئيس الجمهورية وهو ما اثار عاصفة من الانتقادات اللاذعة وجهها قادة فريق 14 آذار لبري منذ اقرت حكومة السنيورة مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة رفيق الحريري وامتناع الرئيس اميل لحود عن التصديق عليه، ثم رفض بريّ عقد جلسة لمجلس النواب لمناقشته واقراره ما دفع بحكومة السنيورة الى ارساله (المشروع) الى الامين العام للامم المتحدة حيث اجازه مجلس الامن.. وليد جنبلاط وصف نبيه بري ب علبة البريد وانه (بريّ) انهى نفسه بنفسه ولم يعد له سوى دور التابع لحزب الله وخصوصا بعد ان كشفت صحيفة الاخبار اللبنانية تفاصيل ما جرى من وقائع خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006 والحوارات والمفاوضات والنقاشات التي دارت بين بريّ وكونداليزا رايس وفؤاد السنيورة وحزب الله. رد نبيه بريّ لم يتأخر كثيراً وشنّ (من خلال مكتبه الإعلامي) قصفا اكثر شدة من مدافع جنبلاط الكلامية على نحو غير مسبوق مسجلا لنفسه انتصارا سياسيا احسب ان الزعيم الدرزي ندم في داخله على ما قاله بحق بريّ لان الاخير كشف جزءا غير معروف على الاقل لكثير من اللبنانيين والعرب في القول ان جنبلاط لا يشبع من ان يكون امينا لكل الصناديق التي تأتيه بالاصفر الرنان وانه (جنبلاط) هو من طلب من السيد حسن نصر الله الحماية فيما بريّ تحميه قوى oالشرعيةa الجيش والامن العام والشرطة. مصطلح آخر جديد وغير مسبوق نحته الصحافي اللبناني الشهير (النائب الحالي) غسان تويني قائلا: ان الرئيس لحود اخترع عصفورية دستورية (...) والعصفورية لمن لا يعرفها هي مشفى لبناني شهير للامراض العقلية حيث اكشتف لحود (والقول لتويني) انه القائد الاعلى للجيش ما يعني انه يفكر في تكليف قائد الجيش العماد ميشال سليمان تسلم الحكومة وهو أمر عسكري لا يستطيع العماد سليمان رفضه (وفق تويني). حروب كلامية مستعرة وانتظار لبناني - ربما يطول - لانفراج في الازمة الاخطر التي يواجهها لبنان منذ اتفاق الطائف عام 1989 والتي يمكن ان تنفجر في أية لحظة على شكل حرب أهلية مدمرة. عن صحيفة الرأي الاردنية 27/8/2007