قراءة في جولة اوباما الاستباقية رياض حمودة ياسين هناك حالة من الترقب رافقت زيارات أوباما الى منطقة الشرق الأوسط وذات الحالة كانت خلال زياراته إلى أوربا،رغم بعض المؤشرات على النشوة ،بدليل حشود الاستقبال من معجبيه ،خاصة في الدول الأوربية ذات الثقل على مستوى القارة وعلى مستوى العالم واعني العواصمبرلينولندن وباريس. يحرص المسؤولون الامريكيون على زيارة الشرق الأوسط وأوربا لاعتبارات إستراتيجية لها خصوصية على الصعيد السياسي،فالشرق الأوسط يتصدر ملف السياسة الخارجية الأكثر سخونة وتعقيدا، بل بات مؤشرا على تقييم سياسة الإدارات الأمريكية الخارجية،فمدى نجاح أو فشل إدارة أي رئاسة للولايات المتحدة بات يمر عبر الشرق الأوسط. أما أوربا فهي تشكل ضفة الأطلسي الشرقية ،فهي تشكل التحالف التقليدي للولايات المتحدة بحكم التشابه في المصالح وشكل الدولة والتوجهات والتداخل التاريخي الذي بات يضع أميركا واوربا لاسيما الغربية في زاوية واحدة من زوايا العالم. لذلك ليس من المستغرب أن يناقش أوباما مع المسؤولين في لندن وباريس وبرلين قضية أفغانستان والعراق،ويجري مباحثات مع بلير ممثل الرباعية في الشرق الاوسط، ليؤكد محورية الدور الاوربي في السياسة العالمية، وبالاخص لقضايا الشرق الاوسط،لذا كان اوباما واضحا في شكره لاستجابة فرنسا والرئيس ساركوزي باعطاء الاولوية لدعم الجهود العسكرية في أفغانستان. بدأ اوباما جولته فزار دولا في الشرق الأوسط،فقد باتت هذه المنطقة تمثل أهمية خاصة للولايات المتحدةالأمريكية،وتختزل قضيتا فلسطين والعراق عمليا منطقة الشرق الأوسط ،ولكن ماذا عن باقي المنطقة، وهنا من المهم القول بأن هاتين القضيتين يمكن من خلالهما معرفة وقراءة الإقليم الشرق أوسطي برمته ،فالقضية الفلسطينية تختزل العلاقة بين إسرائيل والدول العربية وبعض الدول الإقليمية مثل تركيا وإيران،اللتين تحضران أكثر من دول المغرب العربي المحسوب جغرافيا على الشرق الأوسط والمهمش سياسيا عنه.أما العراق فباتت قضيتها تشبه إلى حد ما القضية الفلسطينية وتختزل بدائرتها العلاقة بين دول المنطقة والمحيط الإقليمي ،وأكثر من ذلك يمكن قراءة العلاقة بين الدول العربية والغرب بجناحيه الأوربي والأميركي من خلال المشهد في العراق،الذي يبدو له خصوصية تظهر من النقاش على البدء بسحب القوات الأميركية من العراق اعتبارا من كانون الثاني 2009، حسب توجهات الديمقراطيين التي تختلف عن ادارة بوش الرافضة لتحديد موعد قريب للانسحاب. أما الدولة الاخرى التي يفترض أن لا تحسب جغرافيا على الشرق الأوسط أعني ايران فقد نالتها تصريحات من أوباما تؤكد على المخاوف من استمرارها في خوض التجربة الى عالم الدول النووية،وهذه التصريحات اطلقها اوباما قبل مغادرته لزيارة اسرائيل. ثمة ثوابت في الشرق الأوسط عبّر عنها الملك عبد الله الثاني بخصوص الصراع العربي الاسرائيلي،فالسلام خيار استراتيجي بالنسبة لرؤية الأردن ولايمكن أن تنعم شعوب المنطقة بالاستقرار في غياب تحقيقه على مستوى الفلسطينيين والاسرائيليين بإيجاد حل عادل ودائم لهذه القضية التي بات عقمها عنوانا لعقم تحقيق السلام في المنطقة،هذه الرسالة التي آمن ويؤمن بها الاردن لايختلف عليها اثنان ،فالاردن بذلك يعبر عن تطلعات الامة العربية ومصالحها ويختزل المصالح القطرية الضيقة. دلّت تصريحات المرشح الديمقراطي غير المعروف في أوربا على نطاق واسع قبل زيارته لأوربا على أنه سيستقبل بحفاوة خاصة في برلين،رغم أن بعض المعلقين والمراقبين ابدوا بعض الهواجس كون اوباما قليل الخبرة خاصة في التعامل مع دول الضفة الاخرى للأطلسي،وهنا يتذكر بعض الساسة الاوربيين كيف كان كلينتون في فترة رئاسته الاولى غير واضح الرؤية في التعامل مع الضفة الاخرى للأطلسي في مشهد يحكي ضعف خبرته وقصور نظرته التي اختلفت تماما في فترة رئاسته الثانية،فهل ينظر الأوربيون الى أوباما في تجربة استنساخ لتجربة كلينتون أي غياب الرؤية تجاه الضفة الاخرى للأطلسي؟ أم ان هذا الكلام ليس دقيقا تماما ،لأن أوباما بالمحصلة يمثل سياسة الحزب الديمقراطي العتيد،ذي الأجندة التوافقية مع الأوربي بحيث يطغى النظر للدول الاوربية على أساس الشراكة أكثر من النظر على أساس حتمية التبعية كما هو الحال بالنسبة لنظرة الجمهوريين،والتي بدت من خلال قراءة لفترتي حكم الرئيس بوش أخيرا. يبقى السؤال المهم مطروحا ،فيما لو تمكن أوباما من الوصول الى سدة الرئاسة هل سيستطيع أن يجري تغييرا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تتجاوز سياسة الرئيس بوش،أو حتى سلفه كلنتون؟ ربما أن شعبية أوباما ليس فقط في الولاياتالمتحدة بل وفي أوربا وحتى في الشرق الاوسط تستمد من توقعات حول إمكانية انقلابه على سياسة الرئيس بوش الخارجية المثقلة بالملفات المعقدة. عن صحيفة الرأي الاردنية 29/7/2008