البرلمان الجزائري يصادق بالاجماع على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي    مصر ضد جنوب أفريقيا| حسام حسن عن الأمطار في أكادير: خير لينا «شاهد»    الداخلية تكشف حقيقة فيديو متداول وتؤكد: الواقعة قديمة وتم اتخاذ إجراءات تأديبية    الذهب يقفز لمستويات غير مسبوقة وعيار 21 يتجاوز ال 6 آلاف جنيه لأول مرة    إتاحة الاستعلام عن القبول المبدئي للمتقدمين لشغل 964 وظيفة معلم مساعد بالأزهر    بدء المحادثات بشأن النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا    أسرع أهداف أمم أفريقيا 2025.. رياض محرز يكتب التاريخ مع الجزائر    رئيس جامعة الإسكندرية يعلن صدور قرار بإنشاء فروع للجامعة في الإمارات وماليزيا    الإدراية العليا تحيل 14 طعنا للنقض على نتيحة انتخابات النواب للدوائر الملغاة    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته في المنيا    محمد سامي يفاجئ مي عمر أثناء تصوير "الست موناليزا"    رئيس الوزراء: مصر كانت بتتعاير بأزمة الإسكان قبل 2014.. وكابوس كل أسرة هتجيب شقة لابنها منين    محافظ الغربية يفتتح عددًا من الأقسام والوحدات المطوّرة بمستشفى المحلة العام| صور    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بسبب مشغولات ذهبية بالمنيا    بالأسماء.. مصرع شخص وإصابة 18 آخرين إثر انقلاب ميكروباص في أسوان    مدرب بنين: قدمنا أفضل مباراة لنا رغم الخسارة أمام الكونغو    البورصة المصرية تربح 4 مليارات جنيه بختام تعاملات الأربعاء    التعاون الاقتصادي والتجاري والمباحثات العسكرية على طاولة مباحثات لافروف والشيباني    الكنيست الإسرائيلي يصدق بقراءة تمهيدية على تشكيل لجنة تحقيق سياسية في أحداث 7 أكتوبر    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    هذا هو موعد ومكان عزاء الفنان الراحل طارق الأمير    المتحف المصري بالقاهرة يحدّث قواعد الزيارة حفاظًا على كنوزه الخالدة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    تقارير: نيكولاس أوتاميندي على رادار برشلونة في الشتاء    الصحة تواصل العمل على تقليل ساعات الانتظار في الرعايات والحضانات والطوارئ وخدمات 137    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    النائب محمد رزق: "حياة كريمة" نموذج للتنمية الشاملة والتحول الرقمي في مصر    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    انتظام التصويت بالسفارة المصرية في الرياض    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    وفاة أصغر أبناء موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب    حوار إسلامي مسيحي لأول مرة بقرية «حلوة» بالمنيا حول ثقافة التسامح في الجمهورية الجديدة (صور)    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    أمم إفريقيا – براهيم دياز: سعيد بتواجدي في المغرب.. والجمهور يمنحنا الدفعة    وزير الري: الدولة المصرية لن تتهاون في صون حقوقها المائية    ضبط 4 متهمين اعتدوا على مواطن بأسلحة بيضاء بسبب خلافات فى السويس    لتشجيع الاستثمار في الذهب.. وزير البترول يشهد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق مع آتون مايننج الكندية    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    ضياء السيد: إمام عاشور غير جاهز فنيا ومهند لاشين الأفضل أمام جنوب إفريقيا    الصغرى بالقاهرة 11 درجة.. الأرصاد تكشف درجات الحرارة المتوقعة لمدة أسبوع    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    محمد إمام يكشف كواليس مشهد عرضه للخطر في «الكينج»    طريقة عمل شوربة العدس الأحمر بجوز الهند والزنجبيل    القومي للطفولة والأمومة يناقش تعزيز حماية الأطفال من العنف والتحرش    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    إيران تنتقد الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة لعدم التزامهم بالاتفاق النووي    واشنطن في مجلس الأمن: سياسات مادورو تهدد أمن الولايات المتحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوة لوحدة اليسار العراقي..أم للبحث عنه ؟
نشر في محيط يوم 05 - 01 - 2008


دعوة لوحدة اليسار العراقي..أم للبحث عنه ؟

جميل محسن

من بين ماحصل عليه المواطن العراقي عموما هو الإعلام والانترنيت والكلمات , والحديث عن مابعد المرحلة الشمولية , ومحاولة زراعة الديمقراطية , كنبت حديث يشبه ما ينتج حاليا من خضروات وغيرها في بيوت زجاجية , تهيأ لها عوامل بيئية صناعية مؤاتية لتسريع نضج مايقتات به المستهلك , دون انتظار عوامل القدر وما تجود به الطبيعة من رزق حلال .

- يتناول المثقفون طيبوا القصد والنية موضوعة وحدة اليسار ويصرون عليها باعتبارها البديل لكوابيس الحاضر الطائفية والدينية , واستحضار لرؤى وأحلام الماضي الوردية , لعجز أو تقاعس أو صعوبة فائقة , في تحليل واستنباط غرائب الحاضر وتجليات المستقبل , وعمق ألهوه الفاصلة في العراق خصوصا , بين الغالبية من الجماهير والفكر العلمي , وبين ظروفها الموضوعية , ووعيها الذاتي المريض , الطائفي , القومي , المثالي , اللامنتمي كفرد لغير فكر القطيع , ووعي وظروف المثقف العلمي العلماني اليساري , المثالي غالبا في بحثه عن الذات,والآخر , بدل الخوض في مستنقع قذر آسن مظلم و متحرك القاع يبتلع أي فكر تنظيري نخبوي لايعيش ولا يعاني فترة مابعد 9/ 4/ 2003 , وسيادة حكم فوقي من نتاج أسوار المنطقة الخضراء , وعالم سفلي جماهيري يذبح فيه الوعي الفردي والجمعي ذبح النعاج لمصلحة آراء مثالية فاشية تمهد ثانية وكالعادة لفلسفة القطيع مهما تغيرت المسميات .

- إنتاج اليسار ظرف وليس وعي , وما ركضت نحوه الجماهير العمالية الروسية بدايات القرن العشرين , أو الفلاحين في البر الصيني بعد عقود , أو حتى قطاعات واسعة من البحر العربي هيجتها دعوات الناصرية و الشيوعية أو حزب البعث , والثورة الفلسطينية بكل قرابينها على مذبح التحرر والكفاح , قد تهاوت وتراجعت وتحولت إلى استثمار مؤلم لقوى فاشية مثالية غيبية أخذت من الثورة اسمها ومن النضال ضد قوى الاستعمار ذريعة , للعودة إلى الوراء قرون عديدة , وجعل مسألة الحتمية التاريخية والصراع الطبقي أسطورة مملة , ربما تحولها , تكنولوجيا اليابان , أو فضائيات الأمير الوليد المرابط الى أحاديث مانسيه أو سجله التاريخ .

- همنا اليوم هو اليسار العراقي , وواجب ملاحظته واقعيا وبظروفه الذاتية وحتى تعريفه في لحظته وزمانه , وليس كما يكتب البعض من السويد او فرنسا مثلا وكأن المسألة تدور حول لماذا لايتحد تروتسكيوا فرنسا مع الشيوعيون التقليديون ويجذبون إليهم الماويون وأنصار البيئة ليشكلوا ضغطا على الليبرالية واليمين , ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه .

- ماهو حجم اليسار في عراق اليوم ؟ ومن يمثله , وما قدرته , ومع من عليه التحالف ؟ - في أحسن الأحوال , وأتمنى أن أكون مخطئا , فالعراق ككل , تجمع من ثلاثة أجزاء مختلفة التطور , ودرجة التجربة و ومقدار التفاعل والدخول في العملية الديمقراطية وفق نمطها الغربي الليبرالي , التي حللت المجتمع العراقي إلى مكوناته الأصلية الأكثر تخلفا في المنظور العلماني الليبرالي , والأكثر حظوة وتقبلا من جانب دول الجوار , الرافضة لكل استيقاظ حقيقي والتحام مدني للمكونات الشعبية العراقية ,تشكل نحوها سدا , يمنع تدخلاتها ونشر نفوذها داخل الشبيه والصنو في العراق المجزأ .

- الجزء الشمالي الأكثر استقرارا وتطورا مجتمعيا , رغم الكثير من الريبة والقلق حول احتمالات المستقبل , بسبب عدم الاستقرار الحقيقي والكامل للقيادة وهشاشة التجربة الديمقراطية , التي أساسها توازن معلن بين حزبين رئيسيين يتقاسمان مناطق النفوذ , لازالوا طبقيا يحسبون على خانة الإقطاع ومفاهيمه رغم القشرة المدنية التي من تجلياتها انتخابات وبرلمان وحرية مجتمع وصحافة وأحزاب متواجدة دينية ويسارية وليبرالية , ولكن هل من الممكن التفكير بتداول حر ومفتوح للسلطة ؟ أي مثلا أن يجلس شخص غير برزاني على كرسي الحزب الحاكم ويمارس القيادة لتجربته مثلا وهل يمر بذهن السيد مسعود البارزاني أو السيد جلال الطالباني العودة يوما إلى الدار والمزرعة وترك مالله لله ومالقيصر لقيصر ضمن المجتمع الكردي العراقي ؟

الجواب لا طبعا وذلك واضح ومفهوم ضمن المجتمع الإقطاعي العشائري الذي يبحث بخجل عن ذاته البورجوازية , ولكن أين اليسار هناك وضمن هذا السياق ؟ انه متواجد وبعمق وقديم , كما التيار الديني , وهنا تستوجب المقارنة والتوقف لحظة تفكير واستنتاج , وكأننا نستشف مستقبل باقي أجزاء العراق من خلال قراءة سريعة للموقف انتخابيا في كردستان كمؤشر لصراع القوى داخل العراق , لو ترسخت العملية السياسية , وقامت صناديق الاقتراع بواجبها لتحديد ثقل وتأثير الاتجاهات المختلفة ضمن المجتمع العراقي , وما يهمنا هو مقدار ودرجة تأثير القوى المستديرة والمستوطنة شمالا ,حيث كردستان .

لايحضى اليسار والشيوعيون وأحزابهم بشعبية ونفوذ فعلي متواجد ومؤثر ومستقل (وهذا هو المهم وبيت القصيد) عن التأثير والهيمنه التسلطية لقطبي كردستان والمشكلة الحقيقية بنظري وقد أكون مخطأ وأتمنى ذلك ,أن الأحزاب الماركسية لاتبحث عن التجذر في الواقع الفعلي للمجتمع الكردستاني طبقيا و ربما لعدم تواجد طبقة عاملة بروليتارية حقيقية أولا , وثانيا ولظروف تاريخية معينة وربما خاصة بالعراق , تحول اليسار عموما في كردستان إلى ذيل مطيع ,للقيادات الكردية التاريخية المستعدة كعادة أي فاشية ونظام شمولي الى السلخ والقتل والذبح لأي شاة تتنفس خارج القطيع , ولا يستوجب ماسبق ذكر أحداث او تواريخ معروفة مرت بها الحركة الشيوعية العراقية وهي تلجأ مجبرة الى شعب الجبال .

- يتنفس اليسار ضمن عدة تنظيمات ولكنها هامشية ومسيطر عليها حتى ماديا , ولا تملك من التأثير خارج نطاق القطيع , الا ذكريات الماضي والأسماء التاريخية وبعض المبادرات الإعلامية , فالحزب الشيوعي العراقي (اللجنة المركزية) مثلا , وبعد طرد قياداته أواخر السبعينات من الوسط والجنوب , ولكي لايفقد الشمال ويتحول بكوادره الى طيور مهاجرة تستوطن المنافي وتلبس ثوب الاغتراب , رضي وتعاطى مع كل شروط الإقطاع الكردي وتحالف معه حتى فوق جثث طاهرة من الشيوعيين العرب والأكراد , قتلوا فقط لأنهم خارج التشكيلة العشائرية التي هي القوة الرئيسية المسيرة والمتحكمة بجماهير الشعب الكردي , تخدمها ظروف تاريخية من القهر العنصري والقومي ومحاولات الإبادة الجماعية , من أنظمة دول الجوار , وحتى لا نذهب بعيدا في تقرير العامل الموضوعي لأسباب ضعف اليسار والحركة الشيوعية في كردستان فللعامل الذاتي الدور ربما الأكبر والفاعل ومن مقارنة بسيطة مع التيار الديني في كردستان وأحزابه وضمن الجو الديمقراطي العام والمسموح به نجد أن الأحزاب ذات المنحى المتدين أكثر نفوذا وقوة وانتشارا وبمراحل من أحزاب اليسار , مع الأخذ بعين الاعتبار ,

إنها لاتستغل الدين والجوامع كوسيلة للتحرك مع التقييد والتضييق على أحزاب اليسار كما هو الحال في المناطق العربية معدومة الحريات , بل لأنها أصلا ومثال اللجنة المركزية واضح ارتأت ورضيت كونها تابع غير مؤثر للأحزاب القومية الحاكمة وأفكارها لدرجة فك الارتباط المركزي تنظيميا وتشكيل حزب شيوعي كردستاني يتقبل علانية ماتتوارى قوى الإقطاع عن التصريح به وهو الانفصال بالاسم قبل الجسم في غير وقت نضوجه او زمانه وحدوده ومكانه , اليسارالاخر والأقل تأثيرا وربما الأكثر إزعاجا , الحزب الشيوعي العمالي , قد يبدو محجما وقليل التأثير والتمايز , ولكنه لايكسب جماهيرية حقيقية إلا داخل البالون الإعلامي المغلف به , وربما للإمكانات المادية دور في زمن الأحزاب الشركات والكوادر الآلية المحتاجة دوما لوقود يحفزها للحركة والنشاط !

- لماذا تتوسع وتنتشر الأحزاب الدينية وتضمحل أحزاب اليسار في مجتمع له من الحرية نصيب كبير ؟ ذلك ماسينعكس لاحقا وبقوة , وحتى متواجد حاليا في الوسط والجنوب . - قوى اليسار بمعنى ممثلي الفئات الشعبية الكادحة والتي تنطلق أولا وأخيرا من منهج علمي علماني , أساسه توزيع عادل للثروة الوطنية وتوفير فرص العمل ورفع المستوى المعيشي والصحي والتعليمي للغالبية , مع عدم الانجرار وراء أوهام غيبية مثالية , تفرض واجبات إضافية على الجماهير المسحوقة ,تسحبها وتنسيها دورها الطبيعي في النضال الطبقي , لمصلحة الفئات الطفيلية المسيطرة على مقاليد السلطة والحكم .

- البنى التحتية هي الأساس المعول عليه , , النقابات العمالية , الاتحادات المهنية والفلاحية , الطلاب , المرأة , المثقفين , الحرفيين وأصحاب المهن , منظمات المجتمع المدني واضحة البرامج والأهداف , هنا يستند اليسار وتقوى شوكته ويسترجع عافيته , وينتشر , ولهذا السبب نحس ونقلق لتراجع واضمحلال هذه الأسس , في عراق اليوم تاركة اليسار رأس بلا جسد , أو جسد بأقدام طينية هشة , لافعل حقيقي له للتأثير على مسيرة الأحداث , على جسامتها , والافتقاد حتى للقدرة على قيادة ودفع الجماهير للتظاهر من اجل قضايا مطلبيه وما أكثرها ؟ , وترك معالجتها لمكرمات من الدولة كالسابق , وكأن أربع أو خمس سنوات من المخاض والحراك الديمقراطي , لم تخلق على مستوى اليسار والفئات الشعبية غير التمني مثلا على وزير النفط للعمل على حل أزمة البنزين .

- اليسار العراقي (الرسمي) فشل وتراجع في كردستان , رغم الحريات الليبرالية وتواجد بنى تحتية ترفد ديمومته على ضعفها , لأنه يعيش في ظل السلطة ولا يخرج من خيمتها حتى في القضايا المطلبية التي تمس شؤون الناس وحاجاتهم المعيشية ناهيك عن القضايا السياسية الشائكة ولنسأل ذلك اليسار بفروعه المتعددة هل له رأي يبتعد خطوات عن المواقف الرسمية الكردية , تجاه أزمة مسلحي الحزب العمالي التركي مثلا ؟,فهل يستفيد يساريوا الوسط والجنوب وأحزابهم وتجمعاتهم , من تجربة سبقتهم , وستحل عليهم بداياتها إن عاجلا أو آجلا , وها نحن نلاحظ اليسار الرسمي حزب او تجمعات او أفراد يمارسون نفس الدور في الاحتماء بمظلة السلطة , وخلق التحالفات داخلها , حتى مع اعتى الخصوم القدامى او الطبقيين , ربما بحجة اجتياز مرحلة التحرر الوطني , من غير أي تجاذب أو حوار حقيقي مع الأحزاب والفئات اليسارية , المنتشرة بقوة في اغلب الأجزاء ولكن الضعيفة ماديا لدرجة العدم لأنها ترفض الالتحاق أو الإلحاق أو الخضوع لمنطق الممول ومن ثم الابتزاز ,

ولنا مثال فيما تدعمه وتخلقه , ليسير في ركابها , القوى القومية الكردية الحاكمة , او مجموعات النظام السابق , وما يتوفر لمثل هذه الأحزاب من دعم يخلق لها هالة إعلامية مضخمة , سرعان ماتتلاشى لدى أي تأخير في الإسناد أو تغير في تحالفات وتكتيكات مصدر التمويل . - أكثر المتواجدين انتشارا وشعبية ولكن بحدود عدم الإزعاج , وتجنب الصراع حتى الشرعي والإعلامي القوي لكسب الجماهير هو الحزب الشيوعي العراقي اللجنة المركزية , والسبب هو التاريخ والاستمرارية والتراث , والدعم السابق من المنظومة الاشتراكية , والسابق واللاحق من القوى القومية الكردية , ولكنه كتنظيم لايستطيع وكأنه لايريد , أن يكون الواجهة الحقيقية لترصين صف فعلي لليسار في العراق وتشكيل تحالف واسع مع من هم على يساره , لا الخضوع لمشيئة وسياسات من هم على يمينه , وليس ذلك عليه بجديد .

- التشاؤم الحالي من عدم القدرة على إبراز واضهار يسار فاعل له مايبرره , ولكن الصمت وعدم البحث عن طرق فعالة لإيجاد البديل , هي خيانة للكادحين وكل التاريخ النضالي وشهداء اليسار والعلمانية , بدء بالشيوعيين وشمولا لأغلب التيارات القومية والعلمانية والإسلامية المتنورة , كما إن تمني التوحد لليسار وتقويته , يستوجب البحث عن قضايا مطلبيه تلتف حولها وتدعمها وتسير بها قوى اليسار , أي وحدة هدف لا خلاف ولا اختلاف من اجل انجازها , كمسألة حقوق ورواتب المعلمين أو المتقاعدين ومعنى ذلك حشود بعشرات إن لم يكن بمئات الآلاف وفي جميع أنحاء العراق للسير خلف راية من سيدافع من اجل تحقيق هذه المطالب , ومن لها غير اليسار ؟ من هنا يمكن البدء بدل الحوار والنقاش , ثم الصمت والتساؤل .

- لنعترف أن طريق اليسار لاستقطاب فئات المجتمع العاملة ليس مفروشا بالزهور بل العكس هو الوارد وبمزيد من العراقيل والمطبات , خصوصا في السنوات القلية الماضية , ويمكن إيراد بعض الأسباب .

- البطالة المنشرة , وتحويل الفئات الكادحة الى بروليتاريا رثة تعيش على هامش الاقتصاد الذي هو ريعي بالضرورة , بيد الفئات الحاكمة مفاتيح أرزاق الجماهير , التي تتحول أكثر فأكثر نحو التفكير القدري لا العلمي المعزز بالقدرة على الإنتاج والتعامل مع الآلة كمجموع لا كأفراد وحسب .

- الاحتلال وسياساته ولمن يفضل على كرسي الحكم , وتنفيذ المسار الاقتصادي ؟ ولن نتكلم هنا عن وقائع وتواريخ بل عن نتائج , عانت منها التجمعات اليسارية وحتى العلمانية , ومن بينها ماهو مردد ومتبني لأطروحات مابعد 11/9 , , لمصلحة التيارات والأحزاب الدينية والطائفية , الممولة من كل جانب ,وربما المختلفة مع الاحتلال في بعض المواقف , وأهمها الرغبة في رحيله ووراثته , ولكن المتفقة معه تقريبا في المناحي الاقتصادية والطبقية وحتى قيم (الإيمان ) , ومديات تأثيرها السياسي , غير المرغوبة ولا المحبذة من قوى اليسار عموما .

- الإعلام , التراشق والتمزيق على مستوى الداخل والخارج , والأكثر خارجا من فضائيات الى شبكة انترنيت . ففي الداخل وعلى حساب قلة نسبة وضعف الإعلام اليساري فقد تلاشت حتى الدعوات الصالحات , لإيجاد قواسم مشتركة تقدم جديدا للجماهير , وضاع حتى التعريف ومن هو اليساري , بعد أن تقدمت الصفوف فئات , لاتراها غالبا في الشارع ولكنها الأسرع في استنتاج وبيع مواقف مفبركة وجاهزة خلفيتها ماتسلل واستوطن من نفوذ لأجهزة مخابرات محلية وإقليمية ودولية , تحلل( يساريا ) وحسب مصالح دولها , مايعجز ماركس ولينين عن فهمه ناهيك عن استيعابه , ولا يختلف الكثير من فلاسفة الخارج عن هذا السياق رغم الأغلبية المخلصة الصادقة في محاولة إبداء النصح وتقديم الحلول , التي لاتستطيع للأسف توفير فرص عمل , هي من يخلق القاعدة لمستقبل اليسار العراقي , في زمن فتح الأبواب لعواصف العولمة , وتجربة ردود الأفعال نحوها في العراق الممهد دوما , والمختنق من حصارات الجيران .

- مانطلبه ختاما هو الرحمة والتفهم من بعض مثقفي ويساريي الخارج , فقبل أن تشرع الأقلام , لتنشب وتغرز في لحم يساريي وماركسيي الداخل , كوادر وقيادات وأناس عاديين , لمواقف معينة , نود دعوتهم للعودة حتى المؤقتة وملامسة تراب البلد , والاحتكاك بواقعه , ونظرا لانقطاع الكهرباء , سنطلب منهم مساعدتنا في البحث عن شموع نشعلها معا لتضئ بعض غموض الداخل بدل الاستمرار في لعن حلكة ظلام ارض الوطن من الخارج .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.