رشيد حسن ارتبطت ذكرى الإسراء والمعراج بالأقصى المبارك وبالقدس الشريف ، وأكدت وتؤكد على مر العصور ، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها ، الارتباط العقيدي بين المسجد الحرام والأقصى....والمكانة المقدسة لهذين المسجدين الكريمين في العقيدة الإسلامية....فالأقصى وضعت أساساته كما تشير سيرة ابن هشام ، بعد بناء الكعبة بأربعين عاما....وهذا يؤكد ما أشرنا إليه ، فهو قبلة المسلمين الأولى ، حتى نزل قوله تعالى"فول وجهك شطر المسجد الحرام" صدق الله العظيم. مكانة هذا المسجد في الإسلام هي وراء إصرار الخليفة العادل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على أن يستلم مفاتيح استسلام المدينة المقدسة بنفسه من بطريرك المدينة صفرونيوس ، والتوقيع على العهدة العمرية التي شهد عليها عشرة من الصحابة -رضوان الله عليهم - والتي تنظم الوجود المسيحي في المدينة ، وتحرم تواجد اليهود فيها بناء على طلب البطريرك ، وهذه الوثيقة التاريخية أيضا تطالب العرب والمسلمين اليوم.... مسؤولين ومواطنين ضرورة التمسك بنصوصها ، والامتثال للاتفاق الذي التزم به خليفة رسول الله ، والخلفاء من بعده بالحفاظ على المدينة المقدسة عربية إسلامية ، ومن هنا كان إصرار القائد صلاح الدين الأيوبي - رضي الله عنه - على تحرير المدينة ، وكرس كل جهده لتوحيد جند مصر والشام كشرط أساسي لتحقيق النصر المبين في معركةحطين ، واسترجاع القدس والأقصى بعد غربة طويلة.... تحول خلالها المسجد خان للخيول ، وهذه الوحدة الإستراتيجية ، تأكد ضرورتها في تحقيق الأمن القومي العربي ، وإليها يرجع الفضل في تحقيق الانتصار في حرب رمضان 1973 ، مما زعزع أركان الكيان الصهيوني الذي سارع لطلب النجدة من واشنطن ، لإنقاذه من هزيمة محققة.... وهكذا تدفقت المساعدات عبر جسر جوي من ألمانيا إلى إسرائيل فتغيرت المعادلة... ، وكانت الكارثة حينما وقع السادات على كامب ديفيد ، وأخرج مصر قسريا من ميدان المواجهة مع إسرائيل ، ووجه ضربة قاضية للأمن القومي العربي ، وكانت ولا تزال سبب شرذمة الأمة ، وانفراط العقد العربي ، وعربدة إسرائيل في المنطقة بكل صلف وغرور ، بعد خروج أكبر دولة عربية من ميدان المواجهة. في ذكرى الإسراء والمعراج نذكر ونتذكر الأقصى والقدس الذي بارك الله حولهما ، والهجمة الصهيونية المنظمة لتهويدها ، والحفريات التي طالت أساسات المسجد ، وتهدد بتقويضه ، بعد ما أصبح كما يقول المهندس رائف نجم قائما على فراغ ، مما يعرضه لخطر التصدع والانهيار لمجرد وقوع أي زلزال بسيط ، أو حتى اختراق طائرة مقاتلة للصوت فضاء المسجد. لا تحتاج المؤامرة التي يتعرض لها ثالث الحرمين إلى شرح أو تفصيل ، فالعدو مصمم على هدم المسجد ، وإقامة الهيكل المزعوم مكانه ، وأصر رئيس وزرائه باراك آنذاك في كامب ديفيد ، على ضرورة تقاسم المسجد مع المسلمين ، وهذا ما رفضه الرئيس الشهيد عرفات ، فكان اغتياله بالسم وبطريقة خبيثة ماكرة لم تكشف تفاصيلها بعد. وأخيرا....إذا كانت أخطار الصهيونية التي يتعرض لها المسجد الأقصى معروفة للقاصي والداني ، فإن الأمة العربية والإسلامية لم تبذل حتى الآن أي جهد معقول لوقف هذه الاعتداءات والحفاظ على المسجد ، وما نسمع لا يتعدى لغة التنديد والشجب والاستنكار. عن صحيفة الدستور الاردنية 15/8/2007