هل يخيب أوباما آمال مؤيديه في الغرب؟ سمير عواد السؤال الذي يحير المراقبين في مختلف أنحاء العالم وخاصة في الغرب هو: هل يستطيع باراك أوباما مرشح الديمقراطيين الأمريكيين لخلافة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في منصبه، بتغيير السياسة العالمية؟ أطلقت عليه مجلة (دير شبيغل) الألمانية لقب (سوبر ستار) وبذلك تستجيب لمزاج الشارع الألماني الذي يؤيد هذا الرجل وصاحب المواقف الغامضة حتي اليوم واستطاع بصوته الرخيم وهدوء أعصابه أن لا يكسب ود الشعوب الغربية فحسب بل مجموعة كبيرة من السياسيين الذين شعروا أن أمريكا انكفأت علي نفسها خلال عهد دبليو بوش ونتج عن ذلك جمود سياسي عالمي في مرحلة ازدادت فيها النزاعات في مختلف أنحاء العالم خاصة في الشرق الأوسط والخليج حيث أدت حرب دبليو بوش ضد العراق في مارس عام 2003 وأدت إلي الإطاحة بنظام رئيسه السابق صدام حسين واحتلاله، إلي التعجيل بأزمة طاقة عالمية من أبرز نتائجها ضعف الاقتصاد العالمي. وألمانيا واحدة من دول الاتحاد الأوروبي القيادية اقتصاديا بدأت تشعر بنتائج التردي الاقتصادي العالمي الذي تسببت به أيضا الأزمة الاقتصادية التي ضربت الولاياتالمتحدة. خلال السنوات السبع الماضية زاد عدد النزاعات في مختلف مناطق العالم وأصبح دور هيئة الأممالمتحدة ثانويا. هل يستطيع السوبر ستار تغيير السياسة العالمية كما تأمل الجماهير ومعشر السياسيين الذين يؤمنون أن لا حل دون الولاياتالمتحدة. لأول مرة يتطلع العالم يوم الرابع من نوفمبر إلي أمريكا ومتابعة انتخابات الرئاسة بشكل لم يسبق له مثيل وكلهم أمل بأن ينتخب الأمريكان الرجل الذي عقدت الآمال الكبيرة عليه قبل أن يكشف عن سياساته، وكأن الناخبين في أمريكا يتوجهون إلي صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس العالم. حتي اليوم لم يكشف أوباما عن أوراقه واكتفي بجاذبيته وبشعار بسيط Yes We can Change أي (نعم نستطيع التغيير) كسب ود وقلوب الناخبين وشعوب العالم الذين يتطلعون اليوم إلي أمريكا لتمارس دورها المؤمل في حل نزاعات العالم. لم تعان منطقة الشرق الأوسط فقط نتيجة سياسات دبليو بوش وإنما مناطق متعددة في العالم منها العالم الغربي الذي يشعر أنه بات دون قيادة وأهداف ولم تعد تجمعه استراتيجية مشتركة خاصة ووضع حلول لمشكلات ملحة تهم العالم بأكمله مثل الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت أيضا الاقتصاد الأمريكي وما يرافقها من تضخم بسبب الارتفاع العالي والمستمر لأسعار المواد الخام علاوة علي عدم وجود حلول ناجعة لمشكلات التغيير في المناخ العالمي أو وضع تسويات لنزاعات خطيرة أهمها نزاع الشرق الأوسط ثم أفغانستان والعراق. ويقول الناشر الألماني بيتر بيندر أن الغرب يسعي في هذه المرحلة إلي معرفة وضعه في النظام العالمي الذي لم ينجل بعد خاصة وأنه لا يعرف حجم التحديات التي سوف تصدر عن ما يسمي بالدول الصاعدة مثل روسيا والصين والهند وكيف عليه التعامل معها أو هل ما زال هناك شيء اسمه عالم غربي؟. يوضح بيندر أن الوقت حان كي يظهر قائد عالمي جديد وتوضح عمليات استقراء الرأي في دول كثيرة أن أوباما المرشح الأفضل لخلافة دبليو بوش وإصلاح الخراب الذي تسبب به خاصة في الشرق الأوسط بعد غزو العراق. ويقول نوربرت روتجن عضو البرلمان الألماني من الاتحاد المسيحي الحاكم أن أوباما استطاع أن يعيد ثقة الناس من مختلف أنحاء العالم بالسياسة والسياسيين. في حين نجح أوباما بذلك مني غيره بالفشل الذريع مثلا المستشارة الألمانية ميركل التي حاولت استغلال تراجع الشعبية أمريكيا وعالميا لدبليو بوش ثم استقالة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وتراجع شعبية الرئيس الفرنسي جاك شيراك وحاولت عندما ترأست ألمانيا الاتحاد الأوروبي وقمة مجموعة دول الثماني أن تلعب دور أقوي امرأة في العالم إلي أن اكتشفت عدم قدرتها علي قيادة حكومتها الائتلافية التي تحكم علي عكازين منذ أن تشكلت في نهاية عام 2005 بعد انهيار حكومة المستشار السابق غيرهارد شرودر الاشتراكية/الخضراء. يقول سياسي ألماني ينتمي إلي معسكر الاتحاد المسيحي الحاكم أننا لو نظرنا إلي الواقع لوجدنا عدم وجود فرق كبير في المواقف السياسية بين أوباما ومنافسه ماكاين الذي قيل أنه مغتاظ كثيرا لأن أوباما نقل الحملة الانتخابية مؤقتا إلي خارج الولاياتالمتحدة. علي أي حال فإن ماكاين لا يحظي بشعبية خارج بلده. علي سبيل المثال 76 بالمائة من الألمان يعتقدون أن أوباما المرشح الأفضل. سوف يضطر أوباما إلي الكشف عن أوراقه علي حد أبعد عند انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في مطلع العام المقبل، عندها سوف يطلب أوباما أو ماكاين من الحلفاء في الحلف العسكري الغربي زيادة مساهمتهم العسكرية في أفغانستان والعراق وبمعني أوضح الطلب منهم زيادة عدد جنودهم في الهندكوش والتفكير بمساعدة الولاياتالمتحدة في بناء العراق بعد نهاية حقبة صدام حسين. هذا التقدير يؤيده غالبية الخبراء الأمريكيين في أبرز معاهد البحوث السياسية داخل الولاياتالمتحدة. وقد حذر هؤلاء من ضعف خبرة أوباما في السياسة الخارجية والتقليل من كفاءات ماكاين. لكن هذه التحذيرات لا تقلق مؤيدي أوباما الذين يرون أن فوزه بمنصب رئيس الولاياتالمتحدة كفيل بتوفير أجواء التغيير وبدء مرحلة جديدة للولايات المتحدة والعالم. وقال يوشكا فيشر وزير خارجية ألمانيا السابق: نعلم أنه في حال فوز ماكاين سوف يواصل نهج السياسات التي اتبعها دبليو بوش ولن يحدث تغيير يذكر. لكن فوز أوباما يمهد الطريق أمام بداية جديدة وقد يفشل لكنه يملك فرصة واقعية لأن يكون أفضل رئيس في تاريخ الولاياتالمتحدة. وقال جاكسون جينس مدير معهد الدراسات الألمانية بواشنطن أن أوباما يريد أن يكون رئيسا محبوبا وسوف يسعي إلي إعادة توطيد الصلات مع حلفاء الولاياتالمتحدة لكنه سيطلب منهم دفع ثمن هذه الشراكة. ويكشف زبيجنييف برزينسكي مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر عن المقصود حيث يعمل هذا الخبير في فريق مستشاري أوباما وقال: يريد أوباما من حلفاء واشنطن في أوروبا بشكل خاص تحمل أعباء الشركة، أي المزيد من المسئوليات وتقاسم الأعباء وأضاف: علي الأوروبيين أن يختاروا إذا يريدون أن يصبحوا قمة عظمي أم لا. فقدت الولاياتالمتحدة أكثر من 4500 جندي في العراق وأفغانستان وليس هناك إحصائيات رسمية عن عدد الضحايا من العراقيين والأفغان لكن يعتقد أن عددهم عشرات الآلاف. سوف يترك دبليو بوش لخليفته إرثا صعبا وإضافة إلي حربي العراق وأفغانستان بطالة مستفحلة في الداخل بينما ضمنت السياسة الخارجية في عهد دبليو بوش مستقبل الجنود وعائلاتهم لسنوات قادمة وهذه السياسة تعتمد علي دبابات وطائرات وصواريخ وقليل جدا من الدبلوماسية. وفقا لتقديرات خبراء في واشنطن يريد أوباما زيادة عدد الجنود الأمريكيين في أفغانستان وكذلك يريد أن يري المزيد من جنود حلف الناتو في الهندكوش. كذلك يريد رؤية المزيد من المساهمات المدنية والمادية في تحقيق خطة مارشال شاملة لمنطقة الشرق الأوسط ومعني ذلك أنه سيطلب مبالغ طائلة من الأوروبيين والدول العربية المنتجة للنفط لتمويل خططه التي منها أيضا إنشاء قواعد أمريكية إلي الأبد في العراق وأفغانستان ستظل مائة عام علي الأقل وهي نفس المدة الزمنية التي تستمر فيها حرب الولاياتالمتحدة ضد ما يسمي الإرهاب. عن صحيفة الراية القطرية 27/7/2008