بالكليات والبرامج الدراسية، 7 جامعات أهلية جديدة تبدأ الدراسة العام المقبل    المركزي الأوروبي: خفض أسعار الفائدة قد يتوقف    استمرار أعمال التجميل ورفع المخلفات بميادين الإسماعيلية    مصدر بالنقل: الأتوبيس الترددي أصبح واقعًا وعقوبات مرورية رادعة تنتظر المخالفات (خاص)    ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 72 شهيدا منذ فجر اليوم    تقرير: ايران تكشف إحدى أكبر الضربات الاستخباراتية في التاريخ ضد إسرائيل    رئيس الوزراء الباكستاني يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    الصين توافق على تصدير بعض المعادن النادرة قبل المحادثات مع الولايات المتحدة    زيزو: تفاجأت من رد فعل لاعب بالزمالك كنت أُكبره.. وتغير بدون مبرر    سبورت: برشلونة يقدم عرضًا لشتيجن مقابل الرحيل هذا الصيف    مصرع عامل وإصابة 7 أشخاص من أسرة واحدة في انقلاب تروسيكل بسوهاج    ننشر النماذج الاسترشادية للثانوية العامة مادة الرياضيات البحتة 2025    رامي جمال يحدد موعدًا نهائيًا لطرح ألبوم «محسبتهاش»    القاهرة الإخبارية: شرطة الاحتلال تعتدي على المتظاهرين وسط تل أبيب    توافد جماهيري كبير على مواقع "سينما الشعب" في المحافظات.. (صور)    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    جامعة القاهرة تستقبل 7007 حالة وتُجري 320 عملية طوارئ خلال يومي الوقفة وأول أيام العيد    لبنان يحذر مواطنيه من التواصل مع متحدثي الجيش الإسرائيلي بأي شكل    لأول مرة.. دعم المعمل المشترك بمطروح بجهاز السموم GC/MS/MS    استعدادات مكثفة لتأمين مركز أسئلة الثانوية الأزهرية في كفر الشيخ    اليوم.. آخر موعد للتقدم لترخيص 50 تاكسي جديد بمدينة المنيا    كل عام ومصر بخير    عيّد بصحة.. نصائح مهمة من وزارة الصحة للمواطنين حول أكل الفتة والرقاق    إعادة هيكلة قطاع الكرة داخل الزمالك بخطة تطويرية شاملة.. تعرف عليها    هدية العيد    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    سلمى صادق واندريا بيكيا وشريف السباعى فى أمسية ثقافية بالأكاديمية المصرية بروما    حركة فتح: مصر تؤدي دورًا محوريًا في القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية    القومي للمرأة ينظم لقاءاً تعريفياً بمبادرة "معاً بالوعي نحميها" بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    السيسي ورئيس الوزراء الباكستاني يؤكدان أهمية تعزيز التشاور والتنسيق تجاه القضايا الإقليمية والدولية    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار فى البحيرة    "أكلات العيد".. طريقة تحضير الأرز بالمزالكيا    اللحوم بين الفوائد والمخاطر.. كيف تتجنب الأمراض؟    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    مها الصغير: أتعرض عليا التمثيل ورفضت    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    رونالدو يعلن موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    الداخلية ترسم البسمة على وجوه الأيتام احتفالا بعيد الأضحى| فيديو    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية فى مصر حتى نهاية عام 2025    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    شعبة الدواجن تعلن هبوط أسعار الفراخ البيضاء 25% وتؤكد انخفاض الهالك    وزير الزراعة يتابع أعمال لجان المرور على شوادر وأماكن بيع الأضاحي وجهود توعية المواطنين    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    إجابات النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025.. مادة الكيمياء (فيديو)    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تبقى من أحداث 9/11 ؟ / د.ريتا فرج
نشر في محيط يوم 15 - 09 - 2009

الإسلام ورؤى ما بعد صراع الحضارات : ماذا تبقى من أحداث 11/9؟


* د. ريتا فرج

بعد مرور ثمانية أعوام على أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، وما ترتب عليها من تحولات في المشهد العالمي عموماً والشرق أوسطي خصوصاً، وما أنتجته من تبدلات تشي بارتفاع وتيرة العنف الإسلاموي، وبعد المتغيرات التي أعقبت حرب جورجيا الخاطفة، وما تلاها من تكهنات حول صحوة روسيا البوتينية، ماذا تبقى من الخلاصات الداعية لصدام الحضارات التي شكلت إحدى السياقات النظرية للتصادم الحتمي بين الغرب والإسلام؟


نظرياً خلص صموئيل هنتغتون في أطروحته الشهيرة 'صراع الحضارات' الصادرة عام 1996 الى أن النزاعات بين الشعوب والأمم ستتخذ بعداً ثقافياً وحضارياً تحدد على أساسه العلاقة بين الأديان والقوميات والدول، والفرضية الأساسية التي يمكن إستنباطها من أفكاره تكشف عن التأسيس لثقافات عالمية حدّية، تتحارب خلالها ومعها الديانات الابراهيمية الثلاث، يضاف اليها البوذية، والأهم من هذا كله وضعه الإسلام في موقع الصدارة داخل عمليه النزاع المفترضة، على أساس أنه يمتلك إرثاً تاريخياً عنفياً مما يخوله الدخول في الصِدام بأسلوب طوعي.


إن المفاهيم التي ينطلق منها هنتغتون تجد جذورها في الفلسفة الغربية القائمة على ثنائية الاضداد، والتي تمهد بدورها لمقولة المركزية الاوروبية، على اعتبار الغرب يمثل الأنموذج المثالي الذي يجب أن يحتذى من قبل الدوائر الحضارية الاخرى؛ وبصرف النظر عن جدلية التقدم والتأخر والمعايير المحددة لقياس معدلاتها، لا بد من التأكيد على أن إستيهام عالم تغزوه الحروب الدينية أو الفكرية فيه الكثير من المغالطات، سواء في تصنيف نوعية الصراع أم لجهة إستحضار المُتخيل المادي والرمزي من قبل الأقطاب المتنازعة والمقصود هنا الغرب والإسلام، والذي يحتاج الى مراجعات نقدية قد تخفف من حالة التوتر والاحتدام من حيث الدرجة وليس النوع.


بلا شك أن المعطى الديني في الوقت الراهن يشهد حضوراً نوعياً لا يمكن تجاهله في المجالين الإسلامي والغربي، ويوَّظف بأسلوب إنتقائي بغية تبرير الأهداف السياسية والاقتصادية الآخذة في الاتساع؛ مما يعني أن إتجاهات السياسة الدولية مرشحة لمزيد من الفوضى والاضطراب، وبالتالي فالاسلام الدين التوحيدي، والعالمي، والدنيوي، سيستنزف مراراً وتكراراً في لعبة الصراعات الدولية، التي تسمى وفقاً لأدبيات هنتغتون وورثته من المحافظين الجدد/ القدامى، وأسياد مراكز البحوث الأمريكية من بينهم دانييل بايبس مؤطر نظرية الحرب العالمية الرابعة، ومارتن كريمر الذي أحاط العقل الأمريكي برهاب التهديد الإسلامي، تسمى صراعاً حضارياً ووجودياً، في حين أنها معركة على الموارد بالمعنى الاقتصادي في عالم يشهد إنقساماً حاداً بين شماله وجنوبه.


الى ذلك تكشف القراءة الموضوعية لخلاصات برنارد لويس عميد الاستشراق الحديث أنه أول من دعا الى مسألة القطيعة بين الحضارات التي ظهرت في كتابه الموسوم جذور الغضب الإسلامي عام 1990، ويرى لويس 'أن الإسلام لا يعطي شيئاً ذي نفع، والضغينة تتحول الى غضب ضد الغرب، لكن النصر الأمريكي مؤكد كذلك لبننة (المقصود الحرب الاهلية اللبنانية) الشرق الأوسط مع تقوية إسرائيل'.


ويروّج لويس الى أن الإسلام قاصر ومعارض للقيم العالمية، والسبب يعود الى أن المسلمين لديهم مشكلة في قبول الديمقراطية، لعوامل مختلفة أهمها أن الدين الإسلامي لا يملك المقومات البنيوية التي تدفعه لمواكبة الحداثة بمعناها السياسي والاجتماعي.


وعلى الرغم من الخطاب السائد حول اعتبار هنتغتون مؤسس فرضية صراع الحضارات، إلاَّ أن لويس سبقه الى صياغتها منذ تفكك المنظومة الشيوعية، حين اعتبر الإسلام العدو الجديد للديمقراطية الغربية.


إن المقولات التي يدعو اليها الاستشراق الأمريكي حول حتمية الصراع بين الإسلام والغرب، تؤكد على أن صنّاع القرار في واشنطن لا يمكنهم بناء توجهاتهم الخارجية بمعزل عن وجود عدو افتراضي، بغية تبرير وجودهم العسكري في الشرق الاوسط، والهدف بالطبع الإستيلاء على ثروات المسلمين خاصة النفط المحرك الاول للفتن والحروب.


وعليه فإن الطفرة الاصولية التي تشهدها المجتمعات العربية والغربية، ودعم الولايات المتحدة المفرط لأمن إسرائيل، وإزدواجية المعايير الدولية تجاه قضايا المنطقة، وإستحضار الإرث التاريخي للعلاقة المضطربة بين الدوائر الحضارية المتلاقحة والمتعاكسة في آن؛ كل هذه العوامل وغيرها أحدثت شرخاً بين الأديان على مستوى العلاقة وليس على مستوى الرؤيا الى الله والوجود.


من ناحية أخرى أحدثت التحولات الدولية المترتبة على الصحوة الروسية، وتنامي الدور الاقتصادي والسياسي للصين، وتراجع المشروع الأمريكي على الصعيد الخارجي والداخلي، تبدلات إستراتيجية ترشح العالم الى تعددية الأقطاب والمحاور وتُسقط نظرية صموئيل هنتغتون. والحال فإن الحديث عن تصادم الحضارات ونهاية التاريخ عبارة عن إيديولوجيات أثبتت بطلانها، فالصراع بين الإسلام والغرب لا يتأسس على منطلقات دينية، وإنما على المصالح والادوار والقدرة على إثبات الوجود بمعناه السياسي، وإذا لم يتصالح عالم الشمال والجنوب، وإذا لم يُصغ رؤساء الحكومات الغربية المتعاقبة لمطالب الشعوب المُستعمَرة والاستعمار المقصود يندرج في سياق وصول النظام الرأسمالي الى ذروته ومن بينهم المسلمين الباحثين عن موقعهم ودورهم من ضمن القوى العالمية سنشهد المزيد من الفوضى والاضطراب.


يبقى أن الحضارات لا تتصارع بل تتثاقف وتتأثر وتكمل بعضها البعض، وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم 'ولو لا دفعُ الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيراً' (سورة الحج)، 'ولو لا دفعُ الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض' (سورة البقرة).



*كاتبة وباحثة لبنانية
جريدة القدس العربي
15/9/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.