الرئيس السوداني .. من القادم بعد؟؟!! د. سحر المجالي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين 14 تموز 2008، ''مذكرة توقيف، بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير، تتهمه ''بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وممارسات إبادة وانتهاك لحقوق الإنسان'' في دارفور. يبدو أن السياسات الغربية بشكل عام والأميركية بشكل خاص، بدت واضحة في عدائها للامة العربية والعالم الإسلامي. فهذه أول سابقة في تاريخ المحكمة تطلب من رئيس دولة على رأس مهامه المثول أمامها من اجل محاكمته. ويبدو أن قول ''ضعف الحائط يغري اللصوص'' ينطبق على هذه الأمة المستهدفة في وجودها ودينها ودورها. ان مما ساعد الغرب في الجهر في عدائه السافر لامتنا، هو إدراكه بان عداءه للعرب لن يكلفه الكثير، وذلك لضعف رد الفعل العربي وغياب الاستقراء الحقيقي للقادم. والسؤال الذي يتبادر للذهن هو لماذا السودان هذه المرة ؟، ولماذا الرئيس عمر حسن البشير بالذات؟. وفي اللحظة التي كان العالم يتوقع من المحكمة الجنائية الدولية أن توجه مثل هكذا تهمة للرئيس '' روبرت موغابي'' الرئيس الزمبابوي نتيجة ''خرقه لقانون السلم المجتمعي'' و''قمع المعارضة''، وتعطل الديمقراطية...الخ، حيث كانت تشير التوقعات إلى ردة فعل غربية تتلاءم مع ما حصل في ''زيمبابوي''، إلا أن الذي حصل هو استهداف آخر للامة العربية. لقد جاء هذا العدوان غير المبرر على الأمة العربية ، والسودان على وشك أن يصل إلى اتفاق سلام شامل في الجنوب، حيث أدرك السودانيون جمعيا بان وحدة السودان والإرث التاريخي للعلاقات البينية بين مكونات الشعب السوداني هي أهم من كل وعود الغرب وتدخلاته واستفزازاته للوحدة السودانية، ومحاولته ضرب وحدة الشعب السوداني. كما جاء هذا التصرف العدائي بعد ا أن تمكنت الحكومة السودانية من احتواء الأوضاع في دارفور وإعادة السلم الأهلي إليها. وبكل المعايير الإنسانية والدولية، فإن ما حصل في دارفور لا يمكن أن يرقى إلى مستوى العنف الذي حصل في ''بوروندي'' بين قبائل ''الهوتو والتوتسو''، حيث قتل أكثر من مليون ونصف المليون من هذه القبائل، ودون أن يحرك الغرب ساكناً لاحتواء هذه الإبادة الجماعية، بينما يتطوع لإشعال نار الفتنة في دارفور ويؤجج الصراع هناك من اجل ضرب وحدة السودان وآمنه، واستفزاز الأمة العربية والقارة الإفريقية والعالم الإسلامي. ويهدف الغرب من وراء ذلك تعطيل إمكانيات السودان الزراعية التي تعتبر سلة غذاء للامة العربية، ووضع يده على ثرواته الواعدة، وضرب تجربته في الاستقلال وحرية القرار، خاصة علاقاته المميزة مع إيران. ويعتبر توجه الغرب لمنع الصين من وضع أي موطئ قدم لها في أفريقيا، خاصة في السودان ، وضرب المصالح الصينية في السودان من الأسباب التي قادت السياسات الغربية لاستهداف السودان ورئيسه. لكن الأخطر من ذلك هو أن هذا التصرف يراه العديد من المحللين على أنه رسالة موجهة إلى مصر ودورها. لان عدم الاستقرار في السودان سيكون له نتائجه الخطيرة على الاستقرار المصري، والذي بدوره ينعكس على الأمة العربية، خاصة ما يتعلق بالقرن الأفريقي ومياه النيل، وبالتالي فإن مذكرة oجلبء الرئيس السوداني رسالة '' لي ذراع''موجهة إلى مصر، صمام الأمان والأمل للنظام الإقليمي العربي. إن تصرف المحكمة الجنائية الدولية هو سابقة خطيرة بحق زعيم عربي، له وجوده وحضوره على المستوى العربي والإفريقي والإسلامي والدولي. والسؤال الذي يتبادر لذهن المواطن العربي، هو من المفروض أن يجلس للمحاكمة أمام هذه المحكمة ، الرئيس السوداني عمر حسن البشير، أم من قتل وشرد ملايين العراقيين، واتى على حضارة عمرها آلاف السنيين!!!، ثم أليس من الأجدر أن يقف أمام المحكمة الذين ساهموا في تشريد وقتل الشعب العربي الفلسطيني واغتصاب أرضه. اعتقد أن رؤوس الزعماء العرب مطلوبة واحداً تلو الأخر، وان القادم أخطر، إذا لم يقوم النظام العربي بإعادة جرد حساباته، ووضع حد ''للإستزلام'' القطري-الأناني على حساب الهم القومي الأعظم والأكبر. عن صحيفة الرأي الاردنية 19/7/2008