سؤال جديد كثر تدواله مؤخرا ويردده على مسامعنا الغالبية ممن حولنا ونصادفهم فى حياتنا اليومية، حيث أصبح من الممكن تلقيه سواء من زميل أو صديق أو حتى من داخل محيط الأسرة والديك أو إخوتك أو حتى من جيرانك.."إيه مفيش جديد"؟!!. الغريب إنه من الممكن وبعد فترة وجيزة ومع كثرة طرح السؤال ربما تجد نفسك أنت أيضا تردده على كل من تصادفهم وبمنتهى التلقائية، بل والأغرب أن الإجابة دائما ما تأتى واحده: "أنت تعرف عنى كده؟"..أو "هو ده منظر حد عنده جديد؟!".. أو "جديد مين وهييجى منين؟".
وكأننا جميعا أصبحنا نعانى حاله من الثبات فى المكان والزمان..توقفت بنا آلة الزمن دون أن ندرى!!.. أو توقف بنا قطار الحياة عند تلك المحطة؟ّ!.. هل توقفنا جميعا"محلك سر"دون حراك لفترة زمنية غير معلومة بعد؟!!..هل هى ظاهرة كونية جديدة أم فيروس بدأ إنتشاره مؤخرا مثله مثل باقى الفيروسات العديدة التى امتلأت بها سماء مجتمعنا؟..
فى تقديرى أن المسألة وببساطة شديدة إنه لا هذا ولا ذاك ولا غيرهما..القضية ملخصها حالة عامة من الملل والإحباط أصبحت تحتل نفوس غالبية أفراد المجتمع، كإنعكاس واضح للحياة الروتينيه الرتيبه التى وجدنا أنفسنا محاصرين داخل أسوارها عن سابق تعمد وإصرار.."اللى نبات فيه..نصبح نلاقيه"..مفيش تغيير..ومفيش حاجه بتتغير، لدرجة إفتقادنا للإحساس بعامل الزمن من حولنا.
دوامة من الروتينيات وجد معظمنا نفسه محاطا بها يوميا فى المنزل والعمل والشارع..مجموعة كبيره من الروتينيات أفضت بنا إلى حالة من اللامبالاه والسلبيه العجيبه..وكأن جميع المشاهد الملتقطه من واقع حياتنا اليوميه أضحت بالنسبة لنا مثل عمل سينمائى مأخوذ عن قصة حقيقية أختار مخرجه عرضه بطريقة ال "فلاش باك"، وكأن جميع مشاهد حياتنا قد رأيناها مسبقا، لدرجة إنه أصبح من الطبيعى أن لا يختلف الشعور باليوم عن أمس أو حتى الغد، حيث إنه ما عليك فعله فقط كل صباح وبدون بذل أى مجهود هو مجرد الضغط على زر replay أو redial لديك، ومن ثم سيقوم العقل من تلقاء نفسه بإجراء عملية إعادة أو إسترجاع لما تم وعايشه من أحداث.
كل شىء فى الحياة أصبح نمطى ومألوف ولا يخرج عن إطار ال (عادى).. وخليك فريش إحنا فى رحله..أية رحلة؟.. وعلى فين العزم؟..الله أعلم. هاتيك الوقائع المشار إليها هى ما أفضت بنا نهاية إلى مجتمع يحمل ماركة واحدة مسجلة..ماركة الفوضى.. سرقه+ نصب+فساد+قتل+تحرش+إغتصاب..المجموع= فوضى، لكنها فوضى مستأنسه أى إنه يمكننا التعود ع العيش إلى جانبها وفى كنفها، حيث أصبحت جميع مفرداتها وأشكالها المنتشره بيننا وحولنا..
أصبحت جميعها مألوفة بالنسبة لنا، لدرجة إنه لم يعد مجرد سماعنا لها يصيبنا بالخوف أو الذعر أو الهلع كما كان سابقا، بل أن رؤيتنا لها حتى ولو بأم أعيننا لن يهز لنا شعرة واحدة من رؤوسنا، بل إنه يمكن لأى أحد منا إرتداء إحدى تلك وجوهها فى أية لحظة ودون أن يدرى.
الغريب هنا حقيقة إنه وعند مواجهة أى مسئول بواقع الحال..يأتيك الجواب وبمنتهى البساطة:"مشكلتنا فى حاجه واحده بس..محتاجين"نظام""؟..طب حضرتك وما حدش بينظم ليه؟.. لأن إحنا شعب ما تعودش ع النظام؟..وكأن سيادة المسئول يتحدث عن شعب ومجتمع ووطن أخر لا ينتمى إليه ولا يمت له بصله؟!..
طب ممكن أستأذن سيادتك بس توضح لنا هو فين النظام اللى تقصده سعتك؟..موجود..أه قصد حضرتك النظام اللى هو زى القانون بتطبقه على ناس أه وناس لأ!!!.. والكلام الكبير إياه عن المواطنة والمساواة وغيرها من العديد من المصطلحات، التى تمتلىء بها خطب الجميع لدينا..وأصابت الجميع بما نناقشه الأن من حيث حالة الإحباط والملل المستشريه مثل الوباء بين أفراد المجتمع من كثرة سماعها، وعدم وجود أى صدى لها..أمال إحنا جايين نتكلم فى إيه؟!!..يبقى خلينا ساكتين أحسن..وأدى وقفه. .
طب"وفين الجديد"؟! ..الجديد إنه لم يعد من المقبول الإرتكان أوالإستسلام لهذه الحالة من اليأس والإحباط..فلابد للجميع من وقفه..وقفه مع النفس. وقفة نظام وحساب..وقفة لتحديد الهدف من الحياة..لمعرفة الحقوق والواجبات..لرصد الأخطاء ومعرفة كيفية إصلاحها والإستفادة منها فى تحقيق ما نريده لأنفسنا.
وقفة لمعاينة سقف الطموح وتجديد تراخيص قصر الأحلام..وقفة لإعادة صياغة أجندة - خطة-عمل واضحة الملامح أو حتى إستبدالها بأخرى جديدة.. محددة الأهداف مع مراعاة إمكانية قابليتها للتنفيذ على أرض الواقع ... حد وصله جديد؟!!