لغة خجولة إزاء عدوان مستمر عدنان السيد يظهر التقرير السابع لأمين عام الأممالمتحدة بان كي مون، في شأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي ،1701 الصادر في عام 2006 لانهاء الحرب “الإسرائيلية" على لبنان، مجموعة ملاحظات جديرة بالتأمل. انه يتحدث على خروق للخط الأزرق بالقرب من الحدود الدولية، وتحديداً من الجانب “الإسرائيلي". اضافة إلى الانتهاكات الجوية “الإسرائيلية" للمجال الجوي اللبناني، وترتيبات الأمن والاتصال بواسطة الفريق الثلاثي المكون من قوة الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، والجيش اللبناني، والجيش “الإسرائيلي". ويتوقف عند الألغام الأرضية والقنابل العنقودية في الأراضي اللبنانية، وترسيم الحدود بالقرب من مزارع شبعا المحتلة. ويبدي التقرير ملاحظات على تنفيذ القرار الدولي المذكور، بعضها يتصف بالخجل، أو بالخفر غير المبرر! لماذا؟
جاء في التقرير عن بقاء الاحتلال “الإسرائيلي" في قرية الغجر، والخروق الجوية في منطقة مزارع شبعا ما يأتي:
“وبينما بقي الوضع على حاله في قرية الغجر، والمنطقة الصغيرة المتاخمة لها شمال الخط الأزرق، أبلغ عن حدوث بعض الخروق البرية وخصوصاً في منطقة مزارع شبعا حيث لا علامات ظاهرة للعيان تدل على الخط الأزرق كما تصعب رؤية هذا الخط على الأرض. وادعى الجيش اللبناني ان مجموعة جنود تابعين للقوات “الإسرائيلية" خرقت الخط الأزرق في 13 ابريل/ نيسان 2008 قرب موقع الأممالمتحدة في منطقة مزارع شبعا. وفي 13 مايو/ أيار ،2008 أوقفت القوات “الإسرائيلية" راعياً لبنانياً واحتجزته مؤقتاً مدعية انه اجتاز الخط الأزرق في المنطقة نفسها. ولم تتمكن القوة، بعد التحقيقات التي أجرتها في كلا الحادثين، من تأكيد المزاعم أو نفيها..".
يكتفي التقرير بالتوصيف من دون أن يتحدث بوضوح على الانتهاك “الإسرائيلي" الواضح لمضمون القرار ،1701 وتحديداً في قرية الغجر اللبنانية التي احتلت في حرب يوليو/ تموز ،2006 ووُعدت الحكومة اللبنانية بإخراج الاحتلال منها سريعاً. وإلى اليوم لا يزال الاحتلال، وتكتفي التقارير الأممية بالتوصيف الباهت! لا يحق للحكومة “الإسرائيلية"، والحال هذه، مطالبة لبنان بأي متابعة لبنود القرار المذكور قبل أن تنسحب من مجمل الأراضي اللبنانية المحتلة.
إلى ذلك، تكررت أعمال خطف الرعاة اللبنانيين، وآخرها خطف راع من منطقة شبعا بعد اعلان هذا التقرير الذي نناقشه. انها ظاهرة متكررة من دون مبرر، بمعنى ان هؤلاء الرعاة لم يقوموا بأي عمل مسلح أو استفزازي حتى يتعرضوا للخطف.
فلماذا تقوم الدنيا ولا تقعد على خطف جنديين “إسرائيليين" في العام ،2006 لمبادلتهما مع الأسرى اللبنانيين في السجون “الإسرائيلية"، ولا يتحرك العالم لخطف لبنانيين من أراض لبنانية؟
نموذج آخر للغة الباهتة في الحديث على العدائية “الإسرائيلية"، عند الحديث على الألغام الأرضية والقنابل العنقودية التي أدت إلى سقوط أربعين ضحية لبنانية و269 جريحاً حتى تاريخه. جاء في التقرير:
“لم يحرز أي تقدم في الحصول من “إسرائيل" على بيانات تقنية دقيقة في شأن الضربات التي استخدمت فيها هذه الذخائر أثناء نزاع 2006 تتعلق بعددها ونوعها وموقعها. وفي ظل عدم توفير هذه البيانات التقنية المتعلقة بالضربات من جانب “إسرائيل" لا يزال مستوى التلوث غير أكيد..". المقصودة هنا القنابل العنقودية، ناهيك عن الألغام المزروعة سابقاً في الأراضي اللبنانية قبل تحرير الجنوب سنة ،2000 والتي لم تنزع بكاملها إلى اليوم. ألا يستحق لبنان دعماً دولياً، وتعويضاً مالياً من “إسرائيل" عن الخسائر المادية والبشرية التي وقعت؟ ولماذا الخجل من اثارة هذه المسألة على غير صعيد؟
الأخطر من ذلك عند الحديث على الخروق الجوية “الإسرائيلية" للمجال الجوي اللبناني، وهي ظاهرة متكررة منذ أمد بعيد. جاء في التقرير: “خلال الفترة المشمولة بالتقرير، سجلت القوة عدداً لم يسبق له مثيل من الخروق من جانب “إسرائيل" للمجال الجوي اللبناني بطائرات عادية، وطائرات بلا طيار، واحتجت عليها، وارتكبت هذه الخروق بشكل شبه يومي، بمتوسط يزيد على 20 خرقاً في اليوم في مارس/ آذار وابريل/ نيسان 2008 وحده"!
وفي فقرة لاحقة، يشير التقرير إلى القلق الذي يساور الأمين العام ازاء استمرار هذه الخروق الجوية، وبمستويات غير مسبوقة، وهي تعد انتهاكاً للقرار 1701.
هل دور قوة الأممالمتحدة تسجيل الخروق الجوية “الإسرائيلية"، وتوصيف خطرها، وعددها، أم انه لابد من الانتقال إلى قرار أممي جديد بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، يلزم “إسرائيل" باحترام القرارات الدولية؟
لو ان لبنان قام بمثل هذه الخروق، والانتهاكات للقرار الدولي (أي قرار)، لتعرض لضغوط عالمية كبيرة. المؤسف ان اللبنانيين لم يتحدوا كفاية خلف مقاومة العدوانية “الإسرائيلية". هذه مسؤولية اللبنانيين قبل غيرهم، على الرغم مما تحقق من انجازات مهمة في عامي 2000 و2006 عندما أرغمت “إسرائيل" على التراجع والانسحاب.
ما يبرر استمرار المقاومة تلك السياسة “الإسرائيلية" المتمادية في العدوان، والاحتلال. حسبنا العودة كل ستة أشهر إلى تقرير جديد لأمين عام الأممالمتحدة يكتفي بالتوصيف وتسجيل الخروق. عن صحيفة الخليج الاماراتية 15/7/2008