محافظ الإسماعيلية يتفقد موقع النصب التذكاري بجبل مريم (صور)    وزير الإسكان ومحافظ الشرقية يبدآن جولة تفقدية بعدد من مشروعات المياه والصرف    جرائم الصهاينة وتضحيات الأبطال    انطلاق اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة 34 في بغداد    مصر ضد المغرب.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة نصف نهائي أمم أفريقيا للشباب    أموريم يتحمل تكاليف حضور عائلات جهاز مانشستر لنهائي الدوري الأوروبي    سون يتعرض لمحاولة ابتزاز من سيدة والشرطة تتدخل    حبس سائق المقطورة المتهم بدهس بطل كمال الأجسام في التجمع    نجل الفنان عبد الرحمن أبو زهرة: معاش والدي توقف بسبب شائعات وفاته    الكشف على 145 حالة خلال قافلة طبية في مدارس القليوبية    حكم قضائي جديد يخص طلاب الثانوية العامة| بماذا حكمت المحكمة؟    وزير الصحة يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 لجامعة عين شمس    وزير خارجية تركيا: هناك فرصة لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا    حماس: المقاومة قادرة على إيلام الاحتلال ومستوطنيه فوق كل شبر من أرضنا    وفاة إسرائيلية متأثرة بإصابتها خلال عملية إطلاق نار في الضفة الغربية أمس    تفاصيل عودة اختبار السات SAT لطلاب الدبلومة الأمريكية بعد 4 سنوات من الإلغاء «القصة الكاملة»    لليوم الثاني.. 21 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالمنيا    أسعار الفراخ اليوم تنخفض على استحياء.. شوف بكام    كورتوا: سنواصل الإيمان بحظوظنا في الدوري حتى يصبح الأمر مستحيلًا رياضيًا    «فوازير»... شوبير ينتقد اتحاد الكرة ورابطة الأندية بسبب شكل الدوري    طوارئ في الأهلي قبل قرار لجنة التظلمات اليوم.. والزمالك وبيراميدز يهددان بالتصعيد    منتخب مصر للدراجات يقترب من التتويج بلقب البطولة الأفريقية    دوري سوبر السلة.. الأهلي يواجه الزمالك في ثاني مواجهات نصف النهائي    الحكومة تبحث وضع آلية محددة لتحصيل الرسوم من المنشآت الفندقية والسياحية    ضبط 45.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    طقس مائل للحرارة في شمال سيناء    اليوم.. طلاب الشهادة الابتدائية الأزهرية يؤدون امتحان الدراسات الاجتماعية في الإسكندرية    تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى.. السكة الحديد تعلن التفاصيل والمواعيد    أولى جلسات محاكمة نجل الفنان محمد رمضان.. بعد قليل    النقض تخفف عقوبة ربة منزل وعشيقها بقتل زوجها    نزع ملكية عقارات 3 مدارس في 3 محافظات    الليلة.. عرض فيلم الممر ضمن فعاليات منتدى ناصر الدولي    قبل افتتاح المتحف المصري الكبير.. ما هي أبرز الجوائز التي حصل عليها؟    بهذه الكلمات.. كندة علوش تهنئ أصالة ب عيد ميلادها    محمد البهي رئيس لجنة الضرائب: التسهيلات الضريبية في صالح الصناع..    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    لابيد: ترامب سئم من نتنياهو والسعودية حلّت محل إسرائيل كحليف لأمريكا    السيطرة على حريق شب في ثلاثة منازل بسوهاج    ترامب: بايدن أسوأ رئيس للولايات المتحدة.. ولدينا أقوى جيش في العالم    تعرف على مدة إجازة رعاية الطفل وفقا للقانون    آيزنكوت: الصراع مع حماس سيستمر لفترة طويلة والنصر الكامل شعار غير واقعي    وزيرة البيئة تبحث مع المقاولون العرب التعاون فى مجال إعادة تدوير مخلفات الهدم والبناء    الصحة تنظم مؤتمرا طبيا وتوعويا لأهمية الاكتشاف المبكر لمرض الثلاسميا    أمين عام الناتو: لدينا تفاؤل حذر بشأن تحقيق تقدم فى مفاوضات السلام بأوكرانيا    هانئ مباشر يكتب: بعد عسر يسر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 15 مايو 2025    تباين آراء الملاك والمستأجرين حول تعديل قانون الإيجار القديم    نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا على أعتاب جمهورية جديدة
نشر في محيط يوم 30 - 07 - 2007


تركيا على أعتاب جمهورية جديدة
خالد السرجاني
على الرغم من نفي رجب طيب اردوغان نية حزبه في الخروج على العلمانية التركية، إلا أننا لا يمكن بحال من الأحوال أن نتجاهل أن جمهورية جديدة تتأسس في تركيا على أنقاض جمهورية أخرى يبدو أنها فقدت مبررات وجودها لان تصويت الشعب التركي لصالح حزب العدالة والتنمية كان رسالة منه تفيد بهذا الصدد.

ومن المناسب أن نشير إلى ملامح هذه الجمهورية الجديدة، فالحاصل أن العديد من المراقبين العرب ركنوا إلى صوت العاطفة ولم يستمعوا إلى صوت العقل وأفادت تعليقاتهم بان جمهورية إسلامية في طريقها للتأسيس في تركيا وهذا أمر يجانبه الصواب.

فمن جهة فان الشعب التركي عندما صوت لصالح العدالة والتنمية كان احد الدوافع الأساسية لهذا الأمر هو انه يسعى إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بما يعنى اختياره للهوية الأوروبية الغربية من بين الخيارات المتعددة للهوية التركية في الوقت الراهن.

والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عمقه هو اختيار للعلمانية وليس للإسلامية. وقد وجد الناخب التركي أن الاستقرار الاقتصادي الذي تحقق على يد العدالة والتنمية يعبد الطريق أمام الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولم يكن الخيار بين العلمانية والاسلاموية من القضايا الرئيسية في الحملة الانتخابية التركية الأخيرة حتى نتعامل معها باعتبارها كرست الهوية الإسلامية للدولة.

ويمكن القول أن الانتقال الذي شهدته تركيا هو من العلمانية المتخاصمة مع الدين إلى العلمانية المتصالحة معه، وهذا ما تؤكده تصريحات رئيس الوزراء التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية، ولكن من المفيد الإشارة إلى ملامح أخرى للدولة التركية الجديدة وهى المتعلقة بمصدر السلطات .

فالتغيير الأساسي الذي يعتزم حزب العدالة والتنمية إجراؤه على انتخاب رئيس الجمهورية يعنى أن الشعب التركي سيتحول إلى مصدر للسلطات، وليس أعضاء البرلمان الذين كانوا يتولون هذا الأمر في السابق. والتعديل الذي سيجريه حزب العدالة والتنمية على نظام الانتخاب ومدة تولى رئيس الجمهورية لا تعني أن رئيس الجمهورية المقبل سوف يصبح من الإسلاميين.

فبعيدا عن أن اردوغان أشار إلى أن سيتم البحث عن شخصية توافقية، ليس من الملزم أن تكون من الإسلاميين، فان التصويت الذي حصل فيه حزب العدالة على نسبة تقل عن 48% تعنى انه يمكن أن يتكتل النواب الذين لم يصوتوا للعدالة لصالح مرشح آخر غير منتم للحزب وبالتالي ينتخب هذا المرشح الآخر رئيسا للجمهورية، وحتى لو تم انتخاب مرشح يدعمه العدالة والتنمية في أول انتخابات تجرى وفقا للنظام الجديد، فان ذلك لا يعني أن هذا المنصب سوف يصبح حكرا عليه، بل سيتم تداوله بين شخصيات سياسية متعددة، وإلا أصبحت الشمولية احد ملامح الجمهورية الجديدة في تركيا.

وإذا كانت العلمانية المتصالحة مع الدين هي احد ملامح الجمهورية الجديدة في تركيا، فان الملمح الثاني سيكون هو تحويل منصب رئيس الجمهورية من منصب شرفي بلا سلطات إلى منصب له سلطات صغيرة لكنها فعالة تدخله إلى اللعبة السياسية بعيدا عن التهميش الذي كان يميز الجمهورية التركية السابقة المتقادمة. ومن الملامح الأساسية في الجمهورية الجديدة تخفيف قبضة العسكر عن العملية السياسية، وقد قطع حزب العدالة والتنمية شوطا طويلا في هذا المجال خلال حكومته السابقة، ومن المنتظر أن يقطع أشواطا أخرى جديدة في حكومته الجديدة.

ومن المناسب الإشارة إلى أن الحزب لم يكن لينجح في هذا المجال من دون وجود مناخ دولي معارض لتدخل العسكر في السياسة وهذا هو السبب الأساسي الذي حال دون تدخل المؤسسة العسكرية التركية لإجهاض تجربة حزب العدالة والتنمية من أساسها. وهو الذي مازال يحول دون ممارسة المؤسسة العسكرية التركية ضغوطا غير مباشرة على الحزب من اجل تغيير سياساته.

ومن الملامح الأساسية لجمهورية تركيا الجديدة الاستقطاب الواضح بين اتجاهين أساسيين وهما التيار الإسلامي والتيار القومي غير المتطرف، وغياب التيارات الأصيلة الأخرى عن الساحة السياسية التركية ونقصد بها كلا من التيارين الليبرالي واليساري، وهذا الأمر يمكن أن تكون له تداعيات سلبية في المستقبل.

ويرتبط بهذا الملمح مصالحة وتسامح مع الأقلية الكردية، ليس فقط لان حزبا متعاطفا معها نجح في التمثيل في البرلمان التركي، ولكن لان حزب العدالة والتنمية كما يبدو من ممارساته السياسية خلال سيطرته على السلطتين التنفيذية والتشريعية أبدى تسامحا مع الأكراد على الرغم مما سببه له ذلك من مشاكل مع تيارات سياسية أخرى، وأيضا مع المؤسسة العسكرية.

وهناك تخوف لدى المهتمين بالشأن التركي، وهو أن يحول حزب العدالة والتنمية تركيا إلى طريق الشمولية، ذلك أن سيطرته الطويلة على السلطتين التنفيذية والتشريعية يمكن أن تغريه بهذا الأمر، ولكن هذه التخوفات تتراجع أمام تصريحات متعددة لرجب طيب اردوغان حول المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية والذي لم يشترط أن يكون من حزب العدالة والتنمية. فهذه التصريحات تؤكد أن الحزب واع لهذه المخاوف .

وهذا الموقف قد لا يكون لأسباب تتعلق بخوف الحزب على الأسس الديمقراطية لتركيا بقدر ما هو خوف على الحزب ذاته. فما يحول دون تدخل المؤسسة العسكرية لوأد تجربة الحزب هو موقف الخارج الذي يرفض التدخل العسكري في الشأن المدني، ولكن استئثار الحزب بالحكم تجاه الديكتاتورية يمكن أن يجعل هذه الدول تتغاضى عن هذا الأمر بما يسمح للمؤسسة العسكرية بوأد التجربة. أي أن العدالة والتنمية يحمي نفسه بهذا السلوك أكثر من كونه يسعى وراء تجربه ديمقراطية سليمة ومتكاملة.

ومهما يكن من أمر فان تركيا الآن على أعتاب جمهورية جديدة بدأت ملامحها تتشكل بالفعل.

عن صحيفة البيان الاماراتية
30/7/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.