مصر والامارات تبحثان سُبل تعزيز التعاون في ملفات التموين والأمن الغذائي    محافظ الشرقية يلتقي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية لتعزيز سبل التعاون المشترك    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    مصر تمد التزام خليج السويس ودلتا النيل مع إيني الإيطالية حتى عام 2040    مصر تدعم غزة بشاحنات المساعدات الإنسانية والمخيمات    الخارجية السودانية ترحب بتصريحات روبيو: رسالة للدول التي تساعد الدعم السريع    القسام تستأنف البحث عن جثث جنود الاحتلال    3 زلازل تضرب ولاية باليكسير غرب تركيا    الإمارات ضد العراق مباشر.. موعد المباراة والقنوات الناقلة في تصفيات كأس العالم 2026    مصر تحقق 34 مليار جنيه عائدًا من الطرح الاستثماري بمجال الشباب والرياضة    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    ليفاندوفسكي على رادار ميلان وفنربخشة بعد رحلته مع برشلونة    مصرع تاجري مخدرات وسلاح وضبط آخرين بمواد قيمتها 95 مليون جنيه بالشرقية    أبو الغيط: الجامعة العربية وضعت نصب أعينها موضوع الحفاظ على الإرث الوثائقي العربي    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    نانسي سلام: الاستدامة والتصدير طريق صناعة الملابس الجاهزة للمنافسة عالميا    رئيس جامعة المنصورة يستعرض تجربتها كنموذج منتج    «المصدر» تنشر قانون الإجراءات الجنائية الجديد بعد تصديق الرئيس    ساعية البريد: حين تحمل النساء هم تغيير العالم    رئيس الطائفة الإنجيلية يشيد بجهود محافظ أسيوط في تطوير مسار العائلة المقدسة    بعد استقبال مبارك ومرسي، سجن طره يتزين بدعاية مرشحي انتخابات النواب 2025    مع دخول الشتاء.. هل للبرد علاقة بآلام الأسنان؟    هل فصل الأم خلال إجازة الوضع قانونى؟ مسلسل كارثة طبيعية يشعل التساؤلات    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    الطماطم ب8 جنيهات.. أسعار الخضراوات والفاكهة بسوق العبور اليوم الخميس    الدوسري خلال «خطبة الاستسقاء»: ما حُبس القطر من السماء إلا بسبب تقصير الناس في فعل الطاعات والعبادات    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    لقاء الشرع بترامب في البيت الأبيض الأول منذ 80 عاما.. وباراك يكشف تفاصيل الاجتماع    اتحاد شركات التأمين: يثمن إتاحة الاستثمار المباشر في الذهب والمعادن النفيسة    متحدث الأوقاف: مبادرة صحح مفاهيمك دعوة لإحياء المودة والرحمة داخل الأسرة والمجتمع    «مبروك لحبيبتي الغالية».. فيفي عبده تهنئ مي عز الدين بزواجها    حسين فهمي يشارك في حلقة نقاشية عن "الترميم الرقمي" بمهرجان القاهرة السينمائي    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    إحالة عاطل للجنايات بتهمة سرقة المواطنين بأسلوب الخطف وحيازة سلاح أبيض بالزيتون    إسقاط الجنسية عن شخص لالتحاقه بالخدمة العسكرية بدولة أجنبية    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    خبير لوائح يكشف سر لجوء اتحاد الكرة للجنة المسابقات لإصدار عقوبات السوبر    بشير التابعي: شكوى الزمالك ضد زيزو "شخصية".. وطاهر لا يستحق الانضمام للمنتخب    الداخلية تكشف الحقيقة الكاملة لفيديو "البلطجي وسرقة الكاميرات" في الدقهلية.. القصة بدأت بخلاف على الميراث!    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    زوج يقتل زوجته بعد شهرين من الزواج بكفر الشيخ    تعليم الأقصر تبحث الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسى الأول.. صور    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    سفير المغرب بالقاهرة يكشف شرط حصول الجماهير المصرية على التأشيرة المجانية لحضول أمم إفريقيا    «التحديات النفسية والاجتماعية لظاهرة التنمر في ظل الرقمنة».. ندوة بآداب بنها    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    بيان مشترك لمصر وتركيا بمناسبة اجتماع مجموعة التخطيط المشتركة بين البلدين    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    إسرائيل تضغط لرفع الحظر الألماني على صادرات الأسلحة    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    المهن التمثيلية تصدر بيانا شديد اللهجة بشأن الفنان محمد صبحي    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوباما ... والطريق الأقصر إلى البيت الأبيض / محمد سعيد الفطيسي
نشر في محيط يوم 14 - 07 - 2008

أوباما ... والطريق الأقصر إلى البيت الأبيض
محمد سعيد الفطيسي
لا تحتاج بعض القرارات السياسية الأميركية , وخصوصا الخارجية منها إلى كثير من الدراسة والتشريح والتحليل والتعمق , وذلك لفهم طبيعتها السياسية أو أهدافها ومقاصدها المستقبلية المبطنة, وخصوصا حين تتعلق بطبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والمستعمرة الإسرئيلية الكبرى من جهة , والعرب من جهة أخرى , او بخصوص القضايا العربية بشكل عام - وبمعنى آخر - هناك بعض القرارات الخارجية الأميركية ليس لها سوى بعد واحد , ووجه واحد , ومضمون سياسي واحد بالرغم من اختلاف الأقنعة , انه دعم المستعمرة الإسرائيلية الكبرى , والمحافظة على مصالحها وأمنها واستقرارها بكل صراحة ووقاحة ووضوح , فهي مجرد دائرة ضيقة لا تتسع لأكثر من شريكين , ولا تحتوي على كثير من المشاهد الدرامية المعقدة , وإنما تدور في حلقة مفرغة واحدة , تبدأ من حيث تنتهي , وتنتهي من حيث بدأت , ويبقى فقط قدرتنا - نحن كعرب - على التعامل معها بطريقة سياسية صحيحة ودقيقة وحذرة.
ولكن - وللأسف - فإننا بالرغم من كل ذلك الوضوح الفاضح لطبيعة العلاقة الصهيواميركية التاريخية , لازلنا - نحن العرب - , نتعامل مع مخرجات تلك القرارات السياسية الأميركية بطريقة أشبه ما تكون بقراءة الكف او الفنجان , ومن خلال ذاكرة عربية تاريخية مثقوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى , فنأمل النفس دائما بأماني مستقبلية ساذجة ولا حدود لها , كوقوف الغرب بشكل عام , والولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص مع قضايانا العربية او مصالحنا القومية في قضية الصراع العربي مع المستعمرة الإسرائيلية الكبرى , او في أي قضية أخرى تتعلق بمصالحنا العربية على وجه التحديد , على أساس وجود عدد من المصالح العربية الأميركية المشتركة والمتبادلة عبر التاريخ , وكأننا نحاول أن نخدع أنفسنا بتغطية شمس الحقيقة بغربال من الأماني الخادعة والزائفة , وتحت أسماء وعناوين سياسية ودبلوماسية لا طائل منها , ويتضح ذلك بكل صراحة وجلاء وعلى وجه الخصوص , في كل مرة مع حلول الانتخابات الرئاسية الأميركية , ومع بداية ونهاية وصول الزعيم الجديد الى سدة البيت الأبيض.
وحتى لا نتعمق كثيرا في سرد تلك الصفحات السوداء الواضحة من تاريخ الانتخابات الأميركية منذ العقد الأول من القرن العشرون وحتى يومنا هذا , والتي أكدت ولا زالت حقيقة واحدة لم تتغير معالمها بعد الى يومنا هذا , وهي أن الولايات المتحدة الأميركية لم ولن تقف يوما من الأيام ولو من باب المجاملة مع قضايانا العربية في وجه حليفها الاستراتيجي , وذراعها الإجرامي , وابنها المدلل إسرائيل , وما سيكون دون تلك الثوابت والحقائق لن يزيد عن كونه مجرد لعب على الشوارب والذقون العربية , وذلك بهدف المماطلة وإعطاء الفرصة للمستعمرة الإسرائيلية الكبرى لالتقاط أنفاسها وإعادة لملمة أوراقها التي ربما تبعثرت لسبب او لآخر , " انظر مقالنا - قضايانا العربية في ضوء الانتخابات الأميركية".
وها هو التاريخ اليوم يعيد نفسه كشريط تليفزيوني قديم على يد السيناتور ومرشح الرئاسة الديمقراطي الاميركي القادم باراك أوباما, ولكن هذه المرة بالألوان , ليدور في نفس تلك الدائرة المفرغة سالفة الذكر , مع اختلاف بسيط في وجوه الممثلين والمخرجين و(الكومبارس) , وبنفس الأسلوب السياسي الذي اعتدناه قديما من كل القادة الأميركيين , - ونقصد - أسلوب " يعطيك من طرف اللسان حلاوة , ويروغ عنك كما يروغ الثعلب " وبالطبع فإن ذلك في بعض الأحيان فقط , أما في أغلب الأوقات وأكثرها كما علمتنا التجارب والوقائع وأحداث التاريخ , أن لا مناص من انتزاع ما تبقى من تلك الحلاوة من فم العربي , والتعامل معه بأسلوب العصا من غير الجزرة , وذلك كتأكيد تاريخي لمن يفقه ممن يدعون فهم التاريخ , ويتعاملون بالسياسة , على تلك الحقيقة التاريخية المتجددة والتي سبق وأشرنا إليها , وهي استحالة وقوف قادة الولايات المتحدة الأميركية ودون استثناء في وجه إسرائيل مع قضايانا العربية المصيرية.
ولتوضيح هذه النقطة في سياق التأكيد السابق , فإن السيناتور باراك أوباما وفي بداية حملته الانتخابية وعد بانتهاج خط جديد في السياسة الخارجية الأميركية كما هو حال من سبقه من المرشحين الجمهوريين منهم والديمقراطيون , وخصوصا تجاه العراق وفلسطين وأفغانستان ، بما في ذلك إنهاء الحرب وسحب القوات الأميركية من العراق وإغلاق معتقل جوانتانمو , وقيام دولة فلسطينية مستقلة ، وأضاف أوباما أنه على أميركا ( بذل الجهد الدبلوماسي الحثيث والدائم في منطقة الشرق الأوسط لتحقيق السلام والاستقرار , وانه قد آن الأوان لفتح صفحة جديدة في تعاملنا مع الآخرين ،ولنقل للعالم إننا مستعدون للقيادة ، وإننا سنقود العالم بالأفعال والقدوة الحسنة).
ولكن ها هو مرشح الرئاسة الأميركية القادم باراك أوباما يتراجع عن أغلب تصريحاته ووعوده بعد فترة لم تتجاوز الشهر منها , لتحمل رياح الصهيونية ومنظماتها الضاغطة كايباك أغلب تعهداته السابقة تجاه القضايا العربية بشكل عام , والقضيتين العراقية والفلسطينية على وجه الخصوص في مهبها , فقد غلب الطبع على التطبع كما يقول المثل الدارج , حيث كشفت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر يوم الثلاثاء الموافق 8 / 7 / 2008 م , ما مفاده أن باراك أوباما تراجع عن مواقفه السابقة بشأن سحب القوات الأميركية من العراق مع بقاء تعهده بإنهاء الحرب - بانتظار أن يتراجع عن هذا التصريح أيضا خلال الأيام القادمة - , واختارت الصحيفة بعضًا من تصريحات أوباما التي تدل على تغيير موقفه ، منها قوله: " إن أمن وسلامة جنودنا والحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار , هي التي ستحدد خطوة الانسحاب من العراق , وعندما أذهب إلى العراق وأجد فرصة للحديث مع بعض القادة في الميدان ، سأحصل دون شك على معلومات وأستمر في تعديل سياساتي".
كما أن تصريحاته تجاه القضية العربية الفلسطينية لا تحتاج إلى تعمق في الفهم , أو معرفة في أصول ومفاهيم السياسة والدبلوماسية والعلاقات الدولية , فقد سبق وشدد باراك أوباما الطامح لنيل ترشيح الديمقراطيين في السباق إلى البيت الأبيض بتاريخ 27 فبراير 2008 م - أي - في بداية حملته الانتخابية وبكل صراحة ووضوح على دعمه الثابت لإسرائيل والعلاقات مع المجموعة اليهودية , وقال في كلمته التي اتضح من خلالها انه مجرد امتداد للعبة الصهيونية العالمية الكبرى على العالم بشكل عام , ومطامعهم في الشرق الأوسط على وجه الخصوص , إن" أي اتفاق مع الشعب الفلسطيني يجب أن يحافظ على هوية إسرائيل كدولة يهودية لها حدودها الآمنة والمعترف بها" وشدد أوباما ، الذي ضمن مكانته كمنافس ديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة في ذلك الوقت ، أن إدارته في حال انتخابه ، ستقف إلى جانب إسرائيل في مواجهة كافة التهديدات المحتملة والمتوقعة ، وستعمل على ضمان تفوقها العسكري في المنطقة , وأورد قائلاً في هذا الصدد :" الذين يهددون أمن إسرائيل يهددون أمن الولايات المتحدة الأميركية ", وهكذا يتأكد لنا انك إذا أردت أن تختبر نية أي زعيم أميركي قادم , أو صدق نواياه تجاه قضايانا العربية , فما عليك سوى أن تبدأ به من فلسطين.
وختاما فإن أوباما او غيره من قادة وزعامات الولايات المتحدة الأميركية السابقون واللاحقون , لن يتجاوزوا كونهم قفازات أميركية تديرها قوى الضغط الصهيونية , لتغطي جرائم وإرهاب يد المستعمرة الإسرائيلية الكبرى وتدافع عنها في كل زمان ومكان , وفي كل كبيرة وصغيرة , وأنهم مهما حاولوا تغيير وجوههم وألوانهم وأشكالهم بتقنع أقنعة الحيادية والديمقراطية والدبلوماسية , فان حقيقتهم ستظهر في نهاية المطاف , وستتغلب طباعهم واطباعهم التي جبلوا عليها بقوة المال والسلطة , على سياساتهم وتوجهاتهم وقراراتهم المفبركة , فتتكشف حقائق الحيادية والوقوف مع المظلومين والبؤساء في مختلف أرجاء العالم , وخصوصا في دولنا العربية كفلسطين والعراق على سبيل المثال لا الحصر , وعلى وجه الخصوص كلما تقلصت مسافة الطريق إلى البيت الأبيض , ( فكل ما في الأمر أن الأوراق كشفت ولم يعد بالإمكان ممارسة اللعبة على الطريقة القديمة , فالحقيقة التي لا غبار عليها هي أن إسرائيل هي الولاية الواحدة والخمسون من الولايات المتحدة الأميركية من أجل ازدهارها ورفاهيتها , وهي بالنسبة لأميركا الغاية والوسيلة: غاية لأنها تحقق حلم اليهود بوطنهم القومي ووسيلة لأنها تضبط جيرانها العرب وتلعب دور الدركي لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط , وبالتالي فإن العرب والمسلمين اليوم لا يواجهون إسرائيل فحسب بل يواجهون إسرائيل وحلفاءها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية).
عن صحيفة الوطن العمانية
14/7/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.