د. محمد عبده يماني واجتمع الشمل في زاوية سيدنا هذا الأسبوع، وجرى الحديث حول قضايا الساعة، و تطرقنا إلى ذكرى هذا الشهر الذي وُلد فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو شهر ربيع الأول، الذي اجتمعت الروايات على أنه الشهر الذي وُلد فيه، وتعوّد أهل مكةالمكرمة، وأهل المدينةالمنورة خاصة الاهتمام بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإحياء سيرته العطرة، وتذكير أولادهم بهذه السيرة، وكذلك يفعل ملايين الناس في أنحاء من المملكة، بل والعالم العربي والإسلامي. وتداولنا الحديث حول التاريخ الذي بدأ فيه الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وهل بدأ هذا الأمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو صحابته الكرام، أم جاء في مرحلة بعد ذلك عندما انقطع الناس عن السيرة، ولكن الإجماع اتفق على أنه فكرة طيّبة، وعمل صالح ما دام يقتصر على قراءة القرآن الكريم، وتدارس السيرة النبوية، وسماع قصائد المديح في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحاديث بعض العلماء، وأناشيد جميلة تردد على مسامع الناس قصائد عذبة ممّا قِيل عنه صلى الله عليه وسلم، ثم تصدي بعض العلماء للحديث عن السيرة، أو قراءة جوانب منها، وهذا الأمر ما دام يتم في إطار الوقار المطلوب، فإنه يحيي في النفوس جوانب من السيرة النبوية العطرة، ويربط الأطفال والناشئة والشباب بسيرته صلى الله عليه وسلم. ويفضل الكثير من العلماء أن يتم الاحتفاء في هذا الشهر الكريم بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في إطار مجالس تُسمّى مجالس السيرة النبوية، وليس بالضرورة المولد لأنها -فعلاً- مجالس للسيرة، يتذكر فيها الناس حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومولده، ونشأته، وجهاده، وجهده، وصبره، وزواجه من تلك السيدة الكريمة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وموقفها من الدعوة، ووقوفها بجانبه تدثّره، وتزمّله، وتعضّده، وتُعينه ليس بالمال فحسب، بل بكل ما أُوتيت من إمكانات وجهد، فقد سخّرها الله -عز وجل- لتكون بجواره في تلك المرحلة الدقيقة من الدعوة. وبعض القصائد التي يرددها الشعراء تأتي من عيون الشعر، بأصوات جميلة، وأداء رائع يدخل إلى القلوب، ويحيي النفوس، ويربط العقول بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر بعض الإخوة الجلوس أن العالم الإسلامي كله يحتفي بهذا اليوم، بل وبعض الدول تعطل المدارس، وتخصّص هذا اليوم لجرعات أكبر، ومعلومات أكثر عن السيرة النبوية، والحق أنه شيء جميل، ومن واجب الأمة الإسلامية أن تستفيد من أمثال هذه الفرصة لتحيي جوانب من ذكرى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتذكّر الأولاد (بنين وبنات) به صلى الله عليه وسلم، ويتصدى العلماء للحديث عنه بصور محببة إلى النفس، وربط الأطفال والناشئة بسيرته صلى الله عليه وسلم فهو القدوة، وهو الأسوة لهذه الأمة. فما أجمل أن نحتفي به وبسيرته طوال العام، وأن لا نقتصر على يوم أو ايام فقط، بل يكون منهجنا الدراسي شاملاً لجوانب السيرة منذ نعومة أظفار الأطفال، ومنذ نشأتهم وشبابهم، وأن تستغل وسائل الإعلام القنوات الفضائية والأقمار الصناعية للوصول إلى العالم، وأطفال العالم، ومفكري العالم لتعليمهم مَن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه رحمة للعالمين وليس للمسلمين فحسب. وقد كانت جلسة لطيفة، تخللها حوار جميل ومفيد، اتفقنا فيه جميعًا على أهمية إحياء هذه الذكرى بصورة تتفق مع ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه احتفى بمولده عندما صام يوم الاثنين، وسُئل عنه صلى الله عليه وسلم فقال: “هذا يوم وُلدتُ فيه". فلنحتفِ كما احتفى، ولنهتمْ كما اهتم، ولنصمْ كما صام، ولنفعل كما فعلْ عليه الصلاة والسلام، ولنكرم آل بيته الطيبين، ولنتدارس سيرته لنرسّخ حبَّ هذا النبيّ الكريم ذي القدر العظيم في نفوسنا.?والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.. عن صحيفة المدينة السعودية 19/3/2008