عبد الإله محمّد جَدَع لم تعد قضية ارتفاع الأسعار مشكلة عابرة. ولم تعد تمس سلعة دون أخرى. بل هي ظاهرة ألقت بظلالها على الكثير من السلع، وانعكست سلبا على شرائح كبيرة من المجتمع، ممّا يستدعي تكرار طرحها، وتحليلها، للمساهمة في إيجاد حلول مقترحة لهذا الهمّ العام. فبنظرة فاحصة نجد أنّ هناك فئات في المجتمع ترزح تحت وطأة حمى الارتفاع في الأسعار ، وتثقل كواهلها. فوفقا لما أعلنته جمعية حقوق الإنسان هناك عدّة فئات من المجتمع يشكّلون ما يقارب 40% من إجمالي سكان المملكة، تأثرت تأثّرا كبيرا بسبب ارتفاع الأسعار في كل شيء. هذه الفئات تشمل:المتقاعدين الذين تقل رواتبهم عن ألفي ريال، والمواطنين الذين يحصلون على إعانات من الضمان الاجتماعي ويبلغ عددهم 575 ألف أسرة، والموظّفين الذين يعملون في الدولة ورواتبهم أقل من 3 آلاف ريال، والموظّفين الذين يعملون في الشركات والمؤسّسات برواتب أقل من 2500 ريال، والمتسبّبين الذين ليس لديهم أي دخل شهري. فالارتفاعات التي حدثت قفزات كبيرة من شأنها إرباك متوسّطي الدخل فما بالنا بمحدوديه!!؟ فقد سجّلت على سبيل المثال أسواق اللحوم والدواجن المجمّدة والمبردة بالسعودية زيادة بلغت نسبتها 25%، و وصلت الزيادة في أسعار الوجبات السريعة إلى 12 % وبعضها وصلت فيها الزيادة إلى 25%!! بالإضافة إلى ارتفاع الأغذية والمشروبات بنسبة 6.6 في المائة . وبعضها قفز إلى 20%.!!!?وما يؤرّق الجميع أن المشكلة لن تقف عند هذا الحدّ بل ستتفاقم إذ أن هناك توقعات بأن يتواصل ارتفاع التضخّم في أسعار المواد الغذائية في الأعوام المقبلة إلى حوالى 5 في المائة في المتوسط!!. فوفقا لتقارير علمية من عدة مراكز عالمية أبرزها المعهد العالمي للأبحاث حول سياسات التغذية في واشنطن قدّر المعهد العالمي للأبحاث حول سياسات التغذية بأنّ سعر المواد الغذائية الأساسية سيرتفع من 20 إلى 33 في المائة في عام 2010م، ومن 26 إلى 135 في المائة في عام 2020م. وبالتالي سنتأثّر بهذه الارتفاعات العالميّة. ولم يقف ارتفاع الأسعار عند حدّ. إذ طال أيضا الإيجارات التي ارتفعت إلى ما يزيد عن 12%. ومنها ما ارتفع في بعض الأحياء إلى 50%، مع لجوء البعض إلى الانتقائية في اختيار المستأجرين من فئات محدّدة!!.? صحيح أن موجة غلاء الأسعار التي تشهدها أسواق المملكة حالياً ليست ظاهرة محلية فحسب وإنما هي ظاهرة عالمية تقف وراءها مجموعة متنوّعة من الأسباب مثل: ارتفاع أسعار النفط عالمياً وارتفاع الطلب العالمي على السلع والخدمات ومصادر الطاقة. ممّا يجعلنا نتقبّل على مضض بعض الارتفاعات لكن لا يوجد أي مبرّر لارتفاع المنتجات المحلّية!!. الأمر الذي يتطلّب اتخاذ موقف صارم من قبل وزارتي التجارة والصناعة تجاه هذا الارتفاع.!!. علما بأن هناك دراسة لارتفاع الأسعار كشفت عن ارتفاع هامش الربحية لدى عدد من تجّار التجزئة والمواد الغذائية من 3 في المائة إلى 9 في المائة. مما أسهم في زيادة الأسعار للسلع الأساسية. وبيّنت الدراسة أن زيادة في هامش الربحية لدى عدد من تجار التجزئة أدى إلى زيادة أسعار السلع الأساسية مع الزيادة العالمية والإقليمية للسلع!!. ممّا يؤكّد وجود جشع كبير جعل التجّار يستغلّون الظروف لصالحهم وصالح (جيوبهم) !!! والحديث عن ارتفاع الأسعار يطول. والأهم منه هو طرح حلول عمليّة غير تقليدية تراعي عالميّة الظاهرة. بعد أن ثبت لدينا أن التجّار يستغلّون زيادة الرواتب وتقديم الدعم لصالحهم مما يزيد من (نكبة ) المواطن الذي تنغّص عليه أي فرحة تنوي أن تدق بابه!!?فقد يكون بعض الحل في إنشاء شركات غذائية مساهمة تساهم فيها الدولة إلى جانب وضع سياسة مالية تجارية للحد من التضخم. مع المراقبة الجادة والصارمة لمنع التجّار ومراكز التجزئة من استغلال موجة ارتفاع الأسعار لرفع هامش الربحية في مختلف أنواع السلع الأمر الذي يحدث أضرارا كبيرة على المستهلكين. كما لا بد من التوجّه نحو تخفيض تكاليف الخدمات العامة ورسومها إلى جانب رفع تكاليف الخدمات العلاجية عن كاهل المواطن بإصدار بطاقات التأمين الصحي. ومن الضروري أن تبدأ الدولة في وضع خطط لمشروع إنشاء شقق سكنية. على أن تقدّم الأراضي لهيئة الإسكان للبدء في برامجها. فخطوة كهذه توفير المسكن ستوفر على المواطن أكثر من 30% من دخله.?دوحة الشعر: ?صبرا جميلا ما أقرب الفرجا ?من راقب الله في الأمور نجا . عن صحيفة المدينة السعودية 20/1/2008