ماذا ينتظرون ؟ حسين شبكشي أنباء اعتقال مولانا عبد العزيز إمام المسجد الأحمر في باكستان رسمت صورا قبيحة باتت معتادة في سياق وقائع التطرف المنتشر في العالم الاسلامي، فهذا المسجد الذي تحول الى بوق للارهاب ومصدر للتطرف ومثارة للفتن، توج إمامه آخر لحظاته فيه وهو تحاصره قوات الأمن الرسمية بإطلاق سلسلة من «الفتاوى» الجاهزة لأتباعه بأن يفجروا أنفسهم وسط الجنود، بينما هو كان قد ارتدى البرقع النسائي وقبض عليه بينما كان يحاول الهرب والفرار. هذا المشهد لم يعد حالة غريبة وفريدة ونادرة ، فنفس العينات هذه موجودة في العراق ولبنان وسورية ومصر والمغرب والجزائر واليمن وبريطانيا، وجميعهم ينتمون لنفس نوعية الفكر الأحادي المتطرف الذي يبث سمومه ويحصد أرواح بني ملته بالمئات بشكل هستيري، فكر نما على تكفير مخالفه والبغض والحقد على غيره وبالتالي الصورة التي نحياها اليوم في العالم الاسلامي هي محصلة طبيعية ونتاج تلقائي للمأساة المستمرة هذه، ولكن المشهد البائس الذي يوضح حجم المشكلة الحقيقي الذي سببه هذا الفكر المدمر الدموي هو ما يحدث في الجزائر اليوم. الجزائر تعرضت لحملة بشعة من القتل والتدمير من قبل عصابات التطرف الجهادية التي كانت تقتل الارواح بالعشرات جميعهم أبرياء بلا ذنب، هذه الحالة من الهلع والرعب والخوف التي أصابت أهل الجزائر كان لها ثمن بالغ التكلفة وهو خروج العشرات من الدين الاسلامي واعتناقهم للدين المسيحي بمختلف طوائفه، اضافة للبعض ممن اعتنق الديانة البوذية. لقد حدث لهؤلاء زلزال هائل في دينهم نتاج ما رأوه من هول الأفعال والذعر من قبل هؤلاء المتطرفين، الذين أدعوا أنهم المتحدثون الحصريون باسم الله على الارض وباسم دينه في الكون. فالموضوع الآن تحول في الجزائر وفي مناطق محددة منها إلى أن هذه الحركة لم تنجح في تكفير فئات من المجتمع تحديدا ولكن تمكنت من اخراج البعض من الدين نفسه! يا له من انجاز عظيم ومدعاة للفخر لهؤلاء الاشقياء. لا يزال العالم الاسلامي حذرا وخجولا في التعاطي مع التطرف (قد يكون أجرأ في التعامل مع الارهاب نظرا لأن المسألة أمنية تتطلب الجند والعتاد) إلا أن التطرف وهو نتاج فكر منغلق فلا يزال التعامل معه مليئا بالمجاملة والحذر . لم يعد مقنعا القول إن كل ما يحدث هو مؤامرة من الخارج تحاك لنا، لم يعد من المقنع مشاهدة الآلاف من شباب المسلمين وهم يتدافعون وراء أنصاف علماء يصدرون فتاوى مسمومة. ان كل ذلك حالة شاذة ووضع استثنائي ومن لم تبلغ به الجرأة ممن لديه العلم بأن يتبرأ من الفكر المتطرف هذا بكل منابعه، فهو مشارك بدور ما في جريمة التطرف والإرهاب وحفلة الدماء العالمية هذه. الحق والباطل بينهما برزخ لا يجتمعان، فلا يمكن الاستمرار في الترويج للأفكار المدمرة على أنها حق والعالم يرى نتاج ذلك في الأرواح والدماء. عن صحيفة الشرق الاوسط 7/7/2007