ماذا بعد في جعبة الإدارة الأميركية وحليفتها إسرائيل؟ نصوح المجالي سؤال مهم يراود الاذهان اليوم، هل يفعلها الرئيس بوش، وينهي عهده، بأسوأ الكوابيس التي يمكن تصورها في الشرق الاوسط، ويضيف الى ارثه السيئ في المنطقة ما هو اخطر واسوأ خدمة لإسرائيل. فشعوب المنطقة العربية ما زالت تحت تأثير المؤامرات والكوابيس التي استخرجتها الحركة الصهيونية وانصارها من الساحة الاميركية من جعبة الحقد التاريخي على العرب والمسلمين، والتي تحولت الى سياسات وغزوات اميركية مدمرة في المنطقة العربية والعالم الاسلامي. الحصار الذي تقوده واشنطن ضد ايران في السياسة والاقتصاد، وحتى في تصدير النفط، وتكنولوجيا الذرة، وفي مجلس الامن، مقدمة لتطويع الدولة الايرانية الاسلامية التي يعتبرها الغرب الاخطر حالياً في الشرق الاوسط وهي اخطر في نظرهم، لأنها عملياً تربك المشروع الاميركي في العراق والمنطقة، ولأنها مقلقة لاسرائيل ولأنها تطمع في ملء الفراغ الذي تركه العرب بغيابهم وفرقتهم وخوفهم من الولاياتالمتحدة واسرائيل وهي الاخطر عندهم، لأن تسلحها النووي سيوفر لايران عناصر قوة جديدة، قد تفرض على اسرائيل والولاياتالمتحدة ودول المنطقة التعامل مع النفوذ الايراني كأمر واقع جديد. وهي الاخطر لأن نجاح ايران في اكتساب القدرة النووية حتى لو لم تستخدمها سيحرم اسرائيل من اهم عناصر تفوقها في المنطقة، ويجعلها في مرمى الخطر ويحد من مغامراتها العسكرية. كما ان دوافع التسلح النووي الايراني، لا تختلف عن دوافع النظام العراقي السابق، عندما تبنى مشروعاً نووياً في الثمانينات، ليردع واشنطن واسرائيل عن اسقاط النظام السياسي في بغداد، فطهران تسعى لامتلاك وسيلة ردع لمنع التآمر الخارجي على نظامها السياسي ولمواجهة التهديد الاميركي لمشروعها السياسي في المنطقة. والاخطر ان نجاح ايران في مشروعها النووي، قطعا سيطلق سباق التسلح النووي في المنطقة مهما كان الثمن. واللافت ان دول الغرب بدأت بالتساهل بتصدير الخبرة النووية في المجال السلمي لدول الشرق الاوسط، والدول النامية، تحت عنوان ''البحث عن بدائل ارخص للطاقة''. وهي معنية، بتصدير تقنيات القرن الماضي المكلفة في المجال النووي للعالم الثالث، وفتح اسواق جديدة لاستنزاف الطاقات المالية لهذه الدول، وبخاصة الدول الغنية منها، قبل الانتقال، الى عصر وجيل جديد من التقنيات النووية الاكثر تقدما وأمنا وكفاءة. لا معنى لحرمان الدول التي يقلقها التهديد الاميركي من السلاح النووي، مع التجاهل الكامل للخطر الذي يمثله التسلح النووي الاسرائيلي الكثيف على دول وشعوب المنطقة، ولا معنى لحرمان الدول المهددة من سياسات اسرائيل والولاياتالمتحدة من فرص العيش بسلام، في الوقت الذي تتلقى فيه اسرائيل حماية سياسية ودعماً عسكرياً ومادياً اكبر كلما تعمدت اغلاق ابواب السلام في منطقة الشرق الاوسط. لقد وسعت السياسة الاميركية المتغطرسة والمتعصبة دينيا والتي تبثها الادارة الاميركية الحالية، في حربها على الارهاب، رائدة العنف والارهاب لانها تعمدت استهداف عقيدة المسلمين ودينهم وبلادهم وحضارتهم. كما ان احتلال افغانستان والعراق زاد من رغبة ايران ودول المنطقة في حماية أمنها ووجودها بامتلاك السلاح النووي، فلكل فعل خاطئ رد فعل مقابل في الاتجاه المعاكس. وما تفعله اسرائيل اليوم من لعب دور المحرض ودور رأس الحربة في تحشيد قوى الغرب لضرب ايران من بعد العراق، والاستعداد الفعلي لمثل هذا الاحتمال بمزيد من شراء الطائرات الهجومية والمناورات الجوية المشتركة، يؤكد الدور الذي اوجدت وزرعت اسرائيل من اجله في قلب العالم العربي، لتكون قاعدة ردع متقدمة في الشرق الاوسط، تمارس وظائف الاستعمار القديم في ردع شعوب ودول العالم الاسلامي والعربي وتفريقها واثارة الفتن والقلاقل على ساحتها، وزجها في حروب استنزافية تمنع قيام أي مركز قوة عربي او اسلامي في هذا الجزء من العالم. ولهذا وحدها اسرائيل مسموح لها بالتفوق على كامل العالمين العربي والاسلامي، ولها ان تمارس دور الاستعمار القديم في غيابه، فهي اداته العسكرية التي يمدها باسباب التفوق والقوة، ويحركها نيابة عنه للحفاظ على مصالحه في المنطقة. وهي وحدها القادرة على استدراج الاستعمار الغربي القديم مرة اخرى لممارسة حرب الفرنجة على العرب والمسلمين لاغراض حمايتها كما حدث في العراق. فهل يصحو العالم ذات صباح على اسوأ الكوابيس والهدايا وخدمات نهاية الخدمة، التي تقدمها ادارة اميركية ضحت بسمعتها وامكاناتها ومكانتها في العالم لخدمة الاهداف الصهيونية في المنطقة. فضرب ايران عسكريا قد يؤدي ان حدث الى تأزيم المنطقة بشكل اكبر وتهديد المصالح الدولية فيها، ليصحو العالم وشعوبه على حجم الخطر، والضرر الذي تمثله سياسات واشنطن واطماع تل ابيب على شعوب المنطقة والعالم. عن صحيفة الرأي الاردنية 1/7/2008