إن كنت رئيس حقاً كفى إساءات للشعب الفلسطيني * مصطفى إنشاصي
يحاول المشروع اليهودي الغربي بعد الذي حدث في غزة الشهر الماضي استغلال أدعياء الشرعية؛ وإلحاق القرار الفلسطيني بالقرار اليهودي الغربي، لتكريس واقع جديد عنوانه تشظي الوطن، وتعميق الكراهية بين أبنائه، وتصفية المقاومة، وشطب القضية المركزية للأُمة من قاموس حركات التحرر في العالم. وبتقديري أن المشروع الوحيد القادر على مواجهة ذلك المشروع وإفشاله هو مشروع المقاومة.
أسأت كثيراً يا عباس حقاً لقد أثبت محمود عباس في خطابه اليوم (18/7/2007) بألفاظه التي استخدمها في كلمته الافتتاحية لجلسة المجلس المركزي، التي تسيء لشخصه قبل أن تسيء لهذا الشعب العظيم الذي يُنصب نفسه رئيساً له، وبالقرارات والمراسيم العشوائية المتسرعة التي أصدرها وكانت سبباً فيما وصلنا إليه من قطيعة فلسطينية فلسطينية، ومازال عازماً على إصدار المزيد منها بناء على ما اقترحه على المجلس المركزي الفلسطيني المنتهية صلاحيته، لتعميق تلك القطيعة والشرخ العمودي على صعيد الجغرافيا والسكان فلسطينياً، الذي يهدد كياننا الفلسطيني هوية ووجود، ويرفض تلبية الدعوات العربية والفلسطينية للعودة للحوار مع حركة حماس، ويُصعد من لهجته في فرض شروطه للموافقة على ذلك الحوار بالإصرار على قبول حركة حماس بالعودة إلى ما كان عليه الوضع قبل الأحداث، وبكل ما كان سبباً في وصولنا لهذا المنعطف الخطير في تاريخنا الفلسطيني،
وزاد شروطه في كلمته بما يستحيل على حركة حماس الموافقة عليه، وبأُسلوب مستهتر ومستفز وغير مسئول، عندما قال: على حماس أن تقبل بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني؛ كما هي! وأن تعترف بجميع القرارات والاتفاقيات التي وقعت عليها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية قبل العودة للحوار؟!! ويُصر على إجراء انتخابات مبكرة قبل أن يتم التوافق الفلسطيني الفلسطيني، وقبل أن تعود سلطته إلى قطاع غزة! ولا أعلم كيف ستُجرى تلك الانتخابات المبكرة في ظل القطيعة وسيطرة حماس على قطاع غزة؟! إلا إذا كانت ستُجرى بعد أن تصبح غزة تأن تحت احتلال مركب، احتلال العدو اليهودي وحصاره لها من الخارج، واحتلال القوات الدولية التي يطالب بها عباس لضبط الأمن في غزة والمساعدة في إجراء انتخابات مبكرة؟!
علماً أن المشكلة ليست في إجراء انتخابات مبكرة؛ ولكنها فيما إذا كان عباس والرباعية الدولية والعربية ستقبل بنتائج الانتخابات في حال فوز حركة حماس فيها ثانية أو سترفضها؛ ونعود إلى نفس المؤامرة والمعاناة والسيناريوهات السابقة لإسقاط حكومة حماس ومنعها من تسلم إدارة السلطة؟! إلا إذا كان عباس واثق من أن القوات الدولية المحتلة ستأتي معها بصناديق اقتراح ملئَ بأصوات الناخبين لصالح عباس!!. كل ذلك يحدث بعد أن صغر أولمرت عباس أمام العالم أجمع وليس أمام شعبه فحسب، في لقائهما الأخير الذي لم يُقدم له فيه أولمرت أي تنازل يُشرفه أو يدعم ويقوي موقفه أمام الجماهير الفلسطينية، مقابل نزعه أسلحة العربدة والفوضى بدعوى أنها أسلحة كتاب شهداء الأقصى، ورفض أن يناقش معه قضايا الحل الدائم وعلى رأسها (القدس، اللاجئين، وحدود الدولة الفلسطينية الموعودة)، ولا حتى أن يَعِد بذلك قريباً؟!. وبدل أن يتوقف عباس ويعيد تقييم الموقف، يتهور أكثر ويَحُث الخطى بسرعة أكبر نحو الهاوية وتصفية القضية، والقضاء على وجودنا كشعب فلسطيني، ويعمق أسباب القطيعة بين أبناء الوطن الواحد!!
لقد أثبت عباس بذلك أنه ليس رجل دولة ولا أهلاً لقيادة هذا الشعب العظيم، ولم يَعُد ذلك الرجل العاقل الذي يحتكم إلى العقل والمنطق والمصلحة الوطنية العليا، ولكنه إنسان متسرع ومتهور وفاقد للشخصية المتزنة. مرجعية جديد لمنظمة التحرير فلأول مرة في تاريخ منظمة التحرير الفلسطينية لم يعد عمقها الجغرافي والسياسي عربي إسلامي، ولكنه أصبح يهودي غربي، وأمريكي صهيوني، ولم نعد نستقوي بالموقف العربي والإسلامي سواء في صراعنا مع العدو اليهودي أو في صراعنا مع بعضنا، كما كنا دائماً؟! في زمن قيادة محمود عباس وتيار التآمر على القضية وأهلها أصبح العمق الثاني أكثر تأثيراً ومرجعية لشرعية منظمة التحرير.
لذلك توجه رئيس سلطة الحكم الذاتي الإداري الفلسطيني إلى المرجعية التي منحته سلطته على إدارة الأعمال البلدية في أراضي تلك السلطة بحسب اتفاق أوسلو الذي يمثل المرجعية الشرعية لتلك الرئاسة البلدية، ولم يتوجه إلى المرجعية العربية التي شكلت ورعت منظمة التحرير الفلسطينية ومنحتها صفة الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني قبل المرجعية الأوسلوية؟! وهكذا أدار ظهره للمرجعية الفلسطينية العربية والإسلامية للقضية، وألقى بجميع أوراق اللعبة السياسية في سلة المشروع اليهودي الغربي المعادي للمشروع الوطني الفلسطيني والمشروع العربي الإسلامي في وطننا، ذلك لأنه يدرك أن شرعيته لم يعد يستمدها من الداخل الفلسطيني ولا المحيط العربي والإقليمي، ولكن ممن يملك القدرة على منعه من الدخول أو الخروج من وإلى أراضي بلديته، وهو حريص على رئاسة تلك البلدية وإن كان في ذلك تضحية بالقضية كلها. دون أن يتعلم لا من الماضي البعيد ولا القريب، ولا حتى المعاش "قمة شرم الشيخ الأخيرة" ووعود الولاياتالمتحدة التوراتية ورئيس وزراء كيان العدو اليهودي بدعم حكومة الطوارئ، وتحويل الحياة في الضفة الغربية إلى نوع من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، وغيرها من الأحلام الوردية التي سبق له أن ضلل بها الراحل عرفات عندما وعده هو وفريق أوسلو بأن تصبح غزةسنغافورةفلسطين.
نعم لمشروع المقاومة لا يظن البعض أني مع حماس ضد فتح، أو مع الحكومة ضد الرئاسة، لا؛ أنا لست مع هذا الطرف ضد ذاك، أنا مع فلسطين ومصلحة الجماهير والأُمة. والذي يجعلني أقف إلى جانب حماس مع اختلافي معها في الرأي والموقف السياسي، هو؛ أن قرارها وطني نابع من رؤيتها السياسية الوطنية، التي ترى فيها مصلحة الجماهير الفلسطينية، وقضية الأُمة المركزية.
كما كنت في فتح سابقاً؛ قبل أن تُسلب وتتحول إلى أداة في يد محمود عباس وتيار التآمر ضد الأُمة والوطن، وقد سبق لي أني بعد اختلافي في النهج السياسي مع حركة فتح ومنظمة التحرير عام 1979 وتركي لها تنظيمياً، إلا أن ذلك لم يمنعني من القتال في صفوفها في لبنان، والاستمرار في النضال من داخل إطارها الحركي حتى عام 1988، ذلك لأني كنت أعتبر أن موقفها وقرارها السياسي وطني، وغير مرتبط بالمشروع اليهودي الغربي، ولأنها كانت ما تزال متمسكة بالبندقية وإن كانت تهتم بالسياسة أكثر.
فأنا مثل كثيرين ممن هم ليسوا من أنصار السياسة والعمل السياسي، ولا يؤمنون بصلاحية السياسة لمثل قضيتنا، قضية الأُمة المركزية فلسطين؛ ويؤمنون بمشروع المقاومة لتوحيد صف الأُمة واستنهاض هِمم أبنائها، ولبعث مشروعها الحضاري من جديد.
ذلك لأني أؤمن بمشروع حضاري نهضوي وحدوي، يُقدم نموذج حضاري إسلامي جامع شامل لكل أبعاد الحياة والصراع، يُركز على إعادة بناء وصياغة العقل المسلم وفهمه للتاريخ والواقع والمستقبل، ورؤيته لنفسه وللآخر، وتوعيته بدوره في إعادة بعث وتجسيد المشروع الإسلامي نموذجاً حضارياً واقعاً في حياته وحياة الأُمة، من خلال إعادة بناء المجتمع الإسلامي ومؤسساته، وإعادة تفعيل دورهما بحيادية تامة بين الجميع، من أجل الحفاظ على ما بقي من عوامل ومصادر قوتها، ومواجهة عمليات التخريب والتدمير لهما، واستعادة ما تم هدمه وتحطيمه من مقومات قوتهما...إلخ، تمثل القضية المركزية للأُمة فلسطين مركزه، والمقاومة بكافة أشكالها في كل أقطار الوطن جوهرة، ودعم المقاومة العسكرية منها على وجه الخصوص في فلسطين على رأس أولوياته، لمواجهة المشروع اليهودي الغربي، ونموذجه الحضاري النقيض لمشروعي الحضاري الإسلامي، الذي يمثل كيان العدو اليهودي فيه رأس الحربة، وفلسطين مركز الهجمة.
منظمة لاحتواء حركة التحرر لذلك لا يظن البعض أن تأييدي لحركة حماس مطلقاً؛ لا! فالإخوة في حركة حماس يعلمون جيداً موقفي من كل العملية السياسية ولعبة الديمقراطية التي دخلوها، وإني عبرت لهم مرات عدة عن رفضي دخولهم الانتخابات التشريعية، وأني ألححت عليهم بعد فوزهم فيها أن يكتفوا بالمشاركة في المجلس التشريعي ولا يشكلوا الحكومة، وفي جميع الأحداث التي تلت ذلك أيضاً طلبت منهم مِراراً ترك الحكومة والاكتفاء بالتشريعي والعودة إلى مشروع المقاومة، والتركيز على مشروع البناء الذاتي والداخلي. ولكن في كل مرة نتحدث فيها حول هذا الأمر يكون لهم رأي ووجهة نظر معتبرة نظرياً، ولأنهم لم يُعْطَوا الفرصة لتطبيقها كي نستطيع الحكم على مدى إمكانية نجاحها أو عدم نجاحها؛ فإني ملزم باحترامها، ملخصها: أنهم يريدون أن يقُدموا نموذجاً فلسطينياً يجمع ما بين السلطة والمقاومة.
هذا على صعيد تمسكهم بالحكومة، أما على صعيد إصرارهم على دخول منظمة التحرير؛ فملخصه: أن منظمة التحرير قد تم اختطافها كما تم اختطاف حركة فتح من مجموعة تماهى موقفها مع الموقف الصهيوني، وأن قرارها الفلسطيني المستقل قد سلبته تلك المجموعة لصالح المشروع المعادي لطموحات جماهيرنا وأُمتنا، وتعمل ضد المشروع الوطني الفلسطيني، وأنهم يريدون استعادة المنظمة ممن خطفوها وسلبوها قرارها لتصبح ممثلاً حقيقياً ووحيداً للجماهير الفلسطينية وقضية الأُمة المركزية.
ولأني كما قلت لست من أنصار الساسة والعمل السياسي ولا أؤمن بالسياسة سبيلاً لاستعادة حقوقي المسلوبة؛ فأني على قناعة تامة بأن هذا الطموح المشروع لحركة حماس، العظيم في حال تحققه لن يتحقق! ليس لأنه صعب أو مستحيل أن يتحقق، أو لأن الإخوة في حركة حماس ليسوا أهلاً لتحقيقه، لا! ولكن لأن الأنظمة العربية وهي في ذروة مدها القومي والثوري في خمسينيات وستينيات القرن الماضي لم تشكل منظمة التحرير الفلسطينية من أجل تحرير فلسطين، ولكن من أجل احتواء أي حركة تحرير فلسطينية حقيقية جماهيرية أو نخبوية، ممكن أن تخرج عن السيطرة وتجرها لحرب مع كيان العدو اليهودي الغاصب لقلب الأُمة والوطن وهي غير مهيأة أو مستعدة لها.
وأنه بعد انطلاق حركة فتح وفصائل فلسطينية أخرى حاملة شعلة الثورة، ورافعة لواء المقاومة والكفاح المسلح ضد العدو اليهودي عبر حدود بعض الدول العربية وخاصة الأردن، بعد النكبة الثانية في حزيران/يونيو 1967؛ أصبح هناك سلطتان فلسطينيتان، كما يقول صلاح خلف (أبو إياد) في كتابه "فلسطيني بلا هوية"، سلطة شكلية وتمثلها منظمة التحرير، وسلطة شرعية تمثلها المقاومة. وذلك أقلق الأنظمة العربية وجعلها تعمل جهدها كي تنضم الفصائل الفلسطينية المقاومة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة حركة فتح، التي كان البعض فيها (يخشى على الحركة أن تنالها البيروقراطية وأن يضعف نقاؤها الثوري نتيجة ذلك).
وذلك من أجل تطويعها مع الزمن للقبول بالمعادلة الدولية للصراع، التي قبلت بها تلك الأنظمة وحكمت توجهاتها السياسية الحقيقية مع كيان العدو اليهودي، وقد استطاع الرئيس جمال عبد الناصر إقناع حركة فتح وفصائل المقاومة الأُخرى بالانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية والمشاركة في الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في القاهرة في الفترة ما بين 10/7/1968 إلى 17/7/1968.
وقد حدث ذلك بعد الجولة التي قام بها قادة حركة فتح في تموز/يوليو عام 1967 على تلك الأنظمة للتعريف بحركة فتح وأهدافها، وإزالة المخاوف العربية منها، واطمئنان تلك الأنظمة لحركة فتح، التي فُتحت عليها أبواب الدعم المالي الذي أغلق عن حماس بعد فوزها في الانتخابات التشريعية من جميع تلك الأنظمة. ومن يرجع إلى الأحداث السياسية لتلك الحقبة من الزمن، وتقديم أحمد الشقيري رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية استقالته، ودخول حركة فتح والمنظمات الفلسطينية للمنظمة بعدها، يجد أنها كانت شبه انقلاب سلمي على الشقيري تمهيداً لتولي حركة فتح والفصائل الفلسطينيةالجديدة قيادة منظمة التحرير في ظل السقف العربي (دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة). وقد اعترف أبو أياد في نهاية كتابه أن الذين عارضوا انضمام فتح لمنظمة التحرير كانوا على حق.
لا لمشاركة الإسلاميين فإن كان ذلك موقف الأنظمة العربية وهي في ذروة مدها القومي والثوري؛ فهل يمكن أن تقبل الأنظمة العربية وهي في أدنى دركات انحطاطها السياسي، وتبعيتها للمشروع المعادي للأُمة والوطن، وهيمنته على قرارها السياسي، ومعارضته لمشاركة أي حركة إسلامية مهما كان اعتدالها في الحكم في الأقطار العربية والإسلامية، أن تقود منظمة التحرير الفلسطينية حركة حماس التي تطرح فكرة الجمع بين السلطة والمقاومة، وتريد استعادة منظمة التحرير وتطويرها وتفعيل دورها ليكون دور مقاوم حقيقي من أجل التحرير الحقيقي؟!
بكل تأكيد يستحيل أن توافق الرباعية الدولية بقيادة حركة حماس سلطة الحكم الذاتي الإداري الفلسطيني، مهما أظهرت من المرونة ومارست من التكتيك السياسي، وهي غير مطمئنة حقيقة لإمكانية تطويعها كما طوعت من سبقها؟! خاصة وأن سلطة الحكم الذاتي الإداري الفلسطيني تم تشكيلها في الأصل من أجل إجهاض المقاومة والقضاء عليها، وتأمين حدود ومواطني كيان العدو الغاصب لقلب الأُمة والوطن، وفرض التسوية لصالح الكيان الغاصب لفلسطيننا وتصفية القضية؟!
بمعنى آخر: هل ستنتظر الأنظمة العربية عشرون أو أربعون سنة أُخرى حتى يتم تطويع حركة حماس لتقبل بوجود كيان العدو اليهودي، والاتفاقيات الموقعة، وقرارات ما يسمى الشرعية الدولية، ذلك إن قبلت في نهاية المطاف؟! بالتأكيد لن تنتظر! وهذا هو سبب الموقف العربي الرسمي المعادي لحماس، والرافض لقيادتها لمنظمة التحرير على الرغم من الأغلبية التي فازت بها في الانتخابات التشريعية.
أضف إلى ذلك حالة العداء العربي الرسمي والخوف من التيارات الإسلامية في أقطارها، وفقدان الثقة بينهما، وحسابات تلك الأقطار التي يضخمها مستشارو السوء ضد التيارات الإسلامية، الذين يربطون بين نجاح التجربة الديمقراطية في فلسطين ووصول حركة إسلامية مقاومة في فلسطين للسلطة، وبين نجاحها في إدارة شئون الجماهير فيها على الرغم من وجود الاحتلال، وأن ذلك يشكل خطراً على استقرار تلك الأنظمة. ذلك ما يجب أن يُدركه الإخوة في حركة حماس، وكما فهمت من آخر حديث بعد ما جرى في غزة في حزيران/يونيو الماضي، وطرحت ما سبق أعلاه على من كنت أُحدثه، أنهم مدركون ذلك.
لذلك بتقديري أنه آن الأوان للإخوة في حركة حماس أن يعيدوا النظر في مسألة المشاركة السياسية في سلطة الحكم الذاتي الإداري في الضفة وغزة، وهما أراضي محتلة ولم يحصلان على حكم ذاتي حقيقي، وفي ظل اختلاف البرامج البين على درجة التعارض؛ بين برنامج تيار تصفية القضية المستقوي بالأعداء، ذلك البرنامج الذي لم يَعُد سقفه على الأقل اتفاق أوسلو ولكن رؤية بوش للدولتين وخارطة الطريق، وبين برنامج حركة حماس والمشروع الوطني والعربي والإسلامي، الذي يرتكز على المقاومة ورفض كل الحلول الاستسلامية والتسويات التصفوية للقضية.
خاصة وأن الظروف المحلية والإقليمية والدولية غير مهيأة لتقبل مشاركة الحركات الإسلامية في الحكم، وخاصة حركة حماس في فلسطين. كما وعليها أن تُكثف جهودها بالاشتراك مع القوى الفلسطينية والعربية المناصرة لمشروع المقاومة لوقف هرولة التيار الأوسلوي نحو تصفية القضية، ليس على أساس عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل 14/6/2007، ولكن على أساس تثبيت حق الجماهير الفلسطينية في مقاومة الاحتلال، وأن تكون الأولوية للبندقية المقاتلة.
بمعنى آخر العمل على حل السلطة التي أصبحت عبئ ثقيل جداً على الجماهير الفلسطينية، وخطراً كبيراً على مستقبل القضية المركزية للأُمة، والحقوق والثوابت الفلسطينية، وإسقاط وإنهاء مشروع أوسلو وخارطة الطريق.